"نيويورك تايمز": "التحالف السعودي" ضدّ الارهاب لصرف الانتباه عن اليمن
نشرت "نيويورك تايمز" في صفحة الرأي عدد الجمعة مقالاً شكّكت فيه بجدوى اعلان السعودية تحالفاً ضد الارهاب. المقال صدر صبيحة جلسة مجلس الأمن التي صوّتت لصالح قرار يدعو لحل سياسي في سوريا. وفي ما يلي ترجمته الحرفية:
واحدة من أكبر نقاط ضعف الحرب التي تقودها واشنطن ضدّ تنظيم "داعش" هي عدم وجود قوى إقليمية قادرة على الانضمام لهزم الإرهابيين على الأرض. مخطّطات السعودية لتنظيم تحالف عسكري مؤلف من 34 دولة إسلامية ضدّ الإرهاب، قد تكون اختراقاً لمجرى الأحداث، مع وجود أسباب عدة للشكّ بمدى فعاليتها.
وكان مجلس الأمن أصدر قراراً الجمعة، وللمرة الأولى، يدعو فيه إلى وقف إطلاق النار وبدء محادثات سياسية لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا. ولكن هل يُمهد هذا القرار الطريق لإنهاء أزمة مشكوك فيها للغاية.
ناهيك عن الغموض حول ما سيُنجزه التحالف. أعلن وزير الدفاع السعودي غير المجرب، الأمير محمد بن سلمان، أن جهود التحالف لن تنحصر في محاربة "داعش"، بل ستتضمّن مركز عمليات مشترك في الرياض لـ"تنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب" في العالم الإسلامي. هذا الإعلان غامض، لكنه يُمكن أن يكون ذريعة لتحديد الأعداء في أمكنة أخرى.
ومن الصعب أن نعتبر السعودية شريكاً جدياً ضدّ "داعش" إلا إذا أوقفت تمويل المدارس الوهابية ورجال الدين الذين ينشرون هذه العقيدة المتطرّفة في صميم أيدلوجية "داعش". على الرغم من تعهّد "داعش" تدمير السعودية، ما زال القادة السعوديين يركزون اهتمامهم على إيران باعتبارها الخصم الأكبر.
وليس واضحاً أي دول ستُشارك في التحالف، إذ عندما أعلن الأمير محمد بن سلمان المبادرة يوم الثلاثاء، حدّد بعض الدول مثل باكستان وماليزيا كأعضاء، على الرغم من قول الدول المعنية إنهم غير مدركين للخطة. وقد استُبعدت دول إسلامية رئيسة عدة كإيران والعراق، الدولة التي تعتبرها السعودية دمية لإيران. وتمّ استبعاد عُمان، الدولة المُجاورة للسعودية والتي توسّطت لوقف إطلاق النار الذي بدأ هذا الأسبوع في اليمن، بالإضافة إلى الجزائر، أكبر دولة إسلامية في أفريقيا، واندونيسيا، أكبر دولة ذات أغلبية إسلامية، وأفغانستان التي لطالما كانت مكافحة للإرهاب الغربي منذ أكثر من عشر سنوات.
بعض دول التحالف كالسعودية وتركيا ومصر لديها جيوش كبيرة، ولكن الكثير على عكسهم. وإذ تُشارك دول عدة في محاربة الإرهاب، إلا أن هناك انقسامات كثيرة فيما بينها حول تسمية المجموعات الإرهابية.
ويبقى مصير التكتيكات التي سينتهجها أعضاء "التحالف" وإمكانية توحيد أهدافهم "مجهولاً"، ناهيك عن كيفية التنسيق مع "التحالف الأميركي" لمواجهة الإرهاب.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للصحافيين في باريس، يوم الثلاثاء، إنه "ليس هناك استثناءات على الطاولة" في الجهود السعودية لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك وسائل الإعلام والحملات الإعلامية لمواجهة الفكر المتطّرف، وإمكانية ارسال قوات خاصّة إلى سوريا. ويُمكن للعرب أن يساهموا في الحملة إذا ساعدوا الدول الضعيفة مثل تونس ومالي في شمال أفريقيا التي تكافح ضدّ المتطرّفين، عبر مساعدتها بالجنود والخبراء الأمنيين.
لم تلتزم السعودية، التي تملك واحدة من أحدث الترسانات في المنطقة، "جدياً" في محاربة "داعش". فجزء من المبادرة التي أطلقتها هي ردّ على الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي قال إن السعودية، إلى جانب دول أخرى "لم تفعل إلا القليل لهزم قوّة تُهدّدهم أكثر من أي أحد آخر". ينبغي ألا يستغرق درس جدوى الاقتراح وقتاً طويلاً، أم أنه مجرّد محاولة لصرف الانتباه عن التدخّل العسكري الكارثي للسعودية في اليمن وتأجيل حساب متأخّر لدورها في زرع المتطرّفين الذي يُحاول التحالف محاربتهم.
("موقع السفير")
إضافة تعليق جديد