انطلاق المؤتمر الوطني الفلسطيني والمنظمة تتهم دمشق بفبركته
شدد المتحدثون في اليوم الاول من «المؤتمر الوطني الفلسطيني»، الذي افتتح في دمشق امس ويستمر حتى يوم غد الجمعة، على الوحدة ونبذ الانقسام، ودعوا الى حوار غير مشروط مع السلطة، مكررين تمسكهم بالشرعية الفلسطينية. وفرضت أحداث قطاع غزة نفسها على المؤتمر، فأعرب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل عن استعداد الحكومة المقالة في القطاع للاتفاق مع السلطة ومصر على «كيفية إدارة هذه المعابر» داعيا في الوقت نفسه الى مواصلة «الغضب الشعبي والعربي» ضد اسرائيل حتى فك الحصار عن غزة.
وشارك في المؤتمر، الذي يعقد تحت عنوان «التمسك بالحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني والوحدة الوطنية طريق التحرير والعودة»، قادة حركتي حماس والجهاد الاسلامي، وفتح الانتفاضة، والصاعقة، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة، وجبهة النضال الشعبي، وجبهة التحرير الفلسطينية، والحزب الشيوعي الفلسطيني الثوري، وجيش التحرير الفلسطيني، والمنظمات الشعبية والاهلية ولجان العودة، وشخصيات مستقلة، فيما غابت عنه حركة فتح والجبهتان الديموقراطية والشعبية لتحرير فلسطين.
وحضر المؤتمر أكثر من 1500 شخص، بينهم وزير الاعلام السوري محسن بلال ووزيرة المغتربين السورية بثينة شعبان، وعضو القيادة القطرية لحزب البعث بسام جانبيه، وشخصيات لبنانية معارضة بينها مسؤول «حزب الله» ابراهيم امين السيد، بالاضافة الى السفير الإيراني الجديد في دمشق أحمد موسويان والأمين العام للجنة الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني علي اكبر محتشمي، وممثل عن السفارة المصرية.
وانتخب المؤتمر الرئيس الاسبق لبلدية نابلس المناضل بسام الشكعة رئيسا له، وطلال ناجي وأنيس الصايغ وحمدي برقاوي نوابا للرئيس. ويخصص المؤتمر اليوم لتشكيل اللجان وتحديدا لجنتي الحقوق الوطنية الفلسطينية ولجنة الوحدة الوطنية، وإعادة بناء مؤسسات «منظمة التحرير الفلسطينية»، على أن تعلن غدا التوصيات النهائية.
وأشارت الورقة السياسية التي قدمتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر، الى إن «الهدف هو تسوية الانقسام الفلسطيني الحالي من خلال حوار وطني شامل يحافظ على وحدة الصف» مضيفة إنه «ما من أحد يملك سلطة التنازل عن القدس أو حق العودة أو أي حقوق تاريخية». وتابعت أن «مقاومة الاحتلال الصهيوني هي الشكل الرئيسي للنضال من أجل التحرر».
واستجابة لرغبة حماس والجهاد الاسلامي، تراجع المؤتمر عن تصوره للدولة الفلسطينية ضمن حدود العام ,1967 حيث يشير البند المتعلق بالدولة إلى «الحق في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس».
وقال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر طلال ناجي، في افتتاح المؤتمر، إن «انعقاد المؤتمر يؤكد أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولكن بعد اعادة بنائها وتفعيل مؤسساتها» موضحا ان «المؤتمر لا يستهدف الانقسام وإنما يؤكد الوحدة الوطنية».
وشدد مشعل على ان المؤتمر «ليس مؤتمرا انقساميا ولا يعزز الانشقاق وليس مؤتمرا للمعارضة»، مضيفا «نحن مستعدون لحوار غير مشروط» مع السلطة «برعاية فلسطينية او عربية للحفاظ على حقوق شعبنا... نحن جزء من الشرعية الفلسطينية، ولا نحتكر تمثيل الشرعية». وطالب بالتوافق على استراتيجية جديدة تستند الى خمسة عناصر، «حسم جدلية التحرير قبل الدولة، الاصرار على الحقوق الفلسطينية، اعطاء الاولوية للمقاومة، توفير متطلبات الصمود لشعبنا والتوحد فلسطينيا ثم عربيا على هذه الاستراتيجية».
وتابع «لا تلوموا أهل غزة حين يحطمون الجدار. الجدار لم يتحطم بقرار تنظيمي، لا من حماس ولا من غيرها، انما بقرار شعبي» موضحا «ندعو الى استمرار الغضب الشعبي في وجه المحاصرين حتى فك الحصار... أملنا ليس في مجلس الامن بل في امتنا العظيمة». أضاف «حتى لو اغرقوا غزة بالوقود لا نقبل سوى برفع الحصار عن غزة».
ورأى مشعل ان «غزة هي اليوم أكبر سجنٍ في العالم، إنها أكبر سجنٍ في التاريخ» مطالبا بإلغاء الاتفاقية الموقعة بشأن المعبر بين السلطة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي. وقال «نحن في حماس والحكومة الفلسطينية (المقالة) نعلن استعدادنا مع الأخوة في رام الله ومصر للاتفاق على كيفية إدارة هذه المعابر».
وشدد مشعل على أن «المعركة لن تنتهي إلا بتحرير كل فلسطين». وقال «ها هو بوش يمتشق من هدايا العرب سيفا ويقتل شعب فلسطين... هذا هو الخطر».
وطالب الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي رمضان عبد الله شلح، من جهته، بـ»وقف المفاوضات المسخرة» بين السلطة واسرائيل، داعيا الى «إلغاء اتفاق اوسلو» و»إعادة النظر في هذه السلطة الكارثة». ووصف شلح مبادرة السلام العربية بأنها «أسوأ من وعد بلفور» مطالبا «بسحبها من التداول وإعطاء خيار آخر».
واعتبر ان «ما يجري في غزة قرار اسرائيلي بتواطؤ بعض العرب او الفلسطينيين او رضاهم» مضيفا أن «لا مجال للحديث عن استراتيجية، قبل تحقيق المصالحة الوطنية اولا. إن الصراع على السلطة إنما يعفي الإسرائيليين عن مسؤولياتهم كقوة احتلال». وأشار الى ان «الوحدة الوطنية الفلسطينية هي من المحرمات لدى الاسرائيليين والاميركيين».
وحث الامين العام للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة احمد جبريل الفلسطينيين في الاردن وسوريا ولبنان على «خوض اشتباك سياسي يومي» تأييدا لاشقائهم في الضفة الغربية وغزة. وقال إن الرئيس محمود «عباس ونهجه تنازلوا عن 80 في المئة من أرض فلسطين، لذلك فهم ذاهبون إلى مزبلة التاريخ».
ودعا جبريل الى العودة لاتفاقات القاهرة بين الفصائل، مطالبا اياها بأن تجتمع سريعا في العاصمة المصرية تحت رعاية الجامعة العربية «لا في مكتب (مدير المخابرات المصرية) عمر سليمان».
وقال الشكعة إن «الأمل من هذا المؤتمر أن نصل لوحدة موقف تؤدي إلى إعادة الوحدة الوطنية وإعادة منظمة التحرير إلى ميثاقها والخروج من موضوع الهيمنة على القضية والمنظمة» معتبرا أن المنظمة تحولت «إلى قطار للتسوية ويجب تحريرها منه».
وقال محتشمي إن «بوش وأولمرت إذا استطاعا القضاء على الفلسطينيين، فإنهما سيسعيان بعد ذلك لإسقاط بعض الحكام العرب» مضيفا «إن بعض الحكام العرب كانوا يرقصون بالسيف مع الشيطان الأكبر».
وشدد ابراهيم امين السيد على ان «الخطر الكبير يتمثل في التقاتل الداخلي وفي العربي الذي يحمل سيف اسرائيل ويقتل الفلسطيني» مضيفا «إنه ومنذ اتفاقية سايكس بيكو وحتى الآن لم يحصل أي مشكلة عربية إيرانية». وقال «إن الأميركيين فرضوا على العرب سواء أرادوا أم لم يريدوا صداقة إيران الشاه حليف إسرائيل، ويفرضون اليوم عداوة إيران الإمام الخميني حليف فلسطين وعدو إسرائيل».
أضاف «نحن مسلمون عرب، مذهبنا واحد اسمه المقاومة، لا مذهب هنا ولا مذهب هناك» مطالبا «بتعانق فصائل المقاومة مع أنظمة المقاومة، ومع أنظمة الصمود من سوريا إلى إيران وإلى أي دولة يمكن أن نحسبها من دول المقاومة والمواجهة والممانعة».
وتابع «لقد تعرفنا على حافظ الأسد، وتعرفنا على حنان حضنه للمقاومة وقوة حمايته للمقاومة، وتعرفنا على حب بشار الأسد ودعمه وحمايته وقوته وصموده وصبره ومواجهته، حتى لا نستطيع إلا أن نقول إنه من كان من الرؤساء والأحزاب والشعوب شريكاً بالمقاومة في لبنان وفلسطين فهو شريك في النصر في لبنان وفلسطين أيضاً».
وردا على المؤتمر، اصدرت امانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بيانا شددت فيه على «ان مهرجان الانقلابيين في دمشق تكرار هزيل لمشاريع انقسامية وقعت في الماضي من دون ان تترك اثرا على مسيرتنا الوطنية» معتبرة ان «سوريا تحاول ان تعطي لنفسها من جديد دورا اقليميا تبدو فيه كأنها تملك حصة في الورقة الفلسطينية».
وأوضح البيان «لقد ارتكبت القيادة السورية خطأ جسيما آخر عندما فبركت هذا المؤتمر الذي تحول الى مباراة في الردح ضد القيادة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية» مضيفا «وهذا المهرجان استمرار للانقلاب الدموي على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد