ساركوزي يحمل على سورية ومبارك ينافق له
أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في القاهرة أمس، تعليق كل الاتصالات مع سوريا إلى أن تثبت بـ«الأدلة»، رغبتها في تسوية الأزمة السياسية اللبنانية، فيما دعا الرئيس المصري حسني مبارك دمشق إلى استخدام نفوذها القوي في لبنان للمساعدة على انتخاب رئيس للجمهورية.
وقال ساركوزي، في مؤتمر صحافي مشترك مع مبارك، «لقد سألت الرئيس مبارك إن كنت قد أصبت بإجراء اتصالات مع الرئيس بشار الأسد، وأنا غير نادم على ذلك وأتحمل المسؤولية، إذ كنت أريد أن أتعامل بكل حسن نية».
وأضاف «لا بد من الاعتراف اليوم بأنه لم يعد من الممكن الانتظار ولن نجري، أنا ومعاونيّ، أي اتصالات مع سوريا ما لم تكن هناك أدلة على رغبتها في أن يتم انتخاب رئيس لبناني توافقي». وأوضح أنّ «الوقت حان كي تثبت سوريا بالأفعال ما لا تكفّ عن إعلانه في الخطابات... ننتظر من السوريين أعمالا وليس خطابات»، مؤكداً أنّ «لبنان يجب أن يكون له رئيس توافقي».
وحول موقف الاتحاد الأوروبي من سوريا وإيران والأزمة في لبنان، قال ساركوزي «بالنسبة للبنان المطلوب بسيط، وهو أن يتم انتخاب رئيس جديد، ولا يمكن أن يكون هناك بلد ديموقراطي من دون رئيس. هذا أمر غير مقبول، كما أنّ المحكمة الدولية (في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري) ليست مزحة وفرنسا مستعدة لدفع الأموال اللازمة لإنشاء هذه المحكمة».
وتابع «سنستمر على طريقنا: الحزم والحوار. لن نستسلم لا بالنسبة للبنان الذي بمقدوره الاعتماد على فرنسا، ولن نستسلم بالنسبة للموقف من إيران. يجب أن يدرك العالم أننا إذا لم نتحدث مع بعضنا البعض ونتحاور، فيمكن أن نقود العالم إلى شفير أزمة كارثية».
من جهته، دعا مبارك سوريا إلى أن «تتدخل بما لها من نفوذ أساسا في لبنان وان تعمل على إيجاد الوفاق حتى يمكن للبرلمان انتخاب رئيس»، محذراً من أنه «إذا استمرت الحال على ما هي عليه فإن المسالة ستتعقد أكثر... لذلك أناشد سوريا أن تعمل على إيجاد حل لهذا الموضوع لان لها التأثير الأقوى على الأطراف المتصارعة».
ورأى مبارك أنه «من غير المعقول أن يبقى لبنان من دون رئيس وحكومة... وكلما يدعى البرلمان إلى اجتماع يغلق ويؤجل أسبوعا، وأنا واثق من أنه سيتأجل أسبوعا إلى أسبوع ولا أعرف إلى متى»، معتبراً أنّ «هذا الوضع خطير جدا ومصالح المواطنين اللبنانيين تتوقف والعمل يتوقف» وأنّ عدم انتخاب رئيس للبنان حتى الآن يعد «مصيبة».
وكان مبارك قد قال ان «مواقف البلدين التقت حول ضرورة الحفاظ على استقرار لبنان واستقلال إرادته الوطنية وتحقيق الوفاق الوطني بين أبنائه والضرورة العاجلة للوفاء بمقتضيات الاستحقاق الرئاسي من دون إبطاء».
وفي لقاء مع رجال الأعمال المصريين قال ساركوزي «قد يسألني البعض لماذا اتصلتم بالرئيس السوري بشار الأسد، وأقول انني أردت ان أعطي فرصة للحوار مع الجميع، وقلت للأسد يجب ان تترك لبنان وشأنه لينتخب رئيسه بتوافق وقال لي موافق، ولكن الكلمات لا تكفي لأنني أريد أفعالا وهناك فعل واحد هو انتخاب رئيس للبنان».
من جهة ثانية، دعا ساركوزي إسرائيل إلى تسهيل قيام «دولة فلسطينية عصرية ديموقراطية ومستقلة» من شأنها أن تشكل «أفضل ضمانة» لأمن إسرائيل، مشيراً إلى أنّه «آن الأوان لإسرائيل كي تقوم ببوادر من شانها أن تثبت أن السلام ممكن بما في ذلك وقف الاستيطان». وأضاف «موقفنا (تجاه اسرائيل) ثابت، أن تكون صديقا وفيا لا يعني أن تكون صديقا مجاملا... وأريد أن تسمعني كل العواصم العربية في هذا الشأن، انه موقفي الثابت ولا أجد غضاضة في أن أعلنه هنا في القاهرة».
وتابع «سأذهب إلى إسرائيل في الربيع، وسأقول لأصدقائي الاسرائيليين أن الوقت حان الآن للقيام بمبادرات»، لافتاً إلى أنّه سيقوم كذلك بزيارة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليقول إنّ «الدولة الفلسطينية المستقبلية تشمل غزة». وأضاف أن «مؤتمر المانحين (في باريس) أثبت لكل الدول العربية مدى النزاهة والإخلاص الذي تتعامل به فرنسا مع القضية الفلسطينية».
إلى ذلك أعلن ساركوزي أنه «سيرسل مساعدا له إلى القاهرة لتوضيح تفاصيل الاتحاد المتوسطي الذي نطمح إليه وكي تتفق مصر وفرنسا على وثيقة أولية»، مشيرا إلى أن بإمكان القمة التي ستعقد في 13 تموز المقبل أن تقوم بعمل فعال في هـذا الشأن، فيما رأى مبارك أنّ «هــذه المبادرة لن تتعارض مع أي مبادرة أخرى، سواء مبادرة برشلونة أو غيرها»، لافتاً إلى أنها «من نوع جديد وبمشاريع جديدة».
وبشأن قضية الحجاج الفلسطينيين العالقين عند معبر رفح، قال مبارك إن «مصر سمحت للفلسطينيين بالذهاب إلى الحج لأن هذا عمل إسلامي، ومصر دولة إسلامية، لكن مصر الآن في موقف حرج جدا حيث يقال إن هؤلاء الحجاج يحملون أشياء ممنوعة، وكلام آخر يقول انه لا بد من الدخول لأنهم راجعون من الحج، ونحن الآن نحاول بكل الطرق المختلفة إيجاد حل لهذا الموضوع».
وأوضح مبارك أنه «كي يتم فتح معبر رفح لا بد من وجود مندوب مصري ومندوب أوروبي ومندوب من فلسطين، والمندوب الأوروبي لا يريد الحضور، وإذا سمحت مصر بدخول هؤلاء الحجاج من دون ترتيب الأمور فإن أصحاب الاتهامات يفبركون اتهامات، ونحن نسعى لحل الموضوع بالطرق التي تستطيع أن تخلصنا من المطبات... والفلسطينيون أخوة لنا ونبحث لهم عن حل ولا داعي للجعجعة والفضائيات لن تأتى بنتيجة معنا».
إلى ذلك، رفض ساركوزي التعليق على الانتقادات بشأن زيارته إلى مصر، لافتاً إلى أنّه سيعلق على هذه المواضيع في المؤتمر الصحافي الذي سيعقده في باريس في 8 كانون الثاني المقبل. وختم «إنني سعيد جدا للدعاية التي حظيت بها الزيارة وأنصحكم بالذهاب إلى الأقصر وشرم الشيخ».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد