رئيس "الإئتلاف" في موسكو و"هيئة التنسيق" في القاهرة: التبعية الخارجية تشتت المعارضة السورية
"الائتلافيون" في موسكو من دون أي تغيير في الموقف الروسي. رئيس "الائتلاف" احمد الجربا الذي حمل معه، كما قال، لائحة بأسماء "الوزراء في حكومة انتقالية" لإقناع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالضغط على دمشق لبدء البحث بها في جولة جنيف الثانية في 10 شباط الحالي، لم يذهب إلى حد تسليمها للروس.
مصدر ديبلوماسي روسي ابلغ معارضين سوريين أن الجربا لم يسلم الروس أي لائحة "بوزراء الهيئة الحاكمة الانتقالية" التي ينبغي أن تتسلم صلاحيات الرئاسة السورية، على أن تتشكل بالتوافق معها، بحسب بيان "جنيف 1".
وقال مصدر ديبلوماسي روسي لمعارضين سوريين إن استمرار "الائتلاف" في الإصرار على مباشرة المفاوضات من بند "الهيئة الحاكمة الانتقالية"، المتأخر في بيان "جنيف 1" يعني استمرار المفاوضات من دون نتائج لأشهر، وربما لسنوات.
ولا ينبغي أن ينظر إلى وصول وفد "ائتلافي" إلى موسكو على انه تكريس لـ"الائتلافيين" محورا للمعارضة، فالزيارة تم الاتفاق عليها قبل شهر ونصف شهر، وتمت بطلب من السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد لمعارض سوري مقرب من موسكو لاستقبالهم، وتم تأجيلها مرات عدة في الأسابيع الماضية بسبب خلافات داخل "الائتلاف" نفسه.
وكان لافروف قد أعاد ترتيب النقاط التي ينبغي أن تبدأ بها المفاوضات بين السوريين في جنيف، خلال لقاء ميونيخ الذي جمعه بنظيره الأميركي جون كيري، السبت الماضي، واستبعاد أي مفاوضات في الوقت الحالي تفضي إلى أي تعديل في موقع الرئيس بشار الأسد ومع وفد غير قادر على الوفاء بالالتزامات التي تصدر من جنيف، بدءا بوقف إطلاق النار، حيث لا سلطة له على المقاتلين، مرورا بتبادل المعتقلين، حيث يعجز عن إحصاء المخطوفين والمحتجزين من الموالين للنظام في سجون الجماعات المسلحة. ويرى الروس انه لا يعكس التوازنات الضرورية في أي معادلة للدولة السورية ما بعد جنيف.
ونقل معارض سوري عن الديبلوماسي الروسي قوله ان "الائتلاف"، ووفده الحالي، لا يمثلان بنظرنا سوى الدول التي تموله، أي قطر والسعودية.
وبعيدا عن أي ضغوط روسية على دمشق لتليين موقفها في جنيف، عبر لافروف عن تطابق واضح مع الموقف الرسمي السوري. وقال إن المفاوضات ينبغي أن تتبع الترتيب التسلسلي لبيان جنيف ومكافحة الإرهاب، وان تقدم المعارضة السورية وفدا أكثر مصداقية وأوسع تمثيلا.
وقال مصدر ديبلوماسي إن الروس، في ميونيخ، اعتبروا أن فشل جنيف يقع على عاتق الأميركيين الذين عهد إليهم، بموجب اتفاق في موسكو بين كيري ولافروف في السابع من أيار الماضي في موسكو، بتشكيل الوفد المعارض.
وينقل معارضون سوريون عن ديبلوماسيين روس ان كيري عبر عن عدم رضاه عن أداء فورد، الذي تولى ملف "الائتلاف" وتشكيل وفد المعارضة. وكان فريق فورد قد عمل على نفي شائعات عن قرب تنحيته من منصبه، بسبب تحميله مسؤولية الفشل في تشكيل وفد معارض ذي مصداقية. وقالت مصادر ديبلوماسية انه من المتوقع أن يغادر فورد منصبه في الإشراف على "الائتلافيين" والاتصالات مع المعارضة السورية نهاية شباط الحالي.
وأعلن مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية جيمس كلابر، خلال جلسة للجنة الاستخبارات بمجلس النواب، أن الاتفاق الذي أبرم في أيلول الماضي للتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية جعل الرئيس بشار الأسد في وضع أقوى، ولا فرصة تذكر في ما يبدو لأن تتمكن المعارضة قريبا من حمله على ترك السلطة. وأضاف ان "حكومة الأسد ستظل في السلطة على الأرجح في غياب اتفاق ديبلوماسي على تشكيل حكومة انتقالية جديدة"، موضحا "أتوقع استمرار الوضع الحالي لفترة أطول. حالة من الجمود المستمر حيث لا يستطيع لا النظام ولا المعارضة تحقيق انتصار حاسم".
وكان فورد قد حاول في الأيام الأخيرة اجتذاب اكبر عدد ممكن من المعارضين في الداخل لضمهم إلى الوفد "الائتلافي" على عجل قبل الاثنين المقبل، موعد الجولة الثانية. وبرز اسم خالد عيسى ممثل "الحزب الديموقراطي الكردي" في فرنسا نائب رئيس "هيئة التنسيق في المهجر"، للانضمام إلى الوفد المعارض. كما طرح مجددا اسم الأمين العام للهيئة حسن عبد العظيم للانضمام إلى الوفد، واستعادة وليد البني المستقيل، كما طرحت مشاركة الرئيس "الائتلافي" السابق معاذ الخطيب.
واعتبر مصدر معارض، التقى بفورد، أن الأميركيين غير جديين في العمل على توسيع الوفد المعارض، لأنهم لا يزالون يصرون على أولوية "الائتلاف" رغم ما يعانيه من انشقاقات، وأنهم لا يزالون ينفذون السياسة السعودية في الملف السوري.
وقال مصدر ديبلوماسي بارز إن الموقف الروسي لا يزال على حاله، إذ ينبغي توسيع تمثيل المعارضة لضم أوسع طيف ممكن من معارضة الداخل التي تغيب تماما عن الوفد، بالإضافة إلى تمثيل نسائي أوسع، وآخر كردي أكثر تكافؤا، ينصف "الاتحاد الديموقراطي الكردي، القوة الرئيسة في الشمال السوري، والذي فرض الأميركيون بديلا عن زعيمه صالح مسلم محمد بشخصيات كردية لا تتمتع بتمثيل حقيقي، بطلب من "رئيس" إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، وتركيا التي تسعى إلى استبعاد "الحزب الديموقراطي".
وقال مصدر سوري معارض إن الأميركيين طلبوا من الأكراد استخدام مطار جندريس لفتح ممر إنساني في الشمال السوري، بعد فشل مفاوضات جنيف. ويقع مطار جندريس جنوب غرب عفرين في منطقة يسيطر عليها مقاتلو وحدات الحماية الشعبية الكردية. وأوضح أن الأكراد رفضوا تقديم أي تسهيلات في هذا المطار، الذي كان يستخدم لأغراض زراعية، أو وضعه في خدمة "الائتلاف" أو وحدات مسلحة من "الجبهة الإسلامية" قريبة منه، يقاتل أكثرها ضد الأكراد، أو يفرض حصارا على مناطقهم، لا سيما في عفرين.
وينقل فورد لمحاوريه ان "الائتلاف" لا يمثل شيئا من دون دعم خارجي، وان الأكراد والمعارضة في الداخل يمثلون قوة لا دعم خارجيا لها، وان اندماج المجموعتين في وفد واحد سيعزز قدرتهما على مواجهة النظام.
ويقول فورد لمحاوريه، لإقناعهم بقوة "الائتلاف"، ان "الائتلاف" يحتفظ بشبكة قوية من العلاقات داخل اجهزة الدولة السورية، من القضاء والأمن والجيش والإدارة، وانه لا يريد حكومة انتقالية، وانما هيئة حاكمة تمتص صلاحيات الرئيس وتقبض على السلطة، مضيفا ان النظام لن يقدم اي تنازلات، وان الدائرة العليا فيه لا تعتزم التراجع عن مواقفها، او تسليم السلطة.
ومن الفشل الأميركي في توسيع وتعديل الوفد المفاوض في جنيف، كانت المعارضة السورية نفسها قد اخفقت في مفاوضات اللحظة الأخيرة من اجل تحضير افضل للجولة الثانية في جنيف. لا إجتماع غدا في القاهرة بين "الائتلافيين" وممثلين عن "هيئة التنسيق" ولا تغيير في الوفد المعارض الذاهب الى جنيف.
لن يغير "الائتلافيون" شيئا في مقاربتهم لحصرية تمثيل المعارضة السورية بهم في اي مفاوضات مع الحكومة السورية، ولن يذهب ثمانية موفدين من "هيئة التنسيق" و"الائتلاف" الى القاهرة غدا كما كان مقررا، للتفاهم على صيغة جديدة توسع من التمثيل المعارض، وتضم ممثلين عن بقية أطراف المعارضة السورية إلى الوفد المفاوض. وكانت وزارة الخارجية المصرية قد لعبت دورا في تسهيل الاجتماع، الذي كان ينبغي أن يضم ممثلين عن "الاتحاد الديموقراطي الكردي" و"التنسيق" و"مجلس رجال الأعمال" السوري وأحمد الجربا وبدر جاموس وشخصيات مستقيلة من "الائتلاف".
وقالت مصادر سورية متقاطعة إن الاتصالات الأخيرة بـ"الائتلاف"، قبل الوصول إلى القاهرة، عكست انطباعا بأن "الائتلافيين" لا يزالون على مواقفهم بدعوة شخصيات أخرى إلى المشاركة في الوفد المفاوض، شريطة إبقائه تحت مظلة "الائتلاف" وفرض أسماء من سيمثل "التنسيق" والأكراد.
وقالت مصادر سورية معارضة انه لا أمل يرجى من أن يغير "الائتلاف" موقفه من مسألة الانفتاح على المعارضة الداخلية والأكراد، أو الفيتو الذي يفرضه فورد على شخصيات في المعارضة كهيثم مناع أو صالح مسلم محمد.
وقال مصدر معارض إن تأجيل الاجتماع ناجم أيضا عن فشل الجربا في إقناع "الائتلاف" بتسع نقاط تم الاتفاق عليها في اجتماع عقد في العاشر من كانون الثاني الماضي في القاهرة مع هيثم مناع وحسن عبد العظيم، وانه لا ضرورة لأي اجتماع جديد، إذا لم يكن الجربا قادرا على إقناع شركائه بما تم الاتفاق عليه.
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد