«السوخوي» تشنّت غارات على 49 هدفاً إرهابياً في سوريا..والسعودية تعرقل أي محاولة للتسوية
فرضت الغارات الجوية الروسية، والتقدم المتعدد الجبهات للجيش السوري والحلفاء، الى جانب موجة النازحين الكبيرة التي تدفقت على اوروبا، ايقاعاً سياسياً مختلفاً، عبّرت عنه تصريحات اميركية تحدثت عن لقاء قد يجمع الاميركيين والروس والسعوديين والاتراك والاردنيين، أكدته موسكو التي تحدثت من جهتها عن اجتماع ثلاثي وشيك في فيينا، سيجمع الوزراء الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري والسعودي عادل الجبير.
وعلى الرغم من حديث كيري عن خطر كبير بات يتهدد المنطقة، بما فيها لبنان، بالاضافة الى اوروبا، بسبب الوضع السوري، وكلامه المتأخر عن منع خراب سوريا بالكامل، والحاجة الى البحث عن عملية انتقال في سوريا بالتشاور مع الروس، الا ان الموقف السعودي الذي عبر عنه الجبير، المدعو للمشاركة في الاجتماعين الخماسي والثلاثي، كان متشددا سواء في اعتراضه القاطع على اي دور ايراني، والتأكيد مجددا على رفض الرياض بقاء الرئيس بشار الاسد في الحكم، ما يطرح تساؤلات عن جدوى المشاركة السعودية في لقاءات البحث عن تسوية سورية ـ اقليمية فيما التقارير تكاد تجمع على دور المملكة في تزويد مختلف الفصائل «الجهادية» بأنواع مختلفة من الاسلحة الى جانب تركيا.
ومهما يكن، فإن الحديث عن لقاءات جديدة ووشيكة ربما يعكس حراكاً سياسياً وديبلوماسياً متزايداً، وإدراكاً بأن الازمة السورية دخلت منعطفا جديدا بعد انطلاق «عاصفة السوخوي» الروسية التي بدأت تداعياتها الميدانية تظهر تباعاً في مختلف مناطق أرياف دمشق وحلب وحماه وادلب واللاذقية.
وفي الوقت الذي كانت فيه طائرات «السوخوي» الروسية تواصل تمهيد الطريق للقوات السورية لمواصلة التقدم، خصوصاً في ريف حلب، خرج كيري بفكرة عقد اجتماعات مع مسؤولين روس وأتراك وسعوديين وأردنيين سعيا للتوصل إلى حل سياسي يجنب «سوريا الدمار الشامل»، لكنه استثنى إيران.
إلى ذلك، ذكر المكتب الإعلامي في الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقي كبار ضباط القوات المسلحة الروسية اليوم، موضحاً أن بوتين سيجتمع مع الضباط حيث «سيهنّئ تقليدياً الضباط المعينين (حديثاً)، وسيحدد المهام الموضوعة أمام ضباط قيادة القوات المسلحة وأجهزة الأمن». وسيدور الحديث بالدرجة الأولى حول أهداف وتفاصيل العملية العسكرية الجوية التي بدأتها روسيا في سوريا ضد «داعش».
وقال كيري، الذي اختتم في مدريد جولة أوروبية، «سأعود في الأيام المقبلة، وسألتقي قادة روسيا وتركيا والسعودية والأردن لبحث الخيارات التي يمكن أن تتيح إطلاق عملية تفضي إلى انتقال في سوريا».
ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية عن مصدر في وزارة الخارجية قوله إن موسكو تبحث اقتراح كيري بعقد اجتماع بشأن سوريا، يشارك فيه ممثلون من روسيا والسعودية وتركيا والأردن، فيما نقلت وكالة «سبوتنيك» عن مصدر في وزارة الخارجية الروسية قوله إن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف وكيري والجبير، قد يعقدون لقاء ثلاثياً حول سوريا في فيينا في الأيام القريبة المقبلة.
وقال كيري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغايو، إن واشنطن لديها مسؤولية «محاولة تجنب التدمير الشامل والكامل لسوريا وتداعياته السلبية»، وخصوصاً موجة المهاجرين الذين يفرّون من النزاع. وأضاف «لدينا مصلحة أخلاقية في البحث عن وسيلة لتجنب أن تتفاقم الكارثة الجارية حاليا»، لافتاً إلى أن هناك أساساً ثلاثة أرباع السوريين، أي 12 مليون شخص، نزحوا داخل البلاد أو لجأوا إلى الخارج.
وحذّر كيري من أن «مستوى الهجرة في أوروبا خطير بسبب صعوبة احتوائها، والتهديد فعلي بوصول مزيد (من المهاجرين) إذا استمر العنف وانهار الوضع في سوريا». واعتبر أن موجة جديدة من الهجرة ستخلف «عواقب كبرى في مجال الأمن»، ليس فقط للاتحاد الأوروبي وإنما أيضاً لتركيا والأردن ولبنان.
