الهواجس الإسرائيلية حول نصر حلب
وجهت الصحف الإسرائيلية، أمس، سهامَ نقدها للإدارة الاميركية برئاسة باراك اوباما بعد استعادة الجيش السوري مدينة حلب، مُعبّرة عن عجزٍ اسرائيلي لفعل أي شيء قد يغير قواعد اللعبة في سوريا لمصلحة المسلحين، واكتفاء اسرائيلي في إمكانية منع الجيش السوري من تحرير جنوب البلاد من قبضة المسلحين ومنع انتشار «حزب الله» على الحدود السورية المحتلة. كما انتقدت رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو لمحاولته كسب ود الروس، معتبرة ان أي حوار سوري له مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب لن يجدي نفعاً.
وكتب عاموس هرئيل في «هآرتس» أن «سقوط حلب وليس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو الذي يعبر عن الفشل الذريع لإدارة اوباما»، ملقياً باللوم على نتنياهو بسبب جهوده للتقارب مع روسيا التي تقف وراء إنجاز حلب.
واعتبر هرئيل أن «نظام الاسد قد استكمل إنجازه العسكري الكبير في حربه ضد المتمردين في سوريا»، مشدداً على أن «حلب لم تكن لتسقط لولا مساعدة روسيا الكبيرة. فالتدخل الروسي تسبب باستقرار خطوط دفاع النظام السوري وسمح للاسد في ما بعد بإعادة سيطرته على مناطق كان فقدها. وفي حلب، يقوم الأسد بتسجيل إنجازه الاكبر، لكن يحتمل أن يتم توجيه التحالف الروسي - الايراني - السوري نحو مدينة ادلب»، لافتاً إلى أن «السيطرة الكاملة على المدينة (إدلب) ستسمح بإبعاد التهديد المتواصل على المناطق العلوية في غرب الدولة، التي هي مهمة خاصة بالنسبة للنظام وللراعي الروسي».
وبحسب رأيه، فإن «نتنياهو يلعب بالأوراق التي لديه، ويبدو أنه يفعل ذلك جيدا حتى الآن. فقد نجحت اسرائيل في الامتناع عن الانجرار الى داخل الحرب الاهلية السورية، وعملت الى حد كبير من أجل فرض الخطوط الحمراء التي وضعتها (الرد الفوري على أي إطلاق نار عليها والعمل على منع تهريب السلاح الكيميائي والسلاح المتقدم من سوريا الى «حزب الله» في لبنان). وفي الوقت ذاته، امتنعت عن التورط في المواجهات الجوية مع روسيا في السماء السورية».
واعتبرت مقالة رأي اخرى في «هآرتس»، أن «جارات سوريا ومنها الاردن ولبنان واسرائيل تتابع بقلق انتصار الاسد في حلب. فالاردن يخشى من موجات اللاجئين من حلب نحو الجنوب الذين يحتمل أن يكون في داخلهم مقاتلون متطرفون. وفي لبنان، يقلقون من مشاعر الانتصار المتزايدة لحزب الله وإمكانية ترجمة ذلك الى أحداث عنف داخلية، بعدما سجلت المنظمة إنجازاً في تعيين الرئيس الذي هو شريك سياسي لها».
وتقول الصحيفة إن «اسرائيل تركز الاهتمام على الحدود في هضبة الجولان وإمكانية أن يبادر نظام الاسد الى طرد المتمردين الذين يسيطرون على طول الحدود. وخطوة كهذه قد تسمح بوجود حزب الله وحرس الثورة الايراني والميليشيات المحلية التي تعمل قرب الحدود»، لافتة إلى أن «الحفاظ على المصالح الاسرائيلية في هضبة الجولان سيكون أحد الامور الاولى التي ستطرح في لقاء نتنياهو - ترامب الاول»، ولكنها تضيف أنه «مشكوك فيه أن تتدخل الولايات المتحدة لمنع الخطوات العسكرية القادمة للنظام (السوري) ومؤيديه».
وتحت عنوان «غروب شمس الغرب» في «يديعوت» كتب نداف ايال أن أعلام «حزب الله» هي التي رُفعت في شرق حلب، سائلاً «الغرب» أين كان «حين سقطت حلب، والهلال الشيعي - الايراني - السوري - الروسي امتد من مياه البحر المتوسط والضاحية الجنوبية، عبر دمشق وحتى طهران».
وشدد أيال على أن «فيما امتنع الغرب عن التضحية من أجل العرب، لم يكن لــ(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين أي مشكلة في أن يضحي بدم روسي من اجل الايرانيين ومن أجل نظام الاسد، ولهذا انتصر».
من جهته، لفت أيال زيسر في «اسرائيل اليوم» على أن «احتلال حلب ليس نهاية حاسمة». وتحت هذا العنوان، كتب أنه «أمام القوة العسكرية الروسية والايرانية كانت يد المتمردين قصيرة. ويجب علينا تذكر أن معسكر المعارضة لا زال غير موحد، ومئات الجماعات المحاربة تهتم بالحرب في ما بينها وتحقيق أجندات إسلامية راديكالية أبعدت عنها المؤيدين في الغرب، وكذلك الكثير من السوريين الذين تفاجأوا من تطرف حركات مثل داعش وجبهة النصرة».
وأكد أنه «يصعب التقليل من أهمية إنجاز بشار الاسد وشركائه. فاحتلال حلب يشكل بالنسبة للزعيم السوري دفعة معنوية أو حتى ضوءاً في نهاية النفق المظلم.. من هنا قد يتوجه من أجل ضمان سيطرته في الأماكن القروية حول العاصمة دمشق، التي ما زالت فيها مجموعات كثيرة من المتمردين. ومن هناك قد يتوجه الى الجنوب، ومن ضمن ذلك هضبة الجولان. وكذلك الى الشمال، الى ادلب. وهناك احتمال آخر، رغم أنه غير ملح، هو العمل ضد داعش في شرق الدولة، ويمكن مقابل ذلك، تلقي الشكر من الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب».
لكنه اعتبر أنه «ما زال في أرجاء سوريا 100 ـ 150 ألف متمرد في مئات المجموعات المسلحة التي تحظى بدعم السعودية وقطر وتركيا. وفي نهاية المطاف، الحرب في سوريا لم تعد حربا بين السوريين، بل هي حرب اقليمية لها بُعد دولي». ويختم بالقول إن «أموراً كثيرة ترتبط باللاعبين الاقليميين والدوليين. ولكن يصعب الافتراض أن ادارة ترامب ستحيد عن سياسة عدم فعل شيء التي وضعتها ادارة اوباما. وهذا سبب آخر لسعادة بشار الاسد في طريقه الى الانتصار المحتمل في الحرب».
(«السفير»)
إضافة تعليق جديد