صواريخ المقاومة تبلغ غور الأردن وتحرك عربي لدعم النقاط السبع
في اليوم الثاني والعشرين للحرب الاسرائيلية المفتوحة على لبنان، ظلت المساعي والاتصالات الدبلوماسية تتسابق مع المواجهات التي اتسعت رقعتها امس على المحاور الحدودية، في وقت سربت اسرائيل عبر وسائل اعلامها ان الجيش الاسرائيلي سيكون بحلول اليوم الخميس على مشارف الليطاني، في ما يبدو انه سباق مع الوقت قبل دعوة مجلس الامن الدولي للانعقاد واتخاذ قرار بوقف اطلاق النار.
وسجل اليوم الثاني والعشرون تطورا جديدا على صعيد القدرة الصاروخية للمقاومة التي اطلقت على المستعمرات الاسرائيلية نحو ثلاثمائة صاروخ، وصل بعضها الى منطقة بيسان على بعد سبعين كيلومترا من الحدود مع لبنان، وهو اقصى مدى تبلغه صواريخ المقاومة حتى الآن. واعلنت اسرائيل ان هذه الصواريخ ادت الى مقتل شخص واصابة 128 آخرين بينهم من اصيبوا بحالات هلع. وسقط احد الصواريخ على قرية عربية شرقي جنين، لكن أهلها خرجوا مهللين لهذا الحدث.
وحاولت القوات الاسرائيلية امس التقدم على أكثر من محور، خاصة على محور عيتا الشعب حيث تتمركز القوات الاسرائيلية على تلة الراهب القريبة من السياج الفاصل، لكن التقدم الى داخل عيتا الشعب باء بالفشل وتراجعت القوات المتقدمة وقصفت عيتا الشعب بالطائرات والمدفعية. وواصلت قوات العدو محاولة التقدم على محور مشروع الطيبة للاستيلاء على تلة العويضة وجوبهت بنيران المقاومة التي اوقفت هذا التقدم.
ولاحظت مصادر المقاومة ان البطء الشديد يحكم حركة القوات الاسرائيلية التي لم تبتعد عن الحدود اكثر من مئات الامتار. ورأت هذه المصادر ان الحديث الاسرائيلي عن السيطرة على شريط يشرف على الليطاني اعتبارا من اليوم، ربما يقصد منه الاندفاع نحو الطيبة علمان التي تشرف على النهر، لكن الوصول الى هذه المرحلة سيكون مكلفا.
وأعلن الاحتلال ان جنديا قتل وأصيب أربعة آخرون، في المعارك مع حزب الله في عيتا الشعب أمس.
وبُعيد الساعة الثانية فجرا، شن الطيران الإسرائيلي غارات على الضاحية الجنوبية، هي الأولى على المنطقة منذ أيام.
وتعتقد هذه المصادر ان الصراع الجدي الجاري اليوم على المستوى السياسي، ما يزال على القوة الدولية وطبيعتها ومهامها، لكن الكلمة الاخيرة في رأي هذه المصادر تبقى للميدان. وفي هذا الاطار تركزت امس الحركة الدبلوماسية في بيروت التي زارها وزراء خارجية مصر والاردن واسبانيا.
وبرغم وجود الوزيرين العربيين لدولتين تربطهما معاهدة صلح مع إسرائيل لم تتوقف الغارات الجوية والقصف المدفعي على المناطق الجنوبية حتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية.
وفي آخر احصاء للهيئة العليا للاغاثة امس ان الحرب الاسرائيلية ادت الى استشهاد 835 شخصا واصابة 3210 آخرين. الا ان هذا العدد لم يشمل كما يبدو شهداء وجرحى الانزال الاسرائيلي في بعلبك، وكذلك شهداء المقاومة، فضلا عن 55 جثة ماتزال تحت الانقاض، ما يرفع العدد الى نحو 950 شهيدا.
وكانت عملية الانزال التي قامت بها وحدة من الكوماندوس الاسرائيلي في منطقة بعلبك الليلة قبل الماضية واستمرت حتى ساعات الصباح الاولى، حظيت بالاهتمام امس انطلاقا من اهداف هذه العملية التي قالت اسرائيل انها ترمي الى الاثبات اننا نستطيع ان نضرب في اي منطقة في لبنان على حد قول رئيس الاركان دان حالوتس. وفهم من هذا التصريح ان العملية لم تحقق اهدافها العملية، بدليل انها ادت الى استشهاد 18 مدنيا من سكان المنطقة واصابة عدد مماثل، وخطف عائلة من خمسة أشخاص لا علاقة لها من قريب او بعيد بـ حزب الله باستثناء ان رب العائلة يدعى حسن نصر الله.
وقد شارك في هذه العملية حسب المصادر الإسرائيلية مئتا عنصر من جنود النخبة بقيادة ضابط برتبة عقيد يدعى نيتسان الون وهو قائد سابق لفريق كوماندوس هيئة الاركان. واستدعت العملية رحلة طويلة مع تزود بالوقود من الطائرات، بلغت 300 كلم ذهابا وايابا، على بعد 130 كلم من الحدود الفلسطينية، وهي استمرت سبع ساعات سبقتها واعقبتها غارات جوية عنيفة على المنطقة.
وقال حالوتس ان : مثل هذه العملية لا تغير المعطيات، لكنها تندرج في سلسلة عمليات (...) وعلينا اعادة النظر في امكان شن غارات جوية جديدة في العمق اللبناني، خصوصا في بيروت، وسيتم اتخاذ قرار في هذا الصدد خلال يوم او يومين.
و في موازاة هذه التطورات شهدت بيروت تحركا دبلوماسيا ملحوظا امس، فالتقى فيها وزراء خارجية مصر والاردن واسبانيا، احمد ابو الغيط وعبد الإله الخطيب وميغيل انخل موراتينوس. وعلم ان محادثات الوزراء الثلاثة مع الرؤساء اميل لحود (لم يزره موراتينوس) ونبيه بري وفؤاد السنيورة تمحورت حول موضوعين رئيسيين: القوات الدولية وطبيعتها ومهمتها، وامكان عقد اجتماع طارىء لوزراء الخارجية العرب في بيروت.
وذكرت مصادر رئاسة الحكومة ان زيارة الوزيرين المصري والاردني حملت رسالة دعم وتأييد للنقاط السبع التي طرحتها الحكومة، ونفت ان يكونا قد طرحا اي مبادرة معينة.
ولاحظ المراقبون في كلام الوزير المصري اكثر من احتمال، اذ ايد تعزيز قوات اليونيفيل في جنوب لبنان، ولم يرفض البحث في قوات دولية جديدة، مشددا على ان تكون هذه القوة بقرار من مجلس الامن الدولي. ورأى ابو الغيط ان وقف اطلاق النار بات قريبا جدا.
واعربت مصادر مطلعة على الموقف المصري عن اعتقادها ان القاهرة تخشى من اتساع دائرة الحرب الى سوريا، وهو ما اشار اليه ابو الغيط لدى عودته الى القاهرة، ورأى انه يفترض تطوير قوة اليونيفيل ومهمتها. واشارت المصادر الى ان التقديرات المصرية هي ان الوقائع على الارض هي التي تحدد موعد نهاية الحرب، وهو ما بين ثلاثة وعشرة ايام على أبعد تقدير. وابدت المصادر ارتياحها للانسجام الحاصل بين الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة، ودعت الى تجنب الخلافات الداخلية اللبنانية.
في هذا الوقت أفادت مصادر دبلوماسية مطلعة أن اتصالات جدية بدأتها الامانة العامة لجامعة الدول العربية لتأمين عقد اجتماع طارىء لوزراء الخارجية العرب في السراي الحكومي نهاية هذا الاسبوع.
وأشارت المصادر الى ان بعض وزراء الخارجية العرب يشارك في أعمال قمة منظمة المؤتمر الاسلامي التي تبدأ أعمالها اليوم في كوالالمبور، وان إتصالات تجري للانتقال من ماليزيا بعيد انتهاء أعمال القمة مساء اليوم، واعتبارا من يوم غد الجمعة، الى بيروت لعقد الاجتماع السبت، او الاحد على أبعد تقدير، بهدف الموافقة على مشروع بيان يدعم لبنان في مواجهة العدوان الاسرائيلي، ويؤيد النقاط السبع التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية كإطار مقبول لحل الازمة، والتوصل الى وقف نهائي لاطلاق النار، وذلك قبيل انعقاد مجلس الامن المتوقع ان يصوت على مشروع قرار متكامل، يوم الاثنين المقبل، إذا ما سارت الامور وفق ما هو مخطط لها على المستوى الدولي.
ومن المتوقع ان يكون الاجتماع الوزاري العربي المقترح في بيروت محور بحث خلال المحادثات التي يجريها الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مع الملك الاردني عبدالله الثاني خلال زيارته لعمان، التي بدأت امس وتستمر يومين، وتتناول محادثات موسى خلالها التطورات في لبنان وفلسطين.
يشار الى ان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل اعلن امس خلال مؤتمر صحافي في جدة ان هناك مشاورات تجري حاليا لعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب في لبنان في اقرب وقت ممكن، وقال :ان اسرائيل لا تريد وقفا لاطلاق النار لانها تسعى الى تحقيق اهداف مشبوهة، ولكن من المزعج ان هناك من يتغاضى عن ذلك ، في اشارة الى الولايات المتحدة. واضاف :نحن نختلف والسياسة الاميركية حول هذا الموضوع، واصفا الموقف الاميركي الرافض ارساء وقف للنار بانه محير ولا يتماشى والمبادىء الاميركية الاساسية.
واكد الفيصل ان الولايات المتحدة هي الدولة العظمى القادرة على السعي لوقف فوري لاطلاق النار، وهذا ما نسعى اليه وهو ان يتغير موقف الولايات المتحدة. ودعا واشنطن الى منع اسرائيل من استخدام الاسلحة الاميركية لضرب المدنيين في لبنان، وقال ان :الولايات المتحدة تمد اسرائيل بكل انواع الاسلحة، وهناك واجب عليها ان تمنع اسرائيل من استخدام هذه الاسلحة ضد المدنيين والابرياء في لبنان.
الى ذلك علقت المصادر الدبلوماسية أهمية بارزة على زيارة وزير خارجية إسبانيا ميغيل آنخل موراتينوس الى دمشق موفدا من الاتحاد الاوروبي، وقالت أن مهمته الحصول على موافقة سورية حول مشروع القرار الفرنسي المطروح على مجلس الامن، والذي يأخذ بعين الاعتبار البنود اللبنانية السبعة، خصوصا الموافقة على المخرج المطروح لمزارع شبعا، وتعزيز دور القوات الدولية العاملة في الجنوب.
وكان موراتينوس غادر بيروت عصر امس الى دمشق واجتمع فور وصوله الى وزير الخارجية السورية وليد المعلم ودعا الطرفان إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان. وحرصت دمشق وفق مصادر مطلعة على اعتباره موفدا عن الاتحاد الأوروبي وليس فقط عن اسبانيا.
وقال موراتينوس في ختام لقائه المعلم، أن المحادثات تركزت حول ضرورة التوصل الى وقف فورى لاطلاق النار، مضيفا :نحن نعمل سوية من اجل الحصول على افكار ومقترحات بناءة من أجل ذلك. ويلتقي موراتينوس اليوم الرئيس بشار الأسد ونائب الرئيس فاروق الشرع.
وتزامن وجود موراتينوس في دمشق مع الاتصال الهاتفي الذي جرى امس بين المعلم ونظيره الألماني شتاينماير وجرى خلاله اطلاع المعلم على نتائج اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الذى عقد فى بروكسل بشان الوضع فى لبنان، وفق ما ذكرت سانا. كما دار الحديث حول ضرورة تكثيف الجهود المشتركة من اجل التوصل الى وقف فورى لاطلاق النار فى لبنان. وأضافت أنه تم تبادل وجهات النظر حول الطروحات المتداولة فى مجلس الامن بخصوص ايجاد حل للوضع المتدهور فى لبنان.
وقالت مصادر أن هذه الاتصالات كلها تهدف إلى إطلاع المسؤولين الأوروبيين على الموقف السوري، مشيرة إلى الانقسام الحاصل بين الدول الأوروبية، والذي يؤدي إلى تأجيل أي خطوة في وقف إطلاق النار وبالتالي يزيد الموقف تأزما. ولفتت إلى أنه من المبكر الحديث عن سلة من الحلول ناهيك عن محفزات، خصوصا أن ثمة مبادئ لا تقبل التفاوض.
وفي هذا السياق بات الموقف السوري معروفا من مداولات مجلس الأمن، حيث تعتبر دمشق أن الأولوية يجب أن تكون لوقف إطلاق النار غير المشروط، كما ترفض العاصمة السورية فكرة القوات المتعددة الجنسيات، وتعتبرها عامل عدم استقرار في لبنان، حيث نقل عن مسؤولين سوريين أن دمشق تفضل توسيع مهام اليونيفل الموجودة اصلا في جنوب لبنان على أي تواجد دولي آخر.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد