لهذه الأسباب لن يكون هناك منطقة عازلة في سوريا
لم تعد أجندة امريكا تتماشى مع مطالب تركيا ودول عربية وبعض أطياف المعارضة السورية في الخارج، بإقامة منطقة عازلة في الشمال السوري على الحدود التركية خصوصا بعد "النجاحات" الميدانية التي حققتها جبهة "النصرة" وبعض الفصائل التكفيرية الأخرى في مدينة إدلب وجسر الشغور.
فبعد تكرار المعارضات السورية لا سيما "الائتلاف السوري" المطالبات جاء الرد حاسماً من البيت الأبيض بأن هذا الطرح غير وارد.
مجاهرة الولايات المتحدة بالرفض المتكرر لم تفاجئ العارفين بتفاصيل سياستها في سوريا. فقد كشفت مصادر مطلعة في العاصمة الفرنسية، أن اتفاقا أمريكيا - روسيا صيغ في العام 2013 يمنع قيام مناطق عازلة في سوريا
وحصل هذا عندما أبرمت موسكو مع واشنطن اتفاق السلاحين الكيمياوي والبيولوجي السوري والذي تخلت نتيجته دمشق عن سلاحيها المذكورين بضمانة روسية تعهدت بحماية الحكومة السورية ومنع موسكو أي تدخل عسكري غربي في سوريا.
المصادر الفرنسية قالت في حديث لموقع "العهد الاخباري"، أن "أحد بنود الاتفاق الروسي - الامريكي كان التزام واشنطن بعدم القيام بأية عملية عسكرية في سوريا دون الرجوع إلى مجلس الأمن الدولي والحصول على تفويض منه عبر قرار خاص، وهذا ما توكلت موسكو بمنعه عبر ثلاث قرارات نقض فيتو مزدوجة اتخذتها روسيا مع الصين".
وأشارت المصادر الى أن الإدارة الأميركية تعلم أن أنقرة تطمح منذ أربع سنوات لإقامة منطقة نفوذ في الشمال السوري، وهي تريد عبر هذه المنطقة العازلة العمل كدولة عظمى في الإقليم وهذا ما لا تسمح به الولايات المتحدة الامريكية خصوصا بعد تصريحات المسؤولين الأتراك عن إرث السلطنة العثمانية الذي يحملونه و يحلمون بعودته.
كما أن واشنطن تعتبر أن أية منطقة عازلة في سورية يلزمها مظلة جوية أمريكية قد لا تكون كافية وحدها لتغيير الأوضاع الميدانية في سوريا ما يجعل أمريكا في وضع حرج قد يجرها الى تدخل بري واسع لا تريد التورط به بعد تجربتها في أفغانستان والعراق.
المصادر الفرنسية ذاتها ربطت، في سياق حديثها لـ"العهد"، هذا الطرح والعدوان السعودي على اليمن وما نجم عنه من تورط للمملكة في المستنقع اليمني وعجزها عن إيجاد جيش حليف يقاتل عنها.
وخير دليل على ذلك رفض باكستان الدولة الأقرب للسعودية إرسال جنود لخوض حرب برية في اليمن وقد رد نواب باكستانيون على الطلب السعودي بالقول "ليس لدينا جيش للإيجار"، فيكف بالولايات المتحدة التي يطلب إليها إقامة المنطقة العازلة وتغطيتها وربما إرسال جنود الى الارض فيما بعد للدفاع عنها وهذا ما ترفضه واشنطن رفضا قاطعا.
من هنا تبدو مطالب تركيا واتباعها في "الائتلاف" المعارض بعيدة المنال وغير واقعية ولا تتناسب مع التوجهات الاستراتيجية الجديدة لأمريكا، تلك التوجُّهات الجديدة أعلنت سابقًا أن أفغانستان والعراق هي آخر حروبها البرية الامريكية في الخارج.
فواشنطن التي طلب إليها تأمين منطقة عازلة للمعارضة السورية وتركيا في شمال سوريا، تخلت عن حليفها الخليجي الأكبر في حرب اليمن وتركته يخوض الحرب وحده رغم الدعم الإعلامي الرسمي الامريكي للعدوان السعودي على اليمن والذي يعيش فترته الأخيرة قبل الإعلان عن توقفه بعدما يستكمل سلمان بن عبد العزيز اعادة رسم البيت الداخلي للعائلة السعودية المالكة.
وكالات
إضافة تعليق جديد