تيري ميسان: من الذي أمر بالهجوم على صحيفة "شارلي ايبدو"
7 كانون ثاني 2015 , نفذ كوموندوس هجوما في باريس على مقرات صحيفة "شارلي ايبدو" وقتل 12 شخصا , 4 ضحايا أخرون لا يزالون في حال خطرة.
*على أشرطة الفيديو نسمع المهاجمين يهتفون "الله أكبر"!!!! , ثم انتقموا لـ"محمد".
*أكدت احدى الشهود وهي الرسامة "كوكو" , أنهم تبنوا انتسابهم الى القاعدة.
*بالنسبة الى الكثير من الفرنسيين , لا يلزم أكثر من هذا كي يدينوا عملية هجومية اسلامية.
في الحالة هذه، فان هذا الافتراض غير منطقي ’ فمهمة هذا الكوموندوس الذي اقتحم الصحيفة لا علاقة لها بالفكر (الجهادي) ابدا ,,,, فهناك عدة اشياء يجب تسليط الضوء عليها:
1-في الواقع اذا كانوا المهاجمين هم أعضاء أو مناصرين للإخوان المسلمين اوالقاعدة أو لداعش ,,,, لن يكتفوا بقتل رسامين ملحدين , بل سيقومون أولا بتدمير أرشيف الصحيفة امام أعينهم، مثلما فعلوا في كل عملياتهم في شمال افريقيا والمشرق.
2-بالنسبة الى (الجهاديين) , فانن أول واجباتهم هو تدمير ما يعتقدون أنه يسيء إلى الله، ومعاقبة "أعداء الله".
3- (الجهاديون) لن يتراجعوا فورا هربا من الشرطة دون اكمال مهمتهم , بل سيفضلون اتمام مهمتهم وان ماتوا هناك.
4-تظهر أشرطة الفيديو وبعض الشهود أن المهاجمين محترفون, وأنهم معتادون على استعمال أسلحتهم ولا يطلقون النار الا عن دراية وخبرة عسكرية جيدة.
_
5-الطريقة التي أعدموا بها على الارض شرطيا جريحا لا يشكل أي خطر عليهم تؤكد بأن مهمتهم لم تكن "الانتقام للرسول "محمد" , محل السخرية المفضل لصحيفة "تشارلي ايبدو".
-هذه العملية تهدف إلى خلق بداية لحرب أهلية:
مدبرو هذا الهجوم يعرفون بأنهم يثيرون بذلك انقساما بين الفرنسيين المسلمين والفرنسيين غير المسلمين ,,,, لقد كانت "شارلي ايبدو" متخصصة في استفزاز المسلمين, وكان معظم مسلمي فرنسا ضحايا لها بشكل مباشر أو غير مباشر.
اذا لم يدن مسلمو فرنسا هذا الهجوم , فسيصعب عليهم الاحساس بالألم تجاه الضحايا أكثر من قراء الصحيفة ,,,, و سيبدو هذا للبعض كتواطؤ مع السفاحين.
لذلك بدلا من اعتبار هذا الهجوم القاتل , فعلا انتقاميا اسلاميا من الصحيفة التي تنشر رسوما كاريكاتورية عن الرسول "محمد" , و تنشر على صفحاتها الأولى المقالات المعادية للمسلمين ,,,, فانه سيكون أكثر منطقية النظر الى هذا العملية هي اولى الحلقات لسيناريو هادف الى خلق حرب أهلية فرنسية.
-استراتيجية "صدام الحضارات" صممت في تل أبيب و واشنطن:
لا تنشد أيديولوجية واستراتيجية الإاخوان المسلمين أو القاعدة أو داعش خلق حرب أهلية في "الغرب", بل على العكس خلقها في "الشرق" ,,,, والفصل باحكام بين العالمين.
ان من صاغ استراتيجية "صراع الحضارات" هو "برنار لويس" ,لمجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة, ثم عممها "صاموئيل هنتنغتون" لا كاستراتيجية غزو , بل كوضع متوقع يهدف الى اقناع الشعوب العضوة في الناتو بمواجهة حتمية تتخذ "احتياطيا" شكل "الحرب على الارهاب".
لا يشاد ولايتكلم "بصراع الحضارات" في القاهرة أو الرياض أو كابول بل يسوق وينشر في واشنطن وتل أبيب.
أن رعاة الهجوم على صحيفة "شارلي ايبدو" لا يسعون الى ارضاء (الجهاديين) أو حركة طالبان ,,,, بل لارضاء المحافظين الجدد والصقور الليبراليون.
-لكي لا ننسى السوابق التاريخية ,,,, قتال الكلاب:
علينا أن نتذكر أننا شهدنا في السنوات الأخيرة أن المخابرات الامريكية او التابعة للناتو:
*أجرت في فرنسا اختبارات الآثار المدمرة لبعض العقاقير على السكان المدنيين.
*دعمت منظمة الجيش السري OAS لاغتيال الرئيس شارل ديغول.
*نفذت هجمات تحت ألوية زائفة على مدنيين في دول عديدة عضو في الناتو
*علينا أن نتذكر أن قائد الاركان الأمريكي جرب وطبق, منذ تفكيك أوصال يوغوسلافيا، في بلدان عدة استراتيجيته "قتال الكلاب" ,,,, وتشمل قتل أفراد من الطائفة التي تشكل أغلبية , وأفراد من الأقليات , والقاء المسؤوليات على بعضهما , الى ان يقتنع الجميع بأنهم مهددون بالموت ,,,, بهذه الطريقة أشعلت واشنطن الحرب الأهلية في يوغوسلافيا ومؤخرا في أوكرانيا.
-للفرنسيين:
*عليهم يتذكروا أيضا أنهم ليسوا من بادر بمكافحة (الجهاديين) العائدين من سوريا والعراق وحتى يومنا هذا لا أحد منهم ارتكب أي هجوم في فرنسا.
*حالة مهدي نموش ليست حالة ارهابي وحيد بل حالة فاعل مكلف بأن يقتل في بروكسل عميلين من الموساد.
*ان واشنطن هي من دعا في 6 شباط 2014 , وزراء داخلية "ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبولونيا وبريطانيا" ,,,, كي يجعلوا من عودة (الجهاديين) الأوروبيين قضية أمن قومي.
*لم تعالج الصحافة الفرنسية هذه المسألة الا بعد هذا الاجتماع , لتبدأ السلطات بالتفاعل.
*تحدث جون كيري بالفرنسية لأول مرة لتوصيل رسالة الى الفرنسيين ,,,, حيث ندد بهجوم على حرية التعبير (في حين أن بلده لم يتوقف منذ 1995 عن قصف وتدمير مقرات التلفزيون التي كشف تضليلاتها في يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا)، واحتفى بمكافحة الظلامية.
أخيراً ,,,, اننا نجهل من أمر بهذه العملية المحترفة في باريس ,,,, ولكن ليس علينا ان نتسرع , بل يجب علينا تفحص جميع الافتراضات وقبولها ,,,, وأن الهدف الأكثر احتمالا في هذه المرحلة هو أن تقسيمنا , وأن مدبروا هذا الفعل هم على الأرجح هم "تل أبيب و واشنطن".
تيري ميسان: شبكة فولتير
إضافة تعليق جديد