آل سعود يقطعون رؤوسَهم بأيديهم
الجمل- بيبي إسكوبار- ترجمة: د. مالك سلمان:
لا تنتظروا من كاتبة مسرحية سعودية أن تعيدَ كتابة مسرحية جون أوزبورن "اُنظر إلى الوراء بغضب" تلعب دور البطولة فيها مجموعة من الأمراء السعوديين الذين لا ينتمون إلى الطبقة العاملة. لكن الغضبَ يعتري الجميع – من الملك عبد الله فنازلاً؛ ليس فقط بسبب "المعايير المزدوجة" في الأمم المتحدة بل خاصة – هُس .. هُس – بسبب إدارة أوباما الكافرة.
هذا هو التفسير الرسمي السعودي لرفض مقعد لسنتين في مجلس الأمن/الأمم المتحدة, بعد ساعتين فقط من الإعلان عن منح السعودية هذا المقعد الهام.
ليس من المستغرب أن تنالَ هذه الخطوة الانتحارية ثناءَ المشتبهين الاعتياديين: الملكيات النفطية التي تشكل "النادي الخليجي المناهض للثورات", أو ما يعرف باسم "مجلس التعاون الخليجي", إضافة إلى مصر التي تعتمد الآن على الأموال السعودية لدفع فواتيرها والاستمرار في الحياة.
شاركت الكويت الرياضَ آلامَها, وهو كافٍ لتوجيه "رسالة إلى العالم". وقالت الإمارات المتحدة إن على الأمم المتحدة الآن "مسؤولية تاريخية" لمراجعة دورها. كما أكدت البحرين – التي غزتها السعودية في سنة 2011 – على هذه "الوقفة الواضحة والشجاعة". وقالت القاهرة إن ما فعلته السعودية "ينم عن الشجاعة".
عمل شجاع بالفعل: الضغط على البلدان العربية والباسيفيكية طيلة سنتين, وإنفاق أموال طائلة على تدريب حفنة من الدبلوماسيين في نيويورك لأشهر طويلة لكي ترفضَ الجائزة عندما تحصل عليها. كان بمقدور آل سعود أن يحلوا محل باكستان ويحتلوا مقعد البلدان الباسيفيكية؛ أما المغرب فستبقى حتى سنة 2015 في المقعد الأفريقي. ومنذ خمسة أشهر كان المقعد السعودي بمثابة صفقة منتهية في الأمم المتحدة.
تطايرت معلومات من هنا وهناك حول "الأجندة الإصلاحية" السعودية المزعومة أو "الموقف المبدئي" حول "آر 2 بي" (مسؤولية حماية العقيدة), وفلسطين, وتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من السلاح.
يُسَجَل للملك عبد الله الخطة التي وضعها للمشكلة الفلسطينية منذ سنة 2002 والقائمة على حل الدولتين والعودة إلى حدود ما قبل 1967.
ولكن لم يتم الضغط على إسرائيل للقبول بهذه الخطة؛ فعلى العكس من ذلك, تحالفت الرياض مع تل أبيب بهدف إحراق سوريا. ولا ينطوي ذلك على أي جهد لضم إسرائيل النووية في خطة شرق أوسطي منزوع السلاح. أما بالنسبة إلى النسخة السعودية من "مسؤولية الحماية", فإنها تنطبق فقط على "حماية" طائفية للسنة في سوريا.
باستثناء بعض المناطق القليلة في الشرق الأوسط, لم يُصَب أحدٌ بالأرَق نتيجة الخطوة السعودية المراهقة – والتي تفصح عن فكرة غريبة عن الأهمية, من خلال اللجوء إلى حملة علاقات عامة تعيد خلقَ الملكيات النفطية الفاسدة بصفتها صاحبة قضية "مبدئية" (إصلاح الأمم المتحدة) كما كان من المحتمل أن تحاولَ التأثيرَ عليها من الداخل.
كان ذلك سيتطلب تدقيقاً أكبر. فعلى سبيل المثال, قامت "هيئة حقوق الإنسان", وهي مؤسسة أخرى تابعة للأمم المتحدة أيضاً, بتوجيه صفعة للسعودية بخصوص سجلها الحافل حول التمييز ضد النساء والطائفية, بعد تقاريرَ صادرة عن "هيومن رايتس ووتش" ("مرصد حقوق الإنسان") و "آمنستي إنترناشنل" ("منظمة العفو الدولية"). فلو كانت السعودية عضواً في مجلس الأمن/الأمم المتحدة, لكان الفرق بين الواقع القروسطي وأجندتها "الإصلاحية" السامية أكثرَ بروزاً وفقاعة.
أريد ذلك السائل الكافر
من المحتمل أن زجاجة من ذلك السائل الكافر, "شاتو بيتروس" – الذي يفضله الأمراء السعوديون في لندن – أفضلُ بكثير من قرار "التخلي عن الأمم المتحدة" الذي جاء مباشرة من فم الجمَل الذي يقود القافلة. وبما آل سعود قد قرروا الاستمرار في استعراض "نفوذهم" من الخارج, لا شيءَ يبدو أكثرَ منطقية من ظهور بندر بوش مرة أخرى – الذي كلفه الملك عبد الله هذا الصيف بالمسؤولية عن الجهاد السوري.
تناول وزير الخارجية السعودية الأبدي, الأمير سعود الفيصل, الغداءَ مع وزير الخارجية الأمريكية جون كيري في ملاذات الأمير الترفيهية الخاصة في باريس هذا الإثنين. واللغز هو أي سائل كافر شربَ الرجلان؛ مع أن المسؤولين المقربين يعرفون ذلك؛ وقد اتفقا على إيران خالية من الأسلحة النووية, وإنهاء الحرب في سوريا, ومصر "مستقرة". وقبل هذا اللقاء الباريسي, خلال نهاية الأسبوع, كان بندر بوش متألقاً كالعادة, حيث أعلن بشكل واضح للدبلوماسيين الأوروبيين في الرياض أنه سيشتري الأسلحة التي سيرسلها إلى سوريا من مكان آخر, وسوف يفصل خطته عن "سي آي إيه", ويدرب "متمرديه" على يد لاعبين آخرين مثل فرنسا والأردن.
لدى "وول ستريت جيرنل" القصة كاملة والتي – كما هو متوقع – لم تظهر في وسائل الإعلام العربية (التي تسيطر على 90% منها مجموعات مختلفة متفرعة عن آل سعود).
والأهم من ذلك معلومتان قام بتسريبهما بعض الدبلوماسيين. طلب آل سعود من الولايات المتحدة تزويدهم بالأهداف التي سيتم قصفها في سوريا عندما يبدأ أوباما قصفه الدقيق, أو شيئاً من هذا القبيل. وقد رفضت واشنطن ذلك رفضاً قاطعاً.
والأفضل من ذلك؛ يُقال إن واشنطن أخبرت الرياض بأن الولايات المتحدة لن تتمكنَ من الدفاع عن المحافظة الشرقية الغنية بالنفط وذات الغالبية الشيعية حالما تتطاير صواريخ "توماهوك" فوق سوريا. تخيلوا مهرجان الرعب في الرياض؛ ففي نهاية المطاف, إن حماية البترودولار, الذي تتم إعادة تدويره/استثماره في الاقتصاد الأمريكي, من الرعاع يشكل أساسَ هذا الزواج الفاشل منذ حوالي سبعة عقود.
وهذا يقودنا الآن إلى "موقف السياسة الخارجية السعودية المستقل" وتطبيقه فيما يتعلق بواشنطن. لا تحبسوا أنفاسَكم.
بغض النظر عن الارتياب الهوَسي التام الذي يبديه آل سعود تجاه الخطوات الأخيرة التي اتخذتها إدارة أوباما, فإن نوبة الغضب هذه لن تغيرَ مسارَ هبوب الرياح الجيوسياسية. إذ إن صعود إيران الجيوسياسي حتمي. كما أن حل المشكلة السورية يلوح في الأفق. فلا أحد يريد أن يرى الجهاديين المجانين, خراء الخفافيش هؤلاء, يتجولون بحرية بين سوريا والعراق وباقي مناطق الشرق الأوسط.
إن القصة السعودية حول إدخال "ترتيبات أمنية جديدة للعالم العربي" مجرد نكتة ... .
زبدة الموضوع هي أن آل سعود الغاضبين والخائفين لا يملكون الوسائل اللازمة لمواجهة حاميتهم واشنطن. فنوبة الغضب هذه – التي تشبه البكاءَ للفت الانتباه – تليق بالأطفال الجيوسياسيين. فمن دون الولايات المتحدة – أو "الغرب" – من سيدير صناعة الطاقة السعودية؟ الجمال المحرومة من شهادات الدكتوراه؟ ومن سيبيع (ويعمل على صيانة) تلك الأسلحة الحديثة؟ ومن سيحميهم لسحقهم الروح الحقيقية للربيع العربي, في "مجلس التعاون الخليجي" وخارجه؟
وزير الخارجية الأبدي, الأمير سعود, مريض جداً. وسوف يتم استبداله بنائب لرئيس الوزراء معيَن حديثاً.
احزروا مَن؟
الأمير عبد العزيز بن عبد الله, ابن الملك. فبدلاً من الوقفة "المبدئية" ضد "المعايير المزدوجة", تبدو الخطوة التي اتخذها آل سعود في الأمم المتحدة أقربَ إلى المحسوبية.
http://www.atimes.com/atimes/Middle_East/MID-02-221013.html
تُرجم عن ("إيشا تايمز", 22 تشرين أول/أكتوبر 2013)
الجمل
إضافة تعليق جديد