كيف تعمل دول الغرب في تصنيع حروبنا الأهلية

10-09-2006

كيف تعمل دول الغرب في تصنيع حروبنا الأهلية

الجمل:  العنف السياسي، لم يعد يتمثل في عملية استخدام القوة في التفاعلات السياسية، وإنما أصبح ينطوي على التهديد باستخدامها، لذلك أصبحت عملية استخدام العنف السياسي أكثر ارتباطاً بأطروحات الاجتماع السياسي، خاصة المتعلقة بمصادر العنف، والتي تشير إلى وجود نوعين نم العنف، أولهما يتمثل في (العنف الوظيفي) الذي يتمثل في عنف الميليشيات والأجهزة الرسمية المسلحة.. وغيرها. أما الثاني فيتمثل في (العنف الكامل).. والذي يوجد كامناً ومخيفاً ضمن البنى الاجتماعية، وقد أشار علماء الاجتماع السياسي إليه باعتباره عنفاً يوجد كامناً ضمن التقسيمات الاجتماعية (الطائفية، الدينية، المذهبية) والاقتصادية (الطبقات، والفئات والشرائح الاقتصادية..) والسياسية (الحركات والتيارات السياسية)، وذلك على أساس اعتبارات تمثل عناصر العنف الكامن والذي يكون قابلاً للانفجار عندما تختل توازنات المصالح بين هذه الفئات والمجموعات.
أدى العنف السياسي الكامن إلى الحرب الأهلية اللبنانية الأولى والثانية، وأدى إلى الحرب الأهلية في اليمن، وأدى إلى ثلاثة حروب أهلية في السودان: حرب الجنوب الأولى، والثانية، وحرب دارفور.. كذلك أدى العنف الكامن إلى تزايد الاعتداءات المسلحة في مصر، والجزائر، وتونس، والسعودية.
ينشط حالياً خبراء علم الاجتماع السياسي في أروقة أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، وربما الفرنسية، في العمل على قدم وساق من أجل إشعال الحرب الأهلية في كثير من البلدان العربية، ومن أبرز البلدان المستهدفة حالياً:
- العراق: وقد قطعت فيه مخططات إشعال فتيل الحرب الأهلية شوطاً كبيراً، وأصبحت دواليب ماكينة الحرب الأهلية على وشك الدوران، وإذكاء نار واحدة من أكبر المحارق البشرية في بلاد الرافدين، وسوف تحرص أمريكا وإسرائيل على نقل عدوانها إلى دول الجوار الإقليمي الأخرى المتاخمة للعراق، وذلك باستخدام مختلف آليات نقل الصراع الأهلي، والتي يعرفها جيداً خبراء الحرب النفسية والاقتصادية، وحرب العصابات.
- السودان: وقد نجحت فيه القوى الاستعمارية من إشعال فتيل الحرب الأهلية  منذ آب 1955م (أي قبل استقلال السودان بأربعة أشهر.ز وقد جاهد السودانيون كثيراً حتى نجحوا في إطفائها في عام 1972، ولكنها عادت للاشتعال بقوة أكبر في عام 1982، واستمرت حتى عام 2005م، وقد تميز المتمردون في هذه المرحلة بالقدرة الفائقة على القتال مستخدمين صواريخ سام7 السوفييتية التي أهداها لهم معمر القذافي، والدبابات التي تم شراؤها لهم بوساطة الأموال العربية، معتمدين على إمدادات الغذاء والكساء التي كان يقدمها لهم رجال الخير والبر في بلدان مجلس التعاون الخليجي، (وغير ذلك من أسرار الحرب الأهلية المثيرة للدهشة).. وبعد أن انتهت حرب الجنوب الأهلية الثانية، تم إشعال حرب دارفور، والتي بعد أن وقع السودانيون على اتفاقية السلام الخاصة بها، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره بالتدخل من أجل (حماية السكان الأبرياء.. بعد أن انتهت الحرب)، وذلك على النحو الذي أصبح ينذر هذه المرة بإشعال حرب مزدوجة: أهلية- دولية.. تشترك فيها كل من ميليشيات قبائل دارفور وميليشيات قبائل تشاد، والقوات الحكومية السودانية، والقوات الحكومية التشادية، وقوات الاتحاد الافريقي، وقوات مجلس الأمن والتي سوف تحظى هذه المرة بشرف الدفاع عن الشرعية الدولية في معارك حرب دارفور المركبة والمزدوجة.
- الصومال: الاتفاق الهش الذي تم توقيعه في الخرطوم بين الحكومة الصومالية (المؤقتة) وحركة المحاكم الشرعية، بإشراف حكومة السودان، سوف يفتح الباب أمام صراع مفتوح ينخرط فيه الأصوليون في مواجهة تجمع الميليشيات الأخرى والذي تنشط أمريكا وإسرائيل في إعادة تنظيمه ودعمه بالسلاح، وذلك على النحو الذي سوف يهدد بالمزيد من انهيار القانون والنظام في الصومال، بشكل يؤدي إلى تثبت ظاهرة الصوملة (انهيار الدولة بشكل تام باعتبارها الأمر الواقع النهائي في الصومال).
- لبنان: النموذج اللبناني في الصراع الأهلي، برغم أنه لا يتضمن جانباً اثنياً إلا أنه يمثل في جوهره صراعاً طائفياً سياسياً بشكل أساسي، وسببه الرئيس انتهازية النخب السياسية اللبنانية التي ظلت تحرص على التحالف مع فرنسا وأمريكا وإسرائيل أكثر من حرصها على بناء الروابط الوثيقة مع اللبنانيين الآخرين.
وفي ظل طموح النخب اللبنانية الحالية للقيام بدور إقليمي بارز وكبير يفوق (حجم لبنان الحقيقي)، عن طريق إغراء فرنسا وبريطانيا وأمريكا وإسرائيل بقدرتهم على لعب دور رئيس في المنطقة، سوف يؤدي مرة أخرى إلى تفجير وإشعال نيران العنف السياسي الكامن في البنية الاجتماعية اللبنانية التي ظلت مقسمة على أساس الخطوط الطائفية، في ظل غياب عدم التكامل الوطني الاجتماعي.
وأخيراً نقول: قياساً على مقولة ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه.. إن شر ما ملأت به الأمة العربية بطنها، هو طوائفها، واثنياتها، ونخبها السياسية التي تهرول إلى العواصم الغربية، ثم تعود إلى بلدانها حاملة الأجندة الإسرائيلية بدلاً عن العلم والتكنولوجيا.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...