سوريا: الفوعة وكفريّا تتعرضان لهجوم جديد وقوات المعارضة تعلنها حربا طائفية

16-07-2015

سوريا: الفوعة وكفريّا تتعرضان لهجوم جديد وقوات المعارضة تعلنها حربا طائفية

أعلن «جيش الفتح»، الذي تهيمن عليه «جبهة النصرة» و»أحرار الشام»، أمس، بدء معركة جديدة تستهدف بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين في ريف إدلب، وذلك رداً على العملية العسكرية التي يخوضها الجيش السوري و «حزب الله» في الزبداني.
واستبق الإعلانَ عن المعركة، قصفٌ تمهيدي بصواريخ «جهنم» وقذائف مدفعية وهاون طال البلدتين المحاصرتين، وأدّى إلى اشتعال بعض الحرائق في أنحاء مختلفة منهما.
وحسب مصادر ميدانية فإن مسلحي بلدة بنش المجاورة، الذين ينتمون إلى «جيش الفتح»، هم من بدأوا عملية القصف التمهيدي تجاه الفوعة وكفريا، لينضم إليهم مسلحون آخرون من قرى طعوم وبروما ومعرتمصرين. وقد ردّ الطيران الحربي السوري على القصف التمهيدي بقيام طائراته بعدة غارات، استهدفت كلاً من بنش وتفتناز ومناطق أخرى لمنع المسلحين من التسلل أو إحراز أي تقدم باتجاه الفوعة وكفريا.
ولكن كان لافتاً أن بيان المعركة لم يتم نشره على الحساب الرسمي لـ «جيش الفتح» على موقع «تويتر»، وهو ما قد يشير إلى أن إطلاق المعركة لم يحظَ باتفاق كل الفصائل المنضوية تحته.
ومنذ بدء العملية العسكرية على الزبداني، ارتفعت العديد من الأصوات التي تطالب بفتح جبهة القتال في الفوعة وكفريا. وكان آخر هذه الأصوات فراس طلاس نجل وزير الدفاع السوري الأسبق، حيث حرَّض «جبهة النصرة» على اقتحام البلدتين، متسائلاً عن سبب عدم حدوث ذلك حتى الآن.
وثمة اعتقاد سائد أن الفوعة وكفريا يمثلان خطاً أحمر، إقليمياً ودولياً، بسبب انتماء أهاليهما إلى إحدى الأقليات الدينية. ولكن المتحدث الرسمي باسم «أحرار الشام» أبو يوسف المهاجر فنّد هذه المزاعم، وقال، في تصريح صحافي سابق، إن «ما أبقى على تلك البلدتين خارج دائرة النار حتّى الآن، هو الضغط الكبير الذي تتعرض له المواقع التي سيطر عليها جيش الفتح مؤخراً، ومن أبرزها مدينة جسر الشغور وإدلب ومعسكر القرميد»، مفصحاً عن أن بلدتي الفوعة وكفريا «هما أولوية لدى الثّوار، من أجل منع النظام من التفكير من جعلهما نقطة عسكرية وجلب الدعم منهما».
ويأتي الهجوم الذي شنّه المسلحون على البلدتين صباح أمس، ليؤكد الأزمة التي باتت فصائل «جيش الفتح» ترزح تحت كاهلها، خاصةً أن الطرق المفتوحة أمامها تسير بها، إما نحو اصطدام داخلي، كما تشهد على ذلك حملات المداهمة وعمليات الاغتيال التي تجري في أكثر من منطقة في ريف إدلب، فضلاً عن التظاهرات الشعبية التي تخرج بشكل شبه يومي للتنديد بممارساتها، وإما نحو اصطدام مع الأقليات، سواء في الفوعة وكفريا أو سهل الغاب.
ويبدو أن قيادة «جيش الفتح» اختارت إشعال جبهة الفوعة وكفريا لتجنب الخيار الأول، خاصةً بعد قرار «أحرار الشام» شن حملة مداهمات شاملة ضد كل المواقع التي يشتبه بوجود متواطئين فيها مع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش»، وذلك في أعقاب التفجير الذي أودى بحياة أحد أبرز قادتها في المنطقة أبو عبد الرحمن سلقين مع ستة من رفاقه. وقد بدأت الحملة باقتحام قرية إسقاط التي يتمركز فيها «لواء ذو الفقار»، مع ورود معلومات عن وجود عشرات الخلايا التابعة إلى «داعش» تتغلغل ضمن صفوف «جبهة النصرة»، وبشكل أوضح ضمن «جند الأقصى» التي باتت محل حملة أطلقها عدد من نشطاء إدلب لإجبارها على توضيح موقفها الرسمي من «جماعة البغدادي»، بعد ازدياد الشكوك بمبايعتها التنظيم سراً.
وفي السياق نفسه، أعلن نائب «قائد لواء العباس» أن عنصرين من «أحرار الشام» متورطان في محاولة اغتيال أحد أمراء «جبهة النصرة» في كفرنبل. وهو ما يشير إلى تصاعد الخلافات بين الفصائل وإمكان تفجرها في أي وقت، الأمر الذي يتطلب تفجير جبهةٍ للتغطية على الخلافات المستفحلة وتدارك ما يمكن تداركه، وهو ما يرجح أن ما ورد في البيان حول «الانتقام للزبداني» غير حقيقي، والغاية منه ذر الرماد في العيون لا غير.
ويشير الهجوم من جهة ثانية، إلى حالة اليأس التي أصابت مسلحي الزبداني جراء الهجوم الذي يشنه الجيش السوري للسيطرة على المدينة، ووصولهم إلى نتيجة مفادها أن صد الهجوم من داخل المدينة غير ممكن، ولا بدّ من فتح جبهات أخرى لتخفيف الضغط عنهم.
وتوغل الجيش السوري وعناصر «حزب الله» أكثر في وسط مدينة الزبداني، تحت غطاء من إطلاق مكثف لنيران المدفعية وغارات جوية استهدفت مخابئ المجموعات المسلحة.
وتعيش بلدتا الفوعة وكفريا، اللتان يقطن فيهما حوالي 40 ألف مواطن، تحت حصار كامل تفرضه عليهما فصائل «جيش الفتح» منذ آذار الماضي، بعد تمكن الأخيرة من فرض سيطرتها على مدينة إدلب التي كانت تشكل بالنسبة للبلدتين خط الإمداد الوحيد للتزود بالمواد الغذائية. وجراء هذا الحصار تعاني البلدتان من نقص حاد في كل مقومات الحياة، وفي مقدمتها نقص المواد الغذائية وانقطاع المياه والكهرباء والوقود، فضلا عن توقف الفرن الوحيد عن العمل نتيجة فقدان مادة الطحين، بالإضافة إلى انتشار مخيف للأمراض والأوبئة نتيجة النقص الحاد في الأدوية والمراكز المجهزة لعلاج الأهالي الذين يصابون كل يوم نتيجة استهداف المجموعات المسلحة لهم بالصواريخ، وتعدِّيهم على الجميع ومنعهم بسبب عمليات القنص من الوصول إلى مزارعهم لجني المحاصيل، فيما عمد المسلحون إلى حرق محصول القمح في المزارع المحيطة بالبلدتين.
وبرغم أن المسافة بين مدينة إدلب وبين الفوعة وكفريا يمكن تجاوزها خلال 10 دقائق، إلا أن هاتين البلدتين بقيتا عصيتين على الجماعات التكفيرية، ولم تسلِّما مفاتيحهما برغم شراسة الهجمات التي استهدفتهما في السابق. وكان آخر هجوم تعرضت له البلدتان في شباط الماضي، عندما تمكن المدافعون عنهما من إلحاق خسائر بشرية كبيرة في صفوف المهاجمين، الأمر الذي اضطرهم إلى وقف الهجوم والتراجع عن اقتحام البلدتين.
من جهة ثانية، بسطت وحدات من الجيش السوري سيطرتها على قرية خربة الناقوس بريف حماه الشمالي، وعلى قصر الحير الغربي وبير المر بريف حمص. وقال مصدر عسكري، لوكالة الأنباء السورية -»سانا» إن «وحدات من الجيش أحكمت سيطرتها الكاملة على قصر الحير الغربي جنوب غرب مدينة تدمر بحوالي 60 كيلومتراً، بعد عملية عسكرية دقيقة على بؤر إرهابيي داعش. كما سيطر الجيش على قرية بير المر القريبة من قصر الحير الغربي».

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...