وكرر كيري، الذي اتصل بنظيره القطري خالد بن محمد العطية، زعمه من أن تكون روسيا تسعى «عبر تدخلها العسكري في النزاع إلى مجرد إبقاء» الأسد في مكانه ما لا يمكن أن يؤدي سوى إلى «اجتذاب مزيد من الجهاديين وزيادة عدد اللاجئين». وأضاف «في المقابل، إذا كانت روسيا هناك لمساعدتنا في إيجاد طريق نحو حل سياسي، وفي الوقت نفسه محاربة داعش، فهناك احتمال لاستطلاع طريق مختلف تماماً. علينا أن نجلس معاً ونتباحث لاستطلاع مثل هذا النوع من الفرص».
واتهم الجبير، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير في الرياض، إيران «باحتلال أراض عربية». وقال «نأمل ونرجو أن تغير إيران أساليبها وتوقف تدخلاتها في المنطقة، سواء في لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن». وأضاف «من الصعب أن تكون هناك علاقات ايجابية (مع طهران) إذا كان هناك عدوان مستمر من طرف تجاه السعودية وشعبها، ولذلك نحن حريصون على التصدي لأي تحركات إيرانية، وسنقوم بكل ما نستطيع، وبكل ما لدينا من قوة سياسية واقتصادية وعسكرية لحماية أراضينا وشعبنا».
واعتبر الجبير أن «إيران الآن دولة مقاتلة. دولة محتلة لأراض عربية في سوريا». وقال إن «السؤال هو: ماذا يجب على إيران أن تفعل لتكون جزءا من الحل في سوريا؟ والرد بسيط جدا. عليها الانسحاب من سوريا وعليها عدم مد السلاح لنظام بشار الأسد وسحب الميليشيات الشيعية كحزب الله وغيره، الذين أرسلتهم إلى سوريا، وبالتالي تستطيع أن يكون لها دور». وتابع «نرحب بأي محاولات إيرانية لتحسين العلاقات مع دول الجوار، وهي كشفت مرارا أنها ليست معنية بعلاقات حسن الجوار».
واعتبر الوزير السعودي أن على الأسد أن يتنحى ما إن تتشكل هيئة انتقالية، بما يتفق مع بيان «جنيف 1». وقال «بعد تشكيل هذه الهيئة على الأسد أن يتنحى. لو كانت شهرا أو شهرين أو ثلاثة أو أقل هذا ليس مهماً، ولكن لا دور للأسد في مستقبل سوريا». وأضاف «قيل من ناحية أخرى إن بشار يجب أن يبقى حتى تقام الانتخابات، ويشارك في الانتخابات، (ولكن) لا مستقبل لمثل هذه الخيارات».
من جهته، اعتبر شتاينماير، الذي التقى الملك سلمان، انه «من الصعب للغاية في الوقت الراهن، ردم الفجوة العميقة بين الرياض وطهران». وقال إن «الذي يرفض التحاور مع إيران والسعودية لا يمكنه القول انه يتوقع حلا في سوريا».
واعتبر مساعد وزیر الخارجية الإيراني للشؤون العربیة والأفريقية حسین أمير عبد اللهیان، خلال لقائه مساعد المبعوث الأممي إلى سوريا رمزی عز الدین في طهران، أن الأميرکیین والائتلاف ضد الإرهاب لم یقوموا بإجراء جاد في سوریا، ومازالوا یتبعون سیاسات مزدوجة. وأکد ضرورة اتخاذ الدول کافة موقفاً جاداً في مجال مکافحة الإرهاب في سوریا والمنطقة.
ميدانيات
وأعلن المتحدث باسم «البنتاغون» جيف ديفيس أن الولايات المتحدة وروسيا باتتا «قريبتين جداً» من توقيع اتفاق تفادياً لأي حادث جوي بين الطائرات الأميركية والروسية فوق سوريا، لكنه أوضح أن التدابير ليست جزءاً من اتفاق أوسع حول الطريقة التي يعمل فيها البلدان في سوريا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن طائرات «السوخوي» شنّت غارات على 49 هدفاً إرهابياً في سوريا في الساعات الـ24 الماضية، وخصوصاً مواقع تابعة إلى «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش». وشملت الغارات محافظات حلب وادلب واللاذقية وحماه وريف دمشق. وذكرت أن عناصر «داعش يواجهون نقصاً خطيراً في الذخيرة ويغادرون مواقعهم بكثافة». وأضافت «الليلة الماضية رصدت وسائلنا الاستطلاعية مغادرة مجموعات عدة من نحو مئة مقاتل كل منها باتجاه مرج السلطان» إلى شمال دمشق.
وتسعى القوات السورية للتقدم إلى شرق حلب لفك حصار «داعش» عن مطار كويرس العسكري. وقال مصدر عسكري سوري لوكالة «اسوشييتد برس» إن القوات السورية سيطرت على قرى تبعد كيلومترات قليلة عن المطار. واعترفت «حركة نور الدين الزنكي»، في بيان، بمقتل قائدها العسكري إسماعيل ناصيف في اشتباكات جنوب حلب.
وقال مقاتلون من ثلاث مجموعات تابعة إلى «الجيش الحر» قرب حلب، لوكالة «رويترز»، إنهم حصلوا على إمدادات جديدة من صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدبابات من دول تعارض دمشق.
وقال مسؤول من إحدى الجماعات إنه رغم وصول كميات جديدة إلا أن الإمدادات غير كافية بالنظر إلى حجم الهجوم. وأضاف «عدد قليل لا يكفي (من صواريخ تاو). يحتاجون للعشرات».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد