مراجعة وتوضيح حول سقوط الطائرة الروسية

بسام بركات: عندما كتبت مدونتي حول العدوان الإسرائيلي على مدينة اللاذقية مما تسبب في سقوط الطائرة الروسية ايل 20 واستشهاد 15 عسكريا روسيا (رحمهم الله ) هو فقط من باب العتب والتوضيح للصديق الروسي وليس للتشكيك والهجوم على الحلفاء والأصدقاء والأشقاء الروس وقرأت الكثير من التعليقات الجارحة في عنوان الأصدقاء الروس معظمها انفعالي وبعضها كان مسموما وجزء من الحرب النفسية التي تشن علينا كمقالة سامي كليب التي احتوت مغالطات لا يكتبها صبي في شوارع دمشق وغيره ولذلك أود والأمانة التاريخية توضيح الأمور بمنتهى الشفافية وما سأطرحه هو ليس رأياً وإنما معلومات :

1- الدول العربية قاطبة بدون استثناء تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في سيطرة اللوبيات الصهيونية على الإعلام والإقتصاد الروسي وكانت الفرصة متاحة لشراء محطتي تلفزيون أساسيتان وجرائد ومعامل حديد وصلب وألمنيوم وحقول نفط وغاز ومنشآت عسكرية للصناعات الإلكترونية وبمبالغ لا تذكر وكان أصدقائنا المسؤولين والجنرالات الروس المحبين لسورية ومصر والعراق والجزائر واليمن أصحاب المراكز المهمة يرجون قدوم رجال أعمال من هذه الدول بمساعدة حكوماتها لشراء هذه المنشآت لتأسيس لوبي عربي ووطني روسي ولكن كالعادة رفضت عروضهم وإسرائيل الدولة الوحيدة التي استفادت من ذلك وهي وإيران استفادوا من خبرات العلماء الروس الذين هاجروا للبحث عن لقمة العيش والعربان والحكومات العربية استقدموا لبلدانهم فقط الراقصات والعاهرات ولكن السعودية نجحت في نشر الفكر الوهابي في الجمهوريات الإسلامية الروسية .

2 - في آخر زيارة للرئيس حافظ الأسد لروسيا في العام 1999 وافق يلتسين على تخفيض ديننا بنسبة 90% وعلى أن ندفع ال10% بضائع سورية ووافقوا على جميع الطلبات العسكرية وعندما جئت برفقة رئيس وزراء روسيا آنذاك ستباشين والتقينا مع العمادي وزير الاقتصاد رفض ال 90 % حسم وطالب بحسم 92% وتم تخريب هذه الصفقة الاستراتيجية لأن أولادهم وأنسباؤهم ليسوا شركاء أو منفذين لها وتعطلت جميع العقود العسكرية .

3- عرضت على سورية منظومة الدفاع الجوي الأس 300 في ال2001 وكانت مصنعة لقبرص اليونانية وبنصف سعرها بسبب حاجة روسيا لهذه الأموال لمجمع التصنيع العسكري ولكن عاد دافيدف نائب وزير الدفاع الروسي خائبا بسبب رفضنا للصفقة لأننا كنا نعيش وهم السلام في المنطقة .

4- بعد سقوط بغداد نقلت من القيادة الروسية رسالة دعم مطلق لسورية ضد التهديدات الأمريكية ورغبة الرئيس الروسي السيد فلاديمير بوتين بتطوير العلاقات بين البلدين إلى مستوى أفضل بكثير مما كانت عليه أيام الاتحاد السوفياتي وبعد جهد جهيد وبقرار من السيد الرئيس ومعارضة فاروق الشرع جاء وزير الخارجية الروسي أيفانوف والتقى السيد الرئيس في 23.7 2003 ونقل له نفس الرسالة وسلمه دعوة لزيارة روسيا في أي وقت يريده لحل مسألة الديون بالشكل المريح لسورية والاتفاق على أسس تطوير العلاقة بين البلدين والدكتور بسام ابو عبد الله والسفير الروسي ماركاريان شهود على ما ذكرته.
بعدها أرسل السيد الرئيس عبد الحليم خدام الذي قابله الرئيس الروسي بحفاوة وحمله رسالة دعم لسورية ولكنه نقل الأمر معكوساً للسيد الرئيس وسلمني السفير الروسي فحوى الرسالة ونقلتها للسيد الرئيس(أشار السيد الرئيس إلى فعلة عبد الحليم هذه بعد انشقاقه وهروبه إلى حضن بني سعود وآل سعود في أحد خطاباته ) وبعد زيارة السيد الرئيس بشار الأسد لموسكو حلت مسألة الديون وحسمت روسيا 10 مليار وقسطت مليار ونصف لعشر سنوات ومليار ونصف احتسبت 24 مليار ليرة سورية ستستخدم لبناء مشاريع سياحية وتنموية في سورية ولكن تم عرقلة ورفضت جميع عروض الروس وأخيرا قبل الأزمة تم إرسال بضائع سورية إلى روسيا وحازت منظومتي الفساد الروسية والسورية على عمولتهما وحرم الشعب السوري من هذه المشاريع

5- السفير الروسي روبرت ماركريان نبه فاروق الشرع عن تحضير قرار تحت رقم 1559 لإخراج القوات السورية من لبنان ولنزع سلاح حزب الله وروسيا مستعدة لاستخدام الفيتو ولكن فاروق الشرع طلب منه عدم تصعيد الأمور مع الغرب وأمريكا خصوصا وقال له :هذا القرار لا يساوي الحبر الذي كتب به.

6- بعد اغتيال الحريري لعب الروس دورا دبلوماسيا وعسكريا في حماية سورية من العدوان الأمريكي ولنتذكر تصريحات رئيس الأركان الروسية الذي بقي في سورية لمدة أسبوع في فندق الميرديان (راجعوا أرشيف الجزيرة حيث قال: الأمن الوطني السوري هو جزء من الأمن الوطني الروسي ولن نسمح بالاعتداء على سورية )

7- تم تعطيل ورفض جميع عروض الجهات الرسمية والخاصة الروسية في مجال الكهرباء (حيث الغي العقد لتوسيع محطة تشرين الحرارية مع الشركة الحكومية الروسية وأعطي لشركة بهاراتا الهندية بالتراضي ) والنفط ألغي العقد لاستثمار

حقل نفطي في دير الزور ربحته شركة زاروبج نفط الحكومية الروسية وأعطي لشركة بريطانية وقبض من قام بهذا العمل 500 ألف دولار وهو مسجون سابقا بتهمة تزوير العملة في ليبيا وسورية وبعدها رفض القرض الروسي ب500 مليون دولار (الذي أمنته للدولة السورية ) لشراء 7 طائرات مدنية واستبدل العقد مع الروس بعد طرد ممثلي شركتي افيازابتشاست وايل شين فينانس الروسيتين من سورية بعقد مع الإيرباص ولم نستلم شيئا بسبب العقوبات الأمريكية(بسبب وجد أكثر من 10% من مكونات الطائرة صناعة أمريكية ) وتبهدلت شركة الطيران السورية بسبب هذا الرفض وخسرت معظم خطوطها بالرغم من التوجيهات بشراء الطيران الروسي

8- تم رفض عرض شركة روس اسمنت ببناء مصنع أسمنت حديث في القريتين بطاقة 5 مليون طن سنويا لتغطية حاجة السوق المحلي وسوق العراق بالرغم من رسالة التوصية ولقائنا مع وزير الصناعة الأكاديمي جوني .... وفي العام 2008 تم استبدال الحلفاء الروس بالأتراك والقطرين(أي بمنظمة أخوان الشياطين العالمية ) وبفرنسا.هناك فعل استراتيجي لصالح روسيا قامت به سورية في العام 2009 لرفضها لمشروع ناباكو لنقل الغاز القطري إلى أوروبا عبر سورية لمنافسات الغاز الروسي وكذلك تأييد السيد الرئيس بشار الأسد لروسيا في حربها ضد جورجيا حماية لأبخازيا خلال زيارته لسوتشي ولقائه بالرئيس الروسي ( وهنا نرى الفكر الاستراتيجي الصحيح للسيد الرئيس وضحالته عند معظم مسؤولينا ) وهذا لعب دورا كبيرا في استخدام الروس للفيتو وأقناع الصينيين بذلك وبذلك حموا سورية على مدى سنين الأزمة من مصير العراق 2003 ومصير ليبيا في العام 2012 وبعد مشاركتهم العسكرية الفعالة جوا وبرا وبحرا ابتداء من 30.09.2015 منعوا سقوط سورية بأيدي العصابات الإرهابية التكفيرية المتوحشة وأسيادهم في الناتو وأذيالهم العربان وهذه حقيقة، طبعا لقد ساهمت بذلك تضحيات وبطولات أشاوس جيشنا وحلفائنا. طبعا لروسيا مصالح جيواستراتيجية واقتصادية في سورية وهذا مصلحة سورية كذلك التحالف مع دولة نووية وتمتلك حق النقض الفيتو في مجلس الأمن في عالم تحكمه شريعة الغاب.

لذلك كل كلمة أكتبها وموجهة للأصدقاء والأشقاء الروس مدروسة بعناية لأنني أعرف كيف يفكر الروسي بسبب خبرتي وعلاقاتي القوية معهم ولذلك أرجوكم أصدقائي لا تنجروا وراء الحرب النفسية المستمرة علينا ... علاقة الروس بإسرائيل سهلت علينا تحرير درعا والقنيطرة بأقل الخسائر ووقت قياسي ... وجود القواعد العسكرية الروسية طبعا نصرا استراتيجيا عسكريا لروسيا وتحقيقا لحلما روسيا من عهد الإمبراطورة كاترين الثانية ومن ناحية تانية وجود هذه القواعد على أراضينا هو حماية لسورية من ارتدادات الأزمة الوجودية التي عصفت بوطننا على مدى 8 سنوات وخاصة وأن التعصب الديني والطائفي والمذهبي في أوجه عند غالبية شعبنا الذي تحكمه الغريزة والمؤسسة الدينية والأفكار الظلامية ناهيك عن منظومة الفساد وحيتانها ،ومساهمتها في تدمير الاقتصاد الوطني إضافة للمطامع الدولية والإقليمية في ثرواتنا هذه حقائق إن لم نعترف بها لا نستطيع إيجاد الحلول المناسبة لها ومجابهتا 

وهناك المسألة الكردية والمظلة الأمريكية للانفصاليين الأكراد ومطامع أردوغان وعصابته الطورانية في سورية وفي تركيا وبدون روسيا بثقلها الدولي وعلاقاتها سيكون حل هذه المشاكل محفوف بخطر تقسيم سورية الوطن.

الرحمة الإلهية للشهداء الروس في الطائرة المنكوبة ولأرواح الشهداء الذين استشهدوا دفاعا عن سورية ووجودها .

باسم بركات