هل من حرب في المنطقة ؟
كل شيء يحدث في المنطقة يوحي أن الحرب قادمة لا محال، لغة الحرب تتصاعد ومعها التحركات من حدود فلسطين الشمالية إلى سواحل الخليج مرورا بالضاحية الجنوبية وسوريا والعراق. إلا أن وقوع الحرب المفتوحة لا يبدو قريبا وأن علا صوت طبولها، ونكاد نجزم ان واشنطن وتل ابيب تسخدمان لغة التهويل وتتعمدان التلويح بالحرب لتحقيق اهداف سياسية، أولها زيادة الضغط على إيران حتى لا تأخذ حالة الوضع المريح في الساحات التي تتواجد فيها.
وثانيا، تحويل الوجود الإيراني في سوريا إلى أزمة دولية تستدعي جر الملف برمته إلى مجلس الأمن الدولي لأخذ قرار لإخلاء إيران وحزب الله مواقعهم في سوريا، ليس بالضرورة أن يمر أي مشروع قرار بهذا الشكل، بيد أنه سيكون مبررا لإسرائيل قيامها بالعدوان على سوريا واستهداف مواقع إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله هناك، طالما الأمر تحول إلى أزمة دولية عنوانها التهديد الإيراني القادم من سوريا .
نعتقد أن الإيرانيين يدركون هذا الأمر، وهم لا يريدون الإنجرار إلى هذا الفخ، لذلك استبعد أن تقوم إيران بأي رد عسكري مباشر يستهدف إسرائيل، انتقاما من الغارات الإسرائيلية على مواقعهم في سوريا. انما تقوم طهران باستخدام ذات التكتيك الإسرائيلي برفع منسوب احتمالات المواجهه، والتهديد المؤكد من اعلى هرم المؤسسة العسكرية الإيرانية بان الاعتداءات الإسرائيلية لن تمر دون رد، وان الرد سيكون كبيرا ومفاجئا.
ثالثا، تعمد إدارة ترامب أن تظهر جدية في تعاملها مع طهران ارضاءا للسعودية، وتشجيعا لها على دفع المزيد من الأموال موضع الطلب المتكرر من الرئيس ترامب، وزيادة وتسريع التقارب السعودي الإسرائيلي على قاعدة أن ساعة الحساب مع العدو المشترك ايران قد اقتربت.
رابعا، اختار الحليفان في واشنطن وتل ابيب توقيت التصعيد بعناية وذكاء، اذ ان حزب الله لا يريد أي تصعيد قبيل الانتخابات النيابية اللبنانية، تفاديا لتاجيلها او تعطيلها وتحميله مسؤلية ذلك من القوى المحلية المتربصه به، وجاء قطع العلاقات المغربية الإيرانية على خلفية اتهام الرباط حزب الله بتدريب جبهة البوليساريو بسبب معلومات قدمتها السعودية للمغرب وعلى الاغلب مصدرها واشنطن أو تل ابيب، لتضع الحزب موضع اتهام من خصومه المحليين في لبنان ضمن الطقس الانتخابي المزدحم بالاتهمات وشد العصب في الشارع.
اما ايران فهي تنظر باهتمام بالغ إلى نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية، التي ستحدد وجهة العراق المقبلة، وشكل المعادلة الجديدة بين طهران وواشنطن هناك.
ولا نغفل أن ميزان القوى في سوريا على الأرض اختل لمصلحة طهران وحلفائها، وان الحضور الأمريكي والإسرائيلي يجب ان يملأ الفراغ الذي احدثه اندحار الفصائل المسلحة على الأرض، لأن ثمة حلا سياسيا يستوجب عدم امتلاك الدولة السورية لكل أوراق القوة.
الدور الروسي في كل هذا وحسب سياق الاحداث، لا يتدخل في أي استهداف إسرائيلي لإيران على الأرض السورية، الروس لا يمانعون فيما يبدو تقييد حركة ايران في سوريا، لكنهم بذات الوقت يفرضون تصوراتهم الخاصة في الميدان، ليحصدوها في السياسية ومستقبل سوريا وشكل الحل السياسي المقبل
.نستبعد الحرب، ونرجح التصعيد الى اقصى حدوده مادون الحرب الشاملة بما فيه زيادة استهداف المصالح الإيرانية في سوريا … والانسحاب من اتفاقية العمل المشتركة الشاملة مع إيران، ولكن إن وقعت الحرب فأن إسرائيل ستكون المندهش الأكبر من تفاصيل يومياتها… والله على ما أقول خير شاهد.
كمال خلف - رأي اليوم
إضافة تعليق جديد