الرد المبين على ما كتبته سعادجروس حول خريجي الاتحاد السوفياتي الراحل
«ما هكذا تورد الإبل يا سعاد»
لم يخرج المقال الذي كتبته سعاد جروس بعنوان «يطعمكم الحج» في العدد 3876 بتاريخ 4€12€2006, بمناسبة تشكيل فرع اللاذقية رابطة خريجي المؤسسات التعليمية في روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق, برمته عن الافتراء والتجني والاهانة لشريحة واسعة تعد عشرات الآلاف من حملة الشهادات الجامعية والدكتوراه في جميع الاختصاصات وخصوصاً الطبية وعلى امتداد دول الوطن العربي من خريجي روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق لأسباب غريبة قد تكون شخصية او عامة لست في صدد البحث فيها بل في الرد على المغالطات والافتراءات التي وردت فيه.
فاذا كان الاتحاد السوفياتي قد تفكك الى دول فهذا لا يعني ان هذه الدول قد تبخرت واختفت من الخريطة وان جامعاتها ومؤسساتها التعليمية قد ابتلعها جوف الارض €كما فهمت سعاد€, وهي دول وشعوب ذات الوان ونكهات متعددة وان استمرار العلاقات معها مطلب اكثر من حيوي وكذلك استمرار العلاقة بين الخريجين وجامعاتهم. ولا ندري كيف فهمت سعاد ان الرابطة تسعى لتعزيز العلاقات مع روسيا فقط؟ ربما لأنها لم تفهم شعار المؤتمر التأسيسي الاول لفرع اللاذقية وهو تعزيز التعاون مع الدول والشعوب الصديقة الداعمة لقضايانا في البناء والتطوير. وهذه الدول والشعوب كثيرة ومنتشرة في كافة القارات من آسيا الى اميركا اللاتينية. وهنا نتساءل: أليس من واجب اي وطني ان يسعى الى تعزيز التعاون مع الدول والشعوب التي تقف الى جانبنا؟ وهل هذا مدعاة لسعاد للتهجم والسخرية؟ ام انها تريد لنا ان نصطف مع الجبناء المتخاذلين المتحالفين مع دول التنين الذي تنشر رؤوسه الرعب والقتل وتنفث النار لحرق تاريخنا وثقافتنا وادياننا, ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا!!!
واذا كانت بعض الدول قد سقطت صريعة الهوى الاميركي حسب تعبري سعاد فأقول لها ان رائحة هذا الهوى قد فاحت في ارجاء €مجتمع سعاد الدولي€ وان الشعب لا يسقط وان للباطل جولة, ام ان حواس سعاد تعطلت فلم تعد ترى وتسمع ما يجري من حولها.
ثم لماذا تكون شهادات الخريجين معمدة بعرق الفقراء؟ فسعاد السورية والتي تعيش في سوريا تعرف ان بلدها اوفد الكثير من ابنائه الى روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق ودول اوروبا الشرقية وكافة دول اوروبا الغربية واميركا وكندا واليابان والهند والصين, ونحن خريجي كل هذه الدول نشكل معاً في الجامعات والوزارات والمؤسسات ومراكز البحوث الوان قوس قزح نتبادل الخبرات والمعرفة ونتابع معاً نقل المعرفة العلمية الى شباب هذا الجيل, وهؤلاء الخريجون هم من ابناء البلد بكل الوانه ومكوناته واحواله المادية وقد اسهموا في رفع مستوى عائلاتهم معنوياً ومادياً أكان ذكل في قلب العاصمة والمدن ام في أبعد قرية, ام سعاد تريد ان يكون التعليم كما ايام زمان حكراً على اولاد البيك والباشا. لا ليست شهاداتنا معمدة بعرق الفقراء بل ايادي الادارات الامبريالية التي تدافع عنها سعاد غمزاً وخبثاً هي المعمدة بدماء الفقراء وغير الفقراء من اطفال ونساء وشيوخ بمجازر فردية وجماعية على امتداد الوطن العربي والعالم منذ اوائل القرن العشرين وحتى اللحظة, في حين كان الاتحاد السوفياتي يمد لنا اياديه على جميع الاصعدة فأثمر ذلك مجموعات كبيرة من أسماء العلم الكبيرة في الطب يحج اليهم مواطنون من الدول الشقيقة, كما اثمر ذلك ادباء وفنانين مبدعين ومخرجين ملأت نجاحاتهم الارض من المحيط الى الخليج.
وتكتب سعاد عن طبيب لندن €اي المتخرج من لندن€ ان اباه ذهب الى الحج واوصاه بالناس خيراً. ونفهم من ذلك انه انسان مؤمن تقي ومن عائلة مؤمنة تقية وانه عمل بالوصية وعالج الفقراء مجاناً وبقية العباد بتسعيرة معقولة. اما طبيب «موسكو» فلم حسب حكاية سعاد مخبر أمني وكاتب تقارير. وهنا اود ان اسأل: هل اصبح اطباء لندن وباريس وواشنطن ومرضاهم فقط من المؤمنين الاتقياء؟ وهل هناك اختصاص اسمه الطب الشيوعي؟ وهل اصبح اطباء موسكو ومرضاهم الذين لا يؤمنون إلا بالطب الشيوعي فلا يذهبون إلا اليه ملحدين؟ ام هو منطق التكفير الذي تجلى عند سعاد في اوضح صورة؟
مرة اخرى نتساءل؟ اي اخلاق ومبادئ. اي قيم دينية سماوية, اي قيم توحيدية, اي مقاييس اجتماعية, اي موازين ومقارنات وأسس إحصائية تلك التي اعتمدتها سعاد في بحثها العلمي الاجتماعي لتعميم نتيجة حكاية فردية شخصية من حكايات الف ليلة وليلة جرت €على ذمتها€ منذ عقدين ونيف؟ كيف ارتضت سعاد ان تطعن عشرات الآلاف من حملة الشهادات العليا ومواطنيهم المنتشرين في كافة المدن والارياف السورية واللبنانية والمصرية والاردنية والعراقية والمغربية وغيرها, المنتمين الى عائلات تربت على الاخلاق والايمان, تطعنهم بايمانهم واخلاقهم بكل هذا الفجور؟ لن اقسو عليها اكثر من ذلك فهي ارتضت لنفسها موقعها التكفيري الحاقد. وعن خراب التعليم بل والذمم ايضاً على يد خريجي دول الاتحاد السوفياتي, اصحاب الواسطات والمناصب المفصلة على مقاسهم كما نص حكم سعاد مما اضطرها اليوم €وهنا تتحدث بصيغة الجمع€ الى إصلاح ما تم إفساده, لم تتكرم وتخبرنا اين ذهبت بهؤلاء الـ20 الف خريج من خريجي التعليم ومفسدي الذمم اصحاب المناصب؟ ومن اين اتت اليوم بالبديل وهي تصلح ما افسدوه؟ ومتى كان التعليم عقاراً مطوباً لهؤلاء الخريجين؟ وهل اعطتنا سعاد اسماً لموفد الى البلدان المحببة الى قلبها عاد ولم تمنحه تلك البلدان شهادة الدكتوراه!!!
كيف استقامت الامور عند سعاد بأن كل من ذهب الى دول السوفيات للدراسة وعددهم عشرون الفاً قد عادوا مخربين ومفسدين للذمم؟ فهل تعرض هؤلاء لجانحة سوفياتية مجهولة؟ وهل يستقبلون في بلاد السوفيات ابناء العالم الثالث كي يعيدوهم الى بلدانهم مفسدين مخربين؟ وما هو مكسب السوفيات من هذه الاستراتيجية؟ وكيف استقامت الامور عند سعاد بأن كل من يذهب للدراسة في دول €الحبايب€ يعود عالماً شريفاً تقياً؟ اين اصبحت كلمة عربي او مسلم مرادفة للجريمة والرذيلة؟ في موسكو ام في عواصم الحبايب يا سعاد؟ ألا تعرف سعاد ان خريجي المؤسسات التعليمية السوفياتية من مدنيين وعسكريين يشكلون جزءاً هاماً من النسيج السوري الممانع للرياح الصفراء العاتية الآتية من الخارج؟ ألا تعرف سعاد من أبناء سوريا تلك الاسماء العلم في الدفاع والطب والعلوم والأدب والاخراج والموسيقى والتمثيل من خريجي بلاد السوفيات؟ وليت المجال يتسع لذكر قوائم اسمائهم, وكلهم تغربوا ليحملوا الشهادات العلمية لا ليحملوا الحقيبة الرخيصة التي سقطت سعاد فيها. هل استقصت سعاد عن مشاريع التنمية ذات الصلة بالبناء الحقيقي للقاعدة الاقتصادية التي انجزها السوريون بمساعدة الخبرة السوفياتية؟ هل استقصت سعاد عن مشاريع الدفاع الوطني التي دعمت حقنا وصوتنا الوطني القوي في زمن الصمت؟ ثم اذا كان السوفيات وهم يقفون معنا يذكرون سعاد بالجروح والقروح! فبماذا يذكرها الفرنسيون وقد سلم يوسف العظمة ابنته الصغيرة ليلى القيادة السورية آنذاك كأمانة, مودعاً الى الجبهة في ميسلون لتمر سلاسل الدبابات الفرنسية على جسده الطاهر ورفاقه الابرار باتجاه دمشق الموعودة بحفلات المشانق. بماذا يذكرها البريطانيون وقد سلمون فلسطين للعصابات الصهيونية لتتحول تحت رعايتهم الى دولة للقتل وسفك الدماء والاحتلال! بماذا تذكرها اسرائيل وهي تذبح وتطرد شعباً آمناً من ارضه؟ بماذا تذكرها اميركا وهي تحرق العراق اوتسرق النفط وتدمر المتاحف والتراث وتقتل العلماء؟ اين ذاكرتك يا سعاد؟ من لعب لك بها؟
اما المحمية التي تطالب بها سعاد فيجب ان تقام لها, تحجر فيها عن الاختلاط إلا بأمثالها, فقد أظهرت مقالتها فحواها وادوات قياسها ونظرياتها واخلاقياتها ومبادئها وتعميماتها وقوانين منطقها التي ارتكزت عليها فنضحت بما فيها, فقد بدت بمنطقها واحدة من اولئك الذين امتهنوا الفرقة والتفرقة وإشعال الحرائق. وفي الحقيقة لم نكن وبالتشاور مع الزملاء نرغب ان نرد على هذه الحكايات التي ساقتها سعاد لنا فقاسيون لا تهزه ريح, ولكن الخوف والرعب الذي تملكنا هو ان تخرج بثقافتها وتعميماتها الى دائرة اكبر تطاول الاديان والقوميات وهنا الطامة الكبرى. فماذا ستقول سعاد بحق الاسلام او المسيحية إن كتبت عن مسلم او مسيحي يغش الحليب بالماء؟ وقد خلت ادبياتها من الحكمة في قوله تعالى: «ولا تزر وازرة وزر اخرى»؟.
الدكتور محسن حميشة
سوريا جامعة تشرين
لم يكن مؤمناً سوى بالقرش ولا يؤم عيادته إلا أمثاله ممن يؤمنون بالطب الشيوعي
المصدر : الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد