سابقة خطيرة في الكونغرس الأمريكي

17-06-2006

سابقة خطيرة في الكونغرس الأمريكي

الجمل: بعد إعلان نتيجة انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في مطلع هذا العام، والتي أدت إلى فوز حركة حماس بأغلبية المقاعد، قامت إدارة الرئيس بوش بإيقاف وقطع وتعليق المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية، وأيضاً قامت ببذل المزيد من الجهود الدولية لفرض العقوبات ضد الفلسطينيين. وهذا يعني بوضوح المزيد من المعاناة المتعددة الجوانب بالنسبة للفلسطينيين، وقد بدأت التقارير تفيد مؤكدة أن مستشفيات غزة أصبحت تواجه مصاعب جمة في تقديم لقاحات التحصين للأطفال، وخدمات ماكينات غسيل الكلى للمرضى المصابين بالفشل الكلوي. وفي هذا الصدد، حذرت أيضاً منظمة الصحة العالمية من حدوث انهيار مضطرد في نظام الخدمات الصحية العامة في مناطق السلطة الفلسطينية.. على النحو الذي أوشك أن يصل إلى مرحلة الانهيار.
هذا، حتى جيمي كارتر- الرئيس الأمريكي السابق- والذي خلال فترة رئاسته عارض بشدة إقامة دولة فلسطينية، وأرسل مليارات الدولارات ، والأسلحة المتطورة، والمعونات، وغير ذلك من أنواع الدعم والمساندة إلى إسرائيل، إضافة إلى تأييده ودعمه المطلق آنذاك للاحتلال الإسرائيلي، أبدى في هذه الأيام ملاحظة حول الوضع الفلسطيني، قال فيها:" إسرائيل والولايات المتحدة، وآخرين، تجاوزوا كل حدود انعدام الضمير في عملية إصرارهم من أجل معاقبة الشعب الفلسطيني البريء، والذي يعاني في الأساس من الاضطهاد وسوء المعاملة".
هذا، وبدلاً من التصدي لمواجهة سياسة بوش المريبة والمثيرة للشك، قام الكونغرس باتخاذ خطوات أكثر تمادياً في جعل الأوضاع أكثر صعوبة وقسوة. ففي يوم 22 / أيار ، قام مجلس النواب الأمريكي بالموافقة على إجازة وتمرير مشروع القرار رقم 4681، والذي أطلقت عليه تسمية (قانون مكافحة الإرهاب الفلسطيني لعام 2006م)، وذلك بأغلبية ساحقة بلغت 361 مقابل 37 نائباً فقط.
الجناح العسكري المسلح لحركة حماس- كتائب القسَّام- يعتبر المسؤول الأول عن شن العديد من الهجمات الفائقة الخطورة ضد مختلف الأهداف الإسرائيلية، وبسبب ذلك أصبحت إسرائيل والولايات المتحدة تشيران إلى كامل الحركة – أي حماس وكتائب القسام- باعتبارها تنظيماً إرهابياً. وبالتالي أصبح هناك رأياً واسعاً في الإدارة الأمريكية يرى بأن السياسة الأمريكية يجب أن لا تعمل على تعزيز وتقوية حركة حماس سياسياً ومن ثم يتوجب إيقاف المساعدات والمعونات عن السلطة الفلسطينية التي أصبحت تسيطر عليها حركة حماس، وذلك على مدى وطوال ماكانت حماس في هذه السلطة. طالما أنها غير قادرة على تبديل مواقفها المتطرفة الرافضة لحق إسرائيل في الوجود، إضافة إلى قيام حماس بالتشجيع والتحريض على استخدام العنف في مواجهة إسرائيل.
هذا، وعلى أية حال، فإن العريضة التي قام مجلس النواب الأمريكي بالموافقة والمصادقة على تمريرها تهدف جيداً إلى عزل حماس، كذلك يبدو أن هذه العريضة قد تم تصميمها وإعدادها لقمع حتى القوميين العرب و الوطنيين الفلسطينيين ووضع حد لهم. كذلك، فالعريضة تضع حدوداً وقيوداً غير عادية على قدرة المنظمات غير الحكومية (NGOS) في تقديم المساعدة للسكان الفلسطينيين، الذين ظلوا يعانون بالأساس من الاحتلال الأجنبي العسكري طوال فترة الخمسين عاماً الماضية.
النائب في مجلس النواب، عن الحزب الديموقراطي جيم ماك ديمورت ، أبدى ملاحظة على هذه العريضة، قال فيها:" إن وضع القيود على تمويل المنظمات غير الحكومية التي تقدم المساعدات والمعونات إلى مستشفيات ومدارس الشعب الفلسطيني، هو أمر عديم الجدوى ولا معنى له". كذلك، أضاف هذا النائب الذي كان يعمل بمهنة الطب، قائلاً بأنه "شديد الاهتمام بالوضع القائم المحفوف بالمخاطر، والذي يتعلق بمصير وقدر ملايين الفلسطينيين الأبرياء الذي يعتمدون على المساعدات والمعونات الدولية كمصدر للحصول على الطعام والرعاية الطبية، وأيضاً لتطوير اقتصادهم وأعمالهم .. فهذه العريضة سوف تؤدي إلى جعل الوضع الذي هو في الأساس وخيماً ومفجعاً ومؤلماً إلى أن يكون أكثر سوءاً .. بسبب أنها سوف تجعل الفلسطينيين الأبرياء يتضورون جوعاً .. وفي نفس الوقت تحرمهم من العلاج الطبي..، مع العلم بان هذه الأمور سوف لن تؤدي بالنتيجة إلى تصحيح الظلم أو تقود إلى السلام.."
العريضة ، أيضاً وإضافة إلى كل ذلك، تلغي وتبطل سلطة الرئيس الأمريكي في الإسقاط أو التعديل أو التأجيل، أو الإرجاء، أو التخلي عن العقوبات المفروضة، تحت أي ذريعة أو ضرورة طارئة، حتى لو كانت تتعلق بمصالح الأمن القومي الأمريكية العاجلة جداً. وذلك وفقاً لبند خاص أشار إلى ذلك بوضوح، بحيث يبطل مسبقاً قيام الرئيس الأمريكي بأي إجراء يمكن أن يخفف من حدة تأثيرات العريضة، والجدير بالملاحظة، أن هذه العريضة بالذات قد انفردت بهذه الخاصية خلافاً لكل العرائض التي سبق وأجاز مجلس النواب الأمريكي المصادقة عليها، وبالتالي فإن هذه السمة تمثل تقليداً غير مسبوق.. وحسب بل وسابقة خطيرة في نفس الوقت، إذا تم تعميمها على قوانين العقوبات الأخرى التي تطبقها الإدارة الأمريكية، وذلك لأنها سوف تحد من سلطة الرئيس الأمريكي التقديرية في تسيير دفة الأمور. هذا، وعلى سبيل المثال، تمنع هذه العريضة الرئيس الأمريكي، من تقديم المساعدات الإنمائية الطارئة حتى إذا تم إجراء انتخابات فلسطينية جديدة فاز فيها الفلسطينيون المعتدلون، أو حتى إذا حدثت كارثة طبيعية، مثل الفيضانات أو الزلزال ..
كذلك، يبدو بوضوح أن قرار مجلس النواب الأمريكي رقم (4681)، قد تم إعداده وتصميمه ليجعل من المستحيل على الفلسطينيين الإيفاء بالشروط والمطالب اللازمة لرفع العقوبات. وبالتالي فإن هذا القرار يعتبر محبطاً جداً حتى للفلسطينيين الذين يعارضون توجهات حماس. هذا، وحقيقة وبالفعل، نجد أن عريضة مجلس النواب تحدد وتضع شروطاً يصعب ويستحيل على أي حكومة فلسطينية أن تجد القدرة على تنفيذها، طوال ما كانت إسرائيل مستمرة في سياسة الاحتلال، والقمع، ومصادرة الأراضي، والاستعمار.  فقرار مجلس النواب رقم 4681 يشترط على – كل سلطة فلسطينية- أن تقوم بسحق وإخماد وإسكات مشاعر العداء لإسرائيل مثل المطالبة بمقاومة الاحتلال العسكري الأجنبي، وسن القوانين اللازمة من اجل تحريم  ومصادرة الأسلحة من الفلسطينيين، بما يتضمن قيام السلطة الفلسطينية بعمليات المداهمة والتفتيش من منزل إلى منزل من أجل فرض قيود وإجراءات السيطرة على ضبط التسلح، بشكل حازم يفوق في تشدده كل إجراءات ضبط حيازة الأسلحة المطبقة في الولايات المتحدة نفسها!!، كذلك يشترط القانون قيام السلطة الفلسطينية بالتعاون  التام والكامل مع أجهزة الأمن الإسرائيلية ( والتي قتلت المئات من المدنيين الفلسطينيين في السنوات الأخيرة).
هذا، وعلى مايبدو، فإن العقوبات التي نصت عليها عريضة مجلس النواب، قد تم وضعها لتكون دائمة ومستمرة بلا نهاية. كذلك، هناك شرط واضح في العريضة يقول بأن العقوبات سوف تبقى مستمرة ومطبقة، حتى تقوم السلطة الفلسطينية بـ (الاعتراف علناً بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية). وذلك برغم أن منظمة التحرير الفلسطينية (PLO)، والرئيس محمود عباس، وزعماء وقادة فلسطينيين آخرين، قد ظلوا يعلنون لفترة طويلة مراراً وتكراراً وعلى مسمع كل العالم، عن حق إسرائيل في الوجود كدولة مستقلة تعيش بأمن وسلام برغم أن محمود عباس وهؤلاء القادة كانوا يعارضون بذلك المواطنين الإسرائيليين الفلسطينيين الذين يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، والذين ظلوا دائماً يرفضون الاعتراف بإسرائيل كـ (دولة يهودية)، في حد ذاتها، وظلوا دائماً يحذرون كل الفلسطينيين من مغبة العواقب الوخيمة التي سوف تترتب من الاعتراف بـ (يهودية ) الدولة في إسرائيل، هذا والجدير بالملاحظة، أن إسرائيل نفسها لم يحدث أن طالبت الفلسطينيين مطلقاً بالاعتراف بـ (يهودية) الدولة في إسرائيل.
كذلك يحظر تشريع مجلس النواب تقديم أي مساعدة ، حتى يقوم الرئيس الأمريكي تحدياً بإطلاع لمجلس النواب أن القيادة الفلسطينية قد حققت تقدماً واضحاً وظاهراً يمكن التثبت منه، في عملية كفالة وضمانة الديموقراطية وحكم القانون، واستقلالية القضاء، وانتهاج وتبني الإصلاحات الأخرى، مثل كفالة وضمانة الحكم بشفافية ومصداقية.
والجدير بالذكر أن هذه الشروط قد سبق وصنفها الكونغرس الأمريكي باعتبارها مرفوضة وغير مقبولة الاستخدام في التعامل مع الأطراف الأخرى في نفس المنطقة، والتي تتلقى المعونات والمساعدات الأمريكية، مثل مصر والأردن، والعراق الحالي. وباختصار، تصف وتصنف عريضة مجلس النواب محددة مبدأ وقاعدة أن الفلسطينيين يجب أن يتم وضعهم تحت طائلة معايير أكثر تشدداً من تلك التي يتم تطبيقها على الأطراف الأخرى التي تتلقى المعونات والمساعدات الأمريكية، وهو مبدأ يجب تطبيقه بحزم، مهما كانت الظروف، وحتى ولو كانت سيادة السلطة الفلسطينية في الحكم معرقلة ومقيدة بواسطة الاحتلال العسكري الأجنبي. وتعليقاً على ذلك، يتساءل المرء، هل الافتقار لعملية الحكم المسؤول بواسطة السلطة الفلسطينية هو الذي كان حقيقة مثار اهتمام النواب الذين أيدوا ودعموا هذا التشريع؟ أم أن الذي كان في بالهم هو استخدام عملية (سوء الحكم) كعذر ومبرر يسوغ ويجيز عملية إخضاع وقهر الشعب الفلسطيني !!!؟.
الجماعة الصهيونية الليبرالية: أمريكيون من أجل السلام الآن، والتي قدمت المساعدات من أجل المعارضة، والمنع، والحيلولة دون صدور هذا التشريع، أصدرت بياناً صحفياً وإعلامياً، أشارت فيه إلى أن (قرار مجلس النواب 4681 ، يمثل ممارسة وتطبيقاً عملياً، زائد الطموح، ويمتد إلى ماوراء ما هو مطلوب، وذلك لأنه يضعف إن لم يتلف ويدمر حاجات وغايات الأمن القومي الأمريكي، وأيضاً المصالح الإسرائيلية، كذلك، فهو يدفع ويصعد  التوجهات والمشاعر الفلسطينية التي تؤدي إلى القضاء على المسؤولين والناشطين الفلسطينيين الذي يعترفون بإسرائيل علانية، ويرفضون ممارسة العنف و (الإرهاب) ضد إسرائيل، ويؤيدون ويدعمون حل إقامة الدولتين، للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني)، هذا، والجماعات الأخرى التي عارضت إجراء مجلس النواب الأمريكي، من بينها: صوت النداء اليهودي من أجل السلام، جماعة بريت تزيديك، جماعة الكنيس اليهودي من أجل سلام الشرق الأوسط، ومؤتمر الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة.
وحتى إدارة الرئيس بوش نفسها، عارضت قرار مجلس النواب رقم 3681، باعتبار أنه جامد ومتصلب، وصارم القسوة. كذلك تظلم الناطق والمتحدث الرئاسي في الإدارة الأمريكية توني سنو، واصفاً العريضة بانها (تفرض قيوداً إكراهية غير ضرورية) تعيق وتقف حائلاً صارماً أمام تدفق المساعدات الإنسانية الضرورية مثل الطعام، ومياه الشرب النظيفة، والأدوية الطبية.كذلك أرسلت وزارة الخارجية الأمريكية تقريراً للكونغرس  الأمريكي، تقول فيه" إن هذه العريضة غير ضرورية حالياً، طالما أن هناك سلطة كافية متاحة بالأساس للأجهزة والدوائر الحكومية التنفيذية الأمريكية، لكي تضع وتفرض كل القيود والضوابط، وتحد من المرونة التنفيذية في استخدام العقوبات. كذلك، قال بعض الزعماء الجمهوريين في مجلس الشيوخ، بإن إجراء مجلس النواب، يمثل (نوعاً من الخبل والجنون اللامسؤول) وأكدوا رغبتهم في التصدي لمواجهة العديد من بنود وشروط عريضة مجلس النواب في اجتماع لجنة المؤتمر. هذا، وعلى الرغم من كل ذلك، فقد وجد تشريع مجلس النواب حماساً مؤيداً من القيادة الجمهورية التي توجه مجلس النواب، والتي تجد الدعم والمساندة والتأييد من جماعات الجناح اليميني المتشدد، مثل: جماعة المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل (CUI)، مركز الوضوح والصفاء الأخلاقي (CMC)، ولجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية (AIPAC).
في تحرك، أذهل وأربك كل المراقبين، قام كل من الزعيم الديمرقراطي في مجلس النواب نانسي بيلوزي ، وأستين هويار مساعدة الرئيس في المجلس بالتوقيع معاً، كضامنين مشاركين، على التشريع رقم 4681، وأقعنوا أكثر من ثلاثة أرباع نواب الحزب الديموقراطي التابعين لهم في مجلس النواب بالتصويت لصالح الإجراء، وذلك على النحو الذي جعل الحزب الديموقراطي يكون أكثر يمينة من إدارة الرئيس بوش، إزاء الموقف من هذه المسألة التي تعتبر من أكثر المسائل الرئيسية الفائقة الأهمية والحساسية بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية.
كذلك أبدت نانسي بيلوزى زعيمة مجلس النواب عن الحزب الديموقراطي، وبعض الزعماء الديموقراطيين الآخرين، شعوراً مفاده، إذا ظلت عملية فرض العقوبات ضد الفلسطينيين متروكة حصراً لتقدير الأجهزة التنفيذية وحدها، فإن إدارة بوش قد تفشل في معاقبة الفلسطينيين بالقدر الكافي، وبذلك فهم يشددون على ضرورة صدور هذا التشريع وتطبيقه، وذلك لضمان أن الفلسطينيين سوف ينالون عقاباً كافياً ..
أبدى أعضاء مجلس النواب الليبراليون، غضبهم وامتعاضهم الشديد، لعملية الخداع والغدر والتضليل، التي قامت بها نانسي بيلوزي، زعيمة مجلس النواب، وبعض زعماء النواب الديموقراطيين الآخرين، وقد اتهم النائب الجمهوري إيرل بلومينياور واصفاً العريضة بأنها" لا تقدم سوى القليل جداً، للأولويات الأساسية، والمحددة على أساس اعتبارات مصالحنا الاستراتيجية، إضافة إلى أنها لا تقدم أي أفق مستقبلي لعملية الإصلاح الفلسطينية التي يمكن أن تؤدي إليها عملية التفاوض" وأيضاً أضاف "إن العريضة بشكلها الحالي، سوف تؤدي إلى إضعاف سواعد وأيادي أولئك الذين يدافعون من أجل مفاوضات السلام. وتدعم أولئك المتطرفين الذي يؤمنون بالعنف وحده".
وعلى المثيل من ذلك، تظلمت النائب الجمهوري بيتي ماك كولوم، واصفةً القرار بأنه" قد مضى بعيداً، متجاوزاً إلى ماوراء سياسات وزارة الخارجية الأمريكية الجارية حالياً إزأء حركة حماس والسلطة الفلسطينية، ومن المحتمل بشكله هذا ، أن يؤدي إلى تقويض موقف الولايات المتحدة ، المتعلق بعملية الضغط الدولية المنصب على حماس" وبسبب معارضة النائبة الجمهورية هذه، تصدى لها مندوب منظمة اللوبي الإسرائيلي – الإيباك – مهدداً إياها بالقول"إن تأييدها ودعمها للإرهاب بات غير محتمل، وبعد ذلك فوراً قامت النائبة الجمهورية بطرد مندوب الإيباك من مكتبها، وطالبته باعتذار مكتوب عن هذا القذف، وبرغم ذلك واصلت زعيمه مجلس النواب نانسي بيلوزي الثناء على ممثلي وزعماء الجماعة الصهيونية اليمنية المتشددة).
كذلك، وعلى الرغم من أن نانسي بيلوزي زعيمة المجلس و النائبة إيليانا روز وبعض النواب الآخرين المؤيدين للعريضة، قد إدعوا بأن قرار المجلس رقم 4681، يستهدف حركة حماس والإرهابيين الآخرين، فقد لوحظ بأن التشريع أيضاً يمنع منظمة التحرير الفلسطينية " وهي تحالف علماني واسع وعريض اعترف رسمياً بإسرائيل، وأعلن تخليه عن العنف والإرهاب، ويضم معظم المعارضين لوجود حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني" من إقامة مكتب له في الولايات المتحدة (خارج مقر بعثتها في الأمم المتحدة)ويفرض أيضاً قيوداً متشددة على حركة مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية.
هذا، وعلى الرغم من أن إدارة الرئيس بوش الحالية، ترفض منح تأشيرات الفيزا، لأعضاء حركة حماس، فقد قامت عريضة مجلس النواب الأمريكي بتمديد وتوسيع نطاق الحظر بحيث يشمل من يرتبط ويلتحق بالسلطة الفلسطينية، بما في ذلك الموظفين المدنيين، وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني المعارضين لحركة حماس أو الذين ليسوا جزءاً من حركة حماس، أو حتى النواب الفلسطينيين الذين يدعمون ويؤيدون السلام مع إسرائيل.
إن كل هذا، سوف يجعل من العريضة أمراًَ مستحيلاً، باعتبار أن النواب التشريعيين الفلسطينيين المؤيدين للاعتراف بإسرائيل وبالسلام معها، من أمثال:حنان عشراوي، ونبيل شعث، وصائب عريقات، أو زعماء منظمة التحرير الفلسطينية من أمثال : ياسر عبد ربه، سوف يتم حظرهم ومنعهم جميعاً بموجب عريضة مجلس النواب، من المجيء إلى الولايات المتحدة والتحدث في الندوات أو المشاركة في الأنشطة الديبلوماسية غير الرسمية مع نظرائهم الإسرائيليين، وهو أمر ظل يشكل ممارسة وأسلوباً متعارفاً عليه بين الزعماء والدبلوماسيين الإسرائيليين ونظرائهم من الفلسطينيين، وذلك منذ أن قررت الحكومة الإسرائيلية في عام 2001م، وقف محادثاتها الرسمية مع الفلسطينيين.
كذلك، فقد عارضت وزارة الخارجية الأمريكية بنود وشروط العريضة، التي تحول دون تقديم الدعم لعناصر السلطة الفلسطينية، غير الواقعين تحت سيطرة حماس- مثل القضاء، البلديات المحلية، الأجهزة والمرافق التنفيذية، مكتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهيئة العملة والنقد الفلسطينية- واستهداف أفراد أعضاء المجلس التشريعي غير التابعين لحركة حماس. كذلك طلبت وزارة الخارجية الأمريكية استثناء من الحظر بالنسبة للمساعدات والمعونات التي تقدم من أجل دعم الديموقراطية وأنشطة الحكم، وهي أنشطة تطلب وترغب إسرائيل منا أن نقوم بتمويلها ودعمها، ولكن رغماً عن كل ذلك فقد رفضت نانسي بيلوزي رئيسية مجلس النواب، ومعها مساعدها النائب ستيني هوير، إضافة إلى بعض النواب الآخرين، والذين يتبنون دعم العريضة كل الاقتراحات والالتماسات التي تم تقديمها لهم طلباً للتعديل والاستثناء.
هذا، وعلى مايبدو، فإن مجلس النواب ليس له أي مصلحة في إصدار تشريع يحظر أي اسرائيلي من دخول الولايات المتحدة، بما في ذلك المسؤولين الحكوميين والعسكريين الإسرائيليين، الذين أصدروا الأوامر بتوجيه الضربات العسكرية ضد المناطق المدنية بالضفة الغربية وقطاع غزة، والتي نتج عنها قتل أعداد كبيرة من المدنيين بما يفوق العدد الكلي لضحايا الهجمات التي ارتكبتها حركة حماس. كذلك، لم يتضمن قرار مجلس النواب الأمريكي رقم 4781 أي حظر أو منعٍ لمنح تأشيرات الدخول للإسرائيليين الذين يؤيدون ويدافعون ويدعمون الهجمات الإرهابية التي يتم اقترافها بواسطة المستوطنين اليهود المتطرفين أو زعماء وقادة الأحزاب الإسرائيلية الذين ينادون ويطالبون بإجراء وتنفيذ عملية تطهير عرقي تطال كل الفلسطينيين الموجودين في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة. والمناطق المحتلة الأخرى.
إن الفقرة التي تمنع حكومة الولايات المتحدة، من إصدار ومنح تأشيرات الدخول للزعماء والقادة الفلسطينيين، في هذا التوقيت بالذات، لايمكن أن تكون أمراً يهدف فقط إلى مجرد منع الذين يدافعون عن الإرهاب من الاشتراك في الندوات والملتقيات في الولايات المتحدة،وذلك لأن الأفراد المنتمين إلى حماس والجماعات الفلسطينية الأخرى المسلحة، هم في الأساس محظورين من دخول الولايات المتحدة، وعلى الرغم من  كل ذلك نجد أن الإسرائيليين ذوي التوجهات العنيفة والانتماءات المتطرفة، مايزال مسموحاً لهم دخول الولايات المتحدة بحرية وحركة غير محدودة. لذلك، يمكن القول بوضوح بأن الهدف بكل بساطة يتمثل في القيام بإسكات كل الفلسطينيين ومنعهم من الحديث الذي يعارض الاحتلال الاسرائيلي لبلادهم ووطنهم.
كذلك يطلب تشريع مجلس النواب من الولايات المتحدة، أن نعمل من أجل القضاء بشكل تام على العديد من المنظمات ووكالات وبرامج الأمم المتحدة التي تتصدى لمشكلة الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وأن تمتنع حكومة الولايات المتحدة عن دفع حصة مساهمة الولايات المتحدة المستحقة للمنظمة العالمية، إذا لم تنصاع الأمم المتحدة وتستجيب إلى مطالب الولايات المتحدة.
هذا، ومن بين المجموعات التي تم الإشارة إليها بالتحديد في عريضة مجلس النواب: لجنة الأمم الخاصة والمستحدثة من أجل مراقبة ورصد حالة حقوق الإنسان في المناطق التي تحتلها إسرائيل، وأيضاً المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية سلام الشرق الأوسط، ومكتب الأمم المتحدة الذي يشرف على عمل الكنائس، ومنظمات حقوق الإنسان، وكل المنظمات غير الحكومية الأخرى المهتمة بحل النزاعات والصراعات ولجنة دعم الجهود الرباعية الدبلوماسية (تتكون من الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة) والتي تقوم بمتابعة الأداء المتعلق بتنفيذ خارطة الطريق، التي تم اقتراحها من قبل الإسرائيليين والأمريكيين، من أجل الوصول إلى تنفيذ عملية إقامة الدولتين كحل دائم للصراع.
هذا، وقد تحدثت عضو الكونغرس لويس كاب، نائب كاليفورنيا عن الحزب الديموقراطي،قائلاً:" إن قرار مجلس النواب رقم 4681 يمثل عملاً تعجيزياً سوف يؤدي بالتأكيد إلى القضاء على أي ارتباط بين الفلسطين وإسرائيل من أجل صنع السلام.. وبشكل لايمكن تصديقه، سوف يؤدي أيضاً إلى الحد من تواصل الولايات المتحدة دبلوماسياً مع الزعماء والقادة والمسوؤلين المعتدلين الفلسطيني الذين اعترفوا بإسرائيل، والذين أيدوا السلام، وأعتقد أن من غير المفيد لنا في أمريكا أن نقوم بالتخلي عنهم وإضعافهم في هذا الوقت المحرج".
لغة وصيغة عريضة مجلس النواب، تضع قيوداً متشددة الصرامة على دعم أعمال وأنشطة الجماعات والمنظمات الفلسطينية الخاصة غير الربحية، والتي تعمل من أجل السلام وحل الصراع – كذلك علق سام فار النائب الديموقراطي عن ولاية كاليفورنيا، مؤكداً:"إن هذا التشريع سوف يجعل ما يشبه الاستحالة القيام بعملية تمويل برامج التسوية التي تنفذها المنظمات غير الحكومية من أجل بناء السلام.. " وقد أبدى النائب سام فار المزيد من اندهاشه، على قيام عريضة مجلس النواب باستهداف هذه المنظمات، علماً بأنها جماعات تعمل بنشاط في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتتمحور جهودها في القضاء على جاذبية الإيديولوجيا المتطرفة التي تطرحها حماس والجماعات الراديكالية الأخرى، كذلك قال هذا النائب بأن زعماء وقادة مجلس النواب قد أخطأوا في قرارهم بإسقاط وحذف العبارة القائلة (يجب على وجه الخصوص من تضمين استثناء يسمح بتقديم التمويل من أجل دعم التعايش المشترك والأنشطة الهادفة لتخفيف التسوية)، والتي كانت موجودة في صياغة العريضة بشكلها الأصلي. هذا، وعلى المثيل من ذلك، قال النائب الديموقراطي عن ولاية كارولينا الشمالية، ديفيد برايس:"إن هذه المشروعات ذات أهمية حرجة بالنسبة لمصالحنا ولمصالح إسرائيل، وللآفاق المستقبلية لعملية السلام. فهي تساعد في درء وتجنب الكوارث والأزمات الإنسانية والقضاء على السخط الشعبي، .. كذلك فهي تقدم التدريب لمن يقومون بعملية صنع السلام، وتحسن موقف أمريكا في الشرق الأوسط.. ، فلماذا ترغب في القضاء على برامج من مثل هذا النوع؟ .. ألسنا في حاجة لها الآن أكثر من أي وقت مضى؟".
باختصار يمكن القول، هل عريضة مجلس النواب هذه، تتضمن هدفاً وغاية حقيقية تتمثل في أن إضعاف جهود صنع السلام والقيام بعملية التسوية؟
إن عدم تحقق السلام الإسرائيلي – الفلسطيني، سوف يهدد بإنفاق مليارات الدولارات والتي بالتأكيد سوف تدفعها وتنفقها الولايات المتحدة لتغطية قيمة العقودات العسكرية ومطالبات صانعي الأسلحة دورياً في كل عام من أجل تزويد إسرائيل بالعتاد والأسلحة، لذلك، فإن استمرار هذه الحالة، سوف يؤدي إلى جعل إسرائيل أكثر تردداً وربما تدير ظهرها لأمريكا نفسها في مشروعات الولايات المتحدة الهادفة لإقامة منطقة الشرق الأوسط الكبير.
هذا، ومن سخرية القدر، أن الجماعات الليبرالية مثل: العمل من أجل السلام (PAC)، الديموقراطية من أجل أمريكا (DFA)، وموف أون أورغ (MOO)، قد طالبت بإعادة انتخاب أعضاء مجلس النواب الذين قاموا بتبني القرار رقم 4681 وأيضاً أعضاء المجلس الذين ظلوا يساندون ويدعمون العداء للمجلس التشريعي الفلسطيني، وذلك لأنهم يقوضون جهود كل من الولايات المتحدة، وإسرائيل والناشطين من أجل تحقيق السلام.
إن فشل لجان العمل السياسي التقدمية الاتجاه في التصدي لعملية قيام نواب الكونغرس الديموقراطيين بتبني هذا التشريع، معناه بكل وضوح أن هذه اللجان لديها شيئاً قليلاً، يمكن أن تخسره إذا قامت بدعم ومساندة جهود الجناح اليميني الهادفة لتقويض الآفاق المستقبلية لعملية السلام الإسرائيلي – الفلسطيني.هذا، والموافقة الساحقة من جانب النواب الديموقراطيين لـ (قانون مكافحة الإرهاب الفلسطيني) تعزز وتدعم اعتقاد ناشطي حزب الخضر والجماعات التقدمية الأخرى، بأن دعم وتأييد القيادة الديموقراطية لغزو العراق، والموقف الصقوري المتشدد حول إيران ، هي جميعاً مواقف يمكن أن تكون معزولة عن بعضها البعض، ومن ثم فإن هناك فرقاً ضئيلاً للغاية بين أهداف السياسة الخارجية الأمريكية التي يطرحها الحزبيين الأمريكيين الكبيرين، الديموقراطي والجمهوري.

 

الجمل: قسم الترجمة
الكاتب: ستيفن زونيس
المصدر: FPIF

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...