جنود إسرائيليون: أُمرنا بعدم التمييز بين المدنيين والمسلحين في غزة

15-07-2009

جنود إسرائيليون: أُمرنا بعدم التمييز بين المدنيين والمسلحين في غزة

وصف جنود إسرائيليون شاركوا في الحرب الأخيرة على غزة استخدام القواعد والقوانين "المُباحة" للاشتباك، مؤكدين أن قادتهم حثُّوهم على "عدم التمييز بين المقاتلين والمدنيين الذين تم استخدامهم أحيانا كدروع بشرية".

وقال الجنود إن "انتهاكات واسعة" ارتُكبت خلال الحرب الأخيرة، التي بدأتها إسرائيل في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2008 وأنهتها في 18 يناير/ كانون الثاني 2009، معتبرين أن بعض الانتهاكات بحق المدنيين يرقى إلى درجة "جرائم حرب".

ووصف الجنود في شهاداتهم كيف أن المدنيين أُجبروا على دخول مبان أمام الجنود، وأشاروا في هذا الصدد إلى حادثة إجبار جندي مدنيا بدخول مبنى بعد أن وضع بندقيته على كتفه.

وأضافوا قائلين إن قادتهم العسكريين حثُّوهم على إطلاق النار أولا على أي مبنى أو شخص يُشتبه به، ومن ثم التحقق لاحقا إذا كان المُستهدفون من المدنيين أو المقاتلين.

وقدَّم حوالي 25 جنديا إسرائيليا ممن شاركوا في حرب غزة شهادات مكتوبة ومصوََّرة ونشرتها اليوم الأربعاء منظمة "كسر الصمت"، والمكونة من جنود إسرائليين يقومون بتنظيم حملات لكشف الانتهاكات التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي.

ووصفت منظمة "كسر الصمت" معظم الشهادات التي أدلى بها الجنود الذين شاركوا بعملية "الرصاص المسكوب" على غزة بأنها "رزينة، ومفعمة بمشاعر الأسى والندم، ومسببة للصدمة".

وقالت إن العديد من الشهادات جاءت متَّسقة ومنسجمة مع الادعاءات التي أوردتها منظمات حقوق الإنسان التي اعتبرت أن العمليات العسكرية التي شنها الجيش الإسرائيلي لم تفرق بين المدنيين والمسلحين، كما لم تكن متكافئة".

ورأت المنظمة أن أولوية الجيش الإسرائيلي كانت تقليل خسائره للحصول على الدعم الشعبي الإسرائيلي لعملياته في قطاع غزة.

وجاء في شهادة أحد الجنود أن ملخص ما فهمه من الأوامر المتكررة التي سمعها قبل اجتياح غزة هو: "من الأفضل أن تصيب بريئا على أن تتردد باستهداف عدو".

ووصف جندي آخر عمليات الجيش الإسرائيلي بقوله: "في اللحظة التي كنا نعود فيها إلى خط الانطلاق، كنا نبدأ بكل بساطة بإطلاق النار على أماكن ومواقع مشتبه بها".

من جهتها، قالت جمعيات حقوق الإنسان الفلسطينية إن 1417 فلسطينيا لقوا حتفهم خلال حرب غزة، بينهم 926 مدنيا، بينما قال الجيش الإسرائيلي إن عدد القتلى الفلسطينيين 1166، بينهم 295 مدنيا فقط.

وأعلنت إسرائيل أن عدد قتلاها خلال الحرب هو 13 بينهم ثلاثة مدنيين.

وعلى الرغم من الأوامر الصادرة لجنود الجيش الإسرائيلي بعدم التحدث للإعلام، إلا أن منظمة "كسر الصمت" جمعت شهادات الجنود المذكورين في تقرير من 112 صفحة.

ويقول تقرير المنظمة إن هؤلاء الجنود خدموا في كل قطاعات عملية غزة، مضيفا أن "غالبيتهم لا يزالون يخدمون في وحداتهم العسكرية المعتادة".

ويشير التقرير إلى أن روايات هؤلاء الجنود "كافية لجعل مصداقية الرواية الرسمية للجيش الإسرائيلي في موضع تساؤل".

وكان الجيش الإسرائيلي قد رفض اتهامات وجهتها له منظمة العفو الدولية والأمم المتحدة باعتبارها "مبنية على شائعات"، لكنه تعهد في بيان له بالتحقيق بأي شكوى رسمية حول سوء تصرف جنوده.

يُذكر، أن الجنود تحدثوا إلى منظمة "كسر الصمت" دون الكشف عن هويتهم، حيث حُجبت أسماؤهم وظللت وجوههم أثناء بث التقرير.

وتقول المنظمة إنها تلقت تمويلاً من جمعيات حقوق الإنسان الإسرائيلية وحكومات كل من بريطانيا وهولندا وإسبانيا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي.

وكرر التقرير الاتهامات التي كانت إسرائيل قد نفتها في السابق، وهي استخدام الفوسفور الأبيض دون تمييز في شوارع غزة.

وقال التقرير: "أن الضربات القوية وغير المسبوقة الموجهة للبنية التحتية والمدنيين في قطاع غزة كانت نتيجة مباشرة لسياسة الجيش الإسرائيلي".

وقال أحد الجنود "نحن لم نتلق أوامر باطلاق النار على اي شىء يتحرك، لكن تم توجيهنا بصورة عامة على النحو الآتي: إذا شعرت بأنك مهدد، أطلق النار. لقد ظلوا يرددون لنا أن إطلاق النار غير مقيد في الحرب".

وينقل التقرير عن جندي آخر قوله: "لم نر بيتا واحدا سليما، لقد كانت البنية التحتية كلها مدمرة".

ويضيف الجندي قائلا: "لقد كان هناك شعور عام بأنه لا اعتبار إنساني يجب أن يلعب أي دور في الجيش في الوقت الحالي، إذ أن الهدف هو القيام بعملية مع أقل قدر ممكن من الخسائر في الجيش. لقد كُرِّر لنا ذلك كلما تكان يتحدث إلينا آخرون".

إلا أن الجيش الإسرائيلي نفى انتهاكه للقوانين، وقال إن معظم الاتهامات التي أوردها الجنود المذكورون "تفتقر إلى المصداقية."

فردَّاً على ما جاء في تقرير منظمة "كسر الصمت"، قالت المتحدثة باسم الجيش الاسرائيلي، الليفتنانت كولونيل أفيتال ليبوفيتش: "إن جيش الدفاع الإسرائيلي يأسف لحقيقة أن منظمة أخرى لحقوق الإنسان جاءت بتقرير معتمد على شهادات عامة ومجهولة دون التأكد من صدقها".

ووصفت ليبوفيتش التقرير بأنه "شائعات ومجرد كلام"، مضيفة أن الجيش الإسرائيلي "يتوقع من كل جندي أن يذهب إلى السلطات المختصة بشأن أي مزاعم".

وقالت: "إن لدى جيش الدفاع الإسرائيلي قيما أخلاقية غير قابلة للمساومة وهي التي تقودنا في أي مهمة".

وكان طاقم قيادة العمليات الإسرائيلي قد أعلن أن هدف العملية العسكرية في قطاع غزة هو إرغام مقاتلي حماس على وقف إطلاق الصواريخ على المدن والبلدات الإسرائيلية.

وتخالف الشهادات التي أوردها الجنود الأإسرائيليون تأكيدات المسؤولين في بلادهم والمجموعات الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة، والقائلة "إن إسرائيل فعلت كل ما يمكنها لتجنب الخسائر المدنية"، كما كتب كنيث جاكوبسون من جمعية "أنتي ديفاميشن" في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الأسبوع الماضي.

يُذكر ان وزير الدفاع الإسرائيلي، أيهود باراك، كان قد صرَّح في أعقاب حرب غزة قائلا: "إن إسرائيل لديها أكثر الجيوش أخلاقية في العالم".

المصدر: BBC

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...