أوروبا تسـتبق خطـوة فرض العقـوبات على طهران بالإعلان عن استعدادها للتفاوض
أعلن الاتحاد الأوروبي أمس، استعداد دول مجموعة الـ«5+1» لـ«مواصلة الانخراط مع ايران» في المسار التفاوضي، في انتظار الرد الايراني على رسالة وجهها الاتحاد إلى طهران قبل أشهر تعرض استئناف المحادثات من «دون أي شروط مسبقة»، فيما أكد دبلوماسيون اوروبيون أن الاتحاد يستعد خلال اجتماع وزراء خارجيته الإثنين المقبل لفرض عقوبات غير مسبوقة على ايران حث عليها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، محذرا في الوقت ذاته من أن التدخل العسكري سيؤدي إلى «فوضى في المنطقة»، تشمل البنك المركزي الايراني فضلا عن الاعلان عن حظر على النفط الايراني.
في المقابل، قال رئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني إنه تجب «معاقبة» اسرائيل بشكل يمنعها من القيام بأعمال كاغتيال العلماء النوويين وآخرهم مصطفى أحمدي روشن، فيما كان رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية المشتركة الجنرال مارتن دمبسي يحثّ المسؤولين الاسرائيليين من تل أبيب على تعزيز التنسيق مع الولايات المتحدة في قضايا المصالح الإقليمية «المشتركة»، مؤكدا على التزام أميركا بأمن الدولة العبرية.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون في تصريح لها مساء أمس، إن مجموعة دول الـ«5+1» (بريطانيا، فرنسا، المانيا، أميركا، روسيا والصين)، «لديها استعداد متواصل للانخراط»
مع ايران في ما يتعلق ببرنامجها النووي. كما نشرت آشتون نص رسالة بعثتها في تشرين الأول الماضي إلى كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي، والتي تقول إن هدف آشتون هو «حل تفاوضي يعيد الثقة الدولية بالطبيعة السلمية حصراً لبرنامج ايران النووي». وقال مكتب اشتون إن القوى الكبرى ما زالت «تنتظر رداً إيرانياً» على الرسالة التي تعرض فيها استئناف المحادثات من دون «أي شروط مسبقة».
وتوقع مسؤولون ودبلوماسيون في الاتحاد الاوروبي أن يقرّ وزراء خارجية دول الاتحاد السبعة والعشرين خلال اجتماعهم في بروكسل الاثنين المقبل عقوبات تستهدف البنك المركزي الايراني وربما غيره من البنوك، فضلاً عن الإعلان عن حظر على استيراد اوروبا للنفط الايراني. وقد حث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على فرض «عقوبات أشد وأكثر حسماً» كوسيلة لتفادي عمل عسكري بينما حذر وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيله من ان ايران تهدد السلم العالمي.
وقال ساركوزي «إن الذين لا يريدون تعزيز العقوبات ضد نظام يقود بلاده صوب كارثة بسعيه لسلاح نووي سيتحملون مسؤولية المجازفة بانهيار عسكري». وأضاف ساركوزي لسفراء أجانب مجتمعين في باريس «الوقت ينفد. ستبذل فرنسا كل ما بوسعها لتفادي تدخل عسكري». وتابع قائلاً «التدخل العسكري لن يحلّ المشكلة، لكنه سيؤدي الى حرب وفوضى في الشرق الأوسط».
وقال فسترفيله إن العقوبات «القوية جداً» التي يتوقع إقرارها الاثنين المقبل تهدف الى إظهار ان المسلك النووي الايراني «لا يمكن القبول به ويعد تهديداً للسلم العالمي».
ويتوقع فرض حظر على بيع الذهب والماس وغيرهما من الأرصدة الثمينة لدى ايران فضلاً عن وقف تسليم قطع معدنية نقدية جديدة لطهران وكذلك اوراق نقدية جديدة، كما سيتم توسيع الحظر القائم بالفعل على الواردات البتروكيميائية وعلى الاستثمارات.
وقد عرقل اعتماد اليونان بالأخص على النفط الإيراني الاتفاق حول توقيت وشروط الحظر النفطي. فبينما لا تفتقر الكتلة الأوروبية للإرادة السياسية، فإن بلدان الاتحاد ما زالت تسعى لتوفير مصادر اخرى للنفط لا تقل تسهيلاتها عن التسهيلات الايرانية في مجال التسديد بالنسبة لاثينا التي لا تتوافر لديها السيولة المالية الكافية. وقالت المصادر إن اليونان التي تعتمد على النفط الايراني لسد اكثر من ثلث احتياجها من النفط، وقعت «اتفاقات مالية جيدة» مع ايران تشمل تسهيلات للدفع حتى 60 يوماً دون ضمانات مالية.
ويقول أحد الدبلوماسيين «وافقت اليونان على الصعيد السياسي بالكفّ عن استيراد النفط من ايران، ولكن المسألة هي من يعوّضها عن ذلك.. بالطبع سيكون إيجاد من يحل محل ايران في توريد النفط لليونان أكثر صعوبة بسبب الوضع المالي الراهن لأثينا». ويتوقع الدبلوماسيون الوصول الى قرار سياسي حول الحظر مع اجتماع الوزراء الاثنين المقبل وإن كان «التوصل الى حل مالي سيستغرق وقتاً اطول». وتأتي العقوبات الاوروبية الجديدة في إطار جهود متضافرة مع الولايات المتحدة للضغط على ايران.
كما يجري التباحث بشأن طلب ايطالي باستثناء الشركات الإيرانية التي تسدّد ديوناً مستحقة عليها بواسطة شحنات من النفط بدلاً من المال، ما يعني وفق تقدير البعض ان طهران سيتوافر لديها قدر أقل من النفط الخام لبيعه في الأسواق. كذلك انقسمت بلدان الاتحاد الاوروبي حول موعد مراجعة الحظر لتقييم اثره على بلدان مثل اليونان، وما اذا كان يضرّ بأسواق النفط العالمية وليس فقط بالاقتصاد الايراني. أما ما تمّ الاتفاق عليه فعلاً فهو مجموعة من العقوبات تشمل البنك المركزي الايراني بما في ذلك تجميد ارصدة تستخدم في تمويل البرنامج النووي الايراني.
وقال دبلوماسي أوروبي إن تجميد الارصدة المملوكة للبنك المركزي الإيراني سيكون جزئياً «ما يسمح بمواصلة التجارة المشروعة» ويضمن دفع الديون الايرانية المستحقة لأوروبا.
في المقابل أكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي الايراني علي لاريجاني «ضرورة معاقبة الكيان الصهيوني كي لا يتمكن من القيام باغتيال العلماء النوويين الايرانيين». وافاد مراسل وكالة «مهر» للأنباء ان لاريجاني قال خلال زيارته لمعرض الكتب في حوزة قم العلمية حول إصدار المجلس لقانون استيفاء حقوق العلماء الذين يتم اغتيالهم: «إن استيفاء حقوق الاشخاص الذين تمّ اغتيالهم لم يكن مؤثراً وكافياً». واشار الى ان «بعض الدول مثل الكيان الصهيوني لديها باع طويل في القيام بالاغتيالات». واضاف رئيس مجلس الشورى «خلال السنوات الأخيرة فإن هذه الدول قامت بممارسات مشينة تجاه الموضوع النووي، وهذا يدلّ على أنه لم يتمّ التصدي لهذه الدول بشكل مناسب».
وأردف لاريجاني قائلاً «تجب معاقبة الكيان الصهيوني كي لا يتمكن من إلحاق الضرر ببلادنا، وان مشروع القانون الذي سنه المجلس سيحسن آليات متابعة هذه القضايا».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد