مؤتمر اتحاد علماء بلاد الشام في بيروت: التكفيريون يعملون بإرادة دولية ماكرة
انطلقت فعاليات مؤتمر اتحاد علماء بلاد الشام في بيروت تحت عنوان "سماحة الإسلام وفتنة التكفير" وبدأت الجلسة الافتتاحية بعرض موجز عن شهيد المنبر والمحراب العلامة محمد سعيد رمضان البوطي.
وأكد العلماء في كلماتهم أن الفتاوى التي تكفر فئات من المسلمين وتبيح دماءهم لا تستند إلى أي أصل شرعي وأن التكفيريين يعملون بإرادة دولية ماكرة يواجهون من خلالها سورية المقاومة والموقع الاستراتيجي مشددين على أن التكفير ثقافة غريبة عن العالم الإسلامي ويجب العمل على محوها معتبرين أن المعركة اليوم على الجيش السوري الذي كان الرافعة في نصرة المقاومة وثباتها ضد إسرائيل.
وأوضح العلامة الدكتور محمد توفيق البوطي رئيس اتحاد علماء بلاد الشام في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن الفتاوى التي تكفر فئات من المسلمين وتبيح دماءهم وتؤجج الفتنة بينهم لا تستند غلى أي أصل شرعي بل جاءت تلبية لأحقاد شخصية لا تتفق مع روح ديننا ومبادئ شريعتنا.
وأكد العلامة البوطي أن دعوات تكفير المسلمين وقتلهم تحمل في طياتها مخاطر لن ينجو منها من أصدروها متسائلا هل وضع هؤلاء بين أعينهم أن أول ما يسأل عنه الانسان يوم القيامة هو الدماء مستشهدا بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم "اول ما يقضى بين الناس في الدماء".
وقال البوطي هذا في قتل الانسان لاخيه فكيف بدماء امة يسفك بعضها دماء بعض داعيا هؤلاء التكفيريين أن يعودوا إلى صوابهم بدل الاستجداء بالسلاح من أعداء الأمة لقتال أبنائها.
وأضاف البوطي إنه على الرغم من الخلافات والتباينات التي تجري بيننا يبقى عدونا الاول ذلك الذي اغتصب المسجد الاقصى ..عدونا الاول شذاذ الافاق اوغاد الارض المغتصبون لفلسطين مناشدا أبناء الامة الاسلامية وخاصة علماءها أن يتحملوا مسؤولية هذه المرحلة الخطرة من تاريخ أمتهم ويبحثوا عن سبيل رشد يجمع كلمة الامة ويصلح بين اطيافها ويعالج جميع اوجه الخوف بالحوار العلمي الذي جرى عليه سلفنا الصالح.
بدوره أكد الشيخ حسان عبدالله رئيس المكتب التنفيذي لاتحاد علماء بلاد الشام أن الفتنة هي حرب على الإسلام وليست حربا بين المسلمين ومخطئ تماما من يظن أن بإمكان أي قوة في العالم أن تجعل التشتت أمرا واقعا داعيا علماء الأمة لمواجهة فتنة التكفير التي أصبحت لها غرفة عمليات كبرى تدار بأيدي الغرب وبعض الأنظمة العربية.
وأوضح الشيخ عبدالله أن التكفير الذي بات لا يفرق بين مسلم ومسلم فحسب بل بات يكفر المغايرين له حتى من حيث الشكل مشيرا إلى أن الذين كانوا يدعون إلى التظاهر ضد الحاكم تحت ما يسمى الربيع العربي باتوا يحاربون ويقتلون المتظاهرين بحجة جواز الخروج على الحاكم.
وقال عبدالله إن "الذين اغتالوا العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي ظنوا أنهم سيسكتون صوت الحق الداعي إلى فضح مؤامرات الاستكبار".
وأضاف عبدالله أليس "ما يقوم به التكفيريون اليوم من فتاوى تحريضية وقتال وجهاد ضد الغير وليس ضد الصهاينة وما ورد في بروتوكولات حكام الصهيونية العالمية الذين يدعون إلى قتل الأغيار الذين خلقوا ليموتوا على أيديهم أو ليكونوا خدما لهم هو ما يحصل اليوم في سورية العروبة التي تداعت كل الأمم لقتالها ليصبح الصهيوني والأمريكي والمسمى إسلاميا جنودا مجندة لقتل الأغيار لنحر الأطفال واغتصاب النساء والفتيات القاصرات والتمثيل بالجثث وأكل القلوب على مرأى من العالم أجمع".
وأوضح عبدالله أن الأمة الإسلامية التي آمنت بدينها وجاهدت في سبيله لن تكون أمة الجهلة والقتلة والمارقين مشيرا إلى أن هذه الأمة لم تكن راضية أو خانعة في يوم من الأيام بل كانت سائرة ضد ظلم وجور السلاطين وأصبحت الإرادة الحرة للشعوب هي المحرك الوحيد لها وليس الحكومات والإملاءات الخارجية.
ودعا عبدالله إلى التواصل الدائم وعقد اللقاءات الثقافية المتواصلة ووضع استراتيجية لإيصال كلمات علماء الاتحاد ودعواتهم إلى كل الذين يأسرهم الإعلام المفبرك وإلى أن يكون لاتحاد علماء بلاد الشام إعلاما كبيرا وحدويا يقف عند كل حيثيات اللقاءات بين المسلمين وإعلام إنساني لدين جامع وأمة وسط وقال إنه "بمثل هذا تتحقق وحدة الدين والشريعة مع وحدة كيان الأمة".
من جهته أكد الدكتور أحمد بدرالدين حسون المفتى العام للجمهورية أن المعركة اليوم على الجيش السورى الذي كان السبب في نصرة المقاومة وثباتها ضد اسرائيل.
وقال الدكتور حسون إن من بدؤوا بتدمير الجيش منذ سنتين حتى الآن رأوا أن جيش سورية هو السبب في نصرة المقاومة وثباتها في غزة وفي جنوب لبنان مؤكدا أن المعركة على الجيش السوري لا على الحكومة السورية متسائلا هل تحرر سورية بتدمير جيشها أم انهم يخططون لأمر آخر.
وأضاف حسون إن الذين يريدون أسلمة سورية وأبناء المعاهد السورية هم مفتون في العالم الإسلامي والعربي والأوروبي أرادوا أسلمة بلادنا التي حملت رايات الحب والإيمان لكل أبنائها وأرادها الله هدى للعالمين وليس للمسلمين فقط.
ودعا حسون كل اتحادات علماء المسلمين في الدنيا والأزهر ورابطة العالم الإسلامي بالقول أدعوكم لعقد اجتماع سريع في دمشق لا في جنيف وليكن الصلح على أيديكم ولتكونوا أنتم من تصلحون بين الناس بين الحاكم والمحكوم.. بين الشعب والحكومة.. أدعوكم لنذهب إلى مصر وليبيا التي أبكي على رجالها كيف يقتلون بعضهم بعضا.. إلى الصومال الذي نسيناه وأبناؤه يموتون من الجوع وهو أغنى من أغنى البلاد إلى أفغانستان أرض الطهر ومن نشرت الإسلام وهناك الحرب دائرة..إلى تلك البلاد التي ذبحوها باسم إسلام جديد لا يرتضي أن يجلس لحوار أو نقاش أو كلمة حب.
ودعا حسون الى الاجتماع في دمشق ليس بدعوتي إنما بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال لكم "عليكم بالشام فإن فيها عمود الإسلام إلى يوم القيامة".. فالذي يقول إن الإسلام في الشام غاب أقول له كذبت فرسول الله هو القائل عمود الإسلام في الشام وسيبقى عمودها لكل أبنائها.. وان تنوعوا في مذاهبهم وشرائعهم وأهوائهم سيكون الإسلام هو الرحمة التي تجمع بينهم.
كما دعا حسون للانطلاق بعمل ولجان تتحرك باتجاه العالم الإسلامي والعربي ولننبه أبناء الأمة أن المستهدف هو نحن جميعا ورقابنا فكما استهدف أجدادنا لايقاف الفتوحات نستهدف اليوم لكي لا نعود إلى فلسطين.
وقال حسون فإن سألتم لما يتكالب الناس اليوم على بلاد الشام فاعرفوا أنه خوفا من أنواركم وقوتكم..لماذا يجلبون العالم اليوم ليطفئ نور بلاد الشام لأنهم أحسوا أن أبناءها الذين ذهبوا إلى أوروبا وإفريقيا منذ نحو ثمانين سنة مهاجرين من معاهدها الدينية ومن أسواقها التجارية راحوا يفتحون المساجد في إفريقيا وفي أوروبا.
من جهته قال الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين لحزب الله من نصب هؤلاء التكفيريين من أجل أن يحاسبوا الناس فيميزوا بينهم فيدخلوا بعضهم إلى الجنة والآخرين إلى النار ومن فوض التكفيريين ليكونوا رعاة لهذه الأمة يعيثون فيها الفساد ويتدخلون خلافا لأمر الله تعالى.
ولفت قاسم إلى أن التكفيريين وبعض المغرر بهم يعملون بإرادة دولية ماكرة يواجهون من خلالها سورية المقاومة والموقع الاستراتيجي وأهم مواقع الممانعة في منطقتنا مؤكدا أن ما يحصل في سورية اليوم هو تدمير منهجي بإشراف دولي عربي إقليمي ومحلي يحرم الأجيال من مستقبلهم ويؤدي خدمة حقيقية لإسرائيل.
وتوجه قاسم لهؤلاء التكفيرين بالقول "لا تريدون في سورية معالجة الأخطاء ولا إنصاف الشعب بل تسليم البلد للأجانب والفوضى وهذا ما لا نقبل به"متسائلا هل تريدون تحقيق الأمن والحقوق والدولة بقتل الناس ونبش قبور الصالحين وأكل القلوب والأكباد.
وأوضح قاسم أن صورة الإسلام هي التي تنعكس في كل المفردات والسلوك أما الصورة الوحشية وفرض الفهم الإسلامي بالقوة وقتل المخالفين فهو خارج عن صورة الإسلام.. والإسلام من هذه الصورة براء.
وقال قاسم إن هناك مجاهدين في سبيل الله قدموا في زماننا نموذجا رائعا أذهل البشرية جمعاء لأنه أعاد إلى الذاكرة تلك التعاليم العظيمة لإسلامنا الحنيف وأولئك هم الذين قاوموا إسرائيل وواجهوا بكل صلابة وصدق وقالوا لا إله إلا الله وآمنوا برسول الله محمد/ص/وإذ بهم يدحرون إسرائيل ويحققون شرف الأمة ونصرها وعزتها وتحرير أرضها.
ودعا قاسم إلى مواجهة المشروع التفتيتي لبلاد المسلمين الذي يحاول أن يبني شرق أوسط جديدا يهيمن من خلاله على مقدرات الأمة الاسلامية وأجيالها مشيرا الى أن التكفير مشروع عبثي لا أفق له يحقد على كل من حوله وهو انحراف تربوي واضح لا يمكن القبول به المنهج السائد في بلادنا وهو الذي خربها وعمل فيها الفتن والمشاكل والمصائب.
في حين أكد الشيخ محمد على التسخيري ممثل وفد علماء ايران أن التكفير خطيئة كبيرة وخطرة جدا ويجب ان يراجع فيها من ينتسبون للعلم انفسهم ليدركوا أن بهذا العمل يخاطرون بهذه الامة وانهم يحملون على عاتقهم ذنوبها ومسوءولية القتل والتناحر والتفجير والدمار.
ولفت التسخيري الى ان حالة التكفير اتسعت بعدما انتصر حزب الله المقاوم على العدو الصهيوني واتسعت ايضا عندما انتصرت جيوش سورية الحبيبة على فلول المتطرفين في القصير.
من جانبه أكد الشيخ تاج الدين الهلالي ممثل وفد علماء استراليا أن الاولى بمن يدعو الى تكفير المسلمين ان يتوجه الى فلسطين لتحريرها بدلا من تدمير العراق وسورية خدمة للمشروع الامريكي.
وقال الهلالي إذا كنتم تريدون قتالا فلتكن قبلتنا الاولى تحرير أرض فلسطين داعيا الجميع لتوحيد الصف والكلمة وانشاء هيئة تعنى بالشباب فكريا وتنظيميا وتخلصهم من تفكيك ما في عقولهم من تفخيخ وتلغيم يجعلهم ارقاما في خدمة المشروع الصهيوني الذي يتهدد الامة كلها.
وأوضح الهلالي أن بعض العلماء تولوا اكبر فتنة عمياء وجاهلية جهلاء وطائفية حمقاء ولكن اسلامنا اعلى من ان نعلن الحرب على سكان القبور الذين لم يسرقوا مال بترول ولم يهربوا أموال الأمة إلى البنوك الخارجية.
أما الشيخ عبد الله كتمتو ممثل وفد علماء فلسطين اكد أن التكفير اليوم هو تكفير سياسي وليس دينيا وهو ليس قرارا فقهيا ولا عقائديا ولا يمكن لمسلم يعي القران وأحاديث رسول الله أن يكفر مسلما وقال "ما أسوأ أن تتحكم سياسة الاستكبار والاستعمار بشعوب المنطقة وأن تستغل عقول منها ما اشتري بخيانة أو بقلة أمانة وإذا اجتمعت الخيانة وقلة الأمانة رأينا كفرا بواحا أكثر وأكثر".
وقال كتمتو إن "العدو الوحيد للأمة هو إسرائيل وأمريكا وليس عدوا مصطنعا سواء كان في منطقتنا أو خارجها وأن الخاسر مما يجري اليوم هو الإسلام أولا وفلسطين ثانيا" داعيا إلى رفع الأصوات في وجه الباطل والتضحية بالأرواح كما ضحى العلامة محمد سعيد رمضان البوطي بروحه من أجل كلمة الحق.
وأضاف كتمتو إن "من يقرا مؤتمرات هرتزيليا يجد هناك بندا ثابتا وهو تقسيم هذه المنطقة عقائديا ونشر الفتنة الطائفية" موضحا أن البقاء في أنصاف الحلول فالمقسم سوف يقسم ويجزأ المجزأ وسيقام حفل عزاء على من مات من المسلمين.
وأشار كتمتو إلى أن ما يحدث اليوم خسارة ولكن بقدرة علماء بلاد الشام ستعاد البوصلة إلى العالمين العربي والإسلامي وسترجع سورية إلى ما كانت عليه وسيعود لبنان موحدا وسنصلي في القدس.
بدوره أكد الشيخ ماهر حمود إمام مسجد القدس في صيدا أن التكفيريين يستعينون اليوم بأمريكا وإسرائيل ويتلقون السلاح منهما وأن علينا الانتباه إلى أنصاف المواقف التي تغذى التكفير وتعطيه غطاء شرعيا وسياسيا.
ودعا حمود علماء بلاد الشام ألا يضعفوا أمام الضخ الإعلامي والمال الملوث بل يجب أن يكونوا جسما يوقظ الأمة.
وحذر حمود من تكرار ما حصل في صيدا من أحداث أمنية مشيرا إلى أن الخوف من وجود جهات تدعي الوسطية والإسلام وجهات تدعي العلمانية أو المدنية بالحد الأدنى تغطي هذا الانحراف بكلام لا يمكن أن يكون مقبولا.
وأوضح حمود أن الدعم الإيراني للمقاومة في المنطقة لا يجوز أن يكون موضعا للجدل على الإطلاق داعيا إلى دعم المقاومة وفلسطين.
من جهته أوضح الشيخ مهدي الصميدعي ممثل وفد علماء العراق أن التكفير شر من اسمه ودمار في معناه وإذا دب الفكر التكفيري في جسد الإنسان فانه مرض الآكلة يأكل أعضاءه وإذا دب في جسد الأمة يأكلها وقال إن "النبي صلى الله عليه وسلم حذر في كثير من الأحاديث من فتنة التكفير".
وبين الصميدعي أنه لا يجوز لأحد أن يكفر أحدا من أهل القبلة ما لم تنتف الشروط وتتوفر الموانع. وأكد مفتي جمهورية تتاريستان الأستاذ الشيخ كامل سميع الله أن التكفير كالمرض والجرثومة التي تصب الجسد الإسلامي وتضعف قوته املا أن يكون هذا الموءتمر سببا لتصحيح كثير من الأخطاء الفكرية.
وأكد مفتي جمهورية تتاريستان الأستاذ الشيخ كامل سميع الله أن التكفير كالمرض والجرثومة التي تصيب الجسد الإسلامي وتضعف قوته املا أن يكون هذا المؤتمر سببا لتصحيح كثير من الأخطاء الفكرية.
وأوضح سميع الله أن الإسلام لا يوجد محل للجماعات المختلفة فالمسلمون هم جماعة واحدة وجسم واحد.
يشار إلى أن مؤتمر اتحاد علماء بلاد الشام الذي يختتم اعماله غدا يتناول قضايا العالم الاسلامي والتحديات التي تحيط بمسلمي العالم وضرورة التوجه نحو الوحدة الاسلامية ومعاناة العالم الاسلامي من ظاهرة التكفير والسبل الكفيلة لمواجهتها.
المصدر: سانا
إضافة تعليق جديد