ما هي أجندة وأعمال قمة حلف الناتو الأخيرة
الجمل: في يوم 28 تشرين الثاني المنصرم، اجتمع في ريغا عاصمة لاتفيا، رؤساء جمهوريات ورؤساء حكومات 26 دولة، يرافقهم في ذلك وزراء الدفاع، وأصحاب الرتب العسكرية الأعلى في جيوشهم.
أبرز الملاحظات حول اجتماع حلف الناتو الأخير هذا، تتمثل في الآتي:
- تم عقد الاجتماع في إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.
- ضم الاجتماع لأول مرة جميع أعضاء حلف الناتو الموسع، البالغ عددهم 26 دولة.
- اشتركت في هذا الاجتماع الدول الجديدة العضوية في حلف الناتو، والتي كانت سابقاً في حلف وارسو، وهي: بولندا، رومانيا، لاتفيا، ليتوانيا، استونيا، سلوفاكيا، وجمهورية التشيك.
- أجندة الاجتماع الموسع كانت تستهدف بشكل مباشر رفع قفاز التحدي أمام نفوذ موسكو المتزايد في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى.
- إن عقد الاجتماع الموسع في عاصمة لاتفيا يتضمن نقل إشارة واضحة لموسكو مفادها أن حلف الناتو قد أصبح يقف الآن على درج إحدى البوابات الروسية.
يقول المحلل السياسي والاستراتيجي البروفيسور ميشيل خوسودوفسكي، (مدير موقع غلوبال ريسيرش الكندي، وأحد أبرز المناهضين للسياسة الامريكية المعاصرة في العالم)، بأنه برغم عدم قيام حلف الناتو بتوجيه دعوة المشاركة لإسرائيل في اجتماع قمة لاتفيا، إلا أن حلف الناتو تربطه علاقات متطورة ومتقدمة بالغة التعقيد والتشابك مع دولة إسرائيل، وخلال العامين الماضيين وصلت علاقة الناتو- إسرائيل إلى مستوى أصبحت فيه إسرائيل تتمتع بعضوية (مشاركة الأمر الواقع)، ضمن أنشطة الحلف، ومن ثم فمن المتوقع أن تشارك إسرائيل في كل عمليات حلف الناتو، حتى وإن لم يتم الإعلان بواسطة الحلف عن مشاركتها الرسمية، ومن الممكن أن يتواطأ الناتو عن طريق السماح لبعض أعضائه من أمثال أمريكا وبريطانيا، بتوفير الغطاء اللازم لكي تعمل إسرائيل مع حلف الناتو.. وحالياً علينا أن نتوقع أن بعض الوحدات العسكرية البريطانية أو الأمريكية أو الفرنسية أو الإيطالية العالمة في أفغانستان أو العراق، هي بالأساس وحدات عسكرية إسرائيلية تعمل تحت الغطاء الغربي.
قام اجتماع قمة الناتو رسمياً بتدشين إطلاق مشروع برنامج التدريب الخاص ببلدان الشراكة المتوسطية وأعضاء مبادرة تعاون استنبول، وسوف يكون مقر هذا المشروع التدريبي في قاعدة حلف الناتو الموجودة في العاصمة الإيطالية روما، وسوف تشترك في التدريبات إسرائيل جنباً إلى جنب مع البلدان العربية الآتية: الأردن، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا.
تقول الإدارة الأمريكية: إن هذا الاجتماع قد هدف إلى دعم وتعزيز الإجماع حول حرب أمريكا الطويلة، ويرى الأمريكيون أن أهم ما تمخض عنه هذا الاجتماع هو التأييد والدعم الكبيرين للحرب الأمريكية المفتوحة ضد الإرهاب، وبالذات في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. ويرى الأمريكيون أن أبرز الأطراف التي سوف تقدم قدراً كبيراً من المساعدة يتمثل في:
• الدوائر السياسية الأوروبية، وبالذات الأحزاب السياسية الأوروبية الكبيرة، وأجهزة الأمن والدفاع والسياسة الخارجية، والدوائر المالية والاقتصادية الأوروبية الغربية.
• المجمع العسكري- الصناعي الأوروبي، والذي سوف يعمل بطاقة عالية من أجل توفير المعدات والأجهزة العالية الكفاءة والفعالية في ميادين الحرب، ضمن أجود المواصفات وأقل الأسعار.
كذلك يقول الأمريكيون: إن الاجتماع توصل إلى توافق وإجماع بالتأييد لوجهة النظر الاستراتيجية الامريكية، الهادفة إلى السيطرة على نفط الشرقين الأوسط والأدنى وعلى تأمين تمديدات خطوط أنابيب نقل النفط وممراتها، وفرض السيطرة المطلقة عليها.
تضمنت أجندة قمة الناتو الموسعة نقاشاً حول:
- الحشد العسكري في منطقة الخليج العربي.
- الحشد العسكري في منطقة شرق المتوسط.
- أطروحة الشرق الأوسط الجديد.
يقول البروفيسور ميشيل خوسدوفسكي: إن الانظار كانت مصوبة باتجاه اجتماع قمة الناتو المعلن، ويرى خوسودوفسكي أن هذا الاجتماع كان اجتماعاً رسمياً معلناً، أما الاجتماع الأكثر خطورة، فقد كان اجتماع قمة الناتو الموازي، والذي تم (تحت ظل) اجتماع القمة، وقد أطلقت على اجتماع الظل هذا تسمية (مؤتمر ربغا)، ويمكن الإشارة إلى الملاحظات الآتية حول أجندة وأعمال هذا المؤتمر:
• بدأ مؤتمر ربغا في يوم 27 تشرين الثاني.
• ضم المؤتمر الأطراف الآتية: (السياسيين، كبار العسكريين، رؤساء اجهزة المخابرات، كبار المحللين في شؤون الأمن والدفاع والسياسة الخارجية، كبار الإعلاميين، كبار الأكاديميين المختصين بالنظام الدولي الجديد، كبار المستشارين السياسيين).
• أشرف على تنظيم مؤتمر مركز دراسات عبر الأطلنطي الممول بواسطة صندوق جورج مارشال.
• ترأس الاجتماع وأشرف عليه رونالد دي أزموس، والذي كان يعمل نائباً مساعداً لوزير الخارجية الامريكي في فترة إدارة الرئيس بيل كلينتون.
• المهمة الرئيسية التي يركز مركز عبر الأطلنطي على إنجازها خلال مؤتمر ربغا تتضمن جانبين هما:
- تعزيز حوار عبر الأطلنطي بين الأوروبيين والامريكيين.
- تحفيز الأوروبيين من أجل دعم التوجهات الأمريكية الخاصة بـ:
* الشرق الأوسط الجديد على المدى القريب والشرق الأوسط.
* منطقة البحر الاسود.
* منطقة آسيا الوسطى.
• دعم الأجندة الأمريكية العسكرية الخاصة حصراً بمنطقة الشرق الأوسط.
بالإضافة للاجتماعات العلنية، فسوف تكون هناك ثلاثة جلسات سرية مغلقة، من أجل مناقشة المسائل البالغة الحساسية، وهي:
- الجلسة السرية الأولى، وموضوعها: أمن الطاقة، الدور المطلوب القيام به بواسطة أوروبا وحلف الناتو.
- الجلسة السرية الثانية، وموضوعها: أوكرانيا وجورجيا، مساندة انضمامهما لعضوية حلف الناتو.
- الجلسة السرية الثالثة، وموضوعه الشرق الأوسط: الدور المطلوب من حلف الناتو القيام به في المنطقة.
الدول العربية التي سوف تشارك مع الناتو في تدريبات روما جنباً الى جنب مع إسرائيل، أرسلت ممثلها العسكريين والسياسيين لاجتماعات لاتفيا.
من الشخصيات البارزة والتي كان حضورها لافتاً للنظر:
• المفكر اليهودي الاستراتيجي الأمريكي: زبيغنيو بريجينسكي، مستشار شؤون الأمن القومي الأمريكي السابق.
• عوزي أراد، مدير جهاز الموساد الإسرائيلي السابق، ومستشار شؤون السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو.
• اليهودي الألماني كارل ثيودور- لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، والمستشار السياسي للرئيسة الألمانية الحالية انجيلا ميركيل.
• بروس ماكسون، رئيس اللجنة الأمريكية الخاصة بالناتو، وأحد متطرفي جماعة المحافظين الجدد.
• رودولف غيويولياني، اليهودي، وعمدة نيويورك السابق.
وعموماً، يمكن القول: إن كل التحليلات الخاصة بنتائج هذا الاجتماع تقول: إنه كان اجتماعاً جيوبوليتكيا، وجيوستراتيجياً بسبب الإجماع بين أعضاء الناتو على أمن الطاقة، وأجندة الحرب الأمريكية المتعلقة بذلك.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد