الصواعق الحارقة في تفنيد الوهابية المارقة:رسالة الشيخ علي بلحاج إلى وزير الداخلية السعودية
تذكير "ولاة الأمر " في السعودية بما إتهم به مؤسسها من خارجية وتكفير ومجازر " إرهاب"
الحمد لله الذي أمر عباده بالتثبت في نقل وتصديق الأخبار فقال جلَّ جلاله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌۚكَذَٰلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواۚإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴿94﴾ النساء، وحذّر من الانسلاخ عن الحق والتراجع عنه بعد عرفانه فقال عز وجل: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴿175﴾وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْۚ ذَٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَاۚفَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴿176﴾ الأعراف ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين الذي أخبر الأمة الإسلامية بانقلاب الموازين في آخر الزمان "سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" وعلى آله وصحبه أجمعين.
مدخل: لا بد منه
* من المسلّم به عند كل من أرخ لظهور المملكة العربية السعودية من العرب أو الغرب من الأعداء أو الأصدقاء ومن الموالاة أو المعاداة أن المملكة السعودية إنما هي ثمرة من ثمار حركة الشيخ المصلح المجدد محمد بنعبد الوهاب رحمه الله تلك هي الحقيقة الأولى أما الحقيقة الثانية أنه لولا العلاقة العضوية بين دعوة الشيخ وسيف آل سعود لما قامت للسعودية قائمة ولما كانت شيئا مذكورا في دنيا الناس فاستفاد محمد بنعبد الوهاب من نصرة وسيف آل سعود كما استفاد آل سعود من دعوة الشيخ وأسسوا دولهم الثلاث على الأسس الدعوية والفكرية لمحمد بنعبد الوهاب والقضاء المبرم وبحد السيف عن معارضيه وخصومه من نواب الخليفة في الحجاز وكذا تصفية معارضيه من كبار علماء زمانه من اتّباع المذاهب الأربعة وغزو دول الجوار واستباحة أموالهم ودمائهم للدخول في دعوة الشيخ محمد بنعبد الوهاب طوعا أو كرها والحاصل أنه لا يمكن الفصل بين دعوة الشيخ وسيف آل سعود في انتشار الدعوة وقيام الدولة كما لا يمكن فصل الشهادة عن السيف في الراية السعودية، وهذا ما أشار إليه المؤرخ السعودي عبد الله الصالح العثيمين بقوله "ظهور دعوة الشيخ محمد بنعبد الوهاب التي غيرت وضع منطقة نجد دينيا وسياسيا فلقد تبنى آل سعود أمراء الدرعية تلك الدعوة التي أصبح التوحيد ببعديه الديني والسياسي قضيتها الجوهرية ولقد أفادت الدعوة من ذلك التبنِّي بإتاحة فرص لانتشارها واستفاد آل سعود من تبنيهم لها بإتاحة فرص لاتساع حكمهم" وهذه الحقيقة أشار المؤرخ الأمريكي جورج رنتز وهو أول من كتب عن حياة محمد بنعبد الوهاب في أول دكتوراه عن حياته من كاليفورنيا 1948 تحت عنوان بداية "الإمبراطورية التوحيدية في جزيرة العرب".
ولا شك أن هذا البيان لن يتطرق إلى دراسة تاريخ ظهور الدولة السعودية إلى الوجود ولا رسم الخط البياني لهذه الدولة صعودا ونزولا استقامة وانحرافا عبر دولها الثلاث –الأولى من 1745 إلى 1818 والثانية من 1824 إلى 1897 والثالثة من 1902 إلى يومنا هذا- كما أننا لسنا بصدد الترجمة لمحمد بن سعود أول حاكم من آل سعود المتوفى 1765 وعن آله من الأبناء والأحفاد والأمراء والأميرات ما لهم وما عليهم وسيطرتهم على مفاصل الدولة واستحواذهم على الصفقات الكبرى داخليا وخارجيا ووضع أيديهم على كل شيء بما في ذلك الأندية الرياضية وسباق الخيول والأبواق الإعلامية داخليا وخارجيا التي تحسن التزلف والتملق للأسرة المالكة، كما أنه لن نقوم بالترجمة لحياة الشيخ محمد بنعبد الوهاب ومكانة أسرة آل الشيخ في الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وما لهم وما عليهم ومن ثبت على نهج الشيخ، فلم يغير ولم يبدل ومن نكص على عقبيه وأصبح مجرد تابع لنظام سياسي فقد مبررات وجوده من الوجهة الشرعية والسياسة، ولن نذكر المناصب المختلفة التي تولاها آل الشيخ في دواليب الدول الثلاث ولا كيف تم إقصاء وعزل ثلة من فطاحل العلماء ذنبهم الوحيد مخالفة ولاة الأمور في قضايا تخالف أحكام الشريعة أو أنهم ليسوا من قبائل نجد أو ليسوا من سلالة آل الشيخ الذين يتوارثون المناصب الدينية، ولكن سوف يقتصر حديثنا في هذا البيان على تذكير وزير الداخلية نايف ابن عبد العزيز بأن كل الاتهامات التي وجهها للجماعات المجاهدة والمقاومة في العالم العربي والإسلامي هي نفس الاتهامات التي وُجهت للشيخ محمد بنعبد الوهاب واحدة واحدة كما سنرى أثناء عرض قائمة تلك الاتهامات وليتذكر وزير الداخلية والملك عبد الله وسائر الأمراء –الصالحين والطالحين وسائر أسرة آل الشيخ- الثابتين على المنهج والمبدلين والأسرة العلمية في أرض الحجاز من – الصادعين بكلمة الحق ووعاظ السلاطين- مع العلم أن الاتهامات وجهت للشيخ محمد بنعبد الوهاب الأب الروحي للمملكة السعودية من طرف علماء بلده وسائر البلاد الإسلامية وكانوا –وقتها- أشبه بهيئة كبار العلماء المعتمدة من الأسرة المالكة اليوم.
* بعد أحداث 11 سبتمبر أصبحت المملكة العربية السعودية تجري في كل الاتجاهات لتبييض وجهها في العالم وسارعت السلطة السعودية لعقد المؤتمرات من أجل التنديد بالإرهاب والفكر المتطرف وأخذ بعض علماء السلطان في كيل الاتهامات للمجاهدين والمقاومين ووصفهم بخوارج العصر ورؤوس الفتنة والبغاة الخارجين على ولاة الأمر باللسان والسنان والتشهير بهم على أعواد المنابر ووصفوهم بقتلة الأبرياء من الأطفال والنساء، واستباحة الدماء والأموال وتكفير العامة والخاصة وإقامة بعض الحدود دون إذن الإمام وإعلان الجهاد بغير إذن ولاة الأمور وسبي النساء، وشق عصا الطاعة والطعن في أكابر العلماء....الخ، من قائمة الاتهامات دون محاكمة عادلة أو مناظرة علمية على الهواء كما فعل السلف الأوائل من خيرة القرون مع أهل الانحرافات الفكرية والعقائدية، وهكذا بين عشية وضحاها تغيرت لهجة ولاة القهر في المملكة العربية السعودية وأصبحت تدعو إلى حوار الأديان –السماوية والأرضية والشيطانية- وتعارف الثقافات وضرورة الاعتراف بالآخر واحترامه والعمل على نشر ثقافة "الاعتدال والوسطية" والتسامح والعمل على إرساء ثقافة حقوق الإنسان واحترام القيم الإنسانية والدفاع عن حقوق الجنس اللطيف وفي نفس الوقت لابد من محاربة الفكر الضال والتنسيق دوليا لمحاربة ظاهرة الإرهاب وتعديل المناهج التربوية لإخراج جيل لا يحمل بذور الفكر المتطرف والتشدد والانغلاق وضرورة معاقبة المنظرين للفكر الضال، وتجريم من آوى "محدثا" وفتحت قاعات الجامعات ومراكز البحوث لعقد المؤتمرات ضد الفكر الضال والإرهاب وصرفت الأموال العامة بغير حساب وحُشد لهذه المؤتمرات وعاظ السلاطين من كل حدب وصوب ودفعت لهم الأجور واستصدرت فضائيات الإعلام السعودي من وعاظ السلاطين فتاوى الإدانة وطارت بها كل مطار وأصبح التعذيب والتنكيل والقتل يمارس باسم فتاوى العلماء على يد الأجهزة الأمنية، ولكن هؤلاء "العلماء" خرست ألسنتهم عن جرائم النظام السعودي داخليا وخارجيا وعن بعض الأمراء الذين عاثوا في المال العام فسادا وإفسادا الذين اغتصبوا أموال الأمة وأشادوا بها قصورا خرافية الأشكال والألوان بينما عموم الشعب السعودي يقف في طوابير الذل والفاقة أمام أبواب الأمراء ليتسول الصدقات والمنائح والهبات التي هي من حقهم وإنما سرقها هؤلاء الأمراء وأعطوهم الفُتات!!! ولسنا ندري كيف استحالت السعودية بقدرة قادر إلى حمل وديع يفيض قلبها الحنون على العالم إنسانية حاملة راية "الاعتدال" وغصن الزيتون وإنما فعلت السعودية ما فعلت لا دفاعا عن العقيدة والشريعة وإنما حفاظا على السلطان والصولجان، ألم يعتبر بعض عائلة آل سعود الشيخ محمد بنعبد الوهاب مقدم الشيخ غنيمة ساقها الله لمحمد بن سعود كما تقول كتب التاريخ السعودي؟ مع العلم أن الاتهامات ومن أجل كشف هذا الزيف، رأينا أنه يجب شرعا وأخلاقا وأمانة علمية- تذكير ولاة الأمر أو القهر في المملكة السعودية بقائمة التهم التي وُجهت للشيخ محمد بنعبد الوهاب وآل سعود منذ أكثر من 250 سنة أي قبل خلق جميع زعماء وقادة الجهاد والمقاومة في العالم العربي والإسلامي!!! مع العلم أن الاتهامات التي وجهت للشيخ رحمه الله لم تكن عامة الناس أو طلبة العلم الصغار وإنما وجهت له من أكابر علماء زمانه المشهود لهم بالسبق والعلم والذين حذروا من مسالك الشيخ، قال الشيخ أحمد زيني دحلان رحمه الله، مفتي الشافعية بمكة والمؤرخ المتوفى سنة 1304هـ في كتابه "فتنة الوهابية" "وأما ابتداء أول ظهور الوهابية وتزايد ضررهم واتسع ملكهم وقتلوا من الخلائق ما لا يحصون واستباحوا أموالهم وسبوا نساءهم وكان أبوه رجلا صالحا من أهل العلم وكذا أخوه الشيخ سليمان وكان أبوه وأخوه ومشايخه يفترسون فيه أنه سيكون منع زيغ وضلال لما يشاهدونه من أقواله وأفعاله ونزغاته في كثير من المسائل وكانوا يوبخونه ويحذرون الناس منه..." ونحن في هذا البيان لن نقوم بتمحيص تلك التهم والرد عليها تهمة تهمة، وإنما حسبنا أن نقول لولاة الأمر في السعودية، أن ما تتهمون به قادة الجهاد والمقاومة في العالم العربي والإسلامي هي نفسها الاتهامات التي رمي بها المصلح المجدد أحد زعماء الإصلاح كما يقول أحمد أمين رحمه الله، حذو القذّة بالقذة، فهل محمد بنعبد الوهاب مجرم إرهابي يحمل فكرا ضالا فإن قلتم لم يكن كذلك قيل لكم وعلى أي أساس ترمون بالاتهامات من ينهل من فكره وسيرته ومنهجه في التغيير أي التغيير بالسيف والتمرد والخروج على ولاة الأمر كما فعل محمد بنعبد الوهاب وليس بالعمل السياسي السلمي في ذلك الوقت البعيد ورغم حجم التغيرات الحاصلة في العالم العربي والإسلامي والدولي لا زالت المملكة السعودية إلى يومنا هذا لا تؤمن بالتعددية السياسية والحريات العامة والثقافية والفكرية والنقابية والإعلامية في إطار مبادئ الشريعة الإسلامية فضلا عن السماح باعتماد الحزبية وخوض المعارك الانتخابية الخاصة بالبلديات ومجلس الشورى فهذه الأمور تعتبر عند النظام السعودي وهيئة كبار العلماء من البدع المنكرة التي لا أصل لها في الشريعة الإسلامية، بل هي من مسالك اليهود والنصارى الذين أمرنا بمخالفتهم وكل من يسلك هذه المسالك إنما هو ضال مضل، فاسد العقيدة يجب التحذير منه وهجرانه وما زال قادة الجبهة الإسلامية يتذكرون بمرارة كيف قامت قيامة بعض الإخوة –غفر الله لنا ولهم- زاعمين عن اجتهاد وحسن نية- تحريم دخول الانتخابات البلدية والولائية ومن أقدم على ذلك ففي عقيدته دخن، وذكروا بعض فتاوى وأقوال العلماء من المملكة العربية السعودية، بل أن أحدهم أطلعنا على كتاب الشيخ أبو بكر جابر الجزائري نفع الله به "الدولة الإسلامية" الذي تنص على أن الدولة الإسلامية إنما تقوم بالإيمان والجهاد فقط.
وكل هذه الضجة قامت عندما قرر قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ دخول الانتخابات البلدية والولائية –جوان 1990- وعملا بما جاء في القانون الأساسي للجبهة الإسلامية للإنقاذ من اختيارها للعمل السياسي السلمي والمشاركة في الانتخابات وهو القانون على أساسه اعتمدت الجبهة الإسلامية للإنقاذ من طرف الدولة وفي ظل هذا اللغط كتب الأخ –بن حاج علي- في ذلك الوقت- مقالا مطولا في جريدة المنقذ بتاريخ 10 رمضان 1410هـ تحت عنوان "كشف النقاب في بيان ضوابط دخول الانتخاب" شرح فيه جواز دخول الانتخاب ورغم ذلك ظل بعض الإخوة مصرّين على عدم الجوازـ وبعضهم رد ردا عنيفا على الأخ بن حاج ولمّح بتكفيره، ولكن الأخ الداعية عذر وصفح والتمس لمن ردّ عليه عذرا، ولم يقابل السيئة بمثلها على عادته التي عرف بها، ولكن بعد فوز الجبهة الإسلامية في الانتخابات البلدية والولائية فوزا كاسحا اقتنع السواد الأعظم من جدوى الخيار الانتخابي السلمي كوسيلة للتغيير المنشود وظهر ذلك جليا في الانتخابات التشريعية سنة 1991 التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بفضل الله تعالى، ثم بفضل القيادة الشابة التي قامت مقام قيادة الجبهة الإسلامية المسجونة ظلما وعدوانا بقيادة المرحوم عبد القادر حشاني الذي تم اغتياله بطريقة غامضة، وهو الفوز الذي لفت أنظار المراقبين السياسيين في الداخل والخارج ورأوا أن الجبهة الإسلامية سلكت مسلكا فريدا في التغيير السلمي، إذ لم تسلك مسلك الثورة كما حدث في إيران ولم تسلك مسلك الإخوان المسلمين الذي كانوا إلى وقت قريب لا يرون تأسيس حزب سياسي ولم تسلك مسلك الجماعات المظلومة المسلحة في مصر ولم تسلك مسلك الانعزال عن الحياة السياسية والشأن العام مكتفية بالتربية والتزكية والإغراق في الحياة الروحية متفهمة في نفس الوقت ظروف اجتهاد كل تيار إسلامي يرمي في نهاية المطاف إلى خدمة الإسلام وتطبيق شريعته في جميع مناحي الحياة. ولكن كارثة الكوارث وداهية الدواهي إنّما حصلت عندما تم الانقلاب على اختيار الشعب بقوة الحديد والنار، وهكذا ارتفعت أصوات القائلين أن هذه الأنظمة لا تفهم إلا لغة السلاح واتخذوا من الانقلاب المشئوم على الإرادة الشعبية 1991 دليلا قاطعا على صحة قولهم وصواب ما يذهبون إليه وأنه لا أمل في خوض المعارك الانتخابية في ظل هذه الأنظمة الفاسدة المفسدة ما لم تسقط هذه الأنظمة، إما بثورات شعبية أو عمل مسلح شامل، لاسيما وهذه الأنظمة في ظل تغول الدولة واتساع سلطانها أصبحت تهيمن على كل شيء وتتدخل في كل شيء وتغلق الأبواب في وجه العمل السياسي والنقابي والاجتماعي والدعوي حتى عملية التربية والتزكية التي يراها البعض هي المخرج الوحيد للتغيير المنشود أصبحت تعاني من عوائق جمّة في ظل هيمنة الدولة على كل شيء. وللأسف الشديد إن ما أقدمت عليه الطغمة العسكرية الحمقاء في 1991 أعطت الدليل القوي لمشروعية العمل المسلح داخليا وخارجيا في غياب قنوات التعبير السياسي السلمي، وأضعف حجة من يقول بالتغيير عن طريق العمل السياسي وهكذا تكون السلطة الفعلية في الجزائر قد وضعت حجر الأساس لعملية التغيير بالعنف الثوري داخليا وخارجيا لأن تجربة الجزائر أصبحت مرجعا قويا لجماعات المعارضة المسلحة بحجة أن الأنظمة القائمة لا يمكن تغييرها عن طريق العمل السياسي أو التربوي والجزائر أكبر شاهد، وما حدث لحركة حماس في فلسطين شاهد آخر على المستوى الدولي!!!
نعود ثانية إلى السؤال المطروح سابقا بعد هذا الاستطراد الضروري لتوضيح الصورة، فإن قلتم أن الشيخ محمد بنعبد الوهاب رحمه الله لم يكن مجرما إرهابيا يحمل فكرا ضالا، قلنا إذا لماذا ترمون الغير بنفس الاتهامات التي اتهم بها الشيخ محمد بنعبد الوهاب منذ 250 سنة، وإن قلتم أن الشيخ كان كذلك قلنا، فالواجب عليكم شرعا وأخلاقا أن تكونوا في صف جميع المجاهدين والمقاومين في العالم الإسلامي بالنصرة بجميع أشكالها، وعقد المؤتمرات لمساندة المجاهدين الذين يقاومون الطغيان الداخلي والاحتلال الخارجي لبعض ديار الإسلام، وقبل الشروع في سرد قائمة الاتهامات التي وجهت للشيخ محمد بنعبد الوهاب لابد من الإشارة إلى أمرين هامين وهما:
الأمر 1 - التحذير من اتهام الأبرياء دون سلطان:
* من المعلوم شرعاً - خاصة من الناحية النظرية - أن نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف الأوائل تُحرِّم وتُجرِّم على كافة أهل الإسلام عامهم وخاصهم، عالمهم وجاهلهم، حاكمهم ومحكومهم الكلام في الناس وأعراضهم بغير علم أو سلطان مبين وأن كل قول أو دعوى أو تهمة بغير دليل ناهض أو بينة قائمة على سوقها يجب أن يضرب بها عرض الحائط قال تبارك وتعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌۚإِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴿36﴾ الإسراء، ونعى جلَّ جلاله على أقوام بقوله:إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُۖوَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ﴿23﴾ النجم 23 وقال عليه الصلاة والسلام:"البينة على المدعي واليمين على من أنكر" وقال:"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث" ومن معين هذه النصوص وردت ألوف النقول عن الأئمة الأعلام محذرة من اتهام الأبرياء - ولو كانوا فسقة أو كفرة - بلا برهان ساطع أو حجة قائمة مثل أشعة الشمس في رابعة النهار قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:"ولا تعجلن إلى تصديق ساع فإن الساعي غاش وإن تشبه بالصالحين" وقال أيضاً:"من أسرع إلى الناس بما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون" وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لقاضيه:"إذا جاءك أحد الخصمين وقد فقئت عينه فلا تحكم له حتى يحضر الخصم الآخر فلعله قد فقئت عيناه معاً" وقال الإمام الحسن البصري رضي الله عنه:"لا تشهد على وصية حتى تقرأ عليك ولا تشهد على من لا تعرف" ولولا هذه الحيطة البالغة لاختل نظام الحياة وعمت الفوضى ووقع الناس بعضهم في بعض وعلى جموع المسلمين في عصرنا هذا زيادة الحذر والتعمق في التثبت في الأخبار لأننا في عصر رقّ فيه الدين وضعفت فيه رقابة الله وخشيته وأصبح الناس أسرى للأخبار الإعلامية التي تطيرها مختلف وسائل الإعلام كل مطار وحلت الاتهامات الإعلامية المختلفة الكاذبة تارة وغير الممحصة تارة أخرى محل القضاء حتى أن بعض القضاة الضعاف الشخصية يصدرون أحكامهم الظالمة تحت تأثير سطوة وسائل الإعلام والفضائيات أما الأكاذيب والأراجيف على عموم الناس على شبكة الإنترنت فحدث عن البحر ولا حرج وصلت إلى حد اختلاق مقالات ونسبتها للأبرياء ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.
الأمر 2 – التذكير ببعض أصول القضاء الشرعي العادل:
* القضاء في الشريعة له أصول محكمة بالغة الدقة والمتانة.
منها: السماع من جميع الأطراف وذلك عملاً بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه عندما أرسل علياً رضي الله عنه إلى اليمن قاضياً أوصاه قائلاً:"فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء". وكم دمّر عدم التثبت من أمم وأفراد وأسر وفصم عرى صدقات قديمة.
ومنها: عدم الأخذ بالقرائن طالما أن المتهم ينكرها ولا يقر بها عملاً بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم القائل:"لو كنت راجماً أحداً بغير بينة لرجمت فلانة" فقد ظهر فيها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها ومع ذلك لم يرجمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها لم تعترف ولم تقر ولم يقذفها بلفظ الزنا.
ومنها: أن الشارع الحكيم لم يجعل لفاقد الحجة والبينة والبرهان أي قيمة لاتهامه أو كلامه ويكفي لرد التهمة يمين خصمه - ولو كان فاسقاً – لقوله عليه الصلاة والسلام:"لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم" وقال ابن حجر رحمه الله:"يمين الفاجر تُسقط عنه الدعوى ولولا ذلك لم يكن لليمين معنى" فليس هناك في الإسلام ما يقوم به الحكام الطغاة وأجهزة الأمن الفاسدة من أخذ الناس بالظنّة أوالشبهة أو الاعتراف تحت التعذيب والتهديد.
ومنها: أن الأصل في المتهم براءة الذمة وأن "البينة على المدعي" كما جاء في الحديث قال القاضي شريح القاضي رحمه الله:"ولا يسعني إلا أن أقضي بما يحضرني من البينة" قال الإمام القرافي رحمه الله:"ولا يضر الحاكم ضياع حق لا بينة عليه".
ومنها: أنه إذا كان واجب الإثبات على المدعى كان للمدعي عليه حق الدفاع عن نفسه وذلك بالاعتراض على البينة المقدمة ولذلك قال بعض الفقهاء بعدم جواز الحكم على المدعى عليه الغائب.
ومنها: عدالة الشهود بقوله تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ الطلاق 2.
ومنها: استقلالية القاضي وعدم خضوعه في إصدار أحكامه القضائية للحاكم الذي عينه بحكم أن الحاكم له تنفيذ الأحكام والمفتي مهمته الإخبار عن حكم الشرع على غير وجه الإلزام والقاضي مهمته إخبار عن حكم الشرع على وجه الإلزام أما العلماء والدعاة فمهمتهم الشرعية بيان الأحكام الشرعية وتفقيه الناس في الدين. قال الإمام أشهب المالكي رحمه الله: "من واجبات القاضي أن يكون مستخفاً بالأئمة" وقد فسرت عبارته أي مستخفاً بتوسطاتهم في النوازل وشفاعتهم فيها وفي إنفاذ الحق عليهم وعلى ذويهم وليس المراد أنه مستخف بحقوق الأئمة في تقرير الطاعة العامة".
تلك بعض أصول القضاء الشرعي في الإسلام والحاصل أنه يجب شرعاُ على كل مسلم عدم اتهام الناس بغير حجة شرعية أو بينة قائمة أو حكم قضائي من قاض عادل شرعي.
وعلى المسلم مهما كان مبلغه في العلم التنزه عن اتهام الغير فضلاً عن جريمة اتهام النوايا قال الإمام الغزالي رحمه الله:"ليس لك أن تعتقد في غيرك سوءاً إلا إذا انكشف لك بعيان لا يقبل التأويل" قال ابن قدامة رحمه الله:"فليس لك أن تظن بالمسلم شراً إلا إذا انكشف أمر لا يحتمل التأويل فإن أخبرك بذلك عدل فمال قلبك إلى تصديقه كنت معذوراً" ولكن الإمام ابن قدامة أشار إلى قيد مهم وهو "بل ينبغي أن تبحث هل بينهما عداوة وحسد"، وكلام الأقران يطوى ولا يروى، والآن نشرع في سرد قائمة التهم التي وجهت إلى الشيخ المصلح المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.
1- اتهامه أنه من الخوارج.
* لسنا الآن بصدد التفصيل في شأن فرقة الخوارج من حيث عقائدهم ولا تعداد فرقهم الفرعية وذكر أسمائهم ولا عن الأصول العقائدية التي تجمع بين سائر الفرق الخارجية ولا الحديث عن ظروف ظهور هذه الفرقة ومتى كان ذلك على وجه التحديد ولا إيراد الأحاديث التي وردت في ذم الخوارج وتمييز الصحيح من الضعيف منها من حيث الإسناد ولا شرح متونها ولا الخوض في بيان حكم الإسلام فيهم أكفار هم خارجون عن الملة ودائرة الإسلام؟! أم هم فسقة ضالون من أهل القبلة؟! وهل يقاتلون قتال البغاة أو المحاربين أو الكفار المرتدين؟! وهل يجوز الاستعانة بهم على قتال الفرق الأشد ضلالا منهم أو على الكفار المحاربين داخليا أو خارجياً؟!! ولن نفصل القول في الطريقة الشرعية المنضبطة التي يجب أن يسلكها معهم ولاة الأمور الشرعيين الذين يطبقون أحكام الشريعة ووصلوا إلى سدة الحكم بطريقة شرعية لا وراثة ولا توريث فيها ولا غلبة بالسيف ولا اغتصاب كما أننا لن نعقد مقارنة أو موازنة بين الفرقة وغيرها من سائر الفرق الإسلامية الأخرى كالمعتزلة والمرجئة والشيعة وأهل السنة والجماعة وتحديد نقاط الالتقاء والافتراق، وأيّهم أشد قرباً أو بعداً من الإسلام؟! وهل يجوز للحاكم الباغي أو الظالم أو الجائر أو المرتد أو الكافر أن يحاربهم ما لم يناظرهم وجهاً لوجه دون وسائط فيزيل شبهاتهم أو يرد إليهم المظالم إن كانت لهم مظالم؟! ولن نتعرض أيضاً لما جاء في شجاعتهم وفصاحتهم وأدبهم وصدق لهجتهم؟ ولن أذكر الجرائم التي ارتكبها بعض خصومهم ونسبت إليهم عبر التاريخ. كل هذا لن نخوض فيه في هذه العُجالة لأن ذلك يحتاج إلى مصنف قائم بذاته ولكن سوف نقصر الحديث عن التهمة التي وجهت للإمام المصلح المجدد محمد بنعبد الوهاب رحمه الله ليعرف العام والخاص أن ثمة علماء اتُّهموا بالخارجية من طرف خصومهم أو من طرف السلطات الطاغية تمهيداً لتصفيتهم وتشويههم وتنفير الناس منهم، وقد درج طغاة الأئمة الظلمة وأذنابهم من علماء السوء وأدعياء العلم عبر التاريخ الإسلامي الطويل وصم كل عالم معارض أو حركة إسلامية مقاومة - سلمية أو مسلحة - بخوارج العصر لتبرير قتلهم والتنكيل بهم واستئصالهم أو منعهم من حقوقهم الشرعية وكثيراً ما قُتل حملة لواء المعارضة بمختلف أشكالها ظلماً وعدواناً في بلاد شتى من طرف الحكام الطغاة وبفتاوى علماء السوء تحت غطاء إثارة الفتنة والبغي في الأرض واعتناق مذهب الخوارج والفكر الضال المنحرف، والخروج عن "ولاة الأمر" رغم أن هؤلاء الحكام الباطشين القتلة هم من أبعد الناس عن أحكام الشريعة في جميع المجالات ولا يأخذون من الشريعة وكلام العلماء إلا ما يوافق هواهم، خلافاً لسياسة الإمام الراشد الرابع علي رضي الله عنه الذي ضمن لهم حقوقهم الشرعية بل رغم تكفيرهم له نهى في آخر حياته عن قتال الخوارج وقال:"لا تقتلوا الخوارج من بعدي فليس من أراد الحق فأخطأه كمن أراد الباطل فأدركه"، وقد نهى الحسن البصري رحمه الله عن قتال الخوارج مع الحاكم الجائر وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله.
* ألم يتّهم الإمام المصلح محمد بنعبد الوهاب رحمه الله بأنه من الخوارج الذين ذمهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بقتالهم والذين اتهموه بهذه التهمة –دون تثبت أو تحقيق- هم بعض علماء عصره وبعض من جاء بعدهم منهم شيخه محمد بن سليمان الكردي رحمه الله وهو مفتي الشافعية بالمدينة المنورة وله كتاب في ذلك "مسائل وأجوبة وردود على الخوارج" ومنهم عثمان بن منصور قاضي سدير وصاحب كتاب "منهج المعارج لأخبار الخوارج" ومنهم مفتي زبيد عبد الرحمن الأهدل رحمه الله القائل:"لا حاجة إلى التأليف في الرد على الوهابية بل يكفي في الرد عليهم قوله صلى الله عليه وسلم:"سيماهم التحليق" فإنه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم" ومنهم علامة الأحناف ابن عابدين رحمه الله الذي عدّ الوهابيين من الخوارج في كتابه حاشية الدر المختار باب البغاة ومنهم الشيخ المفسر الصاوي رحمه الله عند تفسير قوله تعالى:"أفمن زُيِّن له سوء عمله فرآه حسناً" فاطر 8 حيث قال:"أنها نزلت في الخوارج الذين يحرفون تأويل الكتاب والسنة ويستحلون بذلك دماء المسلمين وأموالهم كما هو مشاهد في نظائرهم وهم فرقة يقال لها الوهابية..." ومنهم الشيخ الأزهري الدجوي رحمه الله بعد أن عدّ إحدى عشرة صفة من صفات الخوارج قام بتنزيل النصوص التي وردت في ذم الخوارج على الشيخ المصلح المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وأتباعه وهو عين ما يفعله علماء السلطان بحق رجال المقاومة والجهاد في العالم الإسلامي بعد أن سُدت في وجههم جميع وسائل التغيير السلمي ومنهم الفقيه الألمعي أبو زهرة رحمه الله عند حديثه عن أتباع دعوة محمد بنعبد الوهاب"كانوا يشبهون الخوارج الذين كانوا يكفرون مرتكب الكبيرة" كما جاء في كتابه تاريخ المذاهب الإسلامية.وانطلاقاً من أن محمد بنعبد الوهاب خارجي عند هؤلاء العلماء أفتى بعضهم بوجوب قتله منهم سليمان بن سحيم الحنبلي النجدي من أكبر فقهاء الحنابلة في الرياض وكتب كل من محمد بن حميد فقيه الحنابلة بمكة وابن فيروز الأحسائي من كبار علماء الحنابلة في عصره إلى السلطان عبد الحميد خان يدعوانه بشكل تحريضي لقتال البغاة الخارجين بنجد" ونحن نقول أنه لا يجوز شرعاً الحكم على فلان أو فلان، ولو كانت بيننا وبينه عداوة بأنه من الخوارج أو من شيعة أو من معتزلة أو من مرجئة وتنزيل نصوص الذم عليه إلا بعد مناظرة علمية في جو الحرية والإنصاف أو من خلال محاكمة شرعية عادلة أما المسارعة إلى تنزيل النصوص على المخالفين بأنهم خوارج فهو حكم جائر لا يعرفه الإسلام والعجيب أن بعض الحكام الطغاة يطربون أشد الطرب إذا سمعوا خطيباً أو عالماً أو مفكرا أو إعلاميا يصف المعارضين للنظام بأهم خوارج العصر أو الفرقة الضّالة أو كلاب النار ليتخذ من كلامهم ذريعة للتنكيل بالمعارضين وإنزال أشد العقوبات بهم، حتى أن بعض أدعياء الدعوة والعلم أصبح يكثر من ذكر نصوص الخوارج في خطبه وكتبه ومجالسه لينال الحظوة عند ذوي السلطان، وفيصل التفرقة بين دعاة الموالاة للسلطة وغيرهم الإكثار من ذم الخوارج والبغاة والإقرار بشرعية النظام القائم والدعاء لولاة الأمر على المنابر، ومثل هؤلاء الأدعياء هم الذين يفتح لهم المجال دعويا وسياسيا وإعلاميا لأن ما يصدر عنهم يصب في خدمة الحكام الظلمة شعروا بذلك أم لم يشعروا، ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى. والحاصل هل نأخذ بقول هؤلاء العلماء الأعلام المشهود لهم بالعلم والفقه فنقول أن محمد بنعبد الوهاب خارجي من الخوارج ممن يصح تنزيل نصوص ذم الخوارج عليه، أم أن الأمر مجرد تهمة لا تقوم على حجة؟!!!! وما هو المعيار الشرعي في قبول التهمة أو ردها؟!!! وماذا لو لم تنتصر دعوته على يد آل سعود في الدولة الأولى والثانية والثالثة أكان يقال أنه خارجي ويعلق على أعواد المشانق؟!!!وهل انتصار الدولة بالسيف جعله ينجو من تهمة الخارجية فيكون الأمر أن حدّ السيف هو الذي رجّح دعوته وليس قوة الدليل والحجة أي لولا السيف لما قامت لدعوته قائمة فالفضل للسيف وليس للحجة والدليل وأن السلطة المنتصرة باستطاعتها ترجح الفهم الذي تريده للإسلام وحمل الناس عليه ؟!!!، فالمسألة تحتاج إلى تحقيق علمي في صحة هذه التهمة من عدمها.
2- اتهامه أنه قرن الشيطان!!!:
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم بارك في شامنا ويمننا قالوا وفي نجدنا قال هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان" ولسنا الآن بصدد ما قيل في شرح هذا الحديث وهل المقصود نجد الحجاز أم نجد العراق؟!! وإنما حسبنا أن نقول أن هناك من قام بتنزيل هذا الحديث على نجد الحجاز وليس نجد العراق واتّهم المصلح الذي رفع راية الجهاد لتطهير الاعتقاد، المجاهد محمد بنعبد الوهاب الذي أثنى عليه العلماء شرقا وغربا بأنه هو قرن الشيطان وأن نجد الحجاز هي التي خرج منها مسيلمة الكذاب لأنه من بني حنيفة وخرج منها كل من نافع الأزرق ونجدة بن عامر وهما من اليمامة والتي يطلق عليها الرياض وعاصمة الحكم لآل سعود اليوم وذهب بعضهم إلى اتهام محمد بنعبد الوهاب رحمه الله أنه من عشيرة ذي الخويصرة التميمي فكل منهما من تميم فيكون من ضئضئه وقد حذر شقيق محمد بنعبد الوهاب سليمان بنعبد الوهاب رحمه الله أخاه من أن يكون من هؤلاء كما في الصواعق الإلهية باب الشيطان في نجد وقال أكبر وأوثق مؤرخ في المملكة السعودية عثمان بن بشر رحمه الله في كتابه الذي يعد أهم المراجع الموثوقة في التاريخ السعودي عنوان المجد "واعلم رحمك الله أن هذه الجزيرة النجدية هي موضع الاختلاف والفتن ومأوى الشرور والمحن والقتل والنهب والعدوان بين أهل القرى والبلدان ونخوة الجاهلية بين قبائل العربان ..." قال العالم المعاصر لمحمد بنعبد الوهاب عثمان بن منصور:"إن نجد هي قرن الشيطان وقد امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدعاء لها لما دعا للشام ولليمن وللمدينة لما علم بعلم الله ما يحدث فيها ومنها وقال فيها:"أولئك منها الزلازل والفتن ومنها يظهر قرن الشيطان"" وقال محمد بنعبد الرحمن بن عفالق من كبار علماء الحنابلة في زمانه رحمه الله:"وفي فضل أهل الشام واليمن والحرمين وفارس ما يعرفه من له أدنى معرفة بالأحاديث وأما أنتم يا أهل اليمامة ففي الحديث الصحيح عندكم يطلع قرن الشيطان وأنتم لا تزالون في شر من كذابكم إلى يوم القيامة إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار" وقال محمد الغماري رحمه الله:"ولما طلع قرن الشيطان بنجد في أواخر القرن الحادي عشر وانتشرت فتنته كانوا يحملون الأحاديث عليه وعلى أصحابه" وقال العالم أحمد بن حداد من كبار علماء حضر موت رحمه الله:"ولم يطلع قرن الشيطان إلا بعد الألف والمائة والخمسين وهو محمد بنعبد الوهاب رأس هذه البدعة وأسها". وقال أخوه سليمان بنعبد الوهاب وهو أكبر منه سناً وكان عالماً قاضياً حنبلياً رحمه الله:"ومما يدل على بطلان مذهبكم ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"رأس الكفر نحو المشرق"". والسؤال المطروح هل يستحق العالم المصلح الذي حمل لواء التوحيد وتحكيم الشريعة والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاء والبراء والشدة في ذات الله، محمد بنعبد الوهاب أن ننزل فيه الحديث السابق الذكر؟!! أم أن الأمر مجرد تهمة باطلة تلفق للمصلحين والمجددين وزعماء الإصلاح عبر العصور ويتولى كبرها والنفخ فيها ولاة سوء وأدعياء علم وإعلام مرتزق، كما يقول الشيخ بن باز في تقديمه لكتاب دعوة محمد بنعبد الوهاب لحجر أبو طامي رحمهما الله.
فائدة: من الخيانة العلمية تصوير فرقة الخوارج على أنها أخطر على الإسلام من جميع الفرق الإسلامية وليس الأمر كذلك عند من له أدنى اطلاع على الكتب التي تناولت سائر الفرق الإسلامية بالبحث والدراسة والتأريخ لها، فهناك من أهل العلم من جعل المرجئة أشد ضررا على الإسلام والمسلمين.
ولذلك قال سعيد بن جبير رحمه الله "المرجئة يهود القبلة" وقال إبراهيم النخعي رحمه الله "فتنتهم –يعني المرجئة- أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة (أي الخوارج)، وقال أيضا "الخوارج عندي أعذر من المرجئة"، وقال الإمام الزهري رحمه الله "ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء"، وقال الإمام شريك رحمه الله "هم أخبث قوم"، وقال الإمام الثوري رحمه الله "لقد تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري"، وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله "كان يحي بن أبي كثير وقتادة، يقولان: وليس شيء من الأهواء أخوف عندهم من الإرجاء"، نسأل الله تعالى السلامة من كل الأهواء والملل والنحل التي أضرت بالإسلام والمسلمين رغم تفاوت الضرر بينهم.
3- تهمة الخروج على الخليفة ونوابه
* موضوع الخروج على الحكام وأحكامه وضوابطه أمر بالغ الخطورة قلَّ من فصَّل فيه تفصيلاً شافياً وافياً بكل شجاعة ووضوح وهو جانب مغفول عنه لعدة أسباب، لسنا الآن بصدد تفصيلها رغم أنه من صلب الفقه السياسي في الإسلام ولكن في هذا البيان لن نتطرق إلى الحديث عن أنواع الخروج على الحكام التسعة وما يجوز منها وما يجب منها وما يحرم منها وما يتوقف فيه، ولن نتحدث عن أحكام العزل والخلع والانخلاع ولن نتحدث عن أصناف الحكام ومن يجب الخروج عليه ومن يجوز الخروج عليه ومن اختلف العلماء فيه بين مجيز ومانع ومن يحرم الخروج عليه أصلاً ولن نفصل القول في الأسباب الشرعية الداعية للخروج على ولاة الأمر وما هي مواصفات ولاة الأمر في الكتاب والسنة وآثار السلف الأوائل كما أننا لن نعرج عن بيان معنى الكفر البواح وما هي المقاصد التي إن أخل بها ولي الأمر وجب سل السيف في وجهه لمن قدر على ذلك، ولو لم يتلفظ بالكفر البواح؟ وما حكم الحاكم الذي لا يصدر منه الكفر البواح ولكنه يهدم مقاصد الحكم الشرعي؟ وما حكم الحاكم الذي يصدر منه العصيان الفردي ولكنه يقيم أحكام الشريعة؟!!! وهل العبرة في الحاكم الإيمان والالتزام الشخصي أو القيام بمقاصد الإمامة أو هما معا؟!!! وهل من شروط الخروج على الحاكم مجرد تكفيره أم مجرد إخلاله بمقاصد الحكم الواجبة الشرعية، فوجب الخروج عليه لمن قدر على ذلك؟!!! وهل مجرد الكفر يوجب الخروج ولو مع فقدان القدرة، وما هو معيار القدرة ومن يحق له تحديد القدرة من عدمها، وهل الخروج أمره إلى الشعب أم إلى أهل الحل والعقد، وما حكم إذا سكت أولي الحل والعقد عن القيام بالواجب وتقاعس الشعب، فهل يجوز لطائفة ما القيام بذلك الواجب؟!!! وهل هي مسألة نصّية أم اجتهادية تقديرية تختلف فيها الأنظار؟!! ولن نتحدث عن أصناف الخارجين على ولاة الأمور من محاربين وبغاة وخوارج وأهل حق وعدل غضباً لله تعالى وهل كل خارج يجب وصفه بأنه من الخوارج؟!!! وهل الخروج على نواب الحاكم كالخروج على الحاكم ذاته، أم أن الأمر فيه تفصيل؟!!! وما هي المعاملة الخاصة الشرعية بكل صنف من تلك الأصناف؟!! وما هو البديل عن عدم القدرة على الخروج، أهو العمل السياسي أو العمل الفكري التربوي أو محاولة إصلاح النظام من الداخل وتخفيف المظالم ؟!!! كل ذلك لن نفصل فيه القول في هذه العجالة، لأن ذلك يتطلب سفراً عظيماً قائماً بذاته يحصي كل شاردة وواردة لمثل هذا الموضوع الحيوي في حياة الأمة الإسلامية التي مازالت تعاني من الاستبداد والطغيان وقهر الناس وإذلالهم والاعتداء على حقوقهم المشروعة تحت عنوان السمع والطاعة لولاة الأمر التي أُسيء فهمها بما يخدم الطغاة البغاة، وكيف نقنن ضوابط العزل والخلع والانخلاع دستوريا في مواد واضحة المعالم لكبح جماح التمرد والفوضى وفي نفس الوقت سد الباب أمام كل نزعة طغيان أو علو أو استبداد من الحاكم، أو محاولة الخروج على الشرعية والمشروعية، وهذه ثغرة كبيرة في الفقه الإسلامي يجب أن تدرس بعمق وأناة وبصيرة من أهل الاختصاص الشجعان الحكماء.
* قال الشيخ محمد بنعبد الوهاب رحمه الله في رسالته لأهل القصيم:"وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برِّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته وحرم الخروج عليه" والسؤال المطروح: إذا كانت هذه هي عقيدة الشيخ السلفية في عدم الخروج على أئمة المسلمين وإن وقع منهم جَوْرٌ أو فجور فلماذا أعلن الخروج على الدولة العثمانية هو وآل سعود وأتباعه من بعده؟ فهل وقع من خلفاء وسلاطين الدولة العثمانية كفرا بواحا؟!! وهل أعلن واحد منهم بلسانه أنه كافر؟ أم أتى أفعالاً وأقوالاً هي في حد ذاتها من الكفر البواح؟!! وإذا كانت نجد لم تكن تحت نفوذ دولة الخلافة كما يقول البعض دفاعا على الشيخ محمد بنعبد الوهاب الذي خالف أصلا من أصول العقيدة السلفية، وهو الأصل الذي مازالت السعودية حريصة على نشره وإذاعته في الناس بل حتى الأنظمة التي لا تحكم بما أنزل الله والشريعة أخذت تدعو إليه صباح مساء!!! والسؤال المطروح، لماذا لم يطالب الشيخ رحمه الله من آل سعود وأتباعه بإعلان البيعة والانضمام إلى خليفة المسلمين أم أنه يراهم غير أهل لمنصب الخلافة؟!! وإذا كان بني عثمان ليسوا أهلا للخلافة فهل آل سعود هم أهل لإمامة المسلمين؟!!! ألم يكن يعلم الشيخ أن مكة والمدينة خاضعة لسلطان خليفة المسلمين؟!!! ولماذا عقد الشيخ البيعة مرتين مرة لأمير العينية عثمان بن أحمد بن معمر الذي تخلى عنه تحت التهديد من أمير الأحساء والقطيف وطلب منه الخروج من العيينة فاختار الدرعية سنة 1745 وبايع فيها محمد بن سعود ولم يبايع لخليفة المسلمين ولم يعلن السمع والطاعة للأمراء الأشراف في مكة والمدينة الذين ينوبون عن الخليفة العثماني، وهل غفل الشيخ رحمه الله عن النهي الوارد في المبايعة لخليفتين كما جاء في الأحاديث الصحيحة؟!!! وغالب الظن –والله أعلم- أن الشيخ محمد بنعبد الوهاب يرى أن خليفة الدولة العثمانية إمّا واقع في الكفر البواح أو فعل الكفر البواح أو قال الكفر البواح أو شجّع الكفر البواح أو سكت عن الكفر البواح الذي لا يجوز السكوت عليه خليفة المسلمين لأن من مقاصد الإمامة والخلافة الحفاظ على مقصد الدين؟!!! فمن المستحيل أن يقرر الشيخ عقيدة السلف الصالح في عدم الخروج على أئمة المسلمين كما هو مبثوث في رسائله، ثم يُعلن الخروج عليهم وعلى نوابهم بالنيابة بالسيف وليس بالدعوة والنصح سرا وجهرا أو الصدع بكلمة الحق في وجه السلطان الجائر لأن ذلك من أفضل الجهاد بنص الحديث وإن قتل وهو أعزل من السلاح كان من الشهداء، فغالب الظن -والله أعلم- أنه رأى شركا عظيما أو كفرا بواحا، ثم ما هو الشرك الأكبر الذي يجوز معه الخروج على ولاة المسلمين أهو شرك الربوبية أو شرك الأسماء والصفات أو شرك الحاكمية، أو شرك القبور؟!!! وما حكم من لم يقع في شرك القبور ولكنه وقع في شرك القصور أو الدستور؟!!! وما حكم من لم يقع في شرك الأموات ولكنه وقع في شرك الأحياء ممن يشرعون أحكام الجاهلية؟!! والحاصل أن الشيخ ربما اقتنع من خلال بعض الأدلة أو القرائن أنهم وقعوا في الشرك الأكبر، وهل كل ما يعتبره الشيخ شركا أكبرا هو عند خصومه من العلماء كذلك أم يرون بعضه شركا أصغرا لا يخرج من الملة ومن وقع فيه فهو معذور بالجهل أو التأويل أو التقليد أو الشبهة؟!!! أو إن الخليفة العثماني ونوابه صدر منهم كفراً بواحاً عليه من الله فيه برهان وإلا وقع الشيخ رحمه الله في تناقض صارخ بين النظرية والممارسة الفعلية الميدانية كما يقولون؟!!! أو أن الشيخ راجع نفسه في هذه المسألة التي ظنها من صلب العقيدة، بينما هي من فروع العقيدة الخفية على العوام أو هي من فروع الشريعة بحكم أن أحكام الإمامة ليست من أصول الدين وإنما من فروعه خلافا للشيعة وإن أدرجت في كتب العقائد كما أدرجت فيها مسألة المسح على الخفين وهي من قضايا الفروع قطعا؟!!! وواقع الحال أن ما هو مصرح به في بعض رسائله في واد، أي العقيدة المكتوبة في واد والفتوى بالفعل كما يقول الشاطبي رحمه الله في واد آخر؟!!! كل هذه التساؤلات أثيرت في وجه الشيخ رحمه الله ولذلك اتهمه علماء زمانه ومن بعده بالخروج على الدولة العثمانية التي كانت تواجه مؤامرة دولية رهيبة بقيادة روسيا والنمسا وبلغاريا والصرب وانجلترا وردّوا على زعم من زعم أن نجد لم تكن تحت سلطة الدولة العثمانية فقالوا: لماذا حاربتم ممثل الخليفة محمد علي باشا سنة 1814 وظلت الحروب قائمة إلى سنة 1818 حيث سقطت الدرعية؟!!! ولماذا أخرجتم ممثلي الدولة العثمانية من الحجاز والأحساء؟!!! ولماذا قاتل أتباع الشيخ من ظلوا على ولائهم للدولة العثمانية المسلمة ولم يخلعوا يدا ن طاعة، كما فعلوا مع آل رشيد في الشمال الشرقي والأسرة الهاشمية في الحجاز؟!!! وما هو المسوغ الشرعي الذي جعل أتباع الشيخ يقاتلون الجيش العثماني قتالاً مريرا مما أسفر على قتل 2400 في وقعة واحدة من جنود المسلمين وفيهم المصري والمغربي والجزائري والتونسي والليبي، والقرشي كما يقول ابن بشر وفي مقدمتهم الشريف سعود بن يحيى بن بركات؟!! وما هو المبرر الشرعي الذي جعل الملك ابن سعود يستلم راتباً شهرياّ وبشكل منتظم مند سنة 1914 أي منذ دخول الحرب العالمية الأولى بجانب الحلفاء ضد الأتراك وألمانيا، وإذا كان الشيخ يعتقد عدم جواز الخروج على ولاة الأمر وخليفة المسلمين؟!!! فما هي نصوص الكتاب والسنة التي تجيز شرعاً أخذ رشوة مالية للمساهمة في سقوط الدولة العثمانية التي رفض آخر خلفاءها بيع قطعة أرض من فلسطين للصهاينة بينما آل سعود يأخذون الرشوة للمساهمة في سقوط الدولة العثمانية؟!!! ومن من الفقهاء في الأولين والآخرين من أجاز استعانة حاكم مسلم بكافر على المسلمين رغم اختلافهم في حكم استعانة المسلم بالكافر على كافر والراجح المنع؟!! أنظر سلسلة مقالات للأخ بن حاج علي في المنقذ حول موضوع الاستعانة بالكفار تحت عنوان "تنبيه الأخيار إلى حكم الاستعانة بالكفار" بتاريخ 19 ديسمبر 1990 وفيها رد على فتوى من السعودية تجيز ذلك في حرب الخليج الأولى، هذه الأسئلة وغيرها يجب الإجابة عليها من المختصين في التاريخ لأنه لا يمكن أن نقر النظام السعودي على تعليم السعوديين في المدارس والمعاهد والجامعات والمساجد أن الخروج على الحكام وولاة الأمر فتنة ما بعدها فتنة وهي دولة قامت على الخروج بالسيف على الخلافة العثمانية المسلمة!!! ومن عجائب الدهر أن أحفاد خلفاء بني عثمان هم الذين يقفون مواقف مشرفة من القضايا الإسلامية بينما النظام السعودي يقف مواقف الخذلان والعياذ بالله، ولا يمكن أن نقبل من علماء الحجاز المطالبة بتجريم منظري الفكر وخوارج العصر ووجوب التبليغ عنهم ولعن من آوى محدثا كما جاء في بيان هيئة كبار العلماء مؤخرا بتاريخ 3/04/2010 أو ما جاء في مؤتمر الإرهاب المنعقد بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بتاريخ 28/03/2010 تحت عنوان "المؤتمر الدولي للإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف" بينما مؤسس الدولة الأولى محمد من سعود قد آوى محدثا بالدرعية ومنظر الدولة ولا نقول منظر جماعة مسلحة، وبالتالي هل يستحق الحاكم الأول لآل سعود اللعنة بنص الحديث الذي أوردته الهيئة في بيانها لاسيما والشيخ قد طرد من العيينة لأنه أقام حد الزنا على امرأة دون إذن الإمام بل دون إذن الأمير الذي كان في حمايته لأن الحدود أمرها لولاة الأمور وليس للدعاة أو عامة الشعب أم أن المسألة فيها تفصيل عند الفقهاء؟!! وهل يعقل منع الكتب التي تروج "للفكر الضال" والشيخ محمد بنعبد الوهاب وآل سعود وأتباعه أول من حشدوا الناس للخروج على الدولة العثمانية؟ وبهذا المنطق يجب تجريم جميع أدباء المقاومة التي كانت وراء شحذ الهمم لتحرير الشعوب من نير الاستعمار عبر العالم؟!!! والأعجب والأغرب أن النظام السعودي الذي يحذر من الخروج على الحكام بمجرد النقد والمعارضة باللسان ويجرم التحريض على الحكام وولاة الأمر ولكن أبواق النظام الإعلامية تحرض على ولاة الأمر في الدول التي لا تتفق معها في سياستها الخارجية، كما هو الحال مع ولاة الأمر في إيران على الرغم من أن ولاة الأمور في إيران وصلوا إلى سدة الحكم بالانتخاب وصناديق الاقتراع بينما النظام السعودي لا يؤمن لا بالانتخابات ولا المظاهرات السلمية ولا بالتداول على السلطة فضلا على الإيمان بصندوق الانتخاب والتعددية الحزبية، ولكن بعض القنوات الإعلامية التابعة للسعودية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة تحرض بشكل مفضوح على الإخلال بالأمن داخل إيران وتهلل لكل تظاهرة ضد النظام الإيراني وتنصّب نفسها مدافعة على تيار الإصلاح بحجة أنه هضم حقه في التظاهر والمسيرات السلمية وحق التجمع وكأن المملكة السعودية رائدة العالم في المسيرات والتظاهرات والتعددية الحزبية؟؟؟، والإيمان بنتائج صناديق الاقتراع وهي التي أعلن بعض كبار أهل العلم فيها بحرمة المسيرات والتظاهرات أثناء الاعتداء على غزة المجاهدة، والتي ما زالت تعاني من ويلات الحصار ولم تجد في صفها إلا أحفاد بني عثمان في المحافل الدولية والسعي لكسر الحصار جزاهم الله خيرا، أنظر مقالا في المنقذ يرد على القائلين بعدم جواز المظاهرات والمسيرات والتجمعات والاعتصامات تحت عنوان "تبديد الضباب عن حكم المسيرة والتجمع والإضراب" بتاريخ 11 أكتوبر 1990 للأخ عليبن حاج- وتصّر بعض هذه القنوات الفضائية المأجورة على توظيف صور من الأرشيف دون الإعلان على أنها من الأرشيف كما تقتضي المهنية والحياد، لتأجيج التوتر الداخلي وصولا إلى الإطاحة بالنظام الإيراني، لسواد عيون أمريكا كما تمت الإطاحة بالخلافة العثمانية لقاء رشوة؟!!! والآن نسوق بعض أقوال علماء زمانه ومن بعدهم في اتهام محمد بنعبد الوهاب رحمه الله بالخروج على الخليفة العثماني ونوابه في أرض الحجاز والدول المجاورة، عن الحكام بحد السيف وهو شعار الراية السعودية قال ابن عفالق منتقداً:"وأما توحيدكم الذي مضمونه الخروج على المسلمين ... فهذا إلحاد لا توحيد..." وقال ابن عابدين في أتباع محمد بنعبد الوهاب:"وهم الخارجون على طاعة الإمام بلا حق" قال عبد القيوم زلوم رحمه الله في كتابه كيف هدمت الخلافة:"... رفعوا السيف في وجه الخليفة وقاتلوا الجيش الإسلامي جيش أمير المؤمنين بتحريض من الإنجليز وإمداد منهم". فهل يعقل أن يمنع النظام السعودي ويصادر الكتب التي تحرض على المقاومة أو التي تذكر رأي مدرسة فقهية أخرى ترى جواز الخروج عن ولاة الأمر الجائرين، ووصم كل من يقول بهذا الرأي الفقهي بأنهم خوارج العصر وحملة الفكر الضال، وتعقد المؤتمرات لهذا الغرض كالمؤتمر الذي عقد مؤخرا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، هذه الجامعة التي كانت تصدع بوجوب الجهاد في أفغانستان على سائر المسلمين، وحرضت العالم على وجوب مقاومة الحكومة الأفغانية العميلة التي استعانت بالاتحاد السوفييتي والأعجب والمدهش أن المؤتمر عقد بالجامعة الإسلامية في نفس اليوم الذي زار فيه أوباما جيوشه المعتدية على أفغانستان المحتلة، دون أن يرتفع صوت الأمير نايف أو مفتي الديار السعودية بوجوب إعلان الجهاد على أمريكا المعتدية والمطالبة بوجوب إسقاط العميل كرازاي الذي يستعين بأمريكا على أبناء شعبه، كما استعان نجيب الله بالاتحاد السوفييتي "أكفاركم خير من أولئك أم لكم براءة في الزبر"، "يحلونه عاما ويحرمونه عاما"، ما لكم كيف تحكمون؟!!!، ألم يمنع كتاب الشيخ محمد الغزالي رحمه الله "كيف نتعامل مع القرآن" من السعودية لأنه أشار إلى موضوع الخروج على الحكام بينما نجد النظام السعودي يفاخر بجهاد محمد بنعبد الوهاب وأبنائه وأحفاده وأسرة آل سعود الذين انفصلوا على الدولة العثمانية وخرجوا عليها بالسيف في مواطن عديدة وقضوا على نوابها في نجد والحجاز وسائر أرض المملكة ويفاخر النظام السعودي أنه قام بثورة قبل الثورة الأمريكية بـ250 عاما، حتى أن القصيبي ألف كتاباً أسماه "الثورة الوهابية" وقال أندرو كرايتون وهو أحد المهتمين بالثورة الوهابية:"إن من أعظم الثورات التي شهدتها الجزيرة العربية من أيام محمد (صلى الله عليه وسلم) تلك الفرقة الدينية المسماة الوهابية"، وبعد قيام المملكة السعودية أصبحت كلمة الثورة رجسا من عمل الشيطان والخوارج ومسلك من مسالك اليهود والنصارى!!! وكل من يتحدث عن الثورة يتهم بالشيوعية!!!، وهكذا أصبحت "عقيدة" الخروج على ولاة الأمر لعبة بين يدي الطغاة، فقبل قيام الدولة، الفتاوى كلها تصب في وجوب الخروج على الظلمة، وبعد الانتصار وتثبيت أركان العرش تصبح كل محاولة للخروج على الحاكم باللسان والسنان مروقا من الدين وفتنة تستوجب أشد العقاب من أية جريمة أخرى!!!
كشف بعض الشبهات:
* يًشيع ويُذيع بعض أدعياء العلم الشرعي ووعاظ السلاطين - غفر الله لنا ولهم - في عموم الناس بمختلف الوسائل وعلى رأسها الفضائيات الموجهة من السلطات الفاقدة للشرعية المستبدة الطاغية، هذه الفضائيات التي أصبحت عند بعض الناس المرجع الديني وصانعة أفكارهم في ظل زهد أغلب الناس للتعمق في البحث والاطلاع وهذا نتيجة ضعف الهمم في التنقيب على الحقائق العلمية والتاريخية من بطون الموسوعات العلمية المختلفة أن إشاعة القول بأن الخروج على ولاة الأمر الجائرين إنما هو من شأن الخوارج كلام لا أساس له من الصحة لدى كل مطلع على التاريخ الإسلامي، كما أن إشاعة مثل هذا القول والترويج له إنما هو من تلبيس إبليس وإخفاء لبعض الآراء المخالفة في مثل هذه المسألة الخطيرة وهذا الصنيع يعتبر خيانة للأمانة العلمية فلا يمكن عرض مسألة خلافية على أنها مسألة إجماعية فضلا على أنها مسألة عقائدية مجمع عليها؟!!! والحق أنه ما كل خارج على ولاة الأمر الجائرين إنما هو من الخوارج؟!!! ولذلك يجب الإشارة إلى جملة من النقاط في شأن هذه المسألة الخطيرة، التي كثر فيها القيل والقال.
أ- إبطال دعوى الإجماع: يزعم بعض أدعياء العلم الشرعي أنه قد انعقد الإجماع على حرمة الخروج على الحكام الجورة مستدلين بقول الإمام النووي رحمه الله حيث قال:"وأمّا الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين وقد نظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل بالفسق وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل وحكي عن المعتزلة أيضاً فغلط من قائله مخالف للإجماع" وقد نص العلماء أن دعوى الإجماع التي أشار إليها الإمام النووي رحمه الله غير دقيقة وغير صحيحة، فما كل مسألة حكى فيها الإجماع يكون الأمر كذلك، فما أكثر المسائل التي حكي فيها الإجماع ثبت عند التمحيص والتعمق في البحث أن المسألة خلافية وليست إجماعية وليست من أصول العقائد وإن ذكرت في كتب العقائد، وأما مجرد الدعوى فليست دقيقة، ولذلك قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:"من ادعى الإجماع فهو كاذب"، بل إن الإمام النووي رحمه الله يؤكد ذلك في موطن آخر من القول السابق عند قوله:"وأما الوجه المذكور في كتب الفقه ..." وقال أيضاً:"وقال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحدود ولا ينخلع ولا يجوز الخروج عليه بذلك بل يجب وعظه وتخويفه للأحاديث الواردة في ذلك وقال القاضي عياض رحمه الله : وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد في هذا الإجماع وقد رُدّ عليه بعضهم هذا بقيام الحسين وابن الزبير وأهل المدينة على بني أمية وبقيام جماعة عظيمة من التابعين والصدر الأول على الحجاج مع ابن الأشعث وتأوّل هذا القائل قوله أن لا ننازع الأمر أهله في أئمة العدل وحجة الجمهور أن قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق بل لما غيّر من الشرع وظاهر من الكفر وقال القاضي: وقيل أن الخلاف كان أولاً ثم حصل الإجماع على منع الخروج والله تعالى أعلم ..." فكلام النووي رحمه الله أن هناك من العلماء من يرى جواز الخروج محتجاً بخروج عدد من الصحابة التابعين وهم سلفنا الأوائل وخير القرون على الدولة الأموية التي لم يظهر منها كفراً بواحاً ويبقى السؤال مطروحاً كيف حصل الإجماع ومتى ومن حضره؟!!! وممن أشار إلى أن مسألة الخروج على الحاكم الجائر مسألة خلافية وليست إجماعية فضلا عن أن تكون من صلب العقيدة أو فروعها كما يحاول وعاظ السلاطين الترويج له، يقول الإمام الأشعري رحمه الله في مقالات الإسلاميين:"إن جماهير أهل السنة والخوارج والمعتزلة والزيدية وكثير من المرجئة يرون وجوب الخروج على الإمام الفاسق واستخدام القوة في ذلك وهذا ما يعبر عنه الفقهاء بمسألة سل السيف" وقال ابن حزم الأندلسي رحمه الله: "وذهبت طوائف من أهل السنة وجميع المعتزلة وجميع الخوارج والزيدية إلى أن سل السيوف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب إذا لم يكن دفعه إلا بذلك" وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء فإن أحدث جوراً بعد أن كان عادلاً فاختلفوا في جواز الخروج عليه والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه" بل صرّح الحافظ ابن حجر في ترجمة الحسن بن صالح رحمه الله أن مذهب السلف الأوائل الخروج على الحاكم الجائر بالسيف حيث قال:"كان يرى السيف ويرى الخروج على أئمة الجور .... وهذا مذهب للسلف قديم لكن استقر الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى ما هو أشد منه ..." والمسألة مازالت تحتاج في عصرنا هذا إلى بيان وتوضيح وتأصيل شرعي وسياسي للخروج برؤية واضحة المعالم في هذه المسألة حيث تصب في خدمة مقاصد الشريعة الإسلامية وترجيح كفة الشعوب المقهورة وإعادة إلى الاعتبار لها حتى لا يستغل الملوك والأمراء والحكام القول بعدم جواز الخروج على الحاكم الجائر استغلالاً يمكن للاستبداد والطغيان وطمس إرادة الشعوب، ولنا عودة إلى مثل هذا الموضوع إذا كان في العمر بقية وفي الوقت سعة وفي الصحة عافية، والله الموفق لكل خير.
ب- بيان أن ما كل خارج من الخوارج: يزعم وعّاظ السلاطين وعلماء السوء أن كل من خرج على حاكم جائر فهو من الخوارج وهذا كلام خطير، مفاده عند التحقيق تجريم بعض الصحابة وكبار التابعين وهم سلفنا الأوائل وخير القرون ممن خرجوا بالسيف على حكام الجور دون أن يظهر منهم كفرا بواحا؟ بل طبقوا أحكام الشريعة وفتحوا البلاد وهدوا العباد وكسروا إمبراطوريات الطغيان، ألم يخرج أهل المدينة على يزيد بن معاوية وفيهم عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما؟!! قال ابن كثير في البداية والنهاية يصف حال أهل المدينة:".. اجتمعوا عند المنبر فجعل الرجل منهم يقول: خلعت يزيداً كما خلعت عمامتي هذه ويلقيها عن رأسه ويقول آخر: خلعته كما خلعت نعلي هذه حتى اجتمع شيء كثير من العمائم والنعال هناك...." وخرج الفقهاء في ثورة على الحجاج بن يوسف وعلى رأسهم سعيد بن جبير رحمه الله الذي كان يقول:"قاتلوهم ولا تأثموا من قتالهم بنية ويقين عليّ آثامهم قاتلوهم على جورهم في الحكم وتجبرهم في الدين واستذلالهم الضعفاء وإماتتهم الصلاة" ولم يقل عالم من العلماء قديما وحديثا أن سعيد بن جبير مبتدع ضال ومن آواه فهو ملعون لأنه آوى محدثا!!! أو أنه صاحب فكر ضال أو أنه منظر للفكر الضال أو أنه من الخوارج كلاب النار بل قال فيه الإمام بن حنبل رحمه الله:"لقد مات سعيد بن جبير وما تحت أديم السماء إلا وهو محتاج إلى علمه" ومازال الفقهاء وعلماء الشريعة يستشهدون بأقواله واختياراته الفقهية وهو من ألمع تلاميذ حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وأقواله مشهورة في كتب التفاسير والحديث والفقه، وقال ابن كثير رحمه الله في شأن أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله الذي كان يخطط للخروج على الخليفة،وكُشف أمره بالخيانة والوشاية:".. من أهل العلم والديانة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير وكان من أئمة السنة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر" وقال فيه الإمام أحمد بن حنبل عندما بلغه مقتله:"رحمه الله ما أسخاه لقد جاد بنفسه" وحزن عليه أهل بغداد سنين طويلة لاسيما الإمام أحمد ولم يقل أنه مبتدع ضال من الخوارج أو من حملة الفكر الضال أو من الخوارج كما يشيع أدعياء العلم ووعاظ السلاطين-هدانا الله وإياهم لكل خير- فما كل من خرج عن الحاكم الجائر من الخوارج مع العلم أن هناك فرقاً عظيماً بين الخروج السياسي والخروج الديني ولذلك نص العلماء على أن الخارجين على الحكام أصنافا وليسوا صنفاً واحدا وكل صنف له حكمه ومعاملته، لأن الذين شهروا السلاح في وجه الخلفاء وولاة الأمر عبر التاريخ الإسلامي الطويل ليسوا صنفا واحدا، ولسنا الآن بصدد بيان القول الراجح من المرجوح في هذه المسألة، ولكن حسبنا التأكيد على حقيقة طالما حاول الحكام الطغاة تبنيها ونشرها وإذاعتها في الناس على أساس أنها عقيدة من عقائد أهل السنة والجماعة وتشجيع أدعياء العلم ووعاظ السلاطين الترويج لها عن طريق الكتابة والخطابة وعلى الفضائيات وإغفال الرأي الفقهي الآخر كأنه لم يكن وتصويرها أنها مسألة إجماعية وليست خلافية وأصبحت بعض الأنظمة الفاسدة تستكتب بعض أدعياء العلم في هذه المسألة بالذات والمساعدة على طباعة تلك الكتب طباعة فاخرة ونشرها تارة بثمن زهيد وتارة مجانا والترويج لتلك الكتب إعلاميا، وحسبنا الآن أن ننقل بعض ما قاله أهل العلم ليدرك كل مسلم يطلب الحق لوجه الله تعالى أن هناك تدليساً وتلبيساً خطيراً في هذه المسألة التي شغلت الناس والدول، ونحن لسنا ضد من اقتنع برأي مدرسة من المدارس الفقهية المعتمدة في مثل هذه المسألة، ولكننا ضد الخيانة العلمية، فليعرض كل باحث المسألة كما هي، ثم ليختار ما مالت إليه نفسه بعد النظر الفاحص في الأدلة المتعارضة أمامه ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، فثمة علماء رجحوا المنع في عصرهم، ولكنهم لم يطمسوا الرأي الآخر الذي يعتبرونه مرجوحا عندهم، منهم ابن تيمية رحمه الله كما في منهاج السنة:"لكن قد يخطئون من وجهين - أي من يخرجون على الأئمة بغرض إنكار المنكر أحدهما أن يكون ما رأوه ديناً ليس بدين كرأي الخوارج وغيرهم من أهل الأهواء فإنهم يعتقدون رأياً هو خطأ وبدعة ويقاتلون الناس عليه بل يكفرون من خالفهم فيصيرون مخطئين في رأيهم وفي قتال من خالفهم أو تكفيرهم ولعنهم وهذه حال عامة أهل الأهواء كالجهمية .... إلى قوله: والخوارج المارقون أئمة هؤلاء في تكفير أهل السنة والجماعة وفي قتالهم الوجه الثاني: من يقاتل لا على اعتقاد رأي يدعو إليه مخالف للسنة والجماعة كأهل الجمل وصفين والحرة والجماجم وغيرهم لكن يظن أنه بالقتال تحصل المصلحة المطلوبة فلا يحصل بالقتال ذلك بل تعظم المفسدة أكثر مما كانت فيتبين لهم في آخر الأمر ما كان الشارع دل عليه من أول الأمر وفيهم من لم تبلغه نصوص الشارع أو لم تثبت عنده وفيهم من يظنها منسوخة كابن حزم وفيهم من يتأولها كما يجري لكثير من المجتهدين في كثير من النصوص فإنه بهذه الوجوه الثلاثة يترك من يترك من أهل الاستدلال العمل ببعض النصوص إما أن لا يعتقد ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم وإما يعتقدها غير دالة على مورد الاستدلال وإما أن يعتقدها منسوخة.." فها هو شيخ الإسلام ابن تيمية يصنف الخروج إلى خروج ديني وخروج سياسي ويبدي وجهة نظره حسب عصره وتجاربه وهي نظرة اجتهادية غير ملزمة لكل العصور كما ينصّ علماء الأصول من أن الفتاوى يراعى فيها الزمان والمكان وتغير الظروف والنفوس، ولكن شيخ الإسلام في نفس الوقت يلتمس العذر لمن يخالفه في الرأي كل حسب ما أداه إليه اجتهاده بحكم أنها مسألة اجتهادية وغير إجماعية وعرض بأمانة علمية جميع الآراء ولم يخف رأيا لم يعجبه أو لم يعجب صاحب السلطان وله أن يرجح بعد ذلك ما يراه صوابا حسب ظروف عصره، وهو نفس المسلك العلمي الذي سلكه الحافظ ابن حجر رحمه الله مبيناً أصناف الخارجين على الحكام:"... وقال الغزالي في الوسيط تبعاً لغيره: في حكم الخوارج وجهان أحدهما: أنه كحكم أهل الردة، والثاني: أنه كحكم أهل البغي ورجح الرافعي الأول وليس الذي قاله مطرداً في كل خارجي فإنهم قسمين أحدهما من تقدم ذكره والثاني من خرج في طلب الملك لا الدعاء إلى معتقده وهم على قسمين أيضاً قسم خرجوا غضباً للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية فهؤلاء أهل حق ومنهم الحسين بن علي وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كانت فيهم شبهة أم لا وهم بغاة ..." وقال أيضاً:"وأما من خرج عن طاعة إمام جائر أراد الغلبة على ماله أو نفسه أو أهله فهو معذور ولا يحل قتاله وله أن يدفع عن نفسه وماله وأهله بقدر طاقته" وقد أورد على هذا القول ما يدل عليه فقال:"قد أخرج الطبري بسند صحيح عند عبد الله بن الحارث عن رجل من بني نضر عن علي وذكر الخوارج فقال:"إن خالفوا إماماً عادلاً فقاتلوهم وإن خالفوا إماماً جائراً فلا تقاتلوهم فإن لهم مقالا"". وقال الإمام ابن حزم الأندلسي رحمه الله:"وأما الجورة من غير قريش فلا يحل أن يقاتل مع أحد منهم لأنهم كلهم أهل منكر إلا أن يكون أحدهم أقل جورا فيقاتل معه من هو أجور منه". وقد حذّر الإمام الشوكاني رحمه الله من الحطّ على من خرج من السلف الأوائل على الحكام الجورة الفسقة الظلمة فقال:".... ولكنه لا ينبغي أن يُحطَّ على من خرج من السلف الصالح من العِتْرة وغيرهم على أئمة الجور فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم وهم أتقى لله وأطوع لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي الله عنه وأرضاه باغ على الخمِّير السكِّير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية فيا للعجب من مقالات تقشعر منها الجلود ويتصدع من سماعها كل جلمود ...". وهناك تدليسات أخرى يروج لها علماء السوء أضرب عنها صفحاً الآن مكتفياً بما تقدم.
4- تهمة التكفير الشامل:
* موضوع التكفير من أخطر المواضيع الاعتقادية التي كثر فيها القيل والقال بحق وبغير حق بالهوى أو بالاجتهاد خاصة في المسائل الدقيقة الخفية غير أننا لن نخوض في تفاصيل هذا الموضوع المتشعب الذي كثيراً ما زلت فيه الأقدام وتشاجرت فيه الأفهام وأُطلقت فيه سهام الاتهام، فلن نتحدث عن النصوص الشرعية التي تجّرم التكفير بغير مسوغ شرعي ولا عن نقول أهل العلم قديما وحديثا في التحذير من جريمة التكفير بغير حق، لاسيما تكفير الأعيان من الناس، ولن نتطرق لبيان الفرق بين التكفير الاجتهادي والتكفير النصي القطعي، ولا بيان حكم التكفير بالقرائن وما حكم من يكفر بالقرائن؟!! ولن نتحدث عن الكفر الأكبر وأنواعه ولا عن الأصغر وأنواعه ولا عن ضوابط التكفير عند سائر الفرق الإسلامية إذ لكل فرقة معايرها الخاصة في التكفير، ولا عن التكفير عند الأديان السماوية وفرق كل دين فيما بينها ولا الحديث عن الكفر الأصغر الذي عدّه العلماء من أكبر الكبائر ولا عن الكفر الأصغر الذي صنفه العلماء أشد من السرقة الزنا وأكل الربا ولا بيان أن معنى الكفر الأصغر أو الشرك الأصغر لا يعني أنه صغيرة من الصغائر كما يحاول إشاعة ذلك علماء السوء، ولن نفصل القول في أحكام الردة والمرتدين أو تفصيل القول في الردة الاعتقادية والردة العملية والردة القولية والردة الفردية والردة الجماعية وردة الحكام، ومن يحق له شرعا الحكم بالردة على فلان أو علان وما هي المواصفات الشرعية للقاضي الذي يقوم باستتابة المرتدين وإصدار الأحكام شرعية بحقهم، كما أننا لن نفصل القول في الكفر الذي يشترط فيه الجحود والاستحلال والكفر الأكبر الذي لا يشترط فيه ذلك ولا الحديث عن الفرق بين تكفير النوع وتكفير العين وحكم تكفير المؤسسات التي تحكم بغير ما أنزل الله والعاملين لهذا السبب أو ذاك، وهل حكم المؤسسات الاعتبارية ينطبق على الأفراد والأعيان؟ أم أن حكم المؤسسات لا ينطبق بالضرورة على كل أعيان تلك المؤسسةـ وما حكم الذي يكفّر غيره بالهوى والتشهي والذي يُكفّر غيره بمجرد القرائن والاجتهاد؟! أو أدّاه التأويل إلى التكفير، ولن نفصل القول في شروط التكفير المتعلقة بالفاعل والمتعلقة بالفعل أو القول ولا تعداد موانع التكفير العشرة كما أننا لن نفصل القول في معنى إقامة الحجة وبلوغ الحجة وفهم الحجة ومن المؤهل لإقامة الحجة؟!! وما هي المواطن التي لا يشترط فيها إقامة الحجة وإنما يكفي مجرد بلوغ الحجة من القرآن والسنة؟!! وهل الجهل والتأويل والشبهة عذر شرعي أو لا؟ وما هي القضايا التي يجوز العذر فيها بالجهل والأمور التي لا عذر فيها؟ كل هذه المواضيع الهامة والخطيرة لن نخوض فيها ولقد جمع الأخ بن حاج فيها بحوثاً متنوعة سنة 1981 ولكن ضاعت منه أثناء فترة السجن ولله الأمر من قبل ومن بعد.
* من الموضوعات التي خاض فيها الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله موضوع التكفير وأسهب فيه القول ونظراً لكثرة كلامه في هذا الموضوع، اضطرب فيه الناس والعلماء بل وحتى أتباعه صعب عليهم فهم طريقة الشيخ في قضية التكفير وهل الشيخ يعذر بالجهل والتأويل والشبهة أو لا يعذر وهل كان يلجأ أحياناً إلى التقية في إطلاق التكفير والإحجام عنه تارة أخرى؟!!! وصعُب عليهم التمييز بين أقواله المتقدم منها والمتأخر ليتعرف الباحث على الناسخ من المنسوخ من أقواله والتي ثبت عليها والتي تراجع عنها أمام حملة النقد التي وجهت له من علماء عصره؟!! غير أنه من المؤكد أن كبار علماء عصره من الحنابلة وغيرهم اتهموه صراحة بتكفير عموم المسلمين على طريقة الخوارج وأن تكفيره شمل عدة جهات.
* لا شك أن الذين رموا الشيخ رحمه الله بتهمة التكفير هم من أكابر علماء عصره، ومنهم عثمان بن منصور رحمه الله صاحب كتاب "جلاء الغمة عن تكفير هذه الأمة" حيث قال:"قد ابتلى الله أهل نجد بل جزيرة العرب بمن خرج عليهم وسعى بالتكفير للأمة خاصّها وعامّها وقاتلها على ذلك جملة إلا من وافقه على قوله، لما وجد من يعينه على ذلك ..." وقال الشيخ صدقي الزهاوي في الفجر الصادق:"ثم إنه صنف لابن سعود رسالة سماها كشف الشبهات عن خالق الأرض والسموات كفّر فيها جميع المسلمين" وقال عنه ابن عفالق:"وهذا الرجل كفّر الأمة ..." وقال فيه العالم القباني: "كفَّر هذه الأمة بأسرها وكفَّر كل من لم يقل بضلالها وكفرها..." والنّقول عن علماء زمانه ومن جاء بعدهم أكثر من أن تحصر واستدلوا على ذلك من بعض أقواله وأقوال أتباعه ممن لم يضبطوا كلامهم في هذه المسألة البالغة الخطورة كما استدلوا على ذلك من الممارسة العملية في معاملة مخالفيه في الرأي من عامة الناس وخاصتهم. وإذا كان القول يحتمل التأويل ويختلف الناس في فهمه أما الممارسة الفعلية العملية لا مجال فيها للتأويل ومن أقوال الشيخ رحمه الله المشعرة بذلك قوله لابن سعود في سنة 1157:"أنت ترى بلاد نجد من أقصاها إلى أقصاها وقد انغمست في الوثنية وغرقت في الضلال والشرك" كما نقل ذلك مؤرخ وتلميذ الشيخ ابن بشر في عنوان المجد.
ويقول ابن بشر النجدي في عنوان المجد عن المسلمين في عصره:"... جميع الأراضي الشركية في أقاصي الأقطار من الحرمين واليمن وتهامة وعمان والأحساء ونجد وغير ذلك حتى لا تجد في جميع من شملته ولاية المسلمين الشرك الأصغر فضلاً عن الرياء ..." وقال حفيد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله في رسالة له:"لم ينج من شرك هذا الشرك إلا الخواص والأفراد والغرباء في سائر البلاد وذلك مصداق ما أخبر به الصادق بقوله:"بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ" قال بعض الأفاضل:"هذا الشرك لم يصل إليه شرك جاهلية العرب"" كما جاء في الدرر السنية.
وهناك أقوال للشيخ محمد بن عبد الوهاب فيها تصرح أن عصره أشد شركاً وجاهلية من الجاهلية الأولى، وهذا نظرا لمظاهر الشرك التي سادت وانتشرت في زمانه منها:
- قوله:"فاعلم أن شرك الأولين أخف من شرك زماننا...".
- قوله:"الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصح عقولاً وأخف شركاً من هؤلاء..".
- قوله:"إن أكثر الخلق قد لعب بهم الشيطان وزيَّن لهم الشرك بالله وأخرجه في قالب حب الصالحين وتعظيمهم".
- وقوله:"إن المشركين الذين في زماننا أضل من الكفار الذين في زمان رسول الله... فلا يخفى عليكم ما ملأ الأرض من الشرك الأكبر عبادة الأصنام"، وقوله "وإن كفر المشركين من أهل زماننا أعظم كفرا من الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقال أكبر مؤرخ في السعودية ابن غنام في بيان ما كان عليه عصره "وكان غالب الناس في زمانه –أي زمن الشيخ- متضمخين بالأرجاس متلطخين بوضر الأنجاس حتى انهمكوا في الشرك بعد حلول ربقة التوحيد والدين، فجدوا في الاستعانة بهم في النوازل والحوادث والخطوب المعضلة والكوارث"، ومثل هذه الأقوال المصرحة أو المشعرة بالتكفير العام هي التي جعلت علماء عصره ومن جاء بعدهم يتهمونه بتكفير المسلمين، مما دعا شيخه محمد سليمان الكردي يوجه له نداء بقوله:"يا ابن عبد الوهاب سلام على من اتبع الهدى فإني أنصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين" ونصحه أخوه قائلاً:"فانظر رحمك الله إلى طريقة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإحجام عن تكفير من يدّعي الإسلام...".
5- تهمة تكفير الدولة العثمانية:
* اتهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بأنه يكفر دولة الخلافة وبعض الأقطار المجاورة فضلا عن سكان البادية وبعض القبائل العربية والدول الإسلامية واستدلوا لذلك بأنه كاتب الحكام والملوك للدخول في دعوته وهذا ما صرَّح به ابن بشر في عنوان المجد حيث قال:"ثم إن الشيخ كاتب أهل البلدان بذلك ورؤساءهم وقضاتهم ومدعي العلم منهم فمنهم من قبل واتبع الحق ومنهم من اتخذه سخرياً واستهزؤوا به ونسبوه إلى الجهل وعدم المعرفة..." وهذا الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود راسل سليمان باشا الكبير والي بغداد من طرف الخليفة العثماني وبعث مع الرسالة كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب طالبا منه أن يجمع علماء بلاده وقراءة الكتاب والإيمان بما جاء فيه فأنكر أهل العلم ذلك وعندما حاولت الدولة العثمانية تهدئة الأوضاع بعثت بوفود ورسل إلى سعود بن عبد العزيز طلباً للهدنة والصلح فكتب إليهم برسالة جاء فيها:"أما المهادنة والمسالمة على غير الإسلام فهذا أمر محال بحول الله وقوته وأنت تفهم أن هذا الأمر طلبتموه منا مرة بعد مرة... وبذلتم الجزية على أنفسكم كل سنة ثلاثين ألف مثقال ذهباً فلم نقبل منكم ولم نجبكم بالمهادنة فإن قبلتم الإسلام فخيرتها لكم وهو مطلبنا وإن توليتم فنقول كما قال الله تعالى:"فإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم"" وعندما احتج والي بغداد على لهجة هذه الرسالة التي لا يخاطب بها إلا الكافرون أرسل سعود رسالة أخرى جاء فيها مهدداً:"...وأما إن دمتم على حالكم هذه ولم تتوبوا من الشرك الذي أنتم عليه وتلتزموا دين الله الذي بعث الله به رسوله وتتركوا الشرك والبدع والمحدثات لم نزل نقاتلكم حتى تراجعوا دين الله القويم وتسلكوا طريقه المستقيم "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" وهذا دليل أن الأمير سعود لا يرى المهادنة أو المسالمة مع الكفرة المرتدين كما يذهب إليه بعض الفقهاء، وإن كان المسألة فيها تفصيل عند الفقهاء قديما وحديثا لسنا الآن بصدد تفسيره وتفصيله، والرسالة بطولها في الدرر السنية والأجوبة النجدية وهذا التصرف عند خصومه ومن جاء بعدهم من الأدلة الواضحة على تكفير الدولة العثمانية لا كما يزعم البعض أن الدولة العثمانية لم يكن لها نفوذ على نجد بينما حقيقة الأمر تكفير الدولة العثمانية ومن الدول التي تم تكفيرها الكويت ومصر ومن المعلوم أن محمد بن عبد الوهاب عندما قام بدعوته إلى منع أئمة المساجد من الدعاء للسلطان على المنابر يوم الجمعة بحجة أن ذلك من الأمور البدعية أو أن السلطان فاسق لا يجوز تمجيده.
وما زال خصوم الشيخ من عصره إلى يومنا هذا يستنكرون على الشيخ وأتباعه وآل سعود تكفير بعض أعيان خلفاء الدولة العثمانية ونوابه وقتالهم واستباحة دمائهم والمدافعون يرون أنهم وقعوا في كفر بواح، ولذلك يقال أن الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية رحمه الله كفّر الرئيس بورقيبة سنة 1974 وهيئة كبار العلماء كفرت قائد الثورة القذافي سنة 1982 جاء فيه"إن القذافي كافر ملحد وضال مضل" وأثناء حرب الخليج 1990 ظهرت للشيخ بن باز فتاوى تكفّر حزب البعث والرئيس صدام ووجوب جهاده والخروج عليه والاستعانة عليه –عند عدم القدرة- بالكفار وكل هذا في موسوعة فتاوى الشيخ بن باز رحمه الله. قال عن حزب البعث "حزب البعث أشد من اليهود والنصارى" وقال عن صدام عينا "بعثي ملحد وليس من المؤمنين"، وقال "صدام الذي هو أكفر من اليهود والنصارى وأضل منهم..." وورد عليه سؤال، هل حاكم العراق كافر؟ وهل يجوز لعنه؟ وهل يجزم بأنه كافر؟ فقال الشيخ "بل كافر وإن قال لا إله إلا الله حتى ولو صلى وصام وما دام لم يتبرأ من مبادئه البعثية الإلحادية." وأوجب جهاده على جميع المسلمين حيث قال "من أفضل الجهاد وأعظمه في وقتنا هذا جهاد حاكم العراق" وهذا الذي جعل الكثير يطرح سؤالا، أليس من عقيدة أهل السنة والجماعة عدم تكفير الأعيان إلا بعد إقامة الحجة، فهل أقام الشيخ رحمه الله الحجة على بورقيبة أو القذافي أو صدام؟!!! أليس من عقيدة أهل السنة والجماعة عدم التحريض على ولاة المسلمين، فلماذا يتم التحريض على حاكم العراق والاستعانة عليه بالكفار؟!!! أليس من عقائد أهل السنة والجماعة أن الحاكم الكافر لا يجوز الخروج عليه إلا عند القدرة وإذا كانت السعودية ودول الخليج غير قادرة على مواجهة صدام لماذا لم تصبر على تغلبه على الكويت حتى تمتلك القدرة فتنهض لمواجهته دون الاستعانة عليه بالكفار؟!!! لاسيما وإمامة المتغلب بالسيف مقبولة عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب،!!! ولكن السؤال الأعجب لماذا نكفر حاكم العراق لأنه بعثي ولا نكفر حافظ الأسد وهو بعثي أيضا دمر المسلمين في حماة، فما هو المعيار الشرعي المنضبط الذي يجعلنا نكفر هذا الحاكم عينا ونحرض على جهاده والثورة عليه والخروج عليه ولا نكفر حاكما آخر ربما كان أشد ضررا على الإسلام والمسلمين، فهل يجوز تكفير الحكام بالتشهي والانتقاء لأغراض سياسية أم أن حافظ الأسد لا يجوز تكفيره لأنه كان في صف دول التحالف المواجهة لغزو الكويت؟!!! والحق أن أزمة الخليج الأولى طرحت أسئلة محيرة شرعيا وسياسيا ما زالت آثارها إلى اليوم منها لماذا لم تدع هيئة كبار العلماء إلى الجهاد في فلسطين وإخراج الصهاينة من ثالث الحرمين، وقد احتلت منذ 1948م، ولسنا الآن بصدد ذكر المواقف المخزية للمملكة قبل 48 وبعدها، ألم تحرض هيئة كبار العلماء على الجهاد في أفغانستان، ألم تحرض على جهاد الحاكم الكافر الملحد البعثي صدام حسين، فما بالها ساكتة الآن عن الحث على الجهاد في فلسطين أو العراق أو أفغانستان؟!!! وكلها من ديار الإسلام الذي لا يعترف بالسدود والحدود، أسئلة محيرة حقا وصدقا وهل هيئة كبار العلماء ناطقة باسم الشرع أم باسم الأسرة المالكة التي قامت بتنصيبها وحصر الفتوى فيها دون سواها؟!!! وكل من يصدر منه رأيا مخالفا ولو كان لطيفا يعزل، كما حدث مع الشيخ سعد بن ناصر الشثري الذي انتقد الاختلاط في الجامعة التي أسسها الملك عبد الله وهو مسبوق بأقوال كبار علماء المملكة وخاصة الشيخ بن باز الذي يحرم الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس والجامعات وأماكن العمل منعا حازما وفتاويه في ذلك أشهر من أن تذكر.
6- تهمة تجهيل وتكفير علماء عصره:
* من الاتهامات التي وجهت إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب تجهيل علماء زمانه والنيل منهم وتكفيرهم واستدل خصومه على ذلك ببعض أقواله هنا وهناك فأما النيل منهم فقوله:"قد ترأس على الناس رجال من أجهل العالمين وأبعدهم من معرفة ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.. ويدعون أنهم يعملون بالشرع ولا يعرفون شيئاً من الدين إلا شيئاً من كلام بعض الفقهاء.. وأما العلم الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم فلم يعرفوا منه خبراً ولم يقفوا منه على عين ولا أثر... فهؤلاء الذين يزعمون أنهم علماء اشتد إنكارهم علينا لما تكلمنا بذلك وزعموا أنهم لم يسمعوا من مشايخهم ومن قبلهم فلما ظهر هذا الأمر اجتهدوا في عداوته وإطفائه بما أمكنهم وجاهدوا في ذلك بأيديهم وألسنتهم" وقال أيضاً عن نفسه وعن علماء زمانه الذين يجهلون معنى كلمة التوحيد:"أنا أخبركم عن نفسي.. وأنا ذلك الوقت لا أعرف معنى "لا لإله إلا الله" ولا أعرف دين الإسلام قبل هذا الخير الذي منَّ الله به وكذلك مشايخي ما منهم رجل عرف ذلك فمن زعم من علماء العارض أنه عرف معنى لا إله إلا الله أو عرف معنى الإسلام قبل هذا الوقت أو زعم أن مشايخه أو أحداً عرف ذلك فقد كذب وافترى ولبَّس على الناس ومدح نفسه" وقال أيضاً:"اعلموا أنه قد غلط في هذا طوائف لهم علوم وزهد وورع وعبادة فما حصل لهم من العلم إلا القشور وقد حرموا لبه وذوقه وقلدوا أسلافاً قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل فيا لها من مصيبة ما أعظمها وخسارة ما أكبرها؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله فلا غنى لكم عن تعلم (التوحيد) وحقوقه من فرائض الله وواجباته وأن يكون ذلك أكبر همكم ومحصل علمكم" وفضل عليهم العامي الموحد بقوله:"والعامي من الموحدين يغلب ألفاً من علماء هؤلاء المشركين.." بل حكم ببطلان الصلاة وراءهم وهذا ما فعله أتباعه من بعده حتى أنهم احتكروا المساجد وقالوا ببطلان الجماعة والجمعة وراء أمثال هؤلاء العلماء ومن اطلع على المصادر التاريخية عرف ذلك.
قال الذين اتهموه بتكفير العلماء الأكابر في زمانه أنه لم يكفر القول أو الفعل وإنما كفَّر الفاعل والقائل بأعيانهم خلافاً لما درج عليه أهل السنة والجماعة في ضوابط التكفير حيث لم يقم عليهم الحجة بنفسه، ولم تعقد لذلك لا مناظرات ولا محاكمات شرعية؟!!! بل وحكم على من شك في كفرهم بالكفر والفسق حيث أرسل إلى قاضي الرياض الشيخ سليمان بن سحيم الحنبلي وفقيه الرياض:"... أنت وأبوك لا تفهمون شهادة لا إله إلا الله ونكشف لك هذا لعلك تتوب إلى الله وتدخل في دين الإسلام إن هداك الله... ولكن أنت رجل جاهل مشرك مبغض لدين الله وتلبّس على الجهال الذين يكرهون دين الإسلام ويحبون الشرك ودين آبائهم" وكتب إلى قاضي الدرعية الشيخ عبد الله بن عيسى وأنبه:"لو يعرف الناس الأمر على وجهه لأفتيت بحل دم ابن سحيم قاضي الرياض وأمثاله وقتلهم كما أجمع على ذلك أهل العلم كلهم..." وقيل أنه كفّر عيناً محمد بن عبد الرحمن بن عفالق الحنبلي وعبد الله المويس من أجلّ علماء نجد ومحمد بن أحمد بن فيروز وكفّر أحمد بن عبد الكريم الحنبلي النجدي وحكى الإجماع على تكفير المتكلمين وهؤلاء كفرهم كفراً ينقل عن الملة كما جاءت أقواله في الدرر السنية وكما حكاه ابن غنَّام في تاريخ نجد. ولذلك اتهمه أخوه سليمان بن عبد الوهاب قاضي حريملاء بأنه لا يعرض كلامه على أكابر علماء زمانه وينفرد بنفسه:" "..فإن اليوم الذي ابتلي الناس بمن ينتسب إلى الكتاب والسنة ويتبسط في علومها ولا يبالي –أي أخوه محمد بن عبد الوهاب- من خالفه وإذا طلبت منه أن يعرض كلامه على أهل العلم لم يفعل، بل يوجب على الناس الأخذ بقوله وبمفهومه ومن خالفه فهو عنده كافر هذا، وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال أهل الاجتهاد لا والله ولا عشر واحدة، ومع هذا راج كلامه على كثير من الجهاد فإنا لله وإنا إليه راجعون"،والسؤال المطروح، لماذا لم يكن محمد بن عبد الوهاب يعرض أقواله على علماء زمانه ومشايخه، هل لأنهم كفار أو فاقهم هو علما أو أن المجدد من طبيعته أن يصادم ما عليه السواء الأعظم من أبناء جيله من عامة ومشايخ وعلماء وطلبة علم وأقران وإذا كان الأمر كذلك، فما وجه المنقصة إذا خالف محمد بن عبد الوهاب أكابر علماء زمانه، وصكهم جميعا صك الجندل كما يقولون؟!!!
ولقد كان أهل العلم يحذرون من تكفير الأعيان من العامة فكيف بالعلماء ولذلك لما قال الشيخ العلاء النخاري الحنفي:"من زعم أن ابن تيمية شيخ الإسلام فهو كافر لا تصح الصلاة وراءه" وردَّ عليه الحافظ ناصر الدين الدمشقي رحمه الله في كتابه "الرد الوافر على من زعم بأن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر" وعندما كفر الحافظ البقاعي المغفول عنه بن عربي كما هو مصرح في مصرع التصوف ردّ عليه الحافظ السيوطي رحمه الله بتأليف كتاب "تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي" وذكر فيه انقسام العلماء فيه بين قادح ومادح ومتوقف أما الشيخ شمس الدين محمد البُساطي فقد نص على أن التكفير يجب أن ينصب على أقوال ابن عربي وفيها كفر بلا شك وأما التكفير المعين فغير مسلم لأحد إلا للمعصوم لأنه لا أحد يعلم ما تختم به حياة الإنسان وقال الإمام المناوي رحمه الله:"إن السكوت عنه أسلم" فهو عند قوم هو الشيخ الأكبر وعند آخرين الشيخ الأكفر وهناك من يصر على كفره وأن من لم يكفره فهو كافر،ورغم كل ما قيل فيه وما زيد عليه ودس عليه، إلا أن المنصفين يشهدون سعة اطلاعه ورقة أدبه وعُذوبة شعره واختلاف أطواره وأحواله واتباعه الدليل في قضايا الفقه على الطريقة الظاهرية والبعد عن التقليد ودفاعه عن دار الإسلام إذا تعرضت للاعتداء عند الشدة، ومحاولة اعتداء على أرض الإسلام والمسلمين، وهو الذي وبخ السلطان الكامل عندما تقاعس في قتال أهل الصليب قائلا "إنك دني الهمة، والإسلام لن يعترف بأمثالك فانهض للقتال أو نقاتلك كما نقاتلهم"، والذي درس تراجم الصوفية الأوائل يدرك أنهم جمعوا بين التربية الروحية والدفاع عن ديار المسلمين خلافا للصوفية المتأخرين الذين أصبحوا مطايا ومراكب لولاة القهر والاستبداد في بلاد المسلمين طمعا في عرض حائل وظل زائل، والحاصل أن الأمثلة على تبادل تهم التكفير والتبديع والتفسيق بين بعض أهل العلم أكثر من أن تحصر ولا حول ولا قوة إلا بالله. وهل يصح ممّا سبق ذكره اتهام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بتكفير العلماء بعد تكفير العامة؟!!! أم أن الشيخ له عذر في تكفير هؤلاء الأعلام في زمانه؟!!!، هذا ما نتركه لأهل العلم والاختصاص في العالم الإسلامي كله شريطة أن لا يكون ذلك مقصورا على علماء السعودية فقط"، فالعلم ليس حكرا على طائفة من العلماء ولا على قطر من الأقطار ولا على معهد من المعاهد فقد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، وكم في المملكة من علماء غمرهم النظام وأبرز غيرهم لأكثر من سبب وكذا في سائر البلاد الإسلامية ولا يجوز شرعا أن نحجّر واسعا كما جاء في الحديث.
7. تهمة أتباع الشيخ بتكفير أهل مكة والمدينة:
* عندما غزا سعود بن عبد العزيز بن محمد مكة المكرمة خطب قائلاً: "احمدوا الله الذي هداكم للإسلام وأنقذكم من الشرك أطلب منكم أن تبايعوني على دين الله ورسوله وتوالوا من والاه وتعادوا من عاداه في السراء والضراء والسمع والطاعة" وأجبروا علماء مكة على توقيع بيان اعتراف على أنفسهم جاء في نص بيان الاعتراف: "نشهد نحن علماء مكة الواضعون خطوطنا وأحكامنا في هذا الرقيم أن هذا الدين الذي قام به الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ودعا إليه إمام المسلمين سعود بن عبدالعزيز من توحيد الله ونفي الشرك الذي ذكره في هذا الكتاب أنه الحق الذي لا شك فيه ولا ريب وأن ما وقع في مكة والمدينة سابقاً ومصر والشام وغيرهما من البلاد إلى الآن من أنواع الشرك المذكورة في هذا الكتاب أنه الكفر المبيح للدم والمال والموجب للخلود في النار ومن لم يدخل في هذا الدين ويعمل به ويوالي أهله ويعادي أعداءه فهو عندنا كافر بالله واليوم الآخر وواجب على إمام المسلمين جهاده وقتاله حتى يتوب إلى الله مما هو عليه ويعمل بهذا الدين" ونص البيان في كتاب الدرر السنية الجزء الأول. ووقّع على هذا البيان عبد الملك القلعي مفتي الحنفية بمكة ومحمد بن صالح بن إبراهيم مفتي الشافعية ومحمد البناتي مفتي المالكية ومحمد بن يحيى مفتي الحنابلة وغيرهم وكلهم كانوا ضد دعوة محمد بن عبد الوهاب ولكن وقعوا تحت الإكراه، ولمعان وبريق السيوف البواتر والإرهاب بلغة العصر الذي تزعم المملكة اليوم أنها تحاربه وتتعاون مع الإنس والجن من أجل دحره والله المستعان، وقد قال ابن الشيخ بالوراثة كما تنصّ مواد المبايعة عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الذي شارك في غزو مكة والمدينة سنة 1218 للمرة الثانية، لأن المرة الأولى كانت في عهد الشيخ سنة 1205هـ أن من يخالف أصول الدعوة التي جاء بها والده:".... أنه مشرك شركاُ أكبر يهدر دمه ويبيح ماله....".
وعندما تم غزو المدينة المنورة وقع علماء المدينة بياناً مشابهاً لذلك جاء في نص البيان: "نشهد أن ما وقع في مكة والمدينة سابقاً والشام ومصر وغيرهما من البلاد إلى الآن من أنواع الشرك المذكورة في هذا الكتاب أنها الكفر المبيح للدم والمال وكل من لم يدخل في هذا الدين ويعمل به فهو كافر بالله واليوم والآخر والواجب على إمام المسلمين وكافة المسلمين القيام بفرض الجهاد وقتال أهل الشرك والعناد وأن من خالف ما في هذا الكتاب من أهل مصر والشام والعراق وكل من كان على دينهم! الذي هم عليه الآن فهو كافر مشرك من موقعه..." ونص البيان في الدرر السنية والأجوبة النجدية الجزء الأول.
والحاصل: هل صحيح أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب كفّر أهل مكة والمدينة، وما هي المبررات الشرعية التي جعلته راضيا بغزو مكة والمدينة سنة 1205هـ؟
8- تهمته بتكفير من لا يكفر من كفره!!!
* اتهمه بعض علماء زمانه أنه يكفر من لم يكفِّر من كفره قال ابن عفالق فيه:"هذا الرجل كفَّر الأمة... وحلف يميناً فاجرة أن اليهود والمشركين أحسن حالاً من هذه الأمة لقد كفَّر هذه الأمة بأسرها وكفَّر من لم يقل بضلالها وكفرها" وقال عنه علوي الحداد منها:"إذا أراد رجل أن يدخل في دينه يقول له: اشهد على نفسك أنك كنت كافراً واشهد على والديك أنهما ماتا كافرين واشهد على العالم الفلاني والفلاني أنهم كفار فإن شهد قبله وإلا قتله" وأما الأمير سعود بن عبد العزيز فقد منع حجاج الشام ومصر والعراق والمغرب وإسطنبول من أداء فريضة الحج سنوات عدة واتُهم أنه إذا تبعه أحد وكان قد حج حجة الإسلام يقول له:"حج ثانية فإن حجتك الأولى فعلتها وأنت مشرك فلا تُقبل ولا تُسقط عنك الفرض" وقال في أهل الخرج:".... كلهم كفار مرتدون عن الإسلام ومن جادل عنهم أو أنكر على من كفَّرهم أو زعم أن فعلهم هذا لو كان باطلاً فلا يخرجهم إلى الكفر فأقل أحوال هذا المجادل أنه فاسق لا يقبل حجه ولا شهادته ولا يصلى خلفه بل لا يصح دين الإسلام إلا بالبراءة من هؤلاء وتكفيرهم" وثمة فتاوى أخرى تنصّ على من لا تجوز الصلاة وراءهم من الأئمة لا داعي لذكرها الآن، وقد أشار إلى هذا النص ابن غنام في تاريخ نجد. والحاصل، هل هذه التهمة صادقة بحق الشيخ رحمه الله أم هي مجرد افتراء عليه؟!!!
تنبيه هام: هل نفي الشيخ لتهمة التكفير عن نفسه من باب التقية ؟!!!
* أمام الهجمة التي شنها كبار علماء زمانه من أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يكفر عموم المسلمين ولا يعذر بالجهل والتأويل ويكفر الأشاعرة من أهل الكلام فضلاً عن الرافضة ويكفر أهل البوادي والقبائل وكثيراً من الدول الإسلامية كما هو مبثوث في كتبه ورسائله، أخذ الشيخ ينفي عنه تهمة التكفير وأنه لا يكفر ابن عربي ولا ابن الفارض ولا البوصيري وأخذ يرسل الرسائل هنا وهناك لنفي تهمة التكفير عن نفسه ومن أشهر ذلك ما جاء في رسالته الشهيرة لأهل القصيم حيث قال وهو يرد على اتهام ابن سحيم:"والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أموراً لم أقلها ولم يأت أكثرها على بالي فمنها قوله أني أقول أن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء وأني أكفر من توسل بالصالحين وأني أكفر البوصيري وأني أكفر من حلف بغير الله... جوابي عن هذه المسائل أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم" ورغم أن الشيخ نفى تهمة التكفير عن نفسه كما في هذه الرسالة وغيرها إلا أن خصومه يقولون أن أقواله متناقضة في هذه المسألة، هذا من جهة ومن جهة أخرى أن أفعاله وأفعال أتباعه في حياته وبعد مماته تدل على أن قتالهم لخصومه ومخالفيهم كان قتال أهل الردة وأن غزو مكة والمدينة وما جرى فيها من فضائع ومجازر تم في حياته، وساقوا أقوالاً كثيرة تدل على التكفير الصريح وقالوا إنما فعل ذلك الشيخ من باب التقية السياسية ومراعاة للظروف التي كانت تمر بها الدعوة قبل القوة التمكين وما أكثر العلماء الذين حذروا في زمانه من منهج الشيخ في التكفير وانقسم فيه العلماء في عصره فأهل الحجاز لهم رأي فيه وأما الأبعدين عن أرض الحجاز هناك من مدحه وأثنى عليه بحكم أنه شهر راية الإصلاح والحفاظ على نقاوة التوحيد ونبذ جميع أنواع الشرك والبدع والخرافات ولكن تحفظوا على منهجه في قضية التكفير حتى قال محمد الحازمي رحمه الله بعد الثناء على محمد بن عبد الوهاب:"... ولكن أنكر عليه خصلتان الأولى تكفير أهل الأرض بمجرد تلفيقات لا دليل عليها... والأخرى التجاري في سفك الدم المعصوم بلا حجة ولا برهان" وقال فيه الإمام الشوكاني رحمه الله وأتباعه:"ولكنهم يرون أن من لم يكن داخلاً تحت دولة صاحب نجد وممتثلاً لأوامره خارجاً عن الإسلام" ولكن الإمام الشوكاني رفض التصديق بأنه من الخوارج حيث يقول:"وبعض الناس يزعم أنه يعتقد اعتقاد الخوارج وما أظن ذلك صحيحاً" كما في البدر الطالع. ويقال أن الإمام الصنعاني رحمه الله مدح محمد بن عبد الوهاب في بداية الأمر عندما سمع بمعالم دعوته الإصلاحية التي تريد العودة بالمسلمين إلى العهود الأولى ولكنه غيَّر رأيه فيه بعد اجتماعه في صنعاء بأحمد التميمي قاضي جُريملاء وأطلعه على بعض ما جاء في كتبه فظن الإمام الصنعاني أن محمد بن عبد الوهاب قد توسع في التكفير وقتال المسلمين فنقض قصيدته الأولى بقصيدة أخرى وأعلن عن تراجعه وشرح قصيدته حفيده يوسف بن إبراهيم الأمير في كتابه "محو الحوبة في شرح أبيات التوبة" والحاصل أن هناك جماعة من العلماء عبر العالم الإسلامي أثنوا على محمد بن عبد الوهاب إما بعد الاطلاع على بعض ما جاء في كنبه ورسائله، وبعضهم الآخر أثنى عليه بمجرد السماع عن منهجه في الإصلاح الديني من الناحية النظرية فحسب، خاصة في ضرورة تطهير الاعتقاد بحكم أن هذه القضية محل اتفاق بين جميع زعماء الإصلاح شرقا وغربا ومهما بعدت ديارهم، فعندما اتهم الشيخ عبد الحميد بن باديس أنه وهابي نفى الشيخ أن يكون قد اطلع في انطلاقته الأولى أن يكون قد قرأ له كتاباً:"لا والله ما كنت أملك يومئذ كتاباً واحداً لابن عبد الوهاب ولا أعرف من ترجمة حياته إلا القليل ووالله ما اشتريت كتاباً من كتبه إلى اليوم وإنما هي أفكيات قوم يهرفون بما لا يعرفون ويحاولون إطفاء نور الله ما لا يستطيعون وسنعرض عنهم اليوم وهم يدعوننا وهابيين كما عرضنا عنهم بالأمس وهم يدعوننا عبداويين".
9- تهمة التناقض بين النظرية والتطبيق ؟!!!
* يقول خصوم الشيخ، لنسلم جدلا أن الشيخ صادق في نفي تهمة التكفير كما صرح بذلك في بعض أقواله، فكيف بالممارسات الفعلية التي قام بها وزكاها وأن الشيخ لم يقتصر على مجرد الجانب النظري وإنما تعداه إلى الممارسة لاسيما بعد المبايعة التي تمت في الدرعية بين الشيخ وبين الأمير محمد بن سعود 1158هـ حيث وافق الشيخ على شن غزو بلاد الحجاز وهو ما قام به أمراء آل سعود وأبناء وأحفاد الشيخ من بعده، واستنتج الخصوم أن طريقة القتال واستحلال الدماء والأموال والاغتيال وجمع الغنائم وتقسيمها كل هذه دلائل تدل دلالة قوية على أن قتال أهل الحجاز والأمصار المجاورة كان قتال أهل الكفر والردة لا قتال المحاربين أو البغاة أو الخوارج وذكروا لذلك جملة من الأدلة العملية التي تدعم وجهة نظرهم تضاف إلى قائمة التهم منها:
10- تهمة عصره بأنه أشد شركا وجاهلية من الجاهلية الأولى!!!:
* قال محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:"إن شرك الأولين أخّف من شرك زماننا" وقال أيضاً:"فلما طال الأمد بعدهم صارت كتبهم في أيدي أناس جهلة فرجعوا إلى ما كان عليه من قبلهم ممن مضى من المبتدعة وكثر الشرك في القرى والأمصار وصاروا لا يعرفون من التوحيد إلا ما تدعيه الأشاعرة... حتى نسي العلم وعم الشرك والبدع إلى منتصف القرن الثاني عشر فإنه لا يعرف إذ ذاك عالم أنكر شركاً أو بدعة مما صار في آخر هذه الأمة" وقال حفيد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله:"هذا الشرك لم يصل إليه شرك جاهلية العرب" وقال تلميذ الشيخ حسين بن غنام رحمه الله:"كان أكثر الناس المسلمين - في مطلع القرن 12 هـ - قد ارتكسوا في الشرك وارتدوا في الجاهلية وانطفأ في نفوسهم نور الهدى... وأحدثوا من الكفر والفجور والشرك بعبادة أهل القبور وصرف النذور إليهم والابتهال بالدعاء لهم ما زادوا به على أهل الجاهلية.... ولقد انتشر هذا الضلال حتى عم ديار المسلمين كافة" وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالة له:"وهذا الشرك قد طبق اليوم مشارق الأرض ومغاربها إلا الغرباء المذكورين في الحديث:"وقليل ما هم"" فوصف عصر الشيخ بالجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء والشرك الذي فاق شرك الأوائل سبق به الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه ولادة الشيخ المودودي والسيد قطب رحمهما الله، وليس من الإنصاف اتهام المودودي والسيد قطب بأنهما أول من وصما المجتمعات الإسلامية بالمجتمعات الجاهلية!!!
11- تهمة اتخاذ الدرعية دار هجرة!!!
* كانت الدرعية دار الهجرة بالنسبة للشيخ وأتباعه قال محمد بن عبد الوهاب:"إن الهجرة هي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام وهي باقية إلى أن تقوم الساعة" قال ابن بشر:"ولما هاجر من هاجر إلى الدرعية واستوطنوها كانوا في أضيق عيش وأشد حاجة وابتلوا ابتلاءً شديداً فكانوا في الليل يأخذون الأجرة ويحترفون وفي النهار يجلسون عند الشيخ في درس الحديث والمذاكرة" وقال عنه:"وكان الشيخ رحمه الله لما هاجر إليه المهاجرون يتحمَّل الدَّين الكثير في ذمته لمؤونتهم وما يحتاجون إليه" وبعد قيام الدولة الثالثة أقام الشيخ عبد الكريم المغربي مقراً بواحة الأرطاوية للإخوان وأرسل الدعاة إلى القبائل يدعونهم إلى الهجرة إليها وهو الجيش الذي اعتمد عليه ابن سعود لتوطين ملكه وغزو البلدان المجاورة، وبهذه السيرة يكون الشيخ وأتباعه سبقوا ظهور ما يسمى "جماعة التكفير والهجرة" إلى ضرورة هجرة المجتمع الجاهلي، وما يترتب على ذلك من أحكام فقهية في نظرهم!!!.
12- تهمة تجهيل الشيخ أهل زمانه بمعنى كلمة التوحيد:
* يرى الشيخ رحمه الله أن أغلب الناس في زمانه يجهلون معنى كلمة الشهادة بما في ذلك شيوخه وعلماء عصره حيث قال:"أنا أخبركم عن نفسي.. وأنا ذلك الوقت لا أعرف معنى "لا لإله إلا الله" ولا أعرف دين الإسلام قبل هذا الخير الذي منَّ الله به وكذلك مشايخي ما منهم رجل عرف ذلك..." وقال في كتاب التوحيد:"... مجرد التلفظ بكلمة التوحيد لا يعصم الدم والمال بل ولا معرفة معناها مع لفظها بل ولا الإقرار بذلك بل ولا كونه لا يدعوا إلا الله وحده لا شريك له بل لا يحرم دمه وماله حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه".
13- تهمة اقتراف أتباع الشيخ وآل سعود فظائع ومجازر "إرهابية":
* تذكر كتب التاريخ السعودي الموثوقة عند النظام السعودي وهيئة كبار العلماء الأسس التي قامت عليها الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة من القيام بفريضة الجهاد والغزو في سبيل الله تعالى من أجل تطهير الاعتقاد ومحاربة البدع والانحرافات وتحكيم الشريعة والموالاة والمعاداة في الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحياء فريضة الجهاد وقيام دولة إسلامية تحكم بالكتاب والسنة، بينما خصومهم يرون أنها قامت على استحلال الدماء والأموال وقتل النساء والأطفال وارتكاب فظائع ومجازر لم تعرفها جزيرة العرب لا في الجاهلية ولا في الإسلام حيث تعرضت القرى والبوادي والدول المجاورة إلى استباحة جماعية مما يدل على أن القتال كان قتال الكفار والمرتدين ودون محاكمات شرعية تنظر فيمن يستحق القتل ومن لا يستحق كما تنص أحكام الشريعة في قتال المرتدين هذا إذا سلمنا أنهم مرتدون!!!، ولا بأس أن نذكّر الملك عبد الله ووزير الداخلية وبعض علماء السلطان بالغزوات والفتوحات الإسلامية التي قام بها الشيخ وآل سعود وأتباعهم من بعدهم:
- في سنة 1187هـ هزمت الرياض وفرَّ أهلها رجالاً ونساءً وأطفالاً في حر الصيف فهلك منهم خلقا عظيما جوعاً وعطشاً ودخلها عبد العزيز بن سعود فلم يجد من سكانها إلا قليلاً فأعمل فيهم السيف قال ابن غنام:"استولى ابن سعود على جميع ما في الرياض من أموال ونخيل فيئاً من الله لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب" وهذا دليل أن القتال كان قتال أهل الردة والكفر.
- وفي سنة 1206 و1207 تم الهجوم على القطيف والأحساء وأوقع بهم مجزرة رهيبة راح فيها من الأرواح زهاء 1500 رجل وهو عدد مهول في ذلك الزمان!.
- وفي سنة 1210 شن ابن سعود حملة على الأحساء أسقطت الحوامل حملها وعندما نزل بالرقيقة من نفس السنة أقام فيها شهراً يقتل من أراد قتله ويحبس من أراد حبسه وتضرب أعناق الرجال عند خيمته حتى أفناهم إلا قليلاً وغنم أموالاً طائلة وقتل في قرية الفضول وحدها 300 رجل.
- وفي سنة 1216هـ الموافق 1802م شن سعود بن عبد العزيز غزوة على كربلاء دون سابق إنذار على مدينة كربلاء وقتلوا غالب أهلها في الأسواق والبيوت وهدموا قبة الحسين رضي الله عنه وغنموا أموالاً طائلة وقتل من أهلها زهاء 2000 رجل وهي مجزرة رهيبة بحق الشيعة وقسم سعود الغنائم، وما زال سكان منطقة كربلاء من الشيعة يتذكرون تلك المجزرة التي لحقت بهم إلى اليوم وكلنا يعلم أن الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود قم تّم اغتياله سنة 1218هـ=1803 على يد شيعي انتقاما لما حل بكربلاء على يد الأمير عبد العزيز، وما زال الشيعة إلى يومنا هذا يستنكرون ما حل بالمنطقة الشرقية 1913 وأنهم تعرضوا إلى مظالم منها البيان الذي صدر بحقهم سنة 1927 ووقعه 14 عالما ويزعمون أيضا أن السلطة الدينية تخرجهم من الملة مستدلين بما جاء على لسان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ بن باز رحمه الله 1412هـ جاء فيه "وإن الشيعة مشركون شركا أكبر يخرج من ملة الإسلام وأنهم مرتدون وهم غلاة..."
- وفي سنة 1220هـ أجمعوا على حرب المدينة وحاصروها وضيقوا على أهلها وقطعوا عليهم السوابل بعض سنين، وهم من أهل السنة.
- وفي سنة 1220هـ شدد آل سعود على أهل مكة المكرمة الخناق وقتلوا خلقا كان يقصد مكة ومات من أهل مكة الكثير من شدة الحاجة والجوع رجالاً ونساءً وأطفالاً حتى أن لحوم الحمير والجيف بيعت بأغلى الأثمان وأكلت الكلاب، وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها غزو مكة المكرمة فقد تم غزوها في حياة الشيخ 1205هـ أي زمن الخليفة العثماني السلطان سليم الثالث الذي دام حكمه من 1204هـ إلى 1222هـ حيث منعوا الناس من الوصول إلى أداء فريضة الحج، وهم اليوم-أي آل سعود- يحتكرون الحرم المكي والمدني ويتصرفون فيها وكأنها ملكية خاصة بهم حتى أن الكعبة المشرفة أحيطت بالأبنية العالية وناطحات السحاب مما أذهب رونق الكعبة المشرفة وأفقدها إشعاعها وروحانيتها التي تأسر القلوب وأغلب الحجاج أدركوا بأن الكعبة قد حجبت بالعمارات الشاهقة عمدا لتفقد جلالها الروحاني وروعتها في قلوب المسلمين، وتلك جريمة بحق البيت العتيق الذي يوشك أن يصبح أشبه بالمتحف أو أمركة محيط البيت الشريف، وكأن أراضي المملكة ضاقت عن فضاءات البناء، فلم يجد أمراء آل سعود إلا محاصرة الكعبة المشرفة ولا حول ولا قوة إلا بالله وكان الواجب أن يكون الحرم المكي والمدني تحت إدارة مستقلة مكونة من جميع دول العالم العربي والإسلامي، مستقلة عن إدارة آل سعود، قال مفتي الشافعية زيني دحلان عن غزوة مكة وماذا فعل بها آل سعود "...مكثوا 14 يوما يستتيبون الناس ويجددون لهم الإسلام على زعمهم..."
- وتعرضت الكويت إلى هجمات عدة مرات من آل سعود في 1205هـ و1208هـ و1212 و1213هـ و1223هـ ويتم الهجوم أحياناً عليهم إذا لم يدفعوا لآل سعود الجزية وقد قتل من أهل الكويت ذات مرة 1000 رجل ونهبت أموالهم وفعلت بهم الأفاعيل ولم يتوقف الهجوم عليهم إلا بعد أن تحول ولاء آل مبارك من الدولة العثمانية إلى الدولة البريطانية عند ذلك أمرت بريطانيا آل سعود بالكف عن الإغارة على الكويت فكفت وتحولت العداوة إلى صداقة وتعاون منقطع النظير، بل أن تأسيس الدولة السعودية الثالثة انطلقت من الكويت سنة 1902 كما هو معروف تاريخيا، وهكذا نعلم أن آل سعود كانوا سباقين إلى الإغارة على الكويت قبل أن يولد حزب البعث وصدام حسين!!!، ولسنا ندري ما هو المسوغ الشرعي للهجوم وغزو الكويت وهم من أهل السنة؟!!!
- وفي سنة 1202هـ تمت غزوة قطر وقُتل فيها خلقا كثيرا من آل أبي رميح وغنمت أموالهم وظلت الغزوات متواصلة إلا أن تم الاعتراف بدعوة الشيخ وسلطة آل سعود سنة 1267، وأعلنوا السمع والطاعة، وكأن أهل قطر كانوا كفارا يجب أن يدخلوا في الدين من جديد؟!!!.
- في سنة 1267هـ عندما امتنع أهل البحرين عن دفع الجزية تم غزوهم وإيقاع مقتلة فيهم.
- وفي سنة 1225هـ تم غزو الإمارات وعُمان وعاودوا الكرة عليهم 1248.
- وفي سنة 1220هـ تم غزو اليمن واحتلوا صنعاء وحشدوا لذلك خمسين ألف مقاتل وأعادوا الكرة 1225هـ ويومها لم تكن حركة الحوثيين قد خُلقت أو اعتدت على حدود المملكة التي رسمها الإنجليز، في بنود معاهدة آل سعود وبريطانيا سنة.
- وفي سنة 1225هـ تمت غزوة بلاد الشام حتى وصلوا إلى دمشق ووقعت فظائع مريعة.
- وفي سنة 1925م تمت غزوة الأردن ونهب آل سعود الأموال وقتل من الرجال زهاء 250 رجلاً فضلاً عن الأطفال والنساء بل قتلوا من وجدوا في المساجد والذين استسلموا ضربت أعناقهم دون رحمة أو شفقة.
- وفي سنة 1801م أي قبل احتلال الجزائر بـ 29 سنة تمت غزوة العراق وتمَّ تفجير كربلاء كما سبق ذكره وفي سنة 1803 هاجموا البصرة وعام 1808 شنت غزوة على بغداد في جيش بلغ زهاء 54 ألف جندي وفرضوا عليهم الجزية وأخذوا منهم الغنائم.
والحاصل أن كل هذه الغزوات "والفتوحات الإسلامية" وهي قليل من كثير تم فيها من المجازر والفظائع والقتل والاعتداء على الأموال والأعراض والتدمير والتخريب وقطع للطريق ما يفوق الوصف لمن اطلع على تاريخ الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة فضلاً عن الصراعات الداخلية والتصفيات الجسدية داخل الأسرة المالكة وصلت إلى تصفية بعضهم البعض داخل المساجد من أجل الملك والمناصب رغم رفع شعار السمع والطاعة لولاة الأمر إلا أن الأمراء، لم يلتزموا بهذه القاعدة الشرعية عندهم وكان العلماء يقفون مع الأمير الغالب عملا بقاعدة أخرى أن السمع والطاعة لمن غلب! وهكذا كان الأمراء يخرج بعضهم على بعض بالسيف!!! ضاربين بعقيدة عدم الخروج على ولاة الأمر عرض الحائط، وكانت الحروب تأكل الأخضر واليابس أحياناً لطول مدتها فقد دامت الحرب بين آل سعود والأشراف سنوات طويلة وشنت فيها زهاء 56 غزوة ودامت الحرب بين آل سعود والأمير دهام بن دواس قرابة 27 سنة وهو أمير الرياض، على غرار حرب البسوس وداحس والغبراء في الجاهلية ظاهرها التوحيد وباطنها الحكم كما يقول خصوم الدعوة، وهذه الحقيقة المرة أدركها بعض أمراء الأسرة، فخرجوا عن قيم الإسلام وأشاعوا الفاحشة في الذين آمنوا وأدرك تيار العلمانية أن الدين في السعودية عبارة عن لعبة بين آل سعود وبقية من آل الشيخ، فاتخذوا من ذلك ذريعة للمطالبة بمطالب تبدوا الآن عادية، -وهذا من مكرهم- ولكن تؤدي في النهاية إلى فصل الدين عن الدولة أو فصل السياسة عن الدين وإبطال أحكام الشريعة حكما حكما كما يذهب الدين سنة سنة، وما نقلناه من غزوات ووقائع إنما هي من أوثق المصادر التاريخية عند النظام السعودي ذاته كحسين بن غنام، صاحب كتاب تاريخ نجد الذي مدحه الشيخ بن باز رحمه الله، بإشراف عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ وعثمان بن بشر الحنبلي والذي أثنى عليه الشيخ بن باز أيضا وحققه عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ، ومن لطف الله بسكان الحجاز والقبائل والدول المجاورة أن الأسلحة الفتاكة والقنابل والمتفجرات لم تكن متوفرة لآل سعود في ذلك الوقت وإلا لرأينا عجباً عجاباً في التنكيل بالخصوم والبلاد المجاورة فاقتصروا على السيف ونحوه من الأسلحة الفردية التي ضررها مهما كان خطيراً فهو محدود، والسؤال المطروح، ماذا لو طالبت القبائل والبدو والعشائر ودول الجوار من المملكة الاعتذار والتعويض عن تلك المجازر والفظائع والإبادة الجماعية أسوة ببعض الطوائف البشرية التي تعرضت إلى الإبادة الجماعية عبر التاريخ، كالهنود الحمر والأرمن، فماذا سوف يكون جواب رأس الدولة في المملكة العربية السعودية؟!!! وبأي ذنب استحلت دماء وأموال سكان جزيرة العرب من سنة وشيعة؟!!!
14- تهمة الموافقة على الاغتيالات!!!:
* فقد تم اغتيال حاكم العيينة عثمان بن حمد بن معمر عندما تم مهاجمتها وتم تخريبها فقد اغتيل في مصلاه بالمسجد يوم الجمعة وسماه مشركاً وقيل تم ذلك بأمره واتهمه أخوه سليمان:"أنه كان إذا باينه أحد ولم يقدر على قتله مجاهرة يرسل إليه من يغتاله في فراشه أو في السوق ليلاً لقوله بتكفير من خالفه واستحلاله قتله" ومسألة الاغتيال درج عليها بعض أمراء الأسرة المالكة خاصة في الدولة الثانية والثالثة وآخرها اغتيال الملك فيصل رحمه الله الذي كانت له بعض المواقف المشرفة على الصعيد الإسلامي والدولي وهذا تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود 1236هـ أمر باغتيال أمير إحدى البلدات ناصر السياري اغتيل في المسجد واستولى على بلده وقد تم هو الآخر اغتياله من طرف ابن أخته مشاري بن عبد الرحمن بن مشاري بن سعود الذي كمن له عند باب المسجد وقتله غدرا بعد خروجه من صلاة الجمعة واستولى على السلطة لأسرته، وليست أول مرة يتم الاغتيال والقتل في المساجد من آل سعود فعندما تم الاستيلاء على الطائف 1217هـ قتلوا من وجدوا في المسجد، ربما هذا ما لم يفعله الحشاشون، بهذا الشكل، وهناك من يرى أن هذا النوع من الاغتيال له أصل في الشريعة الإسلامية، قال الشيخ علي القرني نفع الله به في كتابه -سلعة الله غالية- "...أما الاغتيالات المحمودة فهي اغتيالات على الطريقة الإسلامية كاغتيال عبد الله بن أنيس لخالد بن سفيان الهدلي، وهو من سادات الجاهلية، جمع ألف مقاتل وحاول أن يضج المدينة أو يغشها، فسمع الرسول صلى الله عليه وسلم بخبره، فقال "من يقتل خالدا الهدلي وله الجنة"...احتز رأسه في المنام، وكعب بن الأشرف فقد كان يجمع الجواري ينشدان هجوا في الرسول صلى الله عليه وسلم من يقتل كعب بن الشرف، فقال محمد بن سلمة، أنا..." ولست الآن بصدد تفصيل القول في الاغتيال الجائز والممنوع.
15- تهمة قتل العلماء المخالفين دون محاكمة شرعية:
* مما يستنكر على الحركة الوهابية أنها سمحت بقتل علماء أعلام في عصرهم، خالفوا محمد بن عبد الوهاب لقد تم قتل العلماء دون محاكمة أو استتابة في حالة ثبوت "الردة" كما ينص الشارع الحكيم ومن هؤلاء الشيخ عبد الله الزواوي مفتي الشافعية بمكة وقتل الشيخ عبد الله أبو الخير قاضي مكة وقتل الشيخ جعفر الشيبي وغيرهم قتلوا ذبحاً أما الشيخ عبد القادر الشيبي الذي ذبح أبناءه زعم لهم –تحت الإكراه- أنه شهد على نفسه بالكفر فتركوه ورحبوا به لأنه تاب وعرف الحق، ولذلك قال الشيخ محمد الزواوي الشافعي في الفتح المبين:"فجوزوا قتل من خالفهم من المسلمين واستحلوا مالهم وسبي ذراريهم ونكاح أزواجهم بلا طلاق من أزواجهن ولا عدة..." وهذا بلا شك قتال الكفار والمرتدين وليس قتال البغاة أو المحاربين أو الخوارج وممن قتلوا مربد بن أحمد التميمي 1171 أحد كبار العلماء والقضاة من الذين كانوا سبباً في عدول الإمام الصنعاني على مدح محمد بن عبد الوهاب!!!.
16- تهمة أخذ الغنائم وتقسيمها؟!!!
* لقد ذكر كل من ابن بشر ابن غنام في أكثر من موطن وإثر كل غزوة أو فتح يغنمون أموالاً يقسمها الإمام بعد ذلك ومن ذلك قولهم:"فغنموا ورجعوا سالمين وكان الشيخ محمد بن عبدالوهاب يخمس الغنائم" ويقال هذا من الأدلة على أن القتال كان قتال كفار وأهل ردة لأن الغنائم لا تؤخذ إلا من الكفار لا من البغاة أو المحاربين أو الخوارج، فضلاً عن أخذ بعض النساء سبايا حتى قيل أن الملك عبد العزيز نكح 400 امرأة من السبايا إحداهن زوجة فيصل الدويش الذي قتله وكل الغزوات التي شنت على أهل القصيم والمحمرة والحائل والرياض والدلم وسدير ودواسر والقطيف والأحساء والكويت.... إلخ، لم يرفع عنهم السيف حتى أعلنوا أنهم دخلوا في الإسلام من جديد والتزموا السمع والطاعة، واستنكر خصومه إعلان الجهاد دون إذن إمام المسلمين وهذا تناقض مع قوله في بعض كتبه أنه لا يجوز إعلان الجهاد إلا بإذن الإمام أم أنه يجوز شرعا لكل عالم له جماعة خاصة أن يعلن ويباشر الجهاد أم أن المسألة فيها تفصيل عند فقهاء الإسلام قديما وحديثا، وما هي المواطن التي يجوز إعلان الجهاد دون إذن الإمام؟!!! وهل حالة الشيخ جائزة أم لا؟!!!
هذه بعض الدلائل أو القرائن التي يسوقها الخصوم والمؤرخون وأهل العلم على أن الشيخ يقول بالتكفير العام وما يترتب عليه من أحكام ووجد في سيف آل سعود خير ناصر لدعوته ووجد آل سعود في دعوة الشيخ ما يحقق أطماعهم التوسعية التي وضعت لها بريطانيا حداً أثناء الحرب العالمية الأولى كما تقول وثائق التاريخ، ولذلك يرى خصوم الشيخ أنه مسؤول على كل ما حدث في الجزيرة العربية من مجازر وفظائع وذلك منذ أن انطلقت الغزوات والفتوحات الإسلامية بتاريخ 1159هـ=1744م، قال صاحب كتاب لمع الشهاب في سيرة محمد عبد الوهاب، المنسوب لحسن الريكي "قال الشيخ عبد الوهاب لابن سعود، أريد منك عهدا على أنك تجاهد في هذا الدين والرياسة والإمامة فيك وفي ذريتك وأن المشيخة والخلافة في الدين في وفي آلي من بعدي أبدا –أي تقاسم السلطة- بحيث لا ينعقد أمر ولا يقع صلح أو حرب إلا ما نراه كذلك، فإن قبلت هذا فأخبرك أن الله يطلعك على أمور لم يدركها أحد من عظماء الملوك والسلاطين، فقال الأمير ابن سعود قبلت وبايعتك على ذلك"، وقال أيضا "صارت الإمامة الكبرى وهي إمامة الدين لمحمد بن عبد الوهاب وكذا ما يتبعها من مصالح الدنيا كتدبير الحروب والمصالحة والعداوة وما يرجع إلى لآلة الحرب...والحاصل أنه صار الأمر كله بيد محمد بن عبد الوهاب بحيث كل شيء أراده محمد بن سعود أو أولاده رجعوا إلى محمد بن عبد الوهاب، فإن ارتضاه ارتضوه وإن أباه أبوه بلا كلام، وكانت العادة جارية بأن يزوره محمد بن سعود كل يوم مرتين صباحا ومساءا هو وابنه عبد العزيز وبقية أولاده، وكانوا يجلسون عنده متئدين صامتين لا ينطقون بشيء ما لم يحادثهم به أو لا يدرسون على يده علم التوحيد..." قد يقول قائل هذا كلام خصم، قيل لهم ألم يقل أوثق مؤرخ لدى أهل السعودية عثمان بن بشر "أن الحل والعقد والأخذ والعطاء والتقديم والتأخير كان بيد الشيخ ولا يركب جيش ولا يصدر رأي محمد بن سعود وعبد العزيز إلا عن قوله ورأيه، فلما فتح الله الرياض عليهم (1187هـ) واتسعت لهم الناحية وأمنت السبل وانقاد كل صعب من باد وحاضر، جعل الشيخ الأمر بيد عبد العزيز وفوّض أمور المسلمين وبيت المال إليه وانسلخ عنها بالكلية ولزم العبادة وتعليم العلم، ولكن ما يقطع عبد العزيز أمرا دونه ولا ينفذ إلا بإذنه..."وللفائدة العلمية نقول أن الشيخ توفى 1206هـ=1792م وعاش من العمر زهاء 90 سنة، والبيعة الأولى تمت بينه وبين محمد بن سعود أول حاكم ومؤسس الدولة الأولى سنة 1745م والذي توفي في 1765، وخلفه ابنه عبد العزيز في نفس السنة والذي اغتيل بعد غزوه لكربلاء 1802، ثم غزو مكة في 1803.
17- تهمة إضفاء الشرعية على النظام الوراثي المخالف للكتاب والسنة وهدي الراشدين:
عندما طُرد الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله من العيينة بسبب إقامته حد الزنا دون إذن الإمام، نزل ضيفا على عبد الرحمان بن سويلم بالدرعية وكان للأمير محمد بن سعود أخوان –مشاري وثنيان- بالإضافة إلى زوجته العاقلة وابنه عبد العزيز والذين بلغهم مقدم الشيخ وعملوا على إقناع الأمير محمد بن سعود بالذهاب إلى الشيخ والسماع منه وبينوا له أن الرجل غنيمة ساقها الله إليه، فما كان من الأمير إلا أن قصد الشيخ وسمع منه "واقتنع بدعوته" ورجاه الشيخ أن يكون إماما يجتمع عليه المسلمون ويكون له الملك والسيادة ومن بعده في ذريته غير أن محمد بن سعود اشترط على الشيخ شرطين:
أ- أن لا يرجع الشيخ عنه إن نصرهم الله و مكنهم.
ب- أن لا يمنع الأمير من الخراج الذي ضربه على أهل الدرعية وقت الثمار فقال الشيخ أما الأول الدم بالدم و الهدم بالهدم وأما الثاني فلعل الله يفتح عليك الفتوحات و تنال من الغنائم ما يغنيك على الخراج و عندها بايع الأمير الشيخ على الدعوة إلى الله و الجهاد في سبيل الله و التمسك بسنة رسول الله و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الشعائر الدينية و من أراد أن يعرف قصة المبايعة فليرجع إلى الكتب الموثقة في ذلك، وتزوج محمد بن سعود بابنة الشيخ ولا شك أن الطريقة التي تمت بها المبايعة لآل سعود تخالف الطريقة الشرعية في اختيار الحاكم المسلم الشرعي وهي طريقة الشورى كما نص عليها الكتاب والسنة و السلف الأوائل من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بإتباعهم والعض على سنتهم ونهجهم في اختيار الحاكم و لذلك قال العلامة المالكي المفسر ابن عطية رحمه الله "إن الشورى من قواعد الشريعة و عزائم الأحكام ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب" ولا شك أن الذي أفسد أمر هذه الأمة في خلافها الأول التوارث في الحكم وهو الذي جلب على الأمة من محن وفتن إلى يومنا هذا، ولذلك قال الإمام الحسن البصري رحمه الله "أفسد أمر هذه الأمة اثنان، عمر بن العاص يوم أشار على معاوية برفع المصاحف والمغيرة ن شعبة حين أشار على معاوية بالبيعة ليزيد ولو لا ذلك لكانت شورى إلى يوم القيامة"فوراثة الحكم أخطر بدعة هدمت كيان الأمة الإسلامية، لقد اتخذ آل سعود من مبايعة الشيخ لهم ذريعة للتسلط والجبروت فمؤسس الدولة الثالثة مثلا، عبد العزيز بن سعود يزعم أنه نال الملك بحد السيف وفي عام 1927 أعلن نفسه ملكا على الحجاز ونجد وفي سنة 1932 أعلن نفسه ملكا على المملكة العربية السعودية وأصبح الحكم في أولاده بن بعده إلى يومنا هذا، فقد تزوج أكثر من 22 زوجة وخلّف منهن 44 ولدا منهم الملك عبد الله الحالي، فهل هذا الصنيع من الكتاب والسنة يا كبار العلماء ولماذا لا تحاربون هذه البدعة الخطيرة؟ بل بأي حق يعبث الأمراء والأميرات بأموال الأمة الإسلامية وتعقد الصفقات المشبوهة مع أعداء الله مثل صفقة اليمامة التي عقدها المجرم بندر بن سلطان مع أولياء نعمته في بريطانيا، وهل يعقل أن يعبث الأمراء بمقدرات الأمة وإخواننا المجاهدون في فلسطين وغزة وأفغانستان والعراق يذوقون الويلات ولا يجدون من يمدهم بالسلاح، بينما أوباما يقترح على كونغرس منح إسرائيل بـ205 مليون دولار لشراء السلاح علانية وبشكل رسمي؟!!! ولله درّ الإمام الشعراني رحمه الله إذ يقول "من لبس جديدا أو أكل هنيئا أو ضحك في نفسه أو سعد في بيته والأمة الإسلامية في كرب أو شدة فقد برئ منه الإسلام" وعندما شعر الإمام الغزالي رحمه الله بتقاعس ابن تاشفين عن نصرة إخوانه، كتب إليه قائلا "إما أن تحمل سيفك في سبيل الله ونجدة إخوانك في الأندلس وإما أن تعتزل إمارة المسلمين حتى ينهض بحقهم سواك" أم أن الجهاد في السعودية لا يعلن إلا بطلب من أمريكا، ولا يتوقف إلا بطلب منها، فهو جهاد تحت الطلب الأمريكي الصهيوني؟!!! ألم يقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "إذا دخل العدو بلاد الإسلام فالريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم ونصوص أحمد صريح بهذا" ألم تطبع المملكة السعودية مجموع الفتاوى 37 مجلد وتوزعها قي بلاد الإسلام مجانا، فلماذا لا تأخذ الآن برأيه ؟!!! أم أن ابن تيمية أصبح في قائمة الإرهابيين الموتى؟!!! والإسلام الحق لا يعترف بالوراثة أو غلبة أصحاب الشوكة ولا باغتصاب السلطة ويرى أن هذه الطرق من أصول الفقه الاستبدادي السلطاني الذي يجب أن يشطب من تراثنا الفقهي لأنه فقه يقنن للأمر الواقع ومسايرة هذا الواقع المنحرف المخالف للشرع والمستفيد من هذا الفقه السلطاني هم الطغاة الذين لا يعترفون بالشريعة الإسلامية مرجعية للدولة الإسلامية، وهذا اللون من الفقه هو الذي أضر بالأمة الإسلامية ضررا أقعد الأمة وجعلها أمة كسيحة بين الأمم وعالة عليهم في كل شيء، وفضلا عن ذلك فالمبايعة فيها تقاسم للسلطة فالسلطة الدينية ترجع للشيخ و أبناؤه وأحفاده فآل الشيخ هم القائمون بالوظائف الدينية من الإفتاء والتدريس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورئاسة المعاهد والكليات أما السلطة السياسية فهي مقصورة في آل سعود وأبنائهم وأحفادهم الذين يلغ عددهم أزيد من 6000 أمير وأميرة وكل أمير بمجرد الولادة يصرف له 180 ألف دولار والسؤال المطروح ما هو النص الشرعي من الكتاب والسنة الذي يرضى بهذه القسمة الضيزى يا كبار العلماء؟!!! يا ليت الإمام العز بن عبد السلام يبعث من جديد فيبيع هؤلاء الأمراء في السوق ويجردهم من أموالهم وعقاراتهم في الداخل والخارج وتجهز بها جيوش إسلامية لإخراج المحتل من فلسطين والعراق وأفغانستان، هل يجوز شرعا إضفاء الشرعية على الواقع المنحرف ومسايرته والخضوع له؟!!! ومن عيوب هذه المبايعة إقرار الشيخ لآل سعود بأخذ أموال الناس بغير حق شرعي إلى أن يعوض ذلك بالغنائم التي لا تؤخذ إلا من الكفار و المرتدين ؟؟؟؟ ومن عيوبها أيضا أخذ البيعة لولاية العهد للأمير عبد العزيز في حياة والده محمد بن سعود وقد نهى الشارع الحكيم مبايعة حاكمين اثنين في وقت واحد، بل أمر بقتل الثاني كما جاء في الحديث الصحيح.
إعتراض وجوابه.
* قد يقول قائل كل ذلك يعرفه الشيخ من الناحية الشرعية ولكنه قدّم إصلاح العقائد ومحاربة البدع و الخرافات على الإصلاح السياسي والاجتماعي وهذا يدخل في باب فقه الأوليات والموازنة بين المصالح و المفاسد وتقديم الأهم على المهم، والجواب، لقد تعلمنا من دعوة محمد بن عبد الوهاب تقديس النصوص الشرعية والعمل بالدليل القائم على صحة الاستدلال، وعندما كان يواجه بأقوال أكابر علماء زمانه يرد عليهم بقوله تعالى "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" فالعلماء والدعاة وأهل السابقة لهم الاحترام والتقدير والدعاء والترحم وحسن الظن بهم إذا وقع أحدهم في خطأ من الأخطاء الاجتهادية التي لا يسلم منها أحد، فلا يجوز اتّباعه أو تقليده مع التماس الأعذار لهم دون تفسيقهم أو تبديعهم أو تضليلهم فضلا عن تكفيرهم ولكن لا يتابعون فيما أخطؤا فيه، فالعلماء ليسوا هم الحكم الشرعي وإنما هم وسائط لمعرفة الحكم الشرعي كما يقول الشاطبي رحمه الله، فنحن لا نعصّم ولا نأثم والقاعدة الذهبية عندنا "إن خير الهدى هدى محمد عليه الصلاة و السلام" وقول الإمام مالك رحمه الله "إنما أنا بشر أُخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه"، وقول الإمام أحمد رحمه الله لبعض أتباعه "لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا"، وإن العالم مهما بلغ من العلم والمعرفة فإنه يستدل له ولا يستدل به هذا ما كان يرفع شعاره محمد بن عبد الوهاب نفسه ويبثه في العام والخاص، وإنّ خطأ العالم في بعض المسائل العلمية أو العملية لا يقتضي هدر مكانته فضلا عن تفسيقه أو تبديعه أو تكفيره، و من هذا المنطق نقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم رغم أنه كان في حالة ضعف في بداية الدعوة و بحاجة ماسة إلى نصير ومناصرة و كان يقصد القبائل ويعرض نفسه عليهم ولكنه مع ذلك لم يعط أحدا من رؤساء العشائر والقبائل مالا يجوز شرعا ولم يأذن به الله، وهو في أمس الحاجة إلى دعم ومعونة ذكر ابن كثير رحمه الله في بيعة العقبة "قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله و سلم – يعني ليلة العقبة- اشترط لربك و لنفسك ما شئت فقال" اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم" قالوا فمالنا إن نحن فعلنا ذلك؟ فقال الجنة، قالوا ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل " فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يعدهم بأي شيء من حطام الحياة الدنيا أو المناصب السياسية والصحابة رضوان الله عليهم رضوا بالجنة والدار الآخرة، ولم يفعلوا كما فعل آل سعود الذين طلبوا الملك والغنائم من أول جلسة، قال السيد قطب رحمه الله "فقد كان الأنصار إذا يعلمون عن يقين واضح تكاليف هذه البيعة وأنهم كانوا يعلمون أنهم لن يوعدوا على هذه التكاليف شيئا في هذه الحياة الدنيا – حتى و لا النصر و الغلبة – إنهم لم يوعدوا عليها إلا الجنة".
ومنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم عرض نفسه على بني عامر ودعاهم إلى الله فقال له رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس "والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب" ثم قال له "أرأيت أن نحن بايعناك عن أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك"، قال "الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء" قال، فقال له :أفنهدف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا؟! لا حاجة لنا بأمرك فتولى عليه" وفي هذه الحادثة دليل قاطع وصارخ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن سياسيا مخادعا ماكرا، يعطي حقا لا يملكه، ولا يريد أن يسن للأمة من بعده سنة سيئة في الحكم أو أن يغتصب حق الأمة في اختيار حكامها رغم أنه كان في حالة ضعف وأحوج ما يكون إلى نصرة، وفيها دليل على أن زعيم بن عامر لم يكن يهدف نصرة الدعوة و إنما هو طالب مُلك لا أكثر ولا أقل وكان بوسع رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم سياسيا محترفا يطبق مقولة "السياسة فن الممكن" لقبل طلب زعيم بني عامر بدعوى أن إصلاح العقائد مقدم على الإصلاح السياسي كما يتصور البعض عن حسن نية، والحاصل أنه مهما تكن حالة الضعف لا يحق لحملة الدعوة الإقرار على باطل و لا يحق لأي أحد أن يشترط لنصرة الدعوة الحصول على مقابل دنيوي أو الوصول إلى سدة الحكم، وغالب الظن أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لو بعث من جديد وعايش ما هي عليه أحوال الدولة السعودية من مفاسد عظيمة لحمل عليها السيف من جديد ولربّما أدرك حكم الآثار الوخيمة والمدمرة للحكم الوراثي على حياة الأمم، لاسيما إذا اتخذ من الدين درعا وغطاء وكساء للوصول أو البقاء في السلطة، والأمر الآخر الذي يجب التنبيه إليه جيدا أن الإصلاح العقدي يجب أن لا يشغلنا عن الإصلاح السياسي، فهذا له مجال وهذا له مجال، وهذا له رجاله وهذا له رجاله والرسول صلى الله عليه وسلم لم يضحّ بالجانب السياسي من أجل الجانب العقائدي، قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله :" رفع محمد بن عبد الوهاب شعار التوحيد وحق له أن يفعل، فقد وجد نفسه في بيئة تعبد القبور وتطلب من موتاهم ما لا يطلب إلا من الله سبحانه...إن رفع شعار التوحيد هذا إصلاح عظيم لعوج هائل، فهل معنى ذلك أن الإصلاح كله يقف عند رفع هذا الشعار؟ كلا، هناك إصلاحات خلقية واجتماعية واقتصادية سياسية لا يتم الدين إلا بها..وفي عصرنا هذا أئمة استشهدوا وهم يحاربون الاستبداد السياسي ويستنقذون حقوق الناس من براثين الجبابرة".
تنبيهات لا بد منها:
أ- الأسرة المالكة بين الشورى أو الملكية الدستورية؟!!!
الأسرة المالكة في السعودية لا تؤمن بقاعدة الشورى في الحكم وأن الحاكم الشرعي هو الذي يختاره الشعب وإلا فهو مغتصب للسلطة، ولكن السعودية التي ترفع شعار الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح وتزعم أنها تحارب البدع والخرافات بينما هي واقعة في أكبر وأخطر بدعة جرّت على الأمة كل الويلات ألا وهي بدعة الوراثة والتوريث في الحكم وهيئة كبار العلماء تحارب البدع الصغيرة -وهذا حق-، ولكنها لا تتصدى لبدعة توريث ووراثة الحكم ليختار الشعب بكل حرية حكامه بنفسه! وإلى متى سيظل هذا الشعب يتوارثه الأجداد والآباء والأبناء والأحفاد من الأمراء وكأنه من سقط المتاع أو مجرد تركة للورثة أو قطيع من السائمة يسوقها الراعي كيفما اتفق؟!!! ولماذا لا يقدم الملك عبد الله على ما أقدم عليه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فيعلن في خطاب للأمة أنه يتخلى عن وراثة وتوريث الحكم ويرجعها شورى على ما كان عليه السلف الأوائل خير القرون؟!!! وإذا كانت الأسرة المالكة لا تؤمن بهذا الطرح الشرعي الموافق للكتاب والسنة فلماذا لا تقرر العمل بمبدأ المملكة الدستورية أي أن الملك يملك ولا يحكم، على غرار ما هو في بريطانيا وهولندا وإسبانيا واليابان الخ...وبالتالي يصبح مجلس الشورى المنتخب من الشعب هو الذي يفرز الحكومة التي تسير شأن البلاد، بما في ذلك تحديد ميزانية الملك وأفراد أسرته!! أم أن هذا الطرح من شأن اليهود والنصارى الذي أمرنا بمخالفتهم؟!!! وإذا كانت المملكة العربية السعودية وغيرها من المملكات العربية ترى أن هذا الطرح مخالف لأحكام الشريعة بدعوى أن الحاكم المسلم يجب عليه شرعا حراسة الدين وسياسة الدنيا به، وهذا يتنافى مع مبدأ الملك، يملك ولا يحكم، نقول لهم ونظام الوراثة والتوريث مخالف لأحكام الشريعة أيضا "ما لكم كيف تحكمون" وهذا تناقض صارخ من الأسرة المالكة والتلاعب بالدين!!!.
ب-الأسرة المالكة بين السيف والحوار؟!!!
* الأسرة المالكة أو الهالكة في السعودية لا تؤمن بالحوار الحقيقي أي حوار الند للند وإنما تؤمن بالسيف وحده لحسم القضايا السياسية ولها درع ديني تستدعيه عند الحاجة لشحذ السيف وإعداد النطع وإضجاع الضحية المتمردة، وتلك سيرة آل سعود، ألم يقل مؤسس الدولة السعودية الثالثة عندما اختلف مع الإخوان الذين أسسوا ملكه وأجلسوه عليه وأخضعوا له القريب والبعيد "ولا تظنوا يا إخوان أن لكم قيمة كبيرة عندنا...ولا تظنوا أنكم ساعدتمونا وأننا نحتاج إليكم، قيمتكم يا إخوان في طاعة الله ثم طاعتنا فإذا تجاوزتم ذلك كنتم من المغضوب عليهم أي والله، لا تنسوا أن ما من رجل منكم إلا وذبحنا أباه وأخاه وابن عمه وما ملكناكم إلا بالسيف والسيف لا يزال بأيدينا..." إنها الخيانة والغدر ونكران الجميل والعالم كله يعرف أن الإخوان هم الذين أسسوا ملكه بل أن بريطانيا هي التي سمحت وأذنت لابن سعود بإطلاق جيش الإخوان هنا وهناك وعندما اكتشفوا أن آل سعود طلاب ملك لا طلاب دين، اختلفوا معه على أمور كثيرة، كان الأمير بنفسه يرفع شعارها وينادي بها ثم تنكر لها بأمر من بريطانيا، فتمت تصفيتهم بشكل وحشي لا نظير له سنة 1928 وقصة غدر آل سعود بالإخوان يجب تسليط الضوء عليها من جديد، فهي قصة فريدة من نوعها في الخيانة واستخدام النظام لبعض علماء السوء في تصفية الخصوم والمعارضة باسم الفتوى، وهذا يذكرنا بموقف المملكة من حركة طالبان بعد أن مولتها ودعّمتها، وعندما غضبت عليها إدارة بوش غدرت بها هي الأخرى، وانقلبت عليها وأصبحت تتفرج عليها وهي تقصف وتدمر من طرف أمريكا وبريطانيا وحلف الناتو عن طريق طائرة بدون طيار...، نعوذ بالله من الخذلان والتلاعب بدين الله تعالى من أجل الكرسي والمناصب الزائلة والظاهر –والله أعلم- إن عمر هذه المملكة المتهالكة على وشك الأفول لأن ما قام على السيف والغدر والخيانة والعمالة لا يدوم طويلا، هكذا قالت حكمة التاريخ، وجماهير المسلمين يتساءلون لماذا لا تعلن المملكة الجهاد على أمريكا وحلف الناتو وهما يقصفان الأبرياء الضعاف الفقراء المحاويج ويحتلون أرض إسلامية، ولماذا لا تعلن الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة حالة النفير العام (كما أعلنته عندما استعان نجيب الله بالروس) لإخراج أمريكا وحلف الناتو من العراق وأفغانستان وإسرائيل من أرض الإسراء والمعراج وفك الحصار على إخواننا في غزة؟!!! ألم يقل الملك سعود "لقد بنيت ملكي بعون الله وقوة ساعدي..." وقال "إن العشائر لا يفهمون إلا السيف" وقال "لقد أسست مملكتي بسيفي وجهودي فليبذل أبنائي جهودهم الخاصة من بعدي" إن النظام السياسي الذي لا يقوم على السيف لإخضاع الرعية وإرهابها فكريا ونفسيا وجسديا وماديا لن يطول عمره، ولو أن المملكة السعودية فتحت باب التعددية السياسية وحق المعارضة في ممارسة حقها الشرعي لما حدث لها ما حدث ولما ظهرت القاعدة إلى الوجود، فهي بسياستها العرجاء فتحت أبواب التمرد بجميع أشكاله بما في ذلك التمرد العلماني، ألم يقل أسامة بن لادن في رسالة مفتوحة للسلطات السعودية سنة 1997 مذكرا كيف أن النظام السعودي صمّ أذنيه عن كل دعوة إصلاح هادئة، جاء فيها باختصار"...فنصحوا سرا وجهرا ونثرا وشعرا زرافات وأرسلوا العرائض تتلوها العرائض والمذكرات وما تركوا سبيلا إلا ولجوه ولا رجلا مؤثرا إلا وأدخلوه معهم في تحريكهم الإصلاحي... ولكن –للأسف الشديد- لم يجدوا من النظام إلا الصدود والإعراض بل والسخرية والاستهزاء...لماذا يوصد النظام جميع السبل السلمية للإصلاح ويدفع الناس دفعا نحو العمل المسلح؟!!! وهو الباب الوحيد الذي بقي أمام الناس لرفع الظلم و إقامة الحق والعدل" وهكذا يكون النظام السعودي بمنع المعارضة من النشاط السياسي السلمي من أسباب تفجر حركات التمرد والعصيان بجميع أشكاله هنا وهناك، لو فتحت للمعارض السعودي أسامة بن لادن حق المعارضة وغيره من أطياف المعارضة المستكينة غير المعلنة خوفا من قمع النظام لما كانت هناك قاعدة هنا وهناك ولا شك أن جميع الأنظمة العربية تتحمل مسؤولية ما سيحدث في المستقبل القريب أو المتوسط من حركات غليان شعبي لا تحمد عواقبها، والحاصل أن الأنظمة المستبدة الطاغية التي تمنع حق التعددية السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مسؤولة عن القاعدة وما يتفرع عنها.
ج-نفاق الأسرة المالكة وتناقضها:
عندما سمعنا تصريح مدير المخابرات السابق السعودي تركي الفيصل وهو يحذر النظام العراقي من اندلاع حرب أهلية بسبب أن المالكي يريد اختطاف أو سرقة نتائج الانتخابات التي فاز فيها العلاوي ضربنا أخماسا بأسداس وقلنا لماذا تحشر السعودية أنفها في الانتخابات التعددية الحزبية في الدول العربية، ففي لبنان رمت بثقلها ووقفت مع جناح ضد جناح آخر بالدعم السياسي والدبلوماسي والإعلامي والدعائي والمالي وتنادي بضرورة نزاهة الانتخابات واحترام نتائجها حتى تم لها بعض ما أرادت وساهمت في تشكيل حكومة التوافق، وفي إيران نصبت نفسها محامية عن المعارضة التي تزعم السعودية أنه قد اغتصب حقها ومنعت من التعبير عن رأيها ووقفت سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا عن طريق بعض أبواقها الإعلامية التي لا تمل ولا تكل من ترديد أسطوانة مشروخة حول نتائج الانتخابات المطعون فيها وأن نجاد خطف نتائج موسوي!!! وها هي السعودية تقحم نفسها من جديد في الشأن العراقي وهي سبب دماره ومآسيه منذ أزيد من 250 سنة، تريد ترجيح كفة جناح على آخر، ونحن نقول لا يحق للمملكة الحديث عن الحزبية السياسية والانتخابات واحترام نتائج صناديق الاقتراع ومشروعية المظاهرات والمسيرات وهي تعتبر كل هذه الوسائل من البدع المنكرة ومن يقوم بها فهو ضال مبتدع يسلك مسلك اليهود والنصارى يجب أن يردع ويقمع ويمنع ويهجر ويضيق عليه في ماله ونفسه، هل الأسرة المالكة أو الهالكة تؤمن بالتعددية الحزبية؟!!! هل تؤمن بمشروعية الأحزاب السياسية على الساحة السعودية؟!! هل تؤمن بحق الشعب في اختيار حكامه؟!! هل تؤمن بالوسائل السلمية في التغيير من حق التجمع والمظاهرات والمسيرات السلمية والاعتصامات؟ وهل...وهل...وهل... لا يحق للسعودية الخوض في مثل هذه المواضيع على صعيد السياسة الخارجية وهي تمنع هذه الوسائل التغييرية السلمية وتجعلها من البدع والمنكرات، ومنعت أسامة بن لادن من ممارسة حقه في المعارضة داخليا!!! وضيقت على الدعاة والعلماء الذين قدموا نصيحة الإصلاح وزجت بهم في السجن؟!!! "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" وجاء في الحديث أن المنافق يرى القذى في عين الآخرين ولا يرى الجذع في عينه، والله المستعان.
ونواصل ذكر الاتهامات التي رمي بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
18. تهمة تنزيل النصوص في غير محلها:
لن يبلغ أحد درجة الفقاهة الحقة إلا إذا أحسن تنزيل النصوص الشرعية على الوقائع والأعيان والنوازل والأحداث الطارئة والمتجددة، وإصابة المحز وحررّ موطن النزاع بدقة، ولب الفقه وقلبه إصابة التنزيل في محله ومما اتهم به الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنه ينزل النصوص في غير موضعها وعلى غير أهلها وممن ذهب إلى هذه التهمة العالم زيني دحلان حيث قال "وعمدوا إلى آيات كثيرة من آيات القرآن التي نزلت في المشركين فحملوها على المؤمنين " ومنهم الزهاوي " وحمل الآيات التي نزلت في الكفار من قريش على أتقياء الأمة" وقال اللكنهوري "كما أن الخوارج طبقوا ما ورد في الكفار والمشركين من الآيات على المسلمين المؤمنين فكذلك هؤلاء الوهابيون و يطبقون سائر تلك الآيات الواردة في المشركين على مسلمي العالم .."
قال شيخ الإسلام زيني دحلان رحمه الله : "فكيف يجوز لابن عبد الوهاب ومن تبعه أن يجعلوا المؤمنين الموحدين مثل أولئك المشركين الذين يعتقدون ألوهية الأصنام فجميع الآيات المتقدمة وما كان مثلها خاص بالكفار والمشركين، ولا يدخل فيه أحد من المؤمنين، روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الخوارج أنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فحملوها على المؤمنين وفي رواية عن ابن عمر أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال "أخوف ما أخاف على أمتي رجل يتأول القرآن يضعه في غير موضعه"
19-تهمة البغي في الأرض بغير حق:
عدّ بعض أهل العلم الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه أنهم بغاة قال الشيخ بن عابدين عند حديثه عن الحركة الوهابية "خرجوا من نجد و تغلبوا على الحرمين و كانوا ينتحلون مذهب الحنابلة لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون".
20-تهمة التطرف والغلو!!!
ومن العلماء الذين اتهموا الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالغلو الشيخ محمد لبيب البتنوني في رحلته الحجازية حيث قال فيه " بأنه أخذ يذيع عقيدة جديدة بين المسلمين وغلا فيها "وعدَّ العلماء أن من مظاهر الغلو الذي وقع فيه أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما قاموا به عند غزو مكة المكرمة حيث قاموا بإحراق المكتبة العربية والتي تحتوي على 60.000 من أندر الكتب بحجة أن فيها انحرافات عقائدية وأحرقوا أيضا 40.000 مخطوطا وهي ثروة فكرية وثقافية و أدبية قلَّ نظيرها وكان الواجب المحافظة عليها وغربلتها والرد على ما جاء فيها بالدليل و البرهان، وما زالت السعودية إلى يومنا هذا تمنع بعض عناوين الكتب التي تراها مهددة لأمنها الفكري فضلا عن الكتب التاريخية التي تطرح وجهة نظرة مخالفة للتاريخ الرسمي السعودي.
21-تهمة حدّة المزاج مع مخالفيه :
وهناك من اتهم الشيخ بحدة المزاج و الشدة في الرد على بعض خصومه ومخالفيه ففي رده على سليمان بن سحيم من ألدّ خصوم الشيخ "لكن البهيم سليمان بن سحيم لا يفهم معنى العبادة " رغم أنه من الفقهاء الحنابلة وقد كفره الشيخ كفرا أكبر ينقل عن الملة وقال فيه إن هذا الرجل من البقر التي لا تميز بين التين والعنب"، وما زالت هذه النزعة عند بعض أحفاده ورأينا كيف أن مفتي السعودية آل الشيخ وصف جلّ الشعب الجزائري والليبي بالحمير، متجاهلا أن هناك بعض علماء الجزائر وليبيا لا يمكن أن يكون تلميذا من تلاميذهم، غير أن علماء الغرب الإسلامي لا يحبّون الظهور وهم أشدّ الناس تواضعا لله تعالى، وما زالت السعودية تفتخر بالعلامة النادرة الشنقيطي رحمه الله وهو من أشد العلماء تواضعا لله تعالى، وموسوعة علمية قل نظيره وأمثال هؤلاء النوادر في الغرب الإسلامي لا يحصيهم عدُّ، ولكنه التواضع وهضم النفس سمه هؤلاء الأعلام الأخفياء، كما يقول ابن أبي الدنيا رحمه الله.
22-تهمة الابتداع في الدين :
اتهمه خصومه أنه من أهل الابتداع في الدين حيث قال أشرف عبد الله بن شريف حسين باشا في صدق الخبر في الخوارج في أواخر القرن الثاني عشر "إن ابتدأ ظهور ابن عبد الوهاب ببدعته في نجد كان سنة 1143 ثم كان استلاء الوهابيين على مكة سنة 1218 فتسمية الوهابيين بخوارج القرن الثاني عشر هي مبنية على ابتداء ظهور بدعتهم لا على ابتداء استيلائهم الأول على مكة " وقال الشيخ الحداد العلوي "ولله در الشيخ محمد بن عبد الله بن فيروز الحنبلي لما قام مجتهدا ابتغاء مرضاة الله في إطفاء بدعة هذا الخبيث كلما رأى وجها لبعض أهل المذاهب الأربعة تبع ذلك الوجه إذا كان مخالفا لما يعلمه أو يقوله ابن عبد الوهاب البدعي".
23- تهمة إثارة الفتن:
لقد اتهمه خصومه بأنه من أهل الفتنة وبعضهم نعته بأنه هو نفسه رأس الفتنة، بل ألف زيني دحلان كتابا سماه "فتنة الوهابية" وقال الشيخ أحمد بن محمد الغماري "ولما طلع قرن الشيطان في نجد في أواخر القرن الحادي عشر و انتشرت فتنته كانوا يحملون الأحاديث عليه وعلى أصحابه" وممن نسبه إلى الفتنة العالم جميل صديق الزهاوي في الفجر الصادق حيث قال " الوهابية فرقة منسوبة إلى محمد بن عبد الوهاب و ابتداء ظهور محمد هذا كان سنة 1143هـ و إنما اشتهر أمره بعد الخمسين فأظهر عقيدته الزائفة في نجد وساعده على إظهارها محمد بن سعود أمير الدرعية بلاد مسيلمة الكذاب مجبرا أهلها على متابعة ابن عبد الوهاب هذا، فتابعوه وما زال ينخدع له في هذا الأمر حي بعد حي من أحياء العرب، حتى عمّت فتنته و كبرت شهرته و استفحل أمره فخافته البادية و كان يقول للناس : ما أدعوكم إلا إلى التوحيد و ترك الشرك بالله تعالى في عبادته و كانوا يمشون خلفه حيثما مشى حتى اتسع له الملك " وقال أخوه سليمان عن نجد "الشيطان في نجد "ويقول "بها الزلازل و الفتن فكيف لتجديد الدين أن يخرج بها........؟".
مؤلفات المعاداة والموالاة بشأن الحركة الوهابية
منذ ظهور دعوة الشيخ محمد بن الوهاب قبل 250 سنة والعلماء في شأنه بين مادح وقادح وفاحص ناقد يأخذ ويدع، عملا بالقاعدة الذهبية "كل يؤخذ منه ويترك إلا صاحب هذا القبر" لا نؤثّم ولا نعصّم والعلماء وسائل لمعرفة الحكم الشرعي وليسوا هم الحكم الشرعي، وإتماما للفائدة، وتحفيزا للباحثين على الحقائق المقبورة المطمورة، نذكر عناوين بعض الكتب التي ردت على حركة محمد بن عبد الوهاب:
قائمة كتب المعاداة
01
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
سليمان بن عبد الوهاب "أخوه"
02
سيف الجهاد لمدعي الاجتهاد
عبد اللطيف الشافعي الأحساني "شيخه"
03
تبيين الحق والصواب بالرد على أتباع ابن عبد الوهاب
محمد توفيق سوقية
04
الحقائق الإسلامية في الرد على المزاعم الوهابية
مالك بن داود
05
الرد على بعض المبتدعين من الطائفة الوهابية
عبد السلام بن كيران الفاسي
06
المنح الإلهية في طمس الضلالة الوهابية
أبو الفداء إسماعيل التميمي المالكي
07
النقول الشرعية في الرد على الوهابية
مصطفى بن أحمد بن حسن الشطي
08
الأقوال المرضية في الرد على الوهابية
محمد عطاء الكسم مفتي سوريا
09
المقالات الوفية في الرد على الوهابية
حسن بن حسن خزبك
10
السنين في الرد على المبتدعين الوهابيين
مصطفى الكريمي
11
النفخة الزكية في الرد على شبه الفرقة الوهابية
عبد القادر الإسكندراني
12
فصل الخطاب في رد ضلالات ابن عبد الوهاب
أحمد بن علي البصري القباني
13
الدرر السنية في الرد على الوهابية
حمد زيني دحلان
14
المنحة الوهبية في الرد على الوهابية
داود بن جرجيس
15
الحق المبين في الرد عل الوهابيين
أحمد سعيد السرهندي النقشبندي
16
المواهب الرحمانية في الرد على الوهابية
أحمد بن محمد بن جريجس
17
رسالة في الرد على الوهابية
عبد الله بن حسين بلفيقه العلوي
18
المشكاة المضيئة في الرد على الوهابية
ابن السويدي
19
جحيم الحكم السعودي ونيران الوهابية
خليفة فهد
20
النصوص الإسلامية في الرد على مذهب الوهابية
محمد فقيه بن عبد الجبار الجاوي
21
فتنة الوهابية
أحمد بن زيني دحلان
22
الرسالة المرضية في الرد على الوهابية
محمد بن فيروز
23
الصواعق والردود في الرد على ابن سعود
عبد الله بن داود الزبيري
ملاحظة:
الظاهر أن أغلب الرادّين على الشيخ محمد بن عبد الوهاب، إنما يردون على الدعوة الوهابية وليس على الدعوة السلفية، لأن بعضهم يفرق بين طبيعة السلفية في بلاد الشام وبغداد ومصر والجزائر وتونس والمغرب والتي تتسم بالسماحة والتعايش مع التيارات الإسلامية المختلفة من صوفية وأشاعرة واتباع المذاهب الأربعة، بل ومع الشيعة كما هو الشأن في العراق قبل غزو أمريكا له، وإذكاء النعرات الطائفية بشتى الوسائل المباشرة والخفية بما في ذلك القنوات الفضائية المتحاربة والمدفوعة الأجر من هذه الجهة أو تلك في حرب مكشوفة بعيدا عن الحيادية والمهنية والموضوعية والله المستعان، فاتباع السلفية في هذه البلدان تقتصر على بيان ما تراه صوابا بالدليل والبرهان بخلاف سلفية نجد والحجاز، فهي عندهم ضيقة الأفق والعطن وإقصائية لا تتحمل المخالف من داخل نفس التيار فكيف بغيره، ومؤخرا تم إقالة مدير جريدة الوطن بسبب مقال نشر بغير إذنه ومنُع كاتب المقال من الكتابة، وكان بوسع من لم يعجبه المقال الرد عليه بمقال مماثل على نفس صفحات الجريدة، وكفى الله الصحافيين شرّ الإقالة والاستقالة، والحاصل أن الرد على محمد بن عبد الوهاب عند بعض العلماء لا يعني بالضرورة الرد على المنهج السلفي وأن سلفية محمد بن عبد الوهاب وأتباعه ضيقة الصدر بالمخالفين من أي تجاه خلافا لسلفية عائلة الألوسي ومحمد رشيد رضا وجمال الدين القاسمي وأحمد شاكر وبهجت البيطار وعلي كرد وابن باديس والعقبي والإبراهيمي وأمثالهم كثير في البلاد الإسلامية وهؤلاء حافظوا على سلامة العقيدة ودافعوا عن أحكام الشريعة وخاضوا معارك الشأن العام بما في ذلك العمل السياسي، بل بعضهم شارك في المعارك الانتخابية.
24
مصباح الأنام وجلاء الظلام في رد شبه البدعي النجدي التي أضل لها العوام
علوي بن أحمد بن الحسن الحداد
25
مسائل وأجوبة وردود الخوارج
محمد بن سليمان الكردي
26
منهج المعارج لأخبار الخوارج
عثمان بن منصور
27
جلاء الغمة عن تكفير هذه الأمة
عثمان بن منصور
28
تحكم المقلدين في مدعى تجديد الدين
محمد بن عفالق
29
السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة
محمد بن عبد الله بن حميد
30
محو الحوبة في شرح أبيات التوبة
يوسف بن إبراهيم حفيد الصنعاني
31
السيف الباتر لعنق المنكر على الأكابر
علوي بن أحمد الحداد
32
غسل الدرن عما ركبه هذا الرجل من المحن
عثمان بن منصور
33
الرد الدامغ على الزعم أن شيخ الإسلام بن تيمية زائغ
عثمان بن منصور
34
سعادة الدارين في الرد على الفرقتين الوهابية ومقلدة الظاهرية
إبراهيم السمنودي
35
مشاجرة بين أهل مكة وأهل نجد
حسن بن عمر الشطي
36
السيف الهندي في إبانة طريق النجدي
عبد الله بن عيسى الكوكباني
37
رسالة في الرد على الخوارج ومن نحا نحوهم
عبد الله بن حسين بلفيقة العلوي
38
لفحات الوجد من فعلات أهل نجد
محسن بن عبد الكريم ابن إسحاق الحسيني
39
صلح الإخوان من أهل الإيمان وبيان الدين في تبرئة ابن تيمية وابن القيم
داود بن سلميان بن جرجيس
40
جلاء الأوهام عن مذاهب الأئمة العظام
مختار أحمد باشا المؤيد
41
الفجر الصادق في الرد عن منكري التوسل والكرامات والخوارق
جميل صديقي الزهاوي
42
الوسيط بين الإفراط والتفريط
محمد جميل الششطي (مفتي)
43
قوة الدفاع والهجوم
محمد الطاهر يوسف
44
البراهين الجلية في تشكيكات الوهابية
حسن الطبطبائي
45
هذه هي الوهابية
أحمد جواد مغنية
46
كشف النقاب عن عقائد ابن عبد الوهاب
علي نقي الكنهوري
47
كشف الارتياب في إتباع محمد بن عبد الوهاب
محسن الأمين العاملي
48
الوهابية في الميزان
جعفر الشجاني
والآن سنسرد قائمة لبعض الكتب التي دافعت عن الشيخ ودعوته الإصلاحية وردت على اتهامات خصومه المتنوعة:
قائمة كتب الموالاة
01
الحجج الواضحة الإسلامية في رد شبهات الرافضة الإمامية
الشيخ سليمان بن سحمان
02
محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم
مسعود الندوي
03
عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي
صالح العبود
04
تأسيس التقديس في الرد على داود ابن جرجيس
الشيخ عبد الرحمن أبو بطين
05
منهاج التأسيس والتقديس في الرد على داود بن جرجيس
الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن
06
تبرئة الشيخين الإمامين من تزوير أهل الكذب والمين
سليمان بن سحمان
07
الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في الدعوة
محمد السكاكر
08
الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره
عبد الله العثيمين
09
دعايات مكثفة ضد الشيخ محمد بن عبد الوهاب
محمد منظور النعماني
10
مفيد المستفيد في حكم تارك التوحيد
محمد بن عبد الوهاب
11
التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق
عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب
12
إيقاظ الوسنان على بيان الخلل الذي في صلح الإخوان
محمد بن ناصر الشريف التهامي
13
القول الفصل النفيس في الرد على داود بن جرجيس
عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب
14
دلائل الرسوخ في الرد على المنفوخ
الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن
15
دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
عبد العزيز بن محمد
16
تأييد الملك المنان في نقض ضلالات دحلان
محمد بشير السهسواني
17
غاية الأماني في الرد على النبهاني
محمود شكري الألوسي
18
الألسنة الحداد في الرد على علوي الحداد
سليمان بن سحمان
19
كشف غياهب الظلام عن جلاء الأوهام
سليمان بن سحمان
20
الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق
سليمان بن سحمان
21
البيان المجدي لشناعة القول المجدي
سليمان بن سحمان
22
النفخة على النفحة والمنحة
فوزان بن سابق السابق
23
تدمير أباطيل محمد بن أحمد نور بالقرآن والحديث
الشيخ صالح بن أحمد
24
الصراع بين الإسلام والوثنية
عبد الله بن علي القصيبي
25
الثورة الوهابية
عبد الله بن علي القصيبي
26
البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية
عبد الله بن علي القصيبي
27
إيضاح المحجة في الرد على صاحب طنجة
الشيخ حمود التويجري
28
زعماء الإصلاح في العصر الحديث
أحمد أمين
29
محمد بن عبد الوهاب
أحمد عبد الغفور عطار
30
دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي
أحمد بن عطية بن عبد الرحمن الزهراني
31
محمد بن عبد الوهاب العقل الحر والقلب السليم
عبد الكريم الخطيب
32
أثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب سجل بيليوخرافي لما نُشر من مؤلفاته
أحمد محمد الطبيب
33
حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثاره العلمية
الشيخ إسماعيل الأنصاري
34
عقيدة الطائفة النجدية في توحيد الألوهية
سعد بن حمد بن عتيق
35
مجموعة الرسائل والمسائل النجدية
سليمان بن سحمان
36
الإمام محمد بن عبد الوهاب أو انتصار المنهج السلفي
عبد الحليم الجندي
37
دعوة الشيخ ومناصروها
عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ
38
مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام
عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ
39
البيان الواضح لأسرة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
عبد الله بن إبراهيم بن عبد العزيز آل الشيخ
40
مجموعة الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية
سليمان ابن سحمان النجدي
41
الوهابيون والحجاز
محمد رشيد رضا
42
الحركة الوهابية رد على د/ محمد البهي في نقد الوهابية
خليل هراس
43
أثر الدعوة الوهابية في الإصلاح الديني والعمراني في جزيرة العرب وغيرها
حامد الفقي
44
الرد على ما جاء في خلاصة الكلام من الطعن على الوهابية والافتراء لدحلان
أحمد بن إبراهيم عيسي
45
السنة والشيعة أو الوهابية والرافضة
محمد رشيد رضا
46
شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب حياته ودعوته
عبد الله بن يوسف الشبل
47
دعوة التوحيد أصولها الأدوار التي مرت بها مشاهير دعاتها
محمد خليل هراس
48
المجددون في الإسلام من القرن 1هـ إلى 14هـ
عبد المتعالي الصعيدي
خلاصة الخلاصة
* عرضنا فيما سبق –باختصار شديد- جملة من الاتهامات التي وجهت إلى الشيخ المصلح المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من أكابر علماء بلاده ومن علماء العالم الإسلامي، كما سنرى عند عرض قائمة بعض المؤلفات التي ردت على الحركة الوهابية، كما أثبتنا أن ما من تهمة وجهت إلى الآباء المؤسسين الأوائل للدولة السعودية –منذ 250 سنة- إلا وجهها وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز إلى حركات الجهاد والمقاومة داخل السعودية وخارجها، وهي نفس الاتهامات التي أخذ يرددها صُنّاع القرار في أمريكا والغرب والأنظمة العربية المستبدة الطاغية التي سدت جميع أبواب التغيير السياسي السلمي.
ويطرح خصوم النظام السعودي الذي يتظاهر بما ليس فيه من باب التقية السياسية وتحت الضغط الأمريكي والأوروبي عدة أسئلة، يمكن إجمالها فيما يلي:
* هل يحق لدولة –شرعا وعقلا وسياسة- أن ترفع خاصة بعد 11 سبتمبر شعار حوار الأديان ونشر ثقافة التسامح ونبذ التطرف والغلو والإرهاب، وهي التي كما يقول خصومها أنها قامت على التكفير الشامل واستباحة الدماء والأموال وارتكاب المجازر وقتل الأطفال والنساء وجمع الغنائم، قتل العلماء المخالفين وسبي النساء وحرق الكتب وقمع المخالفين؟!!!
* هل يحق لدولة تدعو إلى تجريم المنظرين للفكر الضال وهي التي تطبع وتنشر وتوزع مجانا كتب الشيخ –محمد بن عبد الوهاب- وأبناءه وأحفاده وأتباعه من العلماء وتوزعها عبر العالم الإسلامي مع العلم أن معظم حركات الجهاد والمقاومة تتخذ من كتب ورسائل الشيخ مرجعا لها، فهل يعقل تجريم التلاميذ والأتباع دون تجريم المنظر الأكبر والمعلم الأول؟!!!.
* هل يعقل لدولة قامت بالخروج على الخلافة العثمانية ونواب الخليفة بإشهار السيوف أن تطالب اليوم بوجوب طاعة أولي الأمر وعدم الخروج عليهم وإن أخذوا المال وضربوا الظهر؟!!!
* وهل يحق لدولة انتقاد ولاية الفقيه وعصمة الأئمة وهي تحرم وتجرّم انتقاد ولاة الأمر وعدم الاعتراض عما يصدر عن هيئة كبار العلماء من فتاوى لأنها معينة من ولي الأمر، وجعل إصدار الفتاوى وتفسير الإسلام محصورا بينهم والويل لمن خالفهم ولو كان من داخلهم أليس هذا المسلك لون من ادعاء العصمة بشكل مغلّف؟!!
* وهل يحق لدولة أن تطالب باحترام التعددية السياسية واحترام نتائج صناديق الاقتراع واحترام التعددية الحزبية واحترام اختيار الشعب وهي داخليا تمنع التعددية السياسية والحزبية ولا تعترف بمشروعية انتخاب ولاة الأمر كما أنها لا تعترف بالتعددية النقابية والإعلامية؟!!!
* وهل يحق لدولة قامت على العمالة للأجنبي منذ أن رضيت أن تكون محمية بريطانية بنص معاهدة 26/12/1915 كما شهد بذلك الزركلي وحافظ وهبة وأمين الريحاني، ورضيت أن يكون مدرب جيوشها النقيب شكسبير وأن يكون راسم سياستها الداخلية والخارجية الجاسوس البريطاني جون فيليبي الذي ادعى الإسلام وبعد أفول نجم الإمبراطورية البريطانية تحولت إلى محمية أمريكية، تحت قيادة ديفيد بترايوس القائد الأعلى للقيادة الأمريكية الوسطى وسائر أجهزة المخابرات الأمريكية على أساس النظرية الجديدة القائلة أن فتوى "عالم" تساوي 100 ضابط عسكري، وهكذا تحول العلماء إلى قوات خاصة بالعمامة والغطرة والعقال!!!
* وهل يحق تصديق دولة غدرت بالإخوان الذين على كاهلهم قامت الدولة السعودية وبسطت نفوذها على أغلب جزيرة العرب، ثم تصفيتهم بإذن من بريطانيا وغدرت بفضائل الجهاد الأفغاني وغدرت بحركة الطالبان وغدرت بالإخوان في الشيشان فضلا عن خذلان فصائل المقاومة والجهاد في أرض الحرمين الشريفين؟!!!، وتذكّي النعرات الطائفية هنا وهناك، وتقوم بالنميمة السياسية وشراء الذمم خدمة لدول عدوة للإسلام؟!!!
* وهل يحق لدولة تزعم أن مرجعيتها الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح أن تلصق الاتهامات بخصومها دون محاكمة شرعية تتوفر فيها كل الضمانات التي تجعل منها محاكمة عادلة أو دون مناظرة علمية من طرف علماء ربانيين وتكون على الهواء وجها لوجه دون وسائط أو شرائط أو تحريض من طرف وعاظ السلاطين الذين يفتح لهم السلطان الغاشم المجال الإعلامي والمنابر المسجدية لتمجيد السلطة وقلب الحقائق والنيل من المعارضة –السلمية والمسلحة- بأخبار كاذبة ومعلومات غير موثقة ودون السماح مباشرة من الطرف الآخر وكان الواجب سلوك مسلك الإمام علي بن أبي طالب وابن عباس وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم في مناظرة ذوي الانحرافات الفكرية والعقدية والسلوكية بكل حرية وإنصاف الذين تمت مناظرتهم وسيوفهم بأيديهم وليس من وراء قضبان السجون وهم يتعرضون لمختلف الضغوط الأمنية والنفسية والأسرية والإعلامية وهجمة وعاظ السلاطين كتابة وخطابة لتأليب الرأي العام عليهم، وتجريمهم دون محاكمة حقيقية ليتم للسلطات الاستفراد بهم والقضاء عليهم، إن دولة تسلك هذا المسلك الشائن لا يحق لها أن تزعم التحاكم للكتاب والسنة؟!!!
* والحاصل أن دولة بتلك المواصفات لا يحق لها أن تُعطي دروسا للآخرين ولا أن تصدر اتهامات بحق خصومها مالم تراجع هي نفسها الأسس العقدية والفكرية والسياسية التي قامت عليها!!! فإن أصرت على سلامة وصوابية تلك الأسس فلا يحق لهم اتهام الغير بما تؤمن به نفسها وإن أقرّت أنّ الدولة قامت على أسس غير صحيحة –نظرية وممارسة- فعند ذلك لكل حادث حديث!!!، ولقد اقتصرنا في هذا البيان على ذكر بعض الاتهامات التي وجهت للشيخ محمد بن عبد الوهاب الأب الروحي المؤسس للسعودية، أما الاتهامات الموجهة لآل سعود والسلطة السياسية في دولها الثلاث، فهذا أمر يطول فيه الكلام والحديث ويحتاج إلى مجلد أو أكثر والله المستعان.
* فعلى وزير الداخلية السعودي والنظام السعودي أن لا يرمي الآخرين بالحجارة وبيته من زجاج، فما أسهل توجيه الاتهامات الباطلة سياسيا وإعلاميا، ولكن ما أصعب إثباتها من خلال محاكمة عادلة من عدالة مستقلة أو من خلال مناظرة علمية حرة علنية على الهواء ليسمع العام والخاص جميع وجهات النظر، ولذلك قال الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي دفاعا عن الشيخ في كتابه "محمد بن عبد الوهاب، عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه الذي قدم له الشيخ عبد العزيز بن باز" "..وجهل أولئك المؤلفون أو تجاهلوا أن الواجب على الشخص ولا سيما من انتسب إلى العلم –أن لا يقبل كل ما يقال عن شخص أو مذهب أو طائفة حتى يثبت لديه بأن يسمع من ذلك المنسوب إليه ما أذيع عنه، أو يقرأ كتابه ويتأكد من صحة نسبة الكتاب إليه، وهكذا القول فيما سمعه عن مذهب أو طائفة" فعلى المملكة السعودية أن تراجع أوّلا سياستها الداخلية والخارجية وفقا لأحكام الشريعة بعيدا عن النفاق السياسي أو التقية السياسية قبل أن توجه الاتهامات للغير والله من وراء القصد.
في 14\6\1431 هجرية
(رد الشيخ علي بلحاج على وزير الداخلية السعودية نايف بن عبد العزيز)
إضافة تعليق جديد