موسكو: الانتخابات الرئاسية في سورية فرصة لحماية بنيان الدولة
أكد ألكسندر لوكاشيفيتش المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية أن "روسيا تعتبر أن الانتخابات الرئاسية في سورية فرصة لحماية بنيان الدولة السورية ولمتابعة جهودها في مسألة التسوية السلمية للأزمة".
وقال لوكاشيفيتش في مؤتمر صحفي له أمس "إن الانتخابات السورية الرئاسية المقبلة مدعوة لتكون خطوة هامة في الحفاظ على بناء الدولة السورية وعلى تطويرها وفي تلبية التطلعات الدستورية للمواطنين كما أنها استمرار للجهود التي تبذل في سبيل التسوية السلمية العاجلة للأزمة الممتدة في سورية".
ولفت لوكاشيفيتش إلى ضرورة توفير "الديمقراطية والشفافية في عمليات التصويت للانتخابات رغم التعقيدات في الوضع القائم" معربا في ذات الوقت عن "ارتياح موسكو لسير عملية التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية".
وردا على سؤال لمراسل سانا في موسكو قال لوكاشيفيتش "لا يمكن لأحد أن يمنع شعبا من إجراء انتخابات في بلده علما بأن هذه الانتخابات تجري في سورية للمرة الأولى على أسس التعددية وهي موءهلة لتحديد مستقبل تطور البلاد خلال الحقبة القادمة".
وأوضح لوكاشيفيتش أن كلمة الديمقراطية تنبع من حق الشعوب في الإعراب عن رأيها عبر صناديق الاقتراع وفي تحديد موقف المواطنين من السلطة عبر أشكال وصيغ الديمقراطية دون استخدام للعنف ويتم من خلال ذلك توطيد أسس الديمقراطية التي يجب أن ترسم تطور البلاد في هذا العالم غير المستقر.
وأعتبر لوكاشيفيتش "إن تصريحات الساسة الغربيين بخصوص سورية مفهومة بما فيه الكفاية ولكنهم لا يعربون سوى عن رأيهم بما يجب أن يجري" لافتا إلى "أن هناك مهمات جدية جدا مطروحة حاليا لحل الأزمة السورية ومن المهم حاليا إدراك كامل المسؤولية عن أن هذه العملية أخذت تتلكأ وإذا لم تكن هناك عملية سياسية فذلك يعني استمرار إراقة الدماء في سورية".
وتابع لوكاشيفيتش "لقد سبق لي أن أشرت إلى بعض الأمثلة عما تقود إليه أعمال المعارضة السورية ويقلقنا جدا أن المجموعات الأكثر تطرفا في هذه العملية تتصارع فيما بينها في مختلف مناطق البلاد ما يسفر عن ازدياد معاناة السكان المدنيين الذين لا يقتصر الأمر على وقوعهم ضحايا لهذه المجموعات المتطرفة بل وتزداد حياتهم سوءا جراء ذلك في جوانبها الاقتصادية والمعيشية والإنسانية".
وأكد لوكاشيفيتش أن عامل عدم الاستقرار هذا يزيد من حدة المجابهة مضيفا "أريد التأكيد أيضا على أهمية المصالحات الوطنية كما جرى في حمص القديمة وفي ضواحي حلب والتي نعتبرها أجنة لتلك الاتفاقات التي سعى الوسطاء الدوليون إلى بلوغها طبقا لبيان جنيف".
وأشار لوكاشيفيتش إلى أن النواب الروس يمكن أن يشاركوا في مواكبة الانتخابات الرئاسية في سورية وقال "لا أستبعد حضور ممثلي مجلسنا التشريعي لهذه الانتخابات".
وتجري الانتخابات الرئاسية في سورية في 3 حزيران القادم على أن تجري في الخارج في 28 من هذا الشهر ودعا مجلس النواب السوري برلمانات الدول الصديقة للشعب السوري لمواكبة الانتخابات في سورية وإرسال ممثلين عنها لمتابعة سير العملية الانتخابية عن كثب.
وحول الأزمة في أوكرانيا دعا لوكاشيفيتش الأمم المتحدة لإدانة تصرفات سلطات كييف وقال "إن موسكو تأمل من قيادة منظمة الأمم المتحدة أن تقوم بتوجيه إدانة علنية لتصرفات السلطات الأوكرانية التي استخدمت مروحيات عليها رموز الأمم المتحدة" مؤكدا أن الجانب الروسي وضع المسألة أمام الأمانة العامة للأمم المتحدة بلهجة قاسية طالبا منها التحقيق في الحادث كونه يشكل قلقا كبيرا لدى روسيا.
وحذر لوكاشيفيتش من أن هذا الحادث لا يعتبر خرقا للعلاقة بين الأمم المتحدة والدولة التي تقدم الوحدات العسكرية لحماية عمليات حفظ السلام في العالم فحسب بل ويسبب ضررا لهيبة وسمعة وصورة المنظمة الدولية لا يمكن إصلاحه أبدا.
وقال لوكاشيفيتش إن روسيا تشعر بالقلق كالسابق من تعمق الأزمة الداخلية في أوكرانيا ومن انعدام الرغبة لدى السلطات في كييف ببدء حوار اجتماعي شامل في البلاد مشيرا إلى أن روسيا قلقة من المزيد من التدهور في الوضع السياسي بأوكرانيا "ونستغرب في المقام الأول رفض السلطات في كييف بعناد بدء عملية حقيقية للمصالحة الوطنية في أوكرانيا".
واعتبر لوكاشيفيتش هذا الموقف انتهاكا صارخا لإعلان جنيف في 17 نيسان الماضي مشددا على أن الأدلة الجديدة على هذا التردد تتمثل "في ما جرى الإعلان عنه اليوم عما يسمى بالمرحلة النهائية من عملية مكافحة الإرهاب في جنوب شرق البلاد".
وفي سياق متصل أعرب لوكاشيفيتش عن غضب بلاده من حادثة تدنيس قبر أحد الذين قتلوا في حريق الثاني من الشهر الجاري في مدينة أوديسا معتبرا أنه "فعل كفر وجحود يخفي وراءه شرا كبيرا".
وأضاف لوكاشيفيتش نعلن غضبنا من هذا التصرف بتدنيس قبر المتوفى في أوديسا حرقا في مبنى النقابات في المدينة فقد أحرقه مجهولون مؤكدا أن روسيا ستستمر في العمل بهدف التوصل إلى التحقيق الدقيق والعادل بهذا الحادث بواسطة خبراء أجانب لمعاقبة مدبريه من فاعلين ومشجعين ومشتركين في هذه الجريمة النكراء.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وصف خلال تصريح لقناة بلومبرغ التلفزيونية أمس الأول ما يحدث في جنوب شرق أوكرانيا بأنه "حرب حقيقية" مشيرا إلى أنه لا يجوز الجلوس إلى طاولة المحادثات ما دام إطلاق قذائف الهاون مستمرا داعيا إلى ضرورة الاستيضاح كيف جرى استخدام السلطات الأوكرانية لمروحيات تحمل علامات الأمم المتحدة ضد المحتجين جنوب شرق البلاد.
من جانب آخر أعلن لوكاشيفيتش أن المؤتمر الثالث لمسائل الأمن الدولي سوف ينعقد في موسكو في 23 من الشهر الجاري برعاية وزارة الدفاع الروسية وسيجري التركيز فيه على الوضع في أفغانستان والشرق الأوسط.
وقال لوكاشيفيتش إن "وزير الخارجية الروسية سيتحدث بكلمة في هذا المؤتمر المكرس هذا العام لمسائل الأمن الدولي وسبل تسوية النزعات الإقليمية مع التركيز على بحث الوضع في أفغانستان وحوله في سياق انسحاب قوى الائتلاف الدولي من البلاد إضافة إلى تحليل الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
في سياق آخر أعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن اللقاء الثلاثي بين روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة حول سورية يمكن أن يعقد بعد تعيين مبعوث أممي جديد خاص بتسوية الأزمة فيها.
ونقلت وكالة نوفوستي الإخبارية الروسية أمس عن غاتيلوف قوله "إنه ما زال غير معروف من الذي سيحل محل المبعوث السابق الأخضر الإبراهيمي الذي قدم استقالته" من منصب المبعوث الأممي الخاص إلى سورية.
وأشار الدبلوماسي الروسي إلى ضرورة أن يكون المبعوث الجديد "رجلا سياسيا مرموقا مقبولا لدى الحكومة السورية ولدى المعارضة على حد سواء كي يكون في استطاعته دفع عملية التسوية إلى الأمام".
من جهة ثانية أكد غاتيلوف أن "الفاشيين في أوكرانيا ينظرون إلى مواقف بعض الدول الغربية وكأنها دعم لهم".
وأضاف غاتيلوف فى تصريحات صحفية نقلها موقع روسيا اليوم أن "الغرب رفض تأييد مشروع القرار الروسي في الأمم المتحدة حول تحريم تمجيد النازية.. ومنذ سنوات طويلة ونحن نبادر في إطار الأمم المتحدة بطرح مشروع قرار حول هذا الموضوع ولكن للأسف يرفض شركاؤنا الغربيون تأييد المشروع أو يتجنبون ذلك لاسباب خاصة بهم وهذا يسمح في نهاية المطاف للفاشية أن ترفع رأسها".
وأضاف غاتيلوف إنني "لا أريد أن أقول إن رفضهم تأييد هذا المشروع مرتبط بشكل مباشر بما يجرى فى أوكرانيا حاليا ولكن يجب أن نقر بأن الاوساط الفاشية في أوكرانيا تنظر إلى ذلك كأنه عبارة عن تقديم دعم لها إلى حد ما".
يذكر أن اوكرانيا تشهد منذ شباط الماضى أزمة متصاعدة بلغت حد حصول مواجهات عسكرية شرق البلاد وذلك اثر استيلاء المعارضة بالقوة مدعومة من الغرب على السلطة فى البلاد.
وتستمر الدول الغربية في دعم مواقف هذه المعارضة من خلال فرض عقوبات على أوكرانيين ومسؤولين روس بسبب رفضهم للممارسات الفاشية التي يقوم بها أفراد ومجموعات من هذه المعارضة.
إلى ذلك أكد الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أن ما يسمى مجموعة أصدقاء سورية "تتبنى فلسفة هدامة وضارة".
وقال بوغدانوف في تصريح له أمس "إننا وخلافا لبعض شركائنا الغربيين المجتمعين اليوم في لندن نعمل مع جميع الأطراف في سورية وليس مع طرف واحد فقط وتأليبه ضد طرف آخر وإن اجتماع "أصدقاء سورية" بقوام احد عشر بلدا ليس هو ما ننتظره من شركائنا الغربيين والعرب".
وأضاف بوغدانوف إن "موسكو تجري اتصالات دائمة مع جميع الأطراف حيث كان هناك لقاء في اسطنبول وآخر في الدوحة مع ممثلي المعارضة كما تجري لقاءات في موسكو ودمشق وعبر السفارة الروسية في دمشق".
ولفت بوغدانوف إلى أنه كان يجب تحديد موعد الجولة الثالثة والاجتماع في جنيف منذ زمن بعيد ومن المهم جدا عدم فقدان الوقت لأن غياب العمل السياسي يزيد من نشاط المتطرفين ويخلق يوميا المزيد من العنف والضحايا والدمار".
داعيا إلى "عدم المماطلة في تحديد مواعيد الجولة الثالثة للمحادثات السورية السورية".
وجدد بوغدانوف تأكيده على ضرورة "تشكيل وفد للمعارضة واسع التمثيل يضم إلى جانب ممثلي الائتلاف ممثلي مجموعات أخرى إضافة إلى توسيع تمثيل الأكراد" مشيرا إلى أن "الوفد الحكومي السوري مستعد للذهاب إلى محادثات جنيف".
وكانت دول ما يسمى "مجموعة أصدقاء سورية" اتفقت خلال اجتماعها أمس في لندن على الاستمرار في دعم الإرهاب ومضاعفته والتدخل في شؤون سورية الداخلية ومحاولة تعطيل استحقاق الانتخابات الرئاسية لمنع صوت الشعب السوري من الظهور إضافة إلى زيادة المساعدات القاتلة للمجموعات الإرهابية لمنع أي حل سياسي أو ديمقراطي يقول فيه السوريون كلمتهم ويؤكد قدرتهم على تجاوز الأزمة.
وكالات
إضافة تعليق جديد