حوار الراعي مع داعش: انفصال عن الواقع
فصل جديد من سلسلة مواقف الكاردينال بشارة الراعي المثيرة للجدل سجله الأسبوع الماضي «سيد بكركي». فبعدما أصر في أيار على زيارة «رعيته» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولقائه هناك عملاء جيش لحد ومحاولاته «احتضانهم» عبر تفهمهم وإعطائهم «صك براءة»، ها هو يدعو تنظيم «دولة الإسلام في العراق والشام» (داعش) الى الحوار من منطلق إنساني، لينتقده في القسم الثاني من كلمته بسبب ما يقوم به بحق المسيحيين.
يقارن أحد المؤرخين بين دعوة الراعي تنظيم «داعش» إلى الحوار «على أساس إنسانية الإنسان التي تجمعنا»، وبين كلام بطريرك السريان الأرثوذكس مار كيرلس أفرام كريم، الذي وصف هذه الجماعة بـ«العصابات»، فكان «أقسى وأدق كلام من رجل دين مسيحي». الراعي، بسبب مده اليد لـ«داعش»، يبدو «منفصلاً عن الواقع، ولا يعرف أبداً العقلية التي تدير التنظيم»، بحسب المصدر نفسه. إرهابيو «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، هجروا مسيحيي محافظة الرقة في الشمال السوري، حطموا الصلبان، وحولوا الكنائس الى مقارّ لهم. هم يرجمون نساء العراق بالحجارة، ويمارسون التطهير العرقي والمذهبي. انطلاقاً من هنا، يسأل مصدر متابع للشؤون الكنسية: «أي إنسانية وأي حوار ممكن أن يحصل مع هؤلاء؟». يشبّه تصريح البطريرك الجديد بـ«الانفصال عن الواقع الذي حصل خلال زيارة الراعي للأراضي المحتلة، حين اجتمع بعملاء جيش لحد وحاول تبرئتهم». لا يعرف المصدر من أين يستقي البطريرك معلوماته، «ولا من يقيّم له الأوضاع وينصحه». فهؤلاء يتعاملون بلاإنسانية مع السكان، «ما هي النقاط المشتركة للحوار مع أبو بكر البغدادي؟ أين الإنسانية التي يتحدث عنها الراعي؟».
في الإطار نفسه، يتحدث متروبوليت بيروت للسريان الأرثوذكس المطران دانيال كوريّة قائلاً: «هؤلاء ليسوا بشراً ولاإنسانيين. لا شيء يقارن بما يتعرض له أهلنا». الحوار «غير ممكن مع أناس عقولهم وقلوبهم متحجرة». عناصر «داعش»، بحسب كورية، «لا قيم ولا دين لهم. ينكلون بإخوتهم المسلمين والمسيحيين. هم لا يعترفون بنا، فكيف يريدوننا أن نحاورهم؟». يتوجه المطران مباشرة الى الراعي، داعياً إياه الى أن «يجمع القادة الموارنة في لبنان من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية يتكفل هو بالتفاهم مع داعش».
النائب البطريركي للأبرشية البطريركية للسريان الكاثوليك مار يوحنا جهاد بطاح يستغرب كلام الراعي «الجريء». من الصعب على الأقليات في العراق «تقبل هذا الأمر. فهل هم (داعش) أصلاً بوارد أن يسمعونا؟». يقول إن الحوار «يكون مع المعتدلين، وليس مع من يريد إلغاءنا». يأسف بطاح «لأننا دائماً نفكر بالآخر الذي لا يهتم لنا. نحن سكان البلاد الأصليين وهم يريدون قتلنا». ولكن رغم ذلك، «يبقى الراعي تاج رأسنا».
للنائب البطريركي العام سمير مظلوم رأي آخر. يبرر بأن الراعي ينطلق من فكرة أن «الحروب تزيد الطين بلة. يجب علينا كبشر أن نتحاور مهما كان. يجب أن نتعلم كيفية الكلام سوية». يسأل مظلوم: «كيف لنا أن نقنع عناصر داعش إذا لم نجلس معهم؟ ربما كان الحوار سينهي المأساة». ولكن ذلك «لا يعني أننا نؤيدهم. إلا أن ذلك لن يمنعنا من محاولة إقناعهم بالحقيقة التي نؤمن بها». يعود مظلوم الى واقعيته حين يقول «شو داعش راكضين يتحاوروا معنا؟». بيد أنه يجب أن يكون للراعي «موقف مبدئي أننا نتعامل مع الآخر بالكلمة، والإقناع. إذا أحبوا ذلك فنحن موجودون».
ليا قزي: الأخبار
إضافة تعليق جديد