الدواءالبيطري:64معملاً تغطي80%من حاجةسوريةوالتهريب مازال مستمراً
أين وصل الدواء البيطري في سورية؟، وهل هناك إنتاج يغطي حاجة القطر؟ ، ثم هل توجد أدوية مزورة أو مهربة تدخل بطرق غير مشروعة وعلى مرأى من العيون؟، وما مدى تأثير ذلك على الثروة الحيوانية؟
وهل هناك صيدليات بشرية في منطقة الغوطة تبيع أدوية بيطرية؟.
توجهنا في البداية إلى الحلقة الأساسية وهم المربون حيث يتحدث السيد عدنان علبي من منطقة الغوطة وهو يعمل بتربية الأبقار منذ 28 عاماً حيث يقول: بعض الأمراض التي تصيب الأبقار أستطيع معالجتها بنفسي حيث تتكرر الأمراض ويمكن التعامل فيها مع الأدوية المحلية الفعالة بمعظم الأحيان، لكن في بعض الحالات يجب إعطاء البقرة دواء أجنبي حصرياًَ فبعض الأدوية المحلية فعاليتها محدودة وغير كافية لكل الأمراض التي تصيب الأبقار، البقرة يمكن أن تعيل أسرة كاملة فلا يمكننا المجازفة بدواء محلي غير مضمون النتائج بل نكتفي بدواء مجرب ومضمون وأستطيع القول بأنني غير راض عن بعض الأصناف المحلية حتى انه توجد شركات يعطي فيها نفس الدواء فعالية مخالفة ولذلك تجدنا نثق ببعض الشركات دون الأخرى.
السيد حسان أحمد من شركة فضليه المستوردة عبر عن ألمه نتيجةالضغط الكبير الذي يتعرضون له من كافة الجهات المعنية وقال: تصور حتى عامل النظافة الذي يمر من المنطقة ويرى أننا تأخرنا في إبعاد بعض العبوات يمكن أن يشتكي علينا، نعيش حالة من القلق والوضع سيىء في وقت جمدنا عشرات الملايين لنعمل بالدواء البيطري، هذا الدواء الذي يحتاجه المربي بشكل يومي وعندما نقدم الأوراق الرسمية والقانونية طالبين الموافقة على استيراد الأصناف التي لن يقبل المربي بسواها تقول لك الجهات المعنية غير موافقين لأنه يوجد معادل محلي لما تطلب، والمشكلة الأكبر أن الأدوية لا يستطيع المربي الانتظار فيها، يخبروننا أنها موجودة محلياً فتفاجأ بأنها مسجلة فقط ولم يتم الإقلاع بالتصنيع حتى الآن أي أنه عملياً لا يوجد أي دواء.
من جانب آخر توجد معضلة كبيرة نعاني منها تتعلق بوجود أدوية ولقاحات بأوروبا الغربية، مثل إيطاليا غير متوفرة محلياً كما يقول السيد حسان وبنفس الوقت لاتسمح الحكومة باستيرادها بحجة أنه لا يوجد شهادة تسجيل من بلد المنشأ تدل على استخدامهم لها، والسبب بكل بساطة مرض مثل النيوكاسل على سبيل المثال قضت عليه نهائياً وباتت تصنع الدواء للتصدير فكيف ستستخدمه إيطاليا على قطعانها وهي قضت على ذلك المرض نهائياً ( النيوكاسل معروف بسورية باسم الوسم) إنها أدوية عالمية معايرة في مخابر دولية ذات مصداقية فلماذا يحرموننا استيرادها في وقت لا تزال جميع الأمراض متواجدة بسورية ولم نستطع القضاء على أي مرض حتى الآن على أرض الواقع.
ما الذي يحدث على أرض الواقع سؤال يطرحه السيد حسان أحمد و يجيب عليه بالقول: حتى نتخلص من الحصار نقوم بالاستيراد من الدول الشرقية( سريلانكا، سنغافورا...) نحصل منهم على شهادات غير واقعية...؟!! ولكنها تتطابق مع قوانين البلد فيقبلونها مع أن نوعية الأدوية أسوأ بكثير من أدوية أوروبا، أما الأمر الآخر الذي أود الإشارة إليه أنني كمستورد لاأستطيع متابعة كل شاردة وواردة فعندما يقوم عامل بوضع لصاقات على 1000 أو 2000 عبوة ونسي وضع واحدة يقيمون الدنيا علينا في مديرية البيطرة وقد تكون اللصاقة قد سقطت أثناء التعبئة.
أخيرا لماذا تحتاج موافقة الاستيراد الى اكثر من 3 أشهر في مديرية الدواء البيطري والتحليل يبقى 25 يوماً حتى ينتهي ويعطوننا عنه نتيجة نهائية، أمام كل هذه العقبات هناك أدوية تأتي مهربة وبأسعار أقل من أسعارنا ولا نعرف ماذا نفعل إذ لا يوجد منافسة عادلة.
السيد مهند أوشر صاحب أوفا غرين للصناعات الكيميائية البيطرية والزراعية تحدث عن الثمن الباهظ الذي يدفعه المربي جراء وجود ادوية مزورة في سورية وهذا مسؤولية الجمارك ومديرية الصحة الحيوانية التي يفترض بها القيام بإجراءات مشددة للحد من عمليات التزوير والتهريب، المربون معظمهم أميون يأتي اليهم طبيب متخرج حديثا ولا يعرف بعد كيف يميز الدواء الحقيقي من المزور وحتى يكتسب الخبرة اللازمة لذلك سيحتاج سنتين على الأقل سيتضرر خلالها المربون بشكل كبير، فلو أن الأدوية المزورة لم تكن موجودة لما حدثت خسائر كبيرة للمربين كالتي تحدث بالملايين.
وحتى لانذهب بعيدا يوجد معامل أدوية محلية تغش بالدواء مثلا مادة الأنتروفلوكساسين تركيز 10٪ يتم بيعها على هذا الأساس إلا أن بعض الشركات المحلية تبيعها في الواقع بتركيز 5٪ مع أن لصاقة الدواء مكتوب عليها 10٪ هذا مايؤكده السيد أوشر ويتابع قائلا:
وقد تم ضبط عدة حالات ضمن هذا السياق ولكن مع الأسف لن يتم القيام بإجراءات رادعةتأديبية .
حتى أنه يوجد معمل معروف كوضوح الشمس من قبل مديرية الدواء البيطري80٪ من أدويته مزورة والسكوت عنه نوع من الشفقة،لا يريدون أذيته ونحن تعاملنا مع هذا المعمل بمبالغ تزيد عن مئة مليون قبل اكتشاف أمره حيث بدأت تأتينا الشكاوى من المربين كان أبرزها نفوق مئتي رأس غنم في منطقة السخنة - تدمر جراء سوء تصنيع الدواء عندهم ولم يعترف المعمل علينا أو عليهم بشيء .
أعتقد أن المعامل المحلية ذات المصداقية الجيدة لايتجاوز عددها 60٪من مجموع المعامل بسورية والباقي خلط بالكريك وتعبئة يدوية ومديرية الدواء تعرفهم وقد أخذوا إنذارات لتعديل وضعهم دون جدوى منذ أكثرمن سنة،هذا ما يؤكده السيد مهند ويقول: بالنسبة للدواء الأجنبي نحن بحاجة له ففي وقت تكاد تكون أرباحنا بالدواء المحلي شبه معدومة قد تصل بالأجنبي لعشرين ضعفاً، وإذا أرادت الدولة منع الأجنبي عليها منع المهرب والمزور الذي يدخل بكونتينرات كبيرة وعلى مرأى من الجميع؟؟
ولفت السيد مهند أخيراً النظر إلى وجود شركات تبيع البيور ( المادة الدوائية الأصنص) وبتحد صارخ للقانون وعلى المكشوف؟؟؟
أما الدكتور علاء الدين كامل وهو مستورد من شركة فاترو الإيطالية ووكيل شركة نوربروك الانكليزية فقد ذكر أن المربي يفضل الدواء الأجنبي وحسب القوانين الناظمة أي دواء تصنعه 3-4 معامل لا يسمح باستيراده وأنا زبوني ( المربي) يريد الأجنبي حصرياً في حالات معينة والمشكلة الأكبر التي أقع فيها مع المربي عندما يقبل( على مضض) أخذ تلك الحاجة محليا سيجد أن سعر الدواء المحلي مساو لسعر الدواء الأجنبي وأحياناً أغلى منه
ويضيف د. علاء توجد شركات محلية جيدة لماذا لانتركها تدخل بمنافسة شريفة مع الشركات الأجنبية وليكن المربي مرتاح ليختار الأفضل.
وأشار كامل إلى أن الوكلاء المحليين يقومون بأفعال غريبة، فالوكيل السوري يبيع نفس الدواء الأجنبي لنفس الشركة بسعر أعلى بكثير من الوكيل اللبناني أو الأردني وعندما نسأل عن السبب يتذرعون بأن ذلك الدواء يتم صنعه في لبنان أو... لذلك فهو أرخص عندهم.
وحتى تسعيرة الدولة للدواء البيطري غير عادلة معنا، ومع أنه صدرت لائحة تم فيها تخفيض الأسعار لكن هذه الأسعار بقيت غير واقعية وعالية، فعندما كنا نبيع دواء معيناً بخمسين ليرة مثلا وكان سعره باللائحة 90 ل.س تم تخفيضه إلى 55 ل.س ولكننا نبيعه بخمسين منذ أمد بعيد وإلا لن يشتريه المربي وستبقى البضاعة كاسدة؟؟
المثير للاستغراب كما يقول الدكتور علاء الدين وجود صيدليات بشرية في منطقة الغوطة تبيع الأدوية البيطرية في مخالفة صارخة للقانون؟؟
وعبر طبيب بيطري (يعمل في الغوطة معالجا للأبقار لدى المربين) آثر عدم ذكر اسمه عن ألمه لأن الشركات الدوائية المحلية مستنسخة عن بعضها وقال: نحتاج لدواء يدعى ميتابولاز أجنبي من ايطاليا لم يحاول أحد صنعه حتى الآن ولا نجده في الأسواق فالشركات تقلد بعضها وتضع نفس الأنواع الدوائية كما أنه لا توجد منافسة بينهم بل تنسيق واتفاقات ليحصل المربي على حاجته بأدنى مستوى وأعلى سعر ممكن كما يوجد مثال بالمقابل لدواء محلي هو جنتاديما 10٪ نستعمله لالتهابات الضرع عند الأبقار نجده في شركة محلية مهنية جيداً وبأخرى سيئاً ولو أحضرت الايطالي لكان أفضلها وحتى أكون عادلاً 70٪ من المحلي جيد ولكنني لا أستطيع التغاضي عن 30٪ من جانب آخر قطاع الطب البيطري يكثر فيه من يعمل دون ترخيص لا بل وأكثر العاملين في الحقل لا يحملون شهادة طبيب بيطري وبعضهم لا يحمل شهادة تمريض وأحياناً لا يحملون حتى شهادة ابتدائية؟؟
أما الأمر الذي طرحه الدكتور البيطري عماد عباس (معالج دواجن) فيتلخص بأن الدولة هي التي تدفع نحو التهريب فهناك نوعيات لا توجد بشكل نظامي بينما تأتينا أدوية مهربة جيدة تحل مكانها والتجربة خير برهان، أنا كطبيب لا يهمني بالنهاية إلا سمعتي وأن يكون علاجي ناجعا سواء كان الدواء محلياً أم أجنبياً أم... وتوجد أدوية تعالج التهابات القصبات عند الدواجن ممنوع استيرادها على سبيل المثال؟
الحل بكل بساطة بوجود لقاحات محلية وتوسيع لرقعة الدراسات والتجهيزات الدوائية هذا ما يؤكده عباس ويقول: هنا تظهر مشكلة هامة فالدراسات والتجهيزات تنقصها الكوادر المتخصصة فالدولة لم توظف طبيبا بيطريا واحدا منذ عام 2002 لي أصدقاء أطباء بيطريون نجارون وحدادون ومندوبو مبيعات... الدولة تخلت عنهم والكلام الذي يسمعونه دائماً يوجد شواغر ولكن لا يوجد اعتماد.
الدكتور وحيد شنو صاحب صيدلية وطبيب بيطري أكد أن العمل الدوائي يحتاج للمزيد من المتابعة والدقة دون التغاضي عن وجود أدوية محلية تضاهي الأجنبي مثل البنسلين.
من جانب آخر تحدث الدكتو حسام الرفاعي وهو طبيب ومربٍ لسبعين ألف طير في درعا عن وجود أصناف من الدواء غير موجودة محليا رغم حاجتها الضرورية مثل الستربتوبنسلينات التي نعالج بها الاشرشيا كولي وهو مرض يصيب الدواجن كما أن الجودة المحلية للدواء لا تكون محدودة فقط على مستوى المادة الفعالة في الدواء بل المواد الحاملة لتلك المادة الفعالة أيضاً، ولكن لا يمكننا أن ننكر بالمقابل أن الدواء البيطري خلال السنوات الخمس الأخيرة تطور بشكل ملحوظ.
د. عبد الرزاق السوقي يقول: لدينا امهات فروج عندها مائتي الف رأس نعالجها بالدواء المحلي وبأحيان نادرة بالاجنبي حسب الحالة.
أما الدكتور خالد شكاكي طبيب دواجن في حماه اكد انه لابد من استيضاح فعالية الدواء سواءكان محليا ام لا، فالمهم القطيع وعندمانعطيه الدواء نراقب الوضع للتأكد من فعاليته وذلك يظهر على نشاط القطيع بعد 12 ساعة على ابعد تقدير.
الدواءالمحلي البيطري اثبت موثوقية عالية خاصة في السنوات الاخيرة هذا مايؤكده الدكتور علي سعادات مدير الزراعة في ريف دمشق فتزايد عدد الزمر الدوائية في ظل وجود 46 معملا دوائيا بيطريا هي بتنوع مستمر.
والدواء المحلي بات قادرا على المنافسة الا ان عقدة الاجنبي افقدته بريقه لكن الزمن والتجربة العملية كفيلان بتثبيت مصداقيته مع تأكيدنا على بذل الجهود المستمرة للارتقاء به كما ونوعا.
تساؤلات عديدة ومتشعبة طرحها المربون واصحاب المعامل والصيدليات والاطباء العاملين بالحقل العملي وضعناها امام الدكتور محمدمعروف السباعي مدير الدواء البيطري في وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي فقال: يقوم 46 معملا للدواء البيطري في سورية بانتاج اكثر من 2000 مستحضردوائي مسجل كبودرة وسوائل او حقن حيث توجد 9 معامل للحقن تصدر الدواء لحوالي 21 بلدا بآسيا وافريقيا واوروبا الشرقية إضافة لدول عربية وهذه الكميات تفي ب80٪ من احتياج سورية وبصورة دائمة يبقى حوالي 20٪نستوردها، وتقتضي الخطة الاستراتيجية المستقبلية لمديرية الدواء البيطري برفع سوية الدواء والمعامل التي تتجه بحيث تتلاءم مع الوضع الاقليمي ويكون سلعة تنافسية بغرض وجوده بقوة من خلال تطبيق شروط التصنيع الجيدGMPالتي سوف تصدر قريبا بالتالي القيام بفتح الاسواق الخارجية والتصدير وفق اتفاقية الغات. ويضيف د.معروف عند صدور شروط التصنيع الجيد قريبا من المتوقع انخفاض عدد المعامل 30-40 ٪ وهي المعامل التي لم تطبق شروط الجودة وسوف يتم تعديل كافة الرخص بحيث ستأخذ مفعولاً رجعياً وتقوم مديرية الدواء البيطري بإعادة النظر بألفي لصاقة مستحضر دوائي حيث وجدنا فيها الكثير من الاخطاء .
اما بخصوص الادوية المهربة والمزورة فهناك قسم للرقابة تم تجهيزه لقمع هذه الظواهر.. يتابع المستحضرات بدقة حيث يتم أخذ عينات عشوائية للتأكد من مدى مطابقة أي دواء لأرقام التراخيص الرسمية وبحال عدم المطابقة يتم سحب الصنف الدوائي من السوق كما يوجد بالمديرية مخبر مركزي للرقابة من حيث التركيب والفعالية والثباتية واللقاحات البيطرية ويعتبر من أوائل المخابر بالمنطقة وله مصداقية عالية.
ومن جانب آخر هناك تنسيق كامل مع مديرية الخدمات البيطرية اللبنانية والأردنية للحد من الأدوية المهربة التي تدخل القطر وعلى سبيل المثال تم مؤخرا اكتشاف محاولة غش بصنف دوائي كتب عليه صنع في فرنسا وبعد البحث والتدقيق وجدنا بأن مصدره الصين وقام أحد المخابر اللبنانية بتغيير اللصاقة، فقمنا بالاجراءات اللازمة .
كما أكد السباعي على أن الروتين وطول المدة لصدور موافقات الاستيراد كانت تتأخر لحين انعقاد اللجنة الفنية العليا للدواء أما الآن فقد فوضت اللجنة العليا للدواء مديرية الدواء البيطري بإعطاء تلك الموافقات بحيث لا تتعدى مدة صدورها الأسبوع على أبعد تقدير.
بالنسبة لعمليات بيع البيورات فهي ممنوعة منعا باتا وعقوبتها شديدة ونحن إذ نهيب بالمربين ننصحهم بعدم طلب البيور الذي يعتقدون أنه يعطي شفاء سريعا بل هو ضار للمواشي ويعطي نتائج عكسية.
موسى الشماس
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد