لقاء بوتين – غول - برلسكوني ومستقبل شبكات أنابيب الغاز
الجمل: تشهد العاصمة التركية أنقرة اليوم زيارة رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين التي تستغرق يوماً واحداً يلتقي خلاله نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وما هو لافت للانتباه يتمثل في أن رئيس الوزراء الإيطالي سيصل إلى أنقرة لينضم للقاء بوتين – أردوغان.
* لماذا اللقاء الثلاثي؟
شهدت الأسابيع الماضية قيام تركيا بالتوقيع على لما أطلق عليه الخبراء تسمية "الاتفاقية البين حكومية" مع بلدان الاتحاد الأوروبي بهدف إطلاق مشروع تمديد أنابيب الغاز (نوباكو) من مناطق آسيا الوسطى والشرق الأوسط وبحر قزوين إلى بلدان الاتحاد الأوروبي وتقول المعلومات أن الهدف من خط الأنابيب هذا هو تقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على إمدادات الغاز الروسي.
خلال فترة ما قبل التوقيع على اتفاقية خط أنابيب نابوكو ظلت موسكو تشدد الضغوط على أنقرة ودول آسيا الوسطى وبحر قزوين من أجل عدم التوقيع على الاتفاقية بسبب رغبة روسيا المتزايدة للسيطرة على مصادر ومعابر إمدادات الغاز الطبيعي إلى بلدان الاتحاد الأوروبي.
تشير معطيات التنافس حول ملف تمديد أنابيب الغاز إلى وجود:
• مشروع تمديد أنابيب غاز المجرى الأزرق الشمالي القادم من روسيا وآسيا الوسطى والقوقاز بشكل عابر لبيلاروسيا وصولاً إلى ألمانيا.
• مشروع تمديد أنابيب غاز المجرى الأزرق الجنوبي القادم من آسيا الوسطى والشرق الأوسط وبحر قزوين والعابر إلى تركيا وصولاً إلى بلدان الاتحاد الأوروبي الجنوبية (إيطاليا واليونان) ثم لاحقاً إلى بقية بلدان الاتحاد الأوروبي.
سعت واشنطن إلى إعاقة المجرى الأزرق الشمالي عن طريق الضغط على بيلاروسيا ومن الجهة الأخرى سعت إلى حث تركيا وبلدان آسيا الوسطى وبحر قزوين إلى المشاركة في مشروع المجرى الأزرق الجنوبي.
بالمقابل سعت موسكو إلى خوض المواجهة مع واشنطن وتقدمت بمشروع مجرى أزرق جنوبي بما أدى إلى وجود مشروعين متنافسين هما:
• مشروع المجرى الأزرق – 1: وتسانده واشنطن وإيطاليا وأذربيجان.
• مشروع المجرى الأزرق – 2: وتسانده روسيا ولأرمينيا.
بالنسبة لتركيا فقد أعلنت صراحة عن موافقتها على تمديد مشروع المجرى الأزرق – 1 ولكن ما كان جديراً بالملاحظة أن تركيا لم تعلن صراحة رفضها مشروع مشروع المجرى الأزرق الجنوبي – 2، وحالياً تقول المعلومات والتسريبات أن محادثات بوتين – غول ستتطرق إلى السعي من أجل إنجاز مشروع المجرى الأزرق الجنوبي – 2 الذي سيتم تمديد أنابيبه من جنوب روسيا عبر البحر الأسود وصولاً إلى تركيا ثم إلى ميناء جيهان التركي.
* بيرلوسكوني: هل يحقق المفاجأة الإيطالية؟
وصول بيرلوسكوني إلى أنقرة وانضمامه للقاء بوتين – أردوغان هو وصول يحمل في حد ذاته المزيد من الدلالات وتقول المعلومات والتسريبات أن إيطاليا تسعى لأن تكون لاعباً رئيسياً في أوروبا عن طريق القيام بدور المنفذ والممر الحاكم لإمدادات النفط والغاز القادمة للاتحاد الأوروبي وبهذا الخصوص نشير إلى المعلومات الآتية:
• سعى بيرلوسكوني إلى استضافة الرئيس الليبي معمر القذافي في روما بعدما استجاب بيرلوسكوني لدعوة القذافي له للحضور كضيف شرف في مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي الشهر الماضي في مدينة سرت الليبية.
• سبق أن سعى القذافي للتفاهم مع الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي من أجل تمديد خط أنابيب نقل النفط والغاز من ليبيا وتشاد وجنوب دارفور إلى جنوب فرنسا ولكن ظهر بيرلوسكوني على الخط وتفاهم مع القذافي لتمديد الأنابيب إلى إيطاليا.
وبالنتيجة فإن وصول بيرلوسكوني المفاجئ لأنقرة وانضمامه للقاء بوتين - أردوغان معناه ان بيرلوسكوني يسعى إلى تجميع خطوط أنابيب نقل النفط والغاز القادمة من ليبيا عبر البحر المتوسط والقادمة من روسيا ضمن مشروع المجرى الأزرق الجنوبي – 2 بحيث يتم توصيلهما إلى إيطاليا.
مع ملاحظة أن مشروع المجرى الأزرق – 1 الذي تم التوقيع على اتفاقيته مؤخراً سيصل إلى إيطاليا وعلى هذه الخلفية ستصبح إيطاليا نقطة المنفذ لعبور إمدادات النفط والغاز القادمة إلى دول الاتحاد الأوروبي من المصادر الثلاثة الرئيسية: المجرى الأزرق الجنوبي – 1، المجرى الأزرق الجنوبي – 2، مجرى البحر المتوسط من ليبيا.
مساعي بيرلوسكوني سيترتب عليها المزيد من التداعيات الجيوبوليتيكية لأنها تتضمن:
• إقصاء فرنسا من المسرح النفطي بما يترتب عليه توتير العلاقات الإيطالية – الفرنسية.
• تقارب إيطاليا مع روسيا وهو أمر سيترتب عليه توتير العلاقات الأمريكية – الإيطالية.
• تقارب إيطاليا مع تركيا لأن ظهور تحالف نفطي تركي – إيطالي سيعزز العلاقات الإيطالية – التركية وهو أمر سيؤثر في العلاقات الإيطالية – اليونانية.
عودنا الإيطاليون في كرة القدم على تحقيق المفاجآت بإحراز الأهداف المفاجئة والفوز بكأس العالم، لكن هذه المرة يسعى بيرلوسكوني إلى تحقيق مفاجأة نفطية سيترتب عليها بلا شك هزة جيوبوليتيكية جديدة طالما أن سيطرة إيطاليا على إمدادات النفط والغاز الأوروبي ستؤدي إلى صعود قوة إيطاليا بما يتيح عودة نفوذ "روما" وهو ما لا يرغب في حدوثه الفرنسيون ولا اليونانيون الذين ذاقوا مرارة الصراع مع الإمبراطورية الرومانية خلال فترة صراع روما – أثينا على العالم!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد