الصهاينة وملوك وأمراء الخليج يحرضون القاعدة لمواجهة حزب الله
الجمل- فرانكلين لامب/من بيروت- ترجمة: د. مالك سلمان:
"إنها فكرة جهنمية رائعة, لماذا لم نرَ منذ البداية هذا الحل البسيط الماثل أمام أعيننا, بحق المسيح," سأل السيناتور جون مَكين – المعروف بصراخه الشهير "اقصفوا إيران, اقصفوها, اقصفوها" و "أقيموا منطقة حظر جوي في سوريا" – دينيس روس أثناء جلسة نقاش جرت في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" في واشنطن العاصمة.
ردَ روس – مؤسس "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" بأموال من الحكومة الإسرائيلية (يتم تعويضها ربما بطريقة أو أخرى من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين) و "المستشار" الحالي للمعهد, على نمط "الكونسيلييري" في عائلات المافيا – على فكرة مساعدة القاعدة لإعلان الجهاد على حزب الله بالتعليق التالي: "الشيعة ليسوا الوحيدين الذين يسعون إلى الموت لإظهار ‘مقاومتهم’ لأي شيء كان. هناك الكثير من المسلمين الراغبين في الموت كما رأينا الأسبوع الماضي في بوسطن. ادفعوا الجميع للدخول في هذه المعمعة ومن ثم تقوم إسرائيل بتنظيف ‘خراهم, عندما ينتهي الأمر."
مرة بعث أحد موظفي الكونغرس, الذين حضروا اجتماعاً لهذا المعهد, رسالة إلكترونية إلى بيروت: "كان دينيس يتكلم بشيء من المزاح – أنا اعتقدت ذلك – ولكن من يدري؟ فكل شيء أصبح جنونياً داخل ‘المدرعات البحثية’ الداعمة لإسرائيل هنا."
في عددها الصادر بتاريخ 25/4/2013, كتبت "نيويورك تايمز", المتواطئة مع الصهيونية, أن نظام الأسد يتعافى على ما يبدو, ولكن "علينا أن نفهم أنه على الرغم من كل هذا القلق المبرَر بخصوص الثوار (المرتبطين بالقاعدة), فإن الأسد يبقى حليفاً لإيران وحزب الله."
وتتبنى "التايمز" آراء دانييل بايبس, الذي يعاني من رُهاب الإسلام [إسلاموفوبيا], الذي ينصح الولايات المتحدة بترك الطرفين في سوريا يقتتلان لأطول وقت ممكن إلى أن يدمرا بعضهما البعض. فقد كتب بايبس, الذي يعمل حالياً مستشاراً لجون مَكين, في "واشنطن بوست" (عدد 11/4/2013): "تمثل القوى الشريرة خطراً أقلَ علينا عندما يحارب بعضُها البعضَ الآخر. فهذا يجعلها مركزة على الداخل, ويمنع أياً منها من الخروج منتصراً وبالتالي من تشكيل أي خطر جدي. على القوى الغربية أن توجهَ الأعداءَ نحو نوع من المأزق عبر مساعدة الطرف الخاسر, بهدف إطالة أمد النزاع القائم."
وقد اتفق, بشكل ضمني, جيفري فيلتمان – مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية – و سوزان رايس – الممثلة الدائمة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة – على فكرة تحريض "جبهة النصرة" لمواجهة "حزب الله". وفي حال إطلاق هذه الخطة, فإنها ستكون المحاولة الرابعة عشرة لفيلتمان لإسقاط حزب الله وهزيمة "المقاومة الوطنية اللبنانية" التي ترفض احتلالَ فلسطين منذ وصوله إلى بيروت قادماً من تل أبيب في سنة 2005 ليصبحَ سفيرَ الولايات المتحدة إلى لبنان. ويعتقد هذا المراقب [كاتب المقالة], كما يعتقد الكثير من المراقبين في المنطقة بسبب الهالة التي لا تزال تحيط بالسفارة الأمريكية هنا في بيروت, أن جيفري لم يترك قط موقعه في السفارة اللبنانية ولا يزال يهيمن على هذا الموقع من مكتبه الجديد في الأمم المتحدة.
حذرَ فيلتمان هذا الأسبوع من أن امتداد الحرب السورية بدأ يترك تأثيرَه في لبنان, وكررت رايس رأيَه وأدانت حزب الله على "تقويض ‘سياسة النأي بالنفس’ التي ينتهجها لبنان". وهذه العبارة الأخيرة غامضة في معناها, لكنها توحي أن يجلس المرء دون أن يؤتي بأية حركة بينما يتعرض البلد إلى إطلاق قذائف وصواريخ من قبل جهاديين من 23 بلداً يقاتلون الآن في سوريا. وقد أعلمَ فيلتمان وسائلَ الإعلام في 22/4/2013 أن "الأمين العام للأمم المتحدة قلق بشأن تقاريرَ تقول إن لبنانيين يقاتلون في سوريا إلى جانب النظام والمعارضة على حدٍ سواء, ويأمل في أن تجدَ الحكومة الجديدة طرقاً للتشجيع على التزام كافة الأطراف في لبنان ﺑ "سياسة النأي بالنفس".
إذا أخذنا الانقسامات اللبنانية بعين الاعتبار, فإننا متأكدون من أن هذا لن يحدث بقدر قناعتنا أن الانتخابات البرلمانية المقررة في 9 حزيران/يونيو لن تجري في موعدها المحدد.
من جهتها, ألقت سوزان رايس محاضرة على مجلس الأمن/الأمم المتحدة قائلة "إن حزب الله يساعد الأسد في شن حربه على الشعب السوري من خلال تقديم الأموال والأسلحة والخبرات للنظام بالتنسيق مع إيران." وقد تم التعبير عن هذا الموقف أيضاً في تصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية, باتريك فنتريل, الذي قال إن واشنطن "كانت دوماً واضحة حول دور حزب الله المعيب والدعم الذي يقدمه للنظام السوري والعنف الذي يولده في سوريا." وأضاف فنتريل: "كنا واضحين منذ البداية حول الدور المدمر الذي تلعبه إيران والدور الإيراني في النزاع."
يقوم عدد من العملاء الإسرائيليين في الكونغرس اليوم بالترويج لحرب بين "جبهة النصرة" و "حزب الله" مع تصنيف إدارة أوباما لهذه المجموعة الإرهابية على لائحة الإرهاب. لكن السيناتور ليندزي غريهام, معاون مَكين الذي ينتمي إلى المحافظين الجدد ويعاني من "الإسلاموفوبيا", يذهب إلى أبعدَ من ذلك ويوضح لمحطة "فوكس نيوز" أنه مع سقوط الأسد وخروج حزب الله من الصورة, "يمكننا أن نتعامل مع هؤلاء الشباب (الجهاديين)."
لكن التاريخ الحديث في ليبيا يشير إلى عكس ذلك. فكما أشار المعلق التركي سيهان سيليك مؤخراً: "لن يكون الطلاق من النصرة شيئاً سهلاً في سوريا."
تبين السنتان الأخيرتان في ليبيا, بلد الأشباح ذاك, العديد من الأمثلة شهد هذا المراقب ثلاثة منها بأم عينه خلال ذلك الصيف الحار الطويل من 2011. رأينا الرعاة والممولين الخليجيين يقدمون للشبان, العاطلين عن العمل في معظمهم, 100 دولار أمريكي في الشهر, وبعض السجائر المجانية, وبندقية كلاشنكوف, للانضمام إلى الجهاد. وهناك العديد من الشبان الصغار الذين لا يزالون يقبلون بهذه العروض في ليبيا, كما في سوريا. إن أحد الأسباب التي أدت إلى تزايد كبير في عدد المسلحين بهذه السرعة في ليبيا وعدم اختفائهم هو ظاهرة الرغبة في الزعامة الجهادية والقيادة وتجنيد مجاهد أو مجاهدَين, وربما بعض أبناء العمومة أو أفراد القبيلة, وتشكيل ميليشيا تتمتع بسلطة لم يحلم بها هؤلاء الشبان من قبل. إذ يمكن لحياتهم الجديدة أن تقدم لهم بعض المكاسب من خلال الهيمنة على المدنيين وتشكيل فرق إجرامية صغيرة وعنيفة متخصصة في الاختطاف والسرقة والمخدرات والاتجار بالنساء والاغتيالات المأجورة. كم عدد هؤلاء الشبان الصغار الذين قاموا بتسليم أسلحتهم في ليبيا والعودة إلى حياتهم السابقة؟ أو الذين سيفعلون ذلك بناءً على تعليمات أشخاص من أمثال مَكين أو غريهام؟
في 24/4/2013 كثفت "جبهة النصرة" تهديداتها للمسؤولين هنا بما في ذلك الرئيس اللبناني عبر بيانه الصادر عن مكتبها الإعلامي: "... نعلمكم – ويمكنكم أن تفهموا ذلك بمثابة تحذير أو إنذار أخير – أن عليكم التصرف بسرعة لضبط حزب الله, وإلا فإن النار ستصل إلى بيروت. وإن لم تلتزموا بهذا التحذير في غضون 24 ساعة, سوف نعتبر أنكم تشاركون في المجازر التي يرتكبها عناصر حزب الله وسوف نحرق كل شيء في بيروت." وإضافة إلى ذلك, فهم يدعون إلى الجهاد وتأسيس "فصائل المقاومة الجهادية ضد النظام في سوريا", وكذلك الأمر في صيدا وطرابلس, في لبنان.
يبدو الإسرائيليون متفقين مع محور روس/بايبس الذي يدعو إلى تحريض القاعدة لشن الحرب على حزب الله. فقد زعم مدير العلاقات الخارجية في "مركز موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" بشكل متكرر أن الشيعة يشكلون التهديدَ الحقيقي لإسرائيل, وليس السنة, وأن أقلَ تهديد يمكن أن يأتي من ملوك وأمراء الخليج. وطرح مؤخراً الرأي القائل إن "إسرائيل شريكة الآن مع البلدان العربية السنية." وبالفعل, تأمل إسرائيل أن ينساها حزب الله من خلال انشغاله بصد هجمات "جبهة النصرة" والمجموعات الأخرى المرتبطة بالقاعدة.
تبعاً لعدة مسؤولين إسرائيليين قاموا بإطلاق تصريحات حول الموضوع, تشكل السعودية ومصر والأردن وعدة دول أعضاء أخرى في "الجامعة العربية" "حلفاً قلقاً بالنسبة إلى إسرائيل" إذ يزعمون أن "العرب السنة لا يتمتعون بالقدرة التي يتمتع بها الشيعة وإيران, ولذلك فهم يعبرون عن شكوكهم من قدرة إسرائيل الاعتماد على الدول السنية بالقدر الذي يمكن لهذه الدول السنية أن تعتمدَ على إسرائيل."
في فيلم وثائقي حول الحرب على العراق, يوضح جندي أمريكي: "في الحقيقة, ليست لدينا مشاكل فعلية مع السنة. فالشيعة هم الذين نخاف منهم. والمشكلة تتعلق بقائدهم الذي قتل منذ عدة قرون وهؤلاء الشباب مستعدون للتضحية بحياتهم فداءً للرجل. على كل حال, هذا ما علمونا إياه في دروس ‘العمليات الخاصة,."
قام مقاتلو النصرة, الذين يحتلون حالياً أجزاءَ من المناطق الجنوبية الغربية من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين, عن توقهم لمقاتلة حزب الله مما سيمنحهم, حسب زعمهم, شيئاً من المصداقية أمام المسلمين السنة, والأغرب من ذلك – كما يقترح المراقبون – "المصداقية أمام الدول الغربية" التي تدعي عداءَها الشديد للقاعدة. فمن الصعب في هذه الأيام أن يعرف المرء من هو عدو من في سوريا مع استمرار المتمردين المسلحين باستخدام المناطق الشرقية والجنوب غربية من دمشق كقواعدَ خلفية ومنافذَ إلى قلب العاصمة.
على الرغم من مزاعم المجموعات الجهادية في سوريا ولبنان, ليس من الواضح لهذا المراقب إن كانت المجموعات الجهادية والمرتبطة بالقاعدة التي تعيش بين مجتمعات حزب الله في لبنان, مثل "فتح الإسلام" و "جند الشام" و "عصبة الأنصار" التي تعيش هنا منذ سنوات, سوف تشارك في الجهاد الصهيوني ضد حزب الله.
ولكن من الجلي أن بعضَ الإسلامويين والجهاديين اللبنانيين المرتبطين بالقاعدة قادرون على استهداف حزب الله. إذ شرعت بعض عناصر هذه المجموعات بالارتباط بالنصرة بعد تنفيذها لبعض العمليات العسكرية الناجحة في سوريا. ومرة ثانية, رأينا الشيء نفسَه في ليبيا. حيث حاول الشبان الصغار المتحمسون, الذين يسعون إلى تحسين أحوالهم, الانضمام إلى الطرف الرابح. وتبعاً لبعض المصادر في مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين, يقوم قادة جهاديون من أمثال هيثم ومحمد السعدي وتوفيق طه وأسامة الشهابي وماجد الماجد بتجنيد أتباع ومقاتلين في لبنان لتقديم بطاقة إلى خارج مخيم المهجرين السوريين البائس الذي يطوقه الجيش.
يزعم الناشط الإعلامي, الموجود في حمص, محمد رضوان رعد أن "سكانَ بلدة القصير الحمصية التي يسيطر عليها المتمردون يرحبون بالسعدي, وبدعوة الشيخ اللبناني السني أحمد الأسير إلى الجهاد في سوريا." يزعم رعد أن "سكان القصير يرحبون بدعوة الأسير ويأمل أن يساعد اللبنانيون في طرد عناصر حزب الله من المنطقة ... نحن بحاجة إلى أي أحد يخلصنا منهم." وكان الأسير قد حرضَ أتباعَه هذا الأسبوع على الانضمام إلى المتمردين السوريين الذين يقاتلون القوات الموالية للرئيس بشار الأسد والحركة الشيعية اللبنانية "حزب الله". وقد كانت القصير تحت سيطرة المتمردين منذ أكثرَ من سنة, وتشير التقارير القادمة من المنطقة إلى أنها على وشك الإخضاع لسيطرة الحكومة المركزية.
ورداً على ذلك, دعا شيخان سنيان سلفيان لبنانيان أتباعهما للذهاب إلى سوريا والجهاد دفاعاً عن أهالي القصير السنة. فقد قال الشيخ أحمد الأسير لأتباعه: "هناك واجب ديني على كل مسلم قادر ... أن يدخل إلى سوريا ويدافع عن شعبها, ومساجدها وحرماتها المقدسة, وخاصة في القصير وحمص." ويقول الخبراء إن مثل هذه الدعوات من طرف السلفيين اللبنانيين لا تتجاوز كونها نوعاً من التهديد والوعيد لأن الحركة غير قادرة على مواجهة ترسانة ومقاتلي حزب الله.
يقول محللون محليون من أمثال قاسم قصير إن جبهة النصرة وأصدقاؤها ليسوا منظمين إلى درجة تمكنهم من خوض حرب تقليدية ضد حزب الله, ولكن بمقدورهم أن يلحقوا ضرراً كبيراً من خلال تنظيم هجمات انتحارية ضد قواعد حزب الله ومقاتليه. وسوف يكون ذلك كافياً مبدئياً بالنسبة إلى روس و "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" وأصدقائهم الصهاينة. حيث إن زرع الفوضى في لبنان يمثل أحد أهدافهم, ولكن الأهم من ذلك هو إضعاف "المقاومة الوطنية اللبنانية" التي يقودها حسن نصر الله, بالإضافة إلى مواجهة إيران وسوريا.
في خطاب حديث له, قدم الأمين العام لحزب الله, حسن نصر الله, نظرة حزبه حول صدام سني – شيعي مع جبهة النصرة والقاعدة وكافة المجموعات التي دخلت إلى سوريا, قائلاً إن هدفَ أولئك الذين أرسلوهم هو أن يَقتلوا ويُقتَلوا في سوريا في مجزرة لن تخدمَ سوى أعداء العرب والمسلمين.
ستكشف لنا الأشهر القادمة إن كانت الأنظمة العربية المتصهينة وأولئك "الإسلاموفوبيون", بما في ذلك أولئك في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" و "المدرعات البحثية" الإسرائيلية الأخرى, واهمينَ في اعتقادهم بوجود "حلٍ بسيط", حسب ما قاله مَكين, لأولئك الذين يقاومون الاحتلالَ الصهيوني لفلسطين, حل يتمثل في مساعدة جهاديي جبهة النصرة لشن حرب على حزب الله, وإن كان بمقدورهم هزيمة حزب الله, أو حتى إن كانت جبهة النصرة وأصدقاؤها قادرين على إشعال كارثة أخرى في هذه المنطقة.
تُرجم عن ("كاونتربنتش", 26 نيسان/إبريل 2013)
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد