محاولة لكبح مشروع قرار فلسطيني أمام مجلس الأمن
كشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، النقاب عن أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يسعى لعرض مبادرة سياسية جديدة لكبح الخطوة الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي.
وقالت إن مسؤولين إسرائيليين أقروا بأنه عرض الأمر على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، سائلا رأيه في المبادرة التي تقوم على أساس استئناف المفاوضات على أساس حدود الدولة الفلسطينية وفق خطوط 1967 مع تبادل أراض.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أعلن، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه سيعرض على مجلس الأمن مشروع قرار لوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وبعد ذلك تبين أن الجدول الزمني الفلسطيني يتضمن الانسحاب الإسرائيلي حتى تشرين الثاني العام 2016 ونشر قوات دولية في المناطق المحتلة.
ويؤمن كيري، وفق «هآرتس»، أنه رغم عدم وضوح جدول العمل الفلسطيني في الأمم المتحدة إلا أنه يملك مهلة شهر تقريبا لإيجاد مخرج. وينبع تقدير الشهر من إدراك بأن الفلسطينيين ينوون تأخير خطوتهم إلى ما بعد الانتخابات النصفية الأميركية في الخامس من تشرين الثاني المقبل.
وأشارت «هآرتس» إلى أن الإدارة الأميركية قلقة جدا من الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة التي قد تخلق أزمة بين الطرفين، وهي معنية بمنع هذا الصدام المحتمل. وقد أوضح الأميركيون للفلسطينيين أنهم ينوون استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن إذا اضطروا. لكن أميركا الساعية لبلورة ائتلاف دولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» غير معنية بوقوع الصدام مع الفلسطينيين.
ونقلت «هآرتس» عن مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم أنه رغم فشل جهود كيري في نهاية آذار الماضي في إنجاح المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فإنه عاد في الشهر الأخير إلى الانشغال المكثف بهذا الشأن. وقد اجتمع قبل أسبوعين مع نتنياهو في نيويورك حيث قال له إنه بالوسع توجيه الخطوة الفلسطينية نحو مسار إيجابي، منطلقا من فهمه لكلام عباس بأن ما يمنع الخطوة في الأمم المتحدة هو عرض بديل جوهري.
وأشار مسؤول إسرائيلي إلى أن كيري فحص مع نتنياهو إن كان مستعداً للتعامل مع مبادرة أميركية تقنع عباس بتجميد خطوته في مجلس الأمن واستئناف المفاوضات. وسأل كيري نتنياهو عن الشروط التي في ظلها يقبل بأن يدمج في المبادرة الجديدة مبدأ التفاوض على الحدود بين الدولة الفلسطينية وإسرائيل على أساس حدود 67 مع تبادل أراض. وقد أراد كيري فحص إن كان نتنياهو سيعطي ردا على مطالب عباس في خطابه أمام الأمم المتحدة بغية إقناعه بتحييد الخطوة في الأمم المتحدة.
ونقلت «هآرتس» عن مصادر إسرائيلية وأميركية رفيعة المستوى قولها إن نتنياهو لم يرفض مطلقا أفكار كيري، لكن إجاباته أوحت بأنه غير متشجع لها. يذكر أن نتنياهو وافق في المفاوضات السابقة على إجراء مفاوضات على أساس خطوط 1967 مع تبادل أراض، لكن موافقته كانت مشروطة بأن يقدر على عرض تحفظ عمومي على الوثيقة وأن يقبل الفلسطينيون بمطالب إسرائيل الأمنية والاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي.
وكان كيري قد لمّح للخطوة التي يحاول القيام بها، أثناء مؤتمره الصحافي مع وزير الخارجية المصري سامح شكري عند انتهاء مؤتمر إعمار غزة في القاهرة الأحد الماضي، إذ قال «إننا ننوي الاستمرار. نحن لا نتوقف. ونحن ملزمون بمواصلة وضع أفكار على الطاولة ومواصلة الحديث». وقد لمّح كيري في القاهرة إلى إمكانية تحديث المبادرة العربية للسلام وأن يتم دمجها في العملية السياسية. ومعروف أن نتنياهو أكثر في الشهور الأخيرة من الحديث عن التعاون مع الدول العربية واعتباره مدخلاً لتحقيق السلام مع الفلسطينيين.
وقد عرض نتنياهو في محادثاته مع كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما ومع كيري إمكانية دمج دول عربية في مساعي استئناف العملية السلمية مع الفلسطينيين، كما طالب نتنياهو، في خطابه أمام الأمم المتحدة، بتحديث المبادرة العربية.
وفي كل حال فإن فرص نجاح جهود كيري الجديدة ليست عالية بل إنها ضعيفة جدا، وفق «هآرتس». وفي نظرها فإن كيري قد يكون الرجل الأخير في الإدارة الأميركية الحالية الذي يؤمن بأن بالوسع استئناف المفاوضات. واستغرب الكثيرون أقواله بأن المفاوضات انهارت «لأسباب فنية» مثل «توقيت الإفراج عن المعتقلين وليس بسبب خلافات جوهرية، رغم وجودها». وكان أغرب من ذلك إعلانه أن «تقدما جوهريا» حدث في كل المجالات.
عموما تعتقد «هآرتس» أنه حتى إذا فشلت مساعي كيري فإن أميركا قد تربح من ذلك تأجيل الخطوة الفلسطينية وكسب المزيد من الوقت، فواشنطن تخشى أن تتحول الخطوة الفلسطينية إلى كرة ثلج تتدحرج وتسد كل أفق التسوية لسنوات مقبلة.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد