داعش ولدت من رحم اسرائيل

الجمل-*واين مادسين- ترجمة: رندة القاسم:
الدولة الاسلاميه في العراق و المشرق (ISIL)، و المعروفة أيضا بالدولة الاسلامية في العراق و الشام (ISIS)(داعش) أو الدولة الاسلاميه (IS)، بلاء عملت على خلقه منذ زمن خلايا التفكير و مكاتب التخطيط العسكري في اسرائيل.
قُدِسَت الخطة الرامية لوجود مجموعة مثل داعش، تقسم الدول العربية في الشرق الأوسط ،عبر سياستين اسرائيليتين، الأولى: "استراتيجية لأجل اسرائيل في ثمانينات القرن العشرين" دونت عام 1982 بيد أوديد ينون، موظف سابق في وزارة الخارجية الاسرائيليه، و الثانيه "تكسير نظيف: استراتيجية جديدة لضمان أمن العالم"، وضع معظمها ريتشارد بيرل، أحد المحافظين الجدد الأميركيين و صقور الحرب ، من أجل رئيس الوزراء الاسرائيلي بينيامين نيتينياهو و نشرت عام 1996.
التقرير الأخير ضم مساهمات من عملاء لاسرائيل انتقلوا عبر مواقع حساسة في حكومة الولايات المتحده و هم: دوغلاس فيث و دايفيد و ميراف ورسمير.
مجموعة المحافظين الجدد الذين استأجرهم نيتينياهو، عرفت باسم "مجموعة دراسة استراتيجية اسرائيلية جديدة نحو 2000" ، و قد حددت سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط عبر عقدين ، و هي المجموعة المسؤولة عن السياسات الأميركية الكارثية التي أدت لاحتلال العراق و للتورط في التمردات الاسلامية الراديكاليه في ليبيا و سوريه.
أماكن صناعه السياسات، التي ساعدت على تأسيس داعش في سوريه و  العراق و تطبيق خطتي ينون و التكسير النظيف ، تقع ضمن واشنطن دي سي في منظمات غير نفعية مؤيدة لاسرائيل مثل المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي (JINSA) و معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى (WINEP)، و معهد الدراسات الاستراتيجية و السياسية العليا (IASPS).
و خطة التكسير النظيف ولدت منذ زمن على يد نيتينياهو، الذي كان أول من أطفا على السطح فكرة اسرائيل الكبرى، المسيطرة على جيرانها العرب عبر حروب أهلية مدنية، و ذلك في "مؤتمر القدس حول الارهاب الدولي" بدعوة من معهد جوناثان في الثاني من تموز 1979.
أما معهد جوناثان فهو على اسم الكوماندو الاسرائيلي جوناثان نيتينياهو، شقيق بنيامين الذي قتل عام 1976 في غارة اسرائيليه على مطار انتيبي في أوغنده لأجل اطلاق سراح الرهائن على طائرة الخطوط الفرنسية المختطفه. و فيما بعد كشفت وثائق الاستخبارات البريطانيه بأن نيتينياهو مات في عملية "راية مزيفه" (False Flag:تعبير يستخدم لوصف عملية عسكرية سريه مصممة بشكل مخادع بحيث يبدو بأن جهة أخرى قد قامت بها) خطط لها الموساد لخلق موجة تعاطف مع الاسرائيليين في فرنسا و دول أخرى.
و كحال "التكسير النظيف"، فان خطة ينون كتبت بيد عقل أميركي يهودي من المحافظين الجدد المرتبطين بنيتنياهو ، و هي تدعو الى نبذ عملية السلام الفلسطينيه بمجملها و ضم و ابتلاع الضفة الغربية و القدس الشرقيه و مرتفعات الجولان و غزه.
و المقترحات الاسرائيلية الأخيره ، الرامية الى اعادة توطين الفلسطينيين من غزه و الضفة الغربية في صحراء سيناء المصرية تحت سلطة شبه اسرائيليه، تشير الى أن اسرائيل مستمره في خططها من أجل اخلاء قطاع غزه من مواطنيه الفلسطينيين.
و خطة ينون ، التي نشرت في Kivunim Journal for Judaism and Zionism تنبأت بتقسيم لبنان و سوريه و العراق و مصر و شبه الجزيرة العربية الى دويلات على أساس طائفي اثني تكون في حروب مع بعضها البعض. و هذا يتضمن على الأقل دولة سنية و دولة شيعية و دولة كردية في العراق.
ورد في خطة ينون:
"العراق، غني بالنفط من جهة و مقسم داخليا من جهة أخرى، و هذا ما يضمن كونه مرشحا لأهداف اسرائيل. و تدميره أكثر أهمية بالنسبة لنا من تدمير سوريه، فالعراق أقوى من سوريه.... و أي نوع من المواجهة بين العرب ستساعدنا على المدى  القصير و ستختصر الطريق من أجل الهدف الأكثر أهمية و هو تقسيم العراق الى طوائف كما في سورية و لبنان.  في العراق ، التقسيم لأقاليم وفقا لخطوط عرقية و دينية كما في سوريه خلال الزمن العثماني أمر ممكن. اذا، على الأقل ستكون هناك ثلاث دول حول المدن الثلاث الرئيسيه: البصرة، بغداد و الموصل ، و المناطق الشيعية في الجنوب ستنفصل عن السنية و الكردية في الشمال... و كل شبه الجزيرة العربية مرشح طبيعي للانقسام بسبب الضغوط الداخلية و الخارجية، و هو أمر محتوم لا سيما في السعودية".
ظهور داعش في المشهد ، بدعم لوجستي و عسكري و مادي و استخباراتي من اسرائيل يحقق خطتي ينون و نيتينياهو . فاسرائيل الآن مستعدة للاستفادة من التشوه الذي خلقته داعش. و في بعض النواحي قام نيتينياهو بتعديل خطتي التكسير النظيف و ينون .
يهدف من داعش خلق خلافة سنية واحدة في العراق و سوريه ،و اخضاع الشيعة و الكرد و أقليات أخرى على اتباع الطائفة السنية الوهابية و الا ينفذ حكم الاعدام.
و وردت تقارير مفادها أن  داعش تنقل بالقوة أطفالا لاجئين من سوريه و العراق الى مستوطنات الضفة الغربية لزيادة تعداد السكان الإسرائيليين. و  المستوطنون الاسرائيليون، الذين يؤيد معظمهم داعش علنا برفع أعلامها في الضفة الغربية و القدس و تل أبيب، يقومون قسرا بتهويد المسيحيين العراقيين و السوريين، و الشيعة و السنه و العلويين و الدروز و الايزيديين من أجل حياة مستقبلية كمواطنين اسرائيليين في الضفة الغربية ، الأمر الذي ينافس اسوأ السياسات العرقية الديموغرافيه في الرايخ الثالث النازي. و ذكرت تقارير من مقاطعة الأنبار العراقية، حيث تزحف قوات داعش نحو بغداد، بأن قادة اسرائيليين كانوا شهودا على تسليم الأسلحة لقوات داعش.
علاوة على ذلك، على الأقل ذكر بأن مراهقا فرنسيا يهوديا هرب الى سوريه للانضمام الى قوات داعش التي تقاتل حكومة الرئيس بشار الأسد. و جنود قوات الدفاع الاسرائيليه شهدوا تسلل قوات داعش و جبهة النصره من سورية الى مرتفعات الجولان ، الواقعة تحت السيطرة الاسرائيلية، من أجل الدعم الطبي و اللوجستي. و قصفت الطائرات الحربية الاسرائيلية قوات الحكومة السورية خلال معركة مع داعش و جبهة النصره.
و دعم مستوطنون اسرائيليون غير شرعيين في الضفة الغربية داعش في مهرجانات أقيمت في القدس و تل أبيب. و الاسرائيليون اليمينيون ، الذين يشكلون الداعم الأساسي لحكومة نيتينياهو، ارتدوا قمصان داعش السوداء التي تحمل ختم النبي محمد و رفعوا علم داعش الأسود الذي يحمل الختم ذاته.
أشارت الاستخبارات الايرانيه الى وجود تنسيق في العمليات المعادية للحكومة العراقية بين داعش و المجموعة الايرانية الارهابية مجاهدو خلق، المدعومة بقوة من محافظين أميركيين جدد مثل ريتشارد بيرل و رودولف جيولياني. و ترافقت التقارير حول عبور وحدات من داعش الحدود نحو ايران مع أخرى تشير الى زيادة نشاط مجاهدي خلق على الحدود العراقية الايرانيه.
و يسود الارتياب بتعاون اسرائيلي في  النشاطات العابرة للحدود، نحو ايران، من قبل داعش و مجاهدي خلق.و وردت تقارير أيضا حول محادثات غير رسميه بين داعش و مجاهدي خلق، في فرنسا و بعلم رئيس الوزراء مانويل فالس المشرف المفترض على العمليات الجوية العسكرية الفرنسية ضد داعش في سوريه و العراق. و تعرف زوجة  فالس، آن غرافيون، بتأييدها لاسرائيل، و هي سليلة أسرة مولدوفان اليهودية.
و رغم أن داعش تتلقى الكثير من تمويلها من السعودية و قطر و امارات الخليج، تبقى اسرائيل مرشدها الايديولوجي.  و لم يتحدث أي  قائد سياسي أو عسكري اسرائيلي عن تهديد تشكله داعش على الدولة اليهودية، فالتلاميذ نادرا ما يهددون معلميهم.
الأمير السعودي الوليد بن طلال ، المستثمر في News Corporation  المؤيدة لاسرائيل و المحافظين الجدد و المملوكة من قبل روبيرت مردوخ، اشار الى وجود حلف يضم  اسرائيل و السعودية و قطر و تركيا و الكويت. و هذا الحلف غير المقدس ، الذي يستخدم داعش كطليعة له، يرمي أيضا الى اعادة رسم حدود الشرق الوسط وفقا لخطتي ينون و التكسير النظيف.
"محور الشر" الحقيقي هذا يهدد ايران و مصر على المدى القصير، أما على المدى الطويل فان هدفه روسيا و الصين.

*صحفي و كاتب أميركي
عن موقع The 4th Media

الجمل