إدلب... امتحان إردوغان الأصعب
بعد سلسلة من الانتقادات العنيفة التي وجّهها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ووزيرا الخارجية والدفاع، للعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش العربي السوري، مدعوماً من روسيا، وسط هجوم عنيف من الإعلام التركي الموالي، جاءت تصريحات إردوغان الأخيرة لتُثبت حدّة الخلاف التركي ــــ الروسي في موضوع إدلب. فقد اتهم إردوغان روسيا بـ«عدم الالتزام بتعهداتها التي وقّعت عليها في أستانا وسوتشي في ما يتعلق بإدلب». وقال إن صبر أنقرة نفد، وهي ستتخذ «الإجراءات اللازمة» هناك إذا استمرت العمليات.
تعليقات إردوغان جاءت بالتوزاي مع المعلومات التي تحدثت عن اتصال هاتفي بينه وبين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول الوضع في سوريا والعراق، بعدما عبّر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن «عدم الارتياح من استمرار وجود الإرهابيين في إدلب وجوارها». في الوقت ذاته، يستمر الإعلام التركي الموالي لإردوغان في حملته العنيفة ضدّ دمشق وموسكو، متهماً إياهما بـ«قتل الأبرياء واحتلال معرة النعمان ومواقع أخرى وإجبار مئات الآلاف من السوريين على النزوح باتجاه تركيا». كما يتحدث الإعلام عن «إرسال تعزيزات عسكرية للمواقع التركية الموجودة في مناطق خفض التصعيد»، حيث لتركيا 12 نقطة مراقبة، 4 منها أصبحت محاصرة من قِبَل الجيش العربي السوري منذ أن استعاد خان شيخون، والآن معرة النعمان وعشرات القرى الموجودة في المنطقة. كما يسعى الإعلام إلى شحن المشاعر القومية في الشارع التركي، في خطاب يضع إردوغان في موضع حرج وحساس، فإما أن يتدخل عسكرياً أو يتجاهل الموضوع ويترك نفسه أمام خطر أكبر وهو احتمالات المواجهة مع مسلحي «النصرة» الذين سيتوجّهون إلى تركيا في حال هجوم الجيش السوري على إدلب.
تتحدث الأوساط السياسية والعسكرية عن مجموعة من السيناريوات في ما يتعلق بمستقبل الوضع في إدلب. ذلك بعدما أثبت الجيش السوري عزمه على استعادة إدلب إثر تهرّب أنقرة من الالتزام بتعهداتها في «اتفاقية سوتشي» (17 أيلول 2018) التي وعدت فيها أنقرة بإقناع مسلحي «النصرة» بتسليم أسلحتهم الثقيلة قبل نهاية تشرين الأول 2018، والعمل على ضمان حركة المرور من الطريق الدولي بين حلب ودمشق واللاذقية. وتتوقع الأوساط لأزمة إدلب، بعد تصريحات إردوغان، توتر العلاقة بين أنقرة وموسكو في حال اتخاذ الجانب التركي أيّ موقف عملي في المنطقة، على رغم حرص بوتين على ضمان استمرارية العلاقات مع إردوغان، بعدما سمح للجيش التركي بدخول جرابلس في آب 2016، ثم عفرين في كانون الثاني 2018، وأخيراً شرقي الفرات في 9 تشرين الأول الماضي.
كما أن التطورات المحتملة في العلاقات التركية مع واشنطن من المتوقع أن تنعكس، سلباً أو إيجاباً، على علاقات إردوغان مع بوتين الذي يراقب علاقات الأول مع ترامب عن كثب، مع استمرار الفتور والتوتر في هذه العلاقات بسبب أزمة صواريخ «أس 400» وطائرات «أف 35»، واستمرار الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية شرقي الفرات، وأخيراً عدم التزام أنقرة بالعقوبات ضد إيران. يأتي كلّ ذلك وسط معلومات تتحدث عن فتور في العلاقات التركية مع طهران في موضوعَي سوريا والعراق. وفوق كل ما تقدم، هناك الانقسام التركي الروسي بشأن ليبيا، وقد اتهم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس، أنقرة، بعدم الالتزام بتعهداتها في قمة برلين وإرسال سفن حربية وأسلحة إلى ليبيا.
في الأثناء، تشير أوساط سياسية ودبلوماسية إلى مساعٍ لإردوغان لاستخدام ورقة اللاجئين السوريين من جديد مع استمرار التوتر في إدلب. وقالت الأوساط المذكورة إن إردوغان بحث الموضوع مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي زارت إسطنبول الأحد الماضي، والتي بدورها بحثت مع إردوغان أيضاً خطر اللاجئين الأفارقة الذين قد ينطلقون من الشواطئ الليبية باتجاه إيطاليا.
الأخبار
إضافة تعليق جديد