الشيخ حمود: التكفيريون خطر على المسلمين، وحزب الله اختار الأقل سوءا في القصير

08-06-2013

الشيخ حمود: التكفيريون خطر على المسلمين، وحزب الله اختار الأقل سوءا في القصير

يحدثنا إمام مسجد القدس في صيدا بثقة بالغة عن قناعاته، يعتبر أنَّ ما تشهده المنطقة من احداث فتنة، لكن رغم ذلك يؤكد أنه ليس من الصعب أن يتخذ المرء المواقف المناسبة التي توافق مصلحة الأمة.

في مقابلة خاصة بعد أيام قليلة على محاولة اغتياله، رجَّح الشيخ حمود أن يكون منفذو الهجوم فجر الإثنين الماضي ينتمون إلى الخط التكفيري، مفصلا في الحديث عن الخطر الذي يشكله هذا الخط على الإسلام والمسلمين جميعا، لأنه يستسهل إراقة المسلم لدماء أخيه المسلم.

كما أكد الشيخ حمود أنَّ حزب الله ومن خلال مشاركته في القتال في القصير ، اختار ما هو أقل سوءا من السيناريوهات التي كان يخطط لها أعداء هذه الأمة، معبرا عن ثقة بالغة في قرارات المقاومة ، وحرصها الشديد على عدم إشعال الفتنة المذهبية أو حتى المساهمة في ذلك.

وفي سياق آخر، عرض لوجهة نظره حول ما يجري في سوريا، مشددا على أنه رغم وجود أخطاء عند النظام في دمشق ، إلا أن ذلك لا يؤدي إلى حد الاستعانة بالأجنبي من أجل إسقاط هذا النظام.

بالإضافة إلى ذلك تحدث إمام مسجد القدس عن أداء بعض الحركات الإسلامية في العالم العربي، متناولا مواضيع أخرى كالعلاقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران وحركة حماس.

محاولة الاغتيال
حول إذا ما كان هناك من معطيات جديدة حول عملية الاغتيال التي تعرض لها قبل أيام ، ردَّ إمام مسجد القدس بالإيجاب ، ولكن لم يخض في هذه المسألة معللا ذلك بالحفاظ على سرية وسلامة التحقيق. واكتفى بالقول: "أتصور أيام قليلة ، ويظهر كل شيء."

أما عن الجهة التي ينتمي إليها منفذو الاعتداء ، جزم بأنها لم تُعرف بعد، مرجحا أن يكونوا من الذين ينتمون إلى الخط التكفيري. "أتصور أن الخط التكفيري هو الخط العام الذي ينتمي إليه المهاجمون".

معركة القصير أقل فداحة من سيناريوهات أخرى
عبَّر الشيخ حمود عن ثقة كبيرة بحكمة القرارات التي يتخذها حزب الله ، مؤكدا أنه مقتنع "بكل ما للكلمة من معنى بالمعطيات الاستراتيجية" التي جعلت الحزب يدخل في معركة القصير.

"لم نتعود أن حزب الله يتخذ قرارا بهذا الحجم ، وهو يعلم تداعياته المذهبية وما إلى ذلك، إلا ويكون قد أُشبع بحثا من كل النواحي".

وقال الشيخ حمود: "نحن نعلم تماما ، والكل يعلم أن هذا الموضوع (معركة القصير) سوف يتم تفسيره تفسيرا مذهبيا وفئويا، لكن حزب الله حريص دائما على عدم إشعال الفتنة المذهبية أو المساهمة في إشعالها."

ثم أسهب الشيخ حمود في إعطاء الأمثلة" التي توضح أن حزب الله حريص جدا على عدم إعطاء ذرائع في الموضوع المذهبي ، لأنه هو من يصيبه الضرر".

وعن الأسباب التي جعلت الحزب يشارك في القتال في القصير، شدَّد الشيخ حمود على أن حزب الله اختار الأقل سوءا، معتبرا أنه درس الأرباح والخسائر لهذه المعركة دراسة مشبعة.

"إذا كانت هذه المعركة في منطقة القصير ستؤدي يقينا، وليس احتمالا، إلى انقطاع خط إمداد رئيسي للمقاومة، ووصول تكفيريين يستبيحون دماء المقاومين لمجرد انتمائهم المذهبي أو الحزبي، وتجاوز كل المبادئ الفقهية في موضوع القتل والنهب والاعتداء... فلقد تمت دراسة الخسائر والأرباح والمخاوف والاحتمالات."

واعتبر أن حزب الله قرر المشاركة في القتال في القصير "عندما رأى أنه إذا ما تم ترك هؤلاء يعيثون في المنطقة ، ويقتلون على كيفهم، فسيكون هناك نتائج أشد فداحة وبشاعة من نتيجة الدعاية التي ستستغل لتفسير الدخول في هذه المعركة تفسيرا مذهبيا".

كما أكد أن الحزب "يعلم تمام النتائج التي يمكن أن تأتي عن المشاركة، لكن بين كارثة وكوارث ، أو بين السيء والأسوء ، اختار حزب الله الأقل سوءا".

"السيد نصرالله بعقله الراجح يفهم كلامي"
عن تصريحاته الأخيرة بأن خطاب السيد نصر الله الأخير في ذكرى عيد المقاومة والتحرير "لم يكن موفقا"، تساءل الشيخ الصيداوي عن عدد الخطابات التي ألقاها السيد نصر الله منذ انتخابه أمينا عاما للحزب عام 1992. ثم قال ممازحا: "هناك مئات الخطابات لسماحة السيد... ألا يحق لي أن أتحفظ على ثلاثة أو أربعة خطابات له"؟!!

وعن السبب الذي دعاه للتحفظ على خطاب السيد نصر الله الأخير قال الشيخ حمود: "ان سماحة السيد في موقع المراقب الذي يجلس في أعلى برج مراقبة، ومعه مناظير فائقة الدقة، كما تصله معلومات لا تصل إلى الملوك والرؤساء. وعندما يأخذ قرارا يعرف ماذا يفعل، طبعا بالإضافة إلى ثقتنا بصدقه فهذا موضوع مسلم به، لكن الجمهور الذي يستمع إليه لا يعلم ماذا يعلم. فإما أن يخبره بما عنده وهذا مستحيل، وإما أن ينزل إلى مستواه بقدر ما عنده من معلومات فيخاطبه".

وأضاف الشيخ حمود قائلا: " الذي يسمع السيد من أحبائه، ونحن منهم، سيأخذ بكلامه حتى من دون ان يعرف المعطيات (الأسباب والموجبات). أما الذي لا يحبه ويصدق وسائل الإعلام المغرضة وعلماء الفتنة وأصحاب السوء، فإن هذه المعلومات ستدخل إلى ذهنه من خلال فلتر أو مصفاة. وهذه المصفاة ستبرز كل ما تريده وسائل الإعلام وخاصة الكلام الذي يخدم الشعور المذهبي".

ولفت الشيخ حمود إلى أنه بعد إعلانه عن رأيه  حول خطاب السيد نصر الله في 25 أيار الماضي، صار هناك تواصل بين الشيخ والأمين العام لحزب الله الذي عبَّر عن تفهمه لكل ما قاله الشيخ حمود.

"أنا وجهت رسالة، واستمعت إلى ردود السيد نصر الله الذي قال فيها انه يوافقني على جزء لا بأس من تحفظاتي".

وفي هذا السياق رفض الشيخ حمود الخوض في التفاصيل مكتفيا بالقول: "السيد نصر الله بصدره الرحب ، وعقله الراجح يفهم كل كلمة حتى لو لم يوافقني".

"الخطر التكفيري يطال كل المسلمين"
وعن وجود المقاتلين التكفيريين في سوريا، شدَّد الشيخ حمود على انهم خطر على الإسلام والمسلمين جمعيا، مميزا بين المسلمين الذين لديهم توجه سلفي ، وبين التكفيريين الذين يستبيحون دماء إخوانهم المسلمين.

شبَّه إمام مسجد القدس التكفيريين بالخوارج الذين "خرجوا على الإمام علي (ع) بعد التحكيم، وكفروه وقتلوه بزعم أنهم يصلحون الدين". واستشهد بتوصيف رسول الله (ص) لهم قبل ظهورهم، فقال ان الخوارج قوم "مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لأنهم كفروا من اختلف عنهم".

ثم ميزهم عن الخوارج بأن لهم جذورا فقهية تختلف عنهم،  ومع أنه اعتبر أن جذورهم غالبا ما تكون سلفية ، رفض الشيخ حمود الخلط بين من له توجه سلفي ومن يكفر أخاه المسلم.

"إنهم (السلفيون والتكفيريون) ليسوا جهة واحدة أبدا، فهناك سلفيون أقحاح يمدون المقاومة وحلفاءها في لبنان بالمال ،ويتعاونون مع حزب الله. بالعكس بعضهم عاقل ، ويقبل الحوار، ويفتحه مع من يختلف عنه في التوجهات الفكرية"، أضاف الشيخ حمود.

واعتبر الشيخ حمود أنَّ خطر هؤلاء التكفيريين يطال المسلمين جميعا دون استثناء ، ولفت إلى أن خطرهم يمكن أن يكون أكبر على شخصيات معتدلة داخل الطائفة السنية منه على شخصيات في الطائفة الشيعية.

الاستعانة بالأجنبي مرفوضة
حين تطرقنا إلى الموضوع السوري، سارع الشيخ ماهر حمود إلى اعتبار ما يحدث في بلاد الشام فتنة، لكنه شدد على أنه رغم "تداخل الحق بالباطل"، ليس من الصعب على الإنسان أن يأخذ الخيار الصحيح والموقف المناسب.

"بعض المعترضين على النظام السوري لهم الحق في ذلك... لكن من اتكأ على هذه الأخطاء ليذهب إلى أميركا ويستجلب العون الإسرائيلي لإسقاط النظام ، لم يعد معذورا بل أصبح متآمرا".

وأضاف: "كذلك النظام له الحق باعتبار أن ما يحصل في سوريا هو مؤامرة، لكن خلال تعامله مع المظاهرات في المرحلة الأولى من الأزمة السورية حصلت أخطاء. حتى الرئيس بشار الأسد اعترف بهذه الأخطاء، وأنا متأكد أنه لا يقبلها".

وتابع بالقول: "لكن في نفس الوقت تخيلوا لو سقط النظام في سوريا واستلم التكفيريون أو الأميركيون أو المتأمركون، كيف يكون وضع لبنان والمقاومة؟ أتصور أنه سيكون كارثيا. الشرع يقول ان درء المفاسد أولى من جلب المصالح، وهناك مفسدة كبيرة ستحصل إذا ما تم اسقاط النظام بالطريقة التي يخططون لإسقاطه فيها.

وعما ستؤول إليه الأمور على الأرض، اعتبر الشيخ حمود أن القرار في واشنطن وتل أبيب، "فإذا اقتنعت أميركا بالضبط والحلول السياسية ،أتصور أن الامور ستحل بسرعة، لكنني أعتقد أن القرار المرحلي الآن هو تدمير سوريا وليس إسقاط النظام".

"وحتى يتحقق هذا الهدف، فإنهم (أميركا وحلفاؤها) سوف يظلون يمدون المعارضة بالسلاح بشكل لا يسقط النظام، ولا تسيطر المعارضة".


"الإخوان المسلمون لم يحسنوا تطبيق فكر الإمام البنّا"
أما فيما يتعلق بسلوك الحركات الإسلامية بعد استلامها للحكم في مصر وتونس، اعتبر الشيخ حمود أن حركة الإخوان المسلمين لم تكن يوما موفقة بالخيار السياسي.

ولفت إلى أنه شخصيا لا يزال يعتبر نفسه منتمياً إلى الفكر الذي وضعه الإمام حسن البنا، مؤسس حركة الإخوان المسلمين، مؤكدا على أن الحركة لم تحسن نقل أفكار الإمام البنا إلى التطبيق السياسي، باستثناء حركة حماس التي لها وضع خاص ، وقامت بدور عظيم في الصراع مع العدو الإسرائيلي... فيما عدا ذلك الأخوان في مصر وسوريا ولبنان لم يكونوا يوما موفقين بالخيار السياسي, بشكل عام هم لا يملكون الرؤية السياسية الواضحة، ودائما هناك تشويش. وهذا له أسبابه البعيدة والقريبة"

بالنسبة للأسباب القريبة، اعتبر الشيخ حمود أنَّ وجودهم سنوات طويلة في سجون الأنظمة العربية منعهم من امتلاك رؤية واضحة. أما الأسباب البعيدة فحصرها بأن الخطر الأميركي لم يكن في ذلك الوقت (الخمسينيات من القرن الماضي) ظاهرا، "لكن كانوا وقتها يشعرون بخطر الإلحاد".

كما أشار الشيخ حمود في هذا السياق إلى الدور الذي يلعبه الإخوان المسلمون في الخليج من خلال السقوف التي يرسمونها للإخوان في باقي الدول كونهم يمولونهم.

"لو كان الإخوان المسلمون مخلصين للأفكار التي درّسوها ودرّسناها سويا ، لكان يفترض بهم أن يكونوا مثلي تماما في الموقف السياسي".

وفي هذا الموضوع ختم الشيخ حمود بالقول: "إذا وصل الاجتهاد السياسي إلى حد الاستعانة بأميركا من أجل تغيير النظام في سوريا  أو الوصول إلى السلطة في مصر، فإن هذا الموقف لا يعبر عن فكر الإخوان ولا عن ثقافتهم ، وليس له أي سند شرعي يستحق القراءة".


"المشروع الإيراني لا يرى أقل من القدس هدفا"
أما فيما يخص العلاقة بالجمهورية الإسلامية في إيران، اعتبر الشيخ حمود أن "إيران قامت بأعمال جلية في سبيل تقريب السنة  إليها، كما صبرت على قلة الوفاء ، إذا جاز التعبير مع احترامنا للمخالفين".

"تصرفات الإيرانيين تدل على أنهم أصحاب مشروع ضخم لا يرى أقل من القدس هدفا، فهم يستهينون في سبيل الوصول إلى فلسطين بكل المصاعب ،ومستعدوت لاجتياز المصاعب ، وركوب الموت من أجل هذا الهدف".

وتابع الشيخ حمود بالقول: "للأسف الساحة السنية لم تتجاوب مع الجهود الإيرانية، لأن هناك حاجات سياسية واقتصادية، وأحيانا دينية، تجعل الحركات السنية خاضعة للمقاييس السعودية والخليجية بشكل عام".


العلاقة مع حماس
وعن العلاقة مع حركة حماس، قال الشيخ حمود ان العلاقة قائمة مع المسؤولين المحليين، مشيرا إلى أنه يوصل للحركة الانتقادات والملاحظات على سلوكها.

ولفت الشيخ حمود إلى أن حماس ليست واحدة، "لكن نحييهم لأنهم يستطيعون إخفاء خلافاتهم الداخلية فلا تظهر على السطح أبدا".

وفي هذا السياق أكد إمام مسجد القدس أن الموقف لدى الجهة الممسكة بالمقاومة في الحركة متمسك بخيار المقاومة وبالعلاقة مع سوريا.

مروة حيدر

المصدر: المنار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...