تقرير الشين بيت حول تعاون حماس مع سورية وإيران
الجمل: تعاني أجهزة المخابرات في سائر أنحاء العالم من معضلات جمع المعلومات الاستخبارية، ولكن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعاني من معضلة إضافية أخرى تتمثل في اللجوء المتزايد إلى استخدام نظرية المؤامرة، وتوظيفها في الاتجاه الذي يؤدي إلى بناء الذرائع المباشرة وغير المباشرة ضد كل من يقف أو من المحتمل أن يقف ضد المشروع الإسرائيلي، وحتى أصدقاء إسرائيل يندرجون في كثير من الأحيان ضمن دائرة الاستهداف الإسرائيلي الاستخباري الذرائعي.
* تقرير «الشين بيت» الأخير:
تقول التسريبات الواردة على بعض المواقع الالكترونية الإسرائيلية بأن التقرير السنوي الدوري الذي أصدره جهاز الشين بيت (جهاز الأمن الداخلي)، قد رسم صورة تشير إلى أن "حكومة" حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، قد قامت بتوسيع جهودها من أجل بناء ماكينة حربية قادرة على تلبية متطلبات الدخول في حالة المواجهة الشاملة مع إسرائيل. وكان من أبرز النقاط التي أشار إليها التقرير بهذا الخصوص:
• أن الأموال اللازمة لبناء "ماكينة" حماس الحربية الجديدة تم الحصول عليها من المساعدات السورية والإيرانية.
• خلال العام 2007م المنصرم، أطلقت حركة حماس وحلفاءها 1300 صاروخ من طراز «قسّام»، و1700 مقذوفة «مورتر» من داخل قطاع غزة ضد الأهداف الإسرائيلية.
• معدل الصواريخ والمقذوفات التي تم إطلاقها من داخل القطاع إلى إسرائيل هو 8.2 يومياً.
• نجح جهاز «الشين بيت» والجيش الإسرائيلي في تنفيذ الحملة الوقائية من خطر الصواريخ والمقذوفات المنطلقة من قطاع غزة.
• نجح جهاز «الشين بيت» والجيش الإسرائيلي في إحباط 29 هجوماُ رئيسياً داخل إسرائيل.
• عدد القتلى الإسرائيليين بسبب الهجمات المنطلقة من داخل قطاع غزة انخفض من 50 قتيلاً عام 2005م إلى 24 قتيلاً عام 2006م ثم إلى 13 قتيلاً عام 2007م.
• بلغ إجمالي هجمات الفلسطينيين ضد إسرائيل 2946 هجمة، ويقل هذا العدد بـ9 هجمات على إجمالي هجمات العام 2006م، ويتضمن هجوماً انتحارياً واحداً في إيلات، إضافة إلى ثلاثة هجمات انتحارية أخرى تم اعتراضها عند لحظة التنفيذ.
* تقرير «الشين بيت» وتقديرات الموقف:
لا يتوقع التقرير ارتفاعاً في الأرقام خلال عام 2008م، الذي بدأ يوم أمس، ولكنه يشير إلى النقاط التالية:
• قيام حركة حماس بتهريب 80 طناً من المواد المتفجرة من أجل استخدامها في تجهيز الصواريخ والمتفجرات والمقذوفات، بما في ذلك متفجرات الطرق لاستخدامها في حال قيام القوات الإسرائيلية باقتحام قطاع غزة.
• بدأ تنظيم القاعدة بالتنسيق مع الجماعات الفلسطينية المرتبطة به من أجل تنفيذ الهجمات المسلحة ضد إسرائيل.
• جماعة «فتح الإسلام» بدأت الشروع في تنفيذ عملياتها المسلحة انطلاقاً من غزة، بعد أن تحولت من منطقة تمركزها في شمال لبنان.
• أصدر أسامة بن لادن تهديداً بتحرير فلسطين وهو تحذير يجب أخذه مأخذ الجد.
• قامت حركة حماس بتهريب المئات من عناصرها عبر الأنفاق ثم عبر سيناء المصرية ومن ثم تم نقلهم إلى دمشق وطهران، حيث تلقوا التدريبات في مجال عمليات الكوماندوز وتصنيع وإطلاق الصواريخ، وكانت فترة التدريبات تتراوح بين شهرين إلى 6 أشهر. كذلك كان من بين المتدربين ضباط وعناصر الكوماندوز البحرية.
• تجاوز نشاط حركة حماس قطاع غزة وامتد إلى الضفة الغربية حيث تقوم حالياً بجهود بناء ماكينتها الحربية الأخرى، وحالياً يتم تدريب عناصر في الضفة الغربية على عمليات تصنيع وإطلاق صواريخ «القسّام» وغيرها من أسلحة الهجمات ذات الطابع الانحنائي.
• أرسلت حماس العشرات من عناصرها في الضفة الغربية إلى سوريا وإيران من أجل الدراسة والتدريب على صناعة وإطلاق الصواريخ والمقذوفات.
• قام حزب الله اللبناني بتوفير دعم مالي بلغ 10 مليون دولار شهرياً خلال عام 2007م المنصرم دعماً لحركة حماس في الضفة الغربية. وقد تباطأ حزب الله في تحويل المبالغ في الأشهر الأخيرة، بسب انهماكه في إنشاء بنياته التحتية في المناطق الواقعة شمال نهر الليطاني بجنوب لبنان.
* الصراع في الأراضي الفلسطينية: العامل السوري "المفترض":
تشير معطيات الواقع الجيو – سياسي الموضوعي القائم إلى الحقائق الآتية:
• إن سكان الأراضي الفلسطينية هم من الفلسطينيين وليس السوريين.
• إن الأراضي الفلسطينية المتمثلة بالضفة الغربية وقطاع غزة، ليس لها أي حدود تربطها بالجوار الإقليمي السوري المباشر.
• منافذ الحركة الخارجية للأراضي الفلسطينية هي حصراً الأراضي المصرية عبر قطاع غزة، والأراضي الأردنية عبر الضفة الغربية.
• ترتبط إسرائيل باتفاقيات تعاون أمني مع مصر المجاورة لقطاع غزة والأردن المجاور للضفة الغربية.
الحقائق الموضوعية تشير بوضوح إلى أنه من غير الممكن للسوريين التدخل مباشرة في قطاع غزة والضفة الغربية إلا بالتنسيق مع السلطات المصرية والأردنية، وهذا التنسيق لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون وارداً بسبب الخلافات السورية – المصرية والخلافات السورية – الأردنية وبسبب انخراط مصر والأردن في تكتل "المعتدلين العرب" الذي تم تكوينه برعاية أمريكية – إسرائيلية خلال الفترة التي أعقبت حرب الصيف الماضي بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
بذلت حكومتا مصر والأردن دوراً كبيراً في قطع الطريق أمام أي احتمالات لإقامة علاقات بين سوريا وقطاع غزة أو بين سوريا والضفة الغربية.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن السلطة الفلسطينية التي كانت تسيطر على كامل الأراضي الفلسطينية، وحتى بعد فقدانها السيطرة على القطاع وبقاء سيطرتها على الضفة الغربية فإنها لم تكن في أي يوم من الأيام تقدم المزايا والتسهيلات التي تعزز إقامة علاقة بين سوريا والفصائل الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
عموماً، بموجب الاتفاقات الأمنية المصرية - الإسرائيلية والأردنية – الإسرائيلية يوجد تنسيق مخابراتي عالي المستوى وواسع النطاق بين المخابرات الإسرائيلية والمخابرات المصرية والمخابرات الأردنية ومخابرات السلطة الفلسطينية. فهل غضت كل هذه الأجهزة الاستخبارية النظر عن أنشطة وتحركات الفصائل الفلسطينية المسلحة أم أن الأمر يتعلق بإدارة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، الذي استطاع التغلب على كل هذه الحواجز الاستخبارية المفروضة عليه، والتواصل مع البلدان التي تقف إلى جانب حقوق الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه المشروعة؟ أم أن الأمر يتعلق بما هو خلاف ذلك، بحيث يتم تحميل سوريا المسؤولية عن الصورايخ والمقذوفات الفلسطينية التي تنطلق ضد إسرائيل من قطاع غزة؟
إخفاق "الذكاء الاستخباري" يبدو واضحاً في معطيات تقرير «الشين بيت» وهي معطيات –إن صدقت التسريبات الإسرائيلية- سوف تجعل من كامل التقرير مجرد مقالة صحفية مطولة كتبت عن طريق أحد الذين لا يجيدون الاستنباط والاستدلال والاستنتاج عند القيام بـ"التخمين" وصياغة "تقديرات المواقف". ومن أبرز الأمثلة الدالة على "ضعف" التقارير الاستخبارية الإسرائيلية، أن الهجوم الفلسطيني الأخير الذي أدى إلى مقتل اثنين من المجندين الإسرائيليين بالقرب من الضفة الغربية، هو هجوم اعترف الإسرائيليون أنفسهم بأنه تم بواسطة عناصر من السلطة الفلسطينية التابعة لمحمود عباس، والتي قام الإسرائيليون بتزويدها بالأسلحة والذخائر من أجل استهداف الفلسطينيين. بكلمات أخرى، فإن قتل الجنديين الإسرائيليين لم يتم بالأسلحة والذخائر "المهربة" من سوريا أو من إيران وإنما بالأسلحة والذخائر التي قدمها إيهود أولمرت وجورج بوش.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد