2015...أسباب جوهرية للتفاؤل

11-01-2015

2015...أسباب جوهرية للتفاؤل

الجمل- *بقلم ديمتري أورلوف- ترجمة: رندة القاسم:
يعتقد البعض أن 2015 سيكون تكرارا ل 2014 مع بعض التغييرات المتزايدة، بينما يحذر آخرون من احتمال وقوع مواجهة نووية بين الولايات المتحدة و روسيا. غير أن السؤال الذي يجب طرحه ما هي التغيرات التي طرأت على الأرض عام 2014  ، إن كان هذا قد حدث فعلا؟؟؟
بالنسبة لي ، التطور الهام جدا عام 2014 يكمن في أن العالم كله (مع بعض الاستثناءات الصغيرة) أصبح واعيا لماهية الولايات المتحدة، كإمبراطورية عالميه، و ما الذي تمثله. فالآن يُفهم تماما بشكل عام أن  :
1-الولايات المتحدة إمبراطورية شريرة ، لا تحاول السيطرة على العالم بقدر سعيها لتمزيقه من أجل مصلحتها قصيرة الأمد. كيم كارديشيان
2- الولايات المتحدة تسقط كإمبراطورية و دولة، و ما من  خداع أو ضرر أو تعذيب أو قتل، مهما بلغ، قادر على إنقاذها.
3- الولايات المتحدة لا تزال قوية الى حد ما و يمكنها أن تسبب ضررا كبيرا أثناء سقوطها.  يجب احتواء هذا الضرر ،  بينما توضع الخطط من أجل تسوية دولية تنبثق في أعقاب زوالها.
و بالعودة الى عام 2013 و ما قبل، نرى أن أفكارا كهذه طرحت و لكن على الهامش و بهدوء. و الفرق في عام 2014 أنها أصبحت مألوفه و يُعبر عنها بصوت مدو من المنصات الرئاسية.و الأكثر من ذلك أنه لم يعد هناك الكثير من الأصوات المعارضة، اذ لم أسمع صوتا واحدا يقول بأن الولايات المتحده قوة خيرة في طريقها نحو الأعلى، و أنها لا يمكن أن تؤذي ذبابه،و هي مركز العالم الدائم. نعم، بعض الأشخاص لا يزالون يعتقدون بذلك، و لكن من الصعوبة بمكان أن تشعر بأي قيمة في هذا التفكير.
لايزال هناك بعض المنكرين خاصة في المملكة المتحدة و كندا و أستراليا ، و لكن حتى هناك الصورة مشوهه بسبب اعلامهم الوطني "المردوخي". وبالحكم مما  سمعته من مواطنيهم، يوجد اشمئزاز عام من  السلوك الخانع و المؤيد للولايات المتحدة من قبل قادتهم. و بالنسبة للاتحاد الأوروبي فان صورة التوحد السياسي المجسدة في بروكسل ليست سوى خيال. و في دول أوروبا الغربية الجوهرية يؤيد القادة الاقتصاديون بشكل عام التعاون الوثيق مع روسيا و يعارضون العقوبات.و على الهامش تبدو دول كاملة على حافة تغيير اتجاهها. هنغاريا التي لم تكن أبدا صديقة لروسيا تبدو الآن مؤيدة لروسيا أكثر من أي وقت مضى. بلغاريا، التي كان موقفها نحو روسيا يتأرجح بين الحب و الكره و على مدار قرون، تبدو الآن أقرب إلى الحب. و حتى البولنديين يهرشون رؤوسهم متسائلين فيما اذا كان التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة في صف مصلحتهم القومية.
و لاحظت تحولا رئيسيا آخر يتمثل في النسبة المئوية الهامة للأميركيين الذين لم يعودوا يثقون بوسائل اعلامهم الوطنية. هناك نمط محدد لأنواع الرسائل التي يمكن أن تذهب بشكل فيروسي و تنتشر بسرعة عبر التويتر و شبكات التواصل الاجتماعي. و الرسائل الهامشية،حسب التعريف، يجب أن تبقى على الهامش. و مع ذلك السنة الماضية حدث شيء مفاجئ: اذ قمت عدة مرات بنشر مقال يرمي الى سد الفجوة في تغطية وسائل الاعلام الأميركي للأحداث في أوكرانيا، و كانت الاستجابات هائلة، مع ظهور مئات الآلاف من القراء الجدد.و الأكثر من ذلك أن الكثير منهم استمر بالعودة من أجل المزيد. و أردت بهذا المثال ان أقول أن الاعلام الذي لا ينتمي للتيار الرئيسي لم يعد على الهامش، و أصبحت المدونات تلعب و بشكل متزايد دورا هاما في المساعدة على ردم الهوة في تغطية وسائل الاعلام الوطنيه.
بالطبع الاعلام الوطني لا يزال يلعب دورا هاما، فعلى سبيل المثال، لم أكن أملك فكرة عن حجم مؤخرة كيم كارداشيان ، و لكن سمعت من وسائل الاعلام انها كبيرة. اذن ان كنت تبحث عن معلومات موثقة حول هذا الموضوع الهام، عندها الاعلام الوطني الأميركي هو صديقك. و لكن بالنسبة للأمور غير المتعلقة بالمؤخرات، يبدو لي أن الأميركيين الذين يقودون الساحات السياسية و الاعلامية الوطنية قد حطموا القاعدة الأساسية، و التي يبدو أنهم قد نسوها، فقد تحدث عنها أول مرة أميركي اسمه أبراهام لينكولن قائلا :"يمكنك خداع كل الناس بعض الوقت، و بعض الناس كل الوقت، و لكن لا يمكنك خداع كل الناس كل الوقت".. و في حال كان يوجد أحد ما في عالم الاعلام متعب من اللعب الحذر و القيام بعمل يناسب من يهتمون بالشؤون "الكارداشيانيه" هاهي بعض الأمور الواجب تفنيدها:
1-ستستمر اللامساواة الاقتصادية الى أن يتحطم كل شيء، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للاستمرار بتعزيز الفقاعة المالية، بينما الاقتصاد الحقيقي المادي المنتج يتقلص في الواقع. لا يمكن للأغنياء انفاق كل أموالهم في الاقتصاد الحقيقي، و عوضا عن ذلك، يجب أن يرضي الفقراء أنفسهم بالاستثمار في مواد رفاهية متنوعة، لا يمكنهم استخدامها كل الوقت، و بذلك فان معظمهم سيجلس و يذوي ببطئ. أو أنهم سيضعون أموالهم في ثروات ورقية ذات أنواع مختلفة، و هذا بالطبع جيد جدا للفقاعة المالية. ففي أي حدث، ان كان لديك فقاعة مالية تحتاج الى أن تقوم بدعم أي شيء، في وجه المحدودية المادية الخطيرة في الأرض،الطاقة، الماء النقي، المعادن النفيسة و المواد الخام الأساسية للصناعة ، و بعدها سيكون رهانك الأفضل أن تقوم بعكس ما قام به روبن هود ، أي تسرق من الفقراء لتعطي الأغنياء.
2- يجب أن تستمر الفوضى العالمية فهذه هي الطريقة الوحيدة لكي يبرر جيش الولايات المتحدة وجوده. انه جيش مكلف جدا، لكنه غير رائع (كلف تطوير  مقاتلات ف-35 أكثر من تريليون ، و مع ذلك المشروع غير مجدي و ربما لا يصل لمرحلة الانتاج). و لكن رغم هذا الاسراف بالانفاق يبقى الجيش الأميركي غير قادر على إحراز نصر حاسم في أي صراع، و ضد أي عدو، مهما كان ضعيفا و مسلوب القوة، و النتائج النهائية تكون دائما صراعات صغيرة مستمرة يمكنها أن تشتعل ثانية في أي وقت.و برغم ذلك ، يمكنها أن تهدد الضعيف و الفقير، و تستخدم هذه التهديدات لمنفعتها الماليه. و لكن الطريقة الوحيدة لجعل هذه التهديدات فعالة تكمن في تدمير بعض الدول على أسس شبه نظاميه: "لديك دولة جميلة ! نخشى أن نراها تسير في طريق ليبيا".. و صدام عسكري مع أي من القوى العسكرية الحقيقية (روسيا ، الصين ، الهند و حتى ايران) هو بالتأكيد أمر مستحيل، لأن هزيمة عسكرية واحدة مهينة للولايات المتحدة (الأمر الذي لا يمكن تفاديه قياسا لسجلها الرث ضد خصوم أصغر و أضعف) سيكون كافيا لتقويض كل برنامج السيطرة العسكرية للولايات المتحدة.
3- كما قال أميركي آخر(آيزينهاور) : " الم يكن باستطاعتك حل مشكله، وسعها". و لكن العقل يقول أن عليك أن تحل مشكلة ذات مره، لا يمكنك فقط المضي بلا نهاية في توسيع كل مشكله. و الآن ، ما المشكله التي حلتها الولايات المتحدة مؤخرا؟؟ هل من شيء جيد حدث في العراق، أفغانستان، ليبيا، سوريه أو أوكرانيا؟ كلا، بل أسوأ من أي وقت مضى.
ماذا عن الاصلاحات المالية في اعقاب انهيار 2008 الذي تم تفاديه بشق الأنفس؟ ما من شيء، و هناك آخر قادم نتيجة لانخفاض أسعار النفط.
هل من أخبار جيدة حول إصلاحات العناية الصحية؟ كلا، بل أصبحت أكثر سخفا و تكلفة من قبل. هل أصبحت ديون الطالب قابلة للإيفاء الآن؟ كلا، و لا يمكن حدوث ذلك على المدى القصير. و ماذا عن الجهود من أجل تخفيض انبعاثات الكربون، و تأجيل (ولم نقل تجنب) مشكلة الساحل الشرقي حيث أصبح نصف كل شيء مغمورا بالمياه؟ كلا، و لا حتى بريق أمل. هل حلت مشاكل الهروب من الدين العام أو الالتزامات الحكومية غير الممولة؟ كلا، و ما من جهود في هذا الاتجاه. هل مازالت الدولة في طريق الإفلاس القومي و الانهيار؟
حسنا، ربما تختلف أرقامك، و لكني اكتشفت أن عددا مذهلا من الناس حول العالم ( و ليس بشكل خاص في الولايات المتحدة) مدركون تماما لهذه الأمور، و هذا ما يجعلني متفائلا بعام 2015.


*كاتب و مهندس روسي –أميركي مختص بالمواضيع المرتبطة بالانحدار الاقتصادي و السياسي و البيئي المحتمل في الولايات المتحدة الأميركية
عن موقع Information Cleaning House

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...