واشنطن تحضر لاجتياح المنطقة دبلوماسياً
الجمل: تقول المعلومات الواردة اليوم من واشنطن بأن منطقة الشرق الأوسط أصبحت على مشارف عملية دبلوماسية أمريكية جديدة، وتشير المعومات إلى أن هذه العملية الجديدة، وإن كان مجراها واحداً، فإن هناك احتمالات أن تسير ضمن مسارين، أحدهما يتمثل في مسار دبلوماسية المؤتمرات ولقاءات القمة، وتتبناه وزارة الخارجية الأمريكية، والمسار الثاني يتمثل في مسار دبلوماسية المعونات والمساعدات على غرار "مشروع مارشال" ويتبناه البنتاغون.
* المسار الأول:
ويقوم على أساس اعتبارات الدبلوماسية الوقائية الكثيفة التحركات والعالية المستوى. وتشير المعلومات الواردة اليوم إلى أن برنامج زيارة بوش إلى الشرق الأوسط سوف يتضمن ما يلي:
• 9 كانون الثاني: الوصول إلى إسرائيل وعقد لقاءات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز.
• 10 كانون الثاني: زيارة الضفة الغربية وعقد لقاء مع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وسلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني.
• 11 كانون الثاني: العودة إلى إسرائيل ومقابلة طوني بلير مبعوث سلام اللجنة الرباعية (ورئيس الوزراء البريطاني السابق) والقيام بوضع إكليل على النصب التذكاري الإسرائيلي الخاص بضحايا الهولوكوست.
• 12 كانون الثاني: زيارة الكويت ومقابلة القوات الأمريكية المتمركزة في معسكر «كامب عريفان» والاستماع إلى تقرير حول الموقف في العراق يقدمه الجنرال بتراوس قائد القوات الأمريكية في العراق وريان كروكر السفير الأمريكي الحالي في العراق، ثم سيسافر بوش في اليوم نفسه إلى البحرين لمقابلة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة.
• 13 كانون الثاني: زيارة القطع البحرية التابعة للأسطول الخامس الأمريكي المتمركزة في الموانئ البحرينية ثم زيارة الإمارات العربية المتحدة واللقاء بالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، يعقبه إلقاء الرئيس بوش خطاباً في أبو ظبي حول "الحرية في المنطقة".
• 14 كانون الثاني: زيارة دبي ثم السفر إلى السعودية.
• 15 كانون الثاني: عقد لقاء في العاصمة السعودية مع الملك عبد الله.
• 16 كانون الثاني: السفر إلى شرم الشيخ في مصر لمقابلة الرئيس المصري حسني مبارك وبعد ذلك، يعود الرئيس الأمريكي إلى واشنطن.
وكعادة الصحافة الإسرائيلية، في إتقانها المتميز لتسريب أسرار السياسة الأمريكية، وقبيل بدء الرئيس بوش لزيارته، نشرت صحيفة هاآرتس الصادرة اليوم تسريباً يقول بأن الرئيس بوش سوف يقوم بزيارة أخرى إلى إسرائيل في أيار القادم لحضور التجمع الدولي الذي قرر الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز إقامته بمناسبة الذكرى الستين لإقامة دولة إسرائيل. وسوف يشرف على تنظيم التجمع الدولي معهد التخطيط السياسي الشعبي اليهودي. أما الأجندة المتعلقة بزيارة بوش القادمة فلم تتطرق لها الصحيفة بعد.
* دبلوماسية المعونات والمساعدات:
يعمل خبراء البنتاغون باتجاه دفع إدارة بوش إلى اعتماد صيغة "مشروع مارشال شرق أوسطي"، وتشير المعلومات التي أوردها موقع آنتي وار الأمريكي إلى النقاط الآتية:
• تم إعداد تصور ميداني لصيغة مشروع مارشال الشرق أوسطي.
• تم تضمين صيغة المشروع ضمن تقرير البنتاغون المقدم إلى البيت الأبيض والمتعلق بمحاربة الإرهاب ومخاطر الهجرة.
• تكاليف تطبيق مشروع مارشال الشرق أوسطي ستكون من حيث المبدأ 130 مليار دولار.
ويقول خبراء البنتاغون بأن العائد من تطبيق مشروع مارشال هذا سيكون أفضل من العائد من تطبيق صيغة مشروع الحرب ضد الإرهاب الجاري حالياً، لأن صيغة مشروع مارشال سوف تركز على الآتي:
• تطوير أسلوب الحكم الرشيد.
• منع التطرف.
• القضاء على محفزات الإرهاب.
• ضبط وإدارة عمليات الهجرة.
• القضاء على البطالة.
• وضع نهاية لعمليات نقل وتهريب المخدرات.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن تسمية "مشروع مارشال" قد أطلقت على الاتفاق الذي تم في بريتون وودز بين مارشال وزير الخزانة الأمريكي وكينز وزير الخزانة البريطاني، وهدف المشروع حينها إلى إعادة تعمير الاقتصاد الأوروبي المنهار بسبب الحرب العالمية الثانية، وقياساً على ذلك، تشير المعلومات إلى أن خبراء شؤون الشرق الأوسط في البنتاغون أصبحوا –بعد التقرير الاستخباري الأخير حول إيران- أكثر قناعة بضرورة الضغط على الإدارة الأمريكية لدفعها نحو تطبيق مشروع مارشال الشرق أوسطي، باعتباره الوسيلة الناجحة في مكافحة الإرهاب. بكلمات أخرى، فقد أصبح إدراك البنتاغون يركز على استخدام الوسائل الاقتصادية باعتبارها الرهان الأفضل بدلاً من استخدام الوسائل العسكرية.
* الأطراف الثالثة ومدى النجاح في كسر الاحتكار الأمريكي:
نقلت صحيفة هاآرتس الصادرة اليوم أن بريطانيا تسعى من أجل استضافة مؤتمر سلام دولي جديد يتم عقده في لندن حول "السلام في الشرق الأوسط". وأشار التقرير إلى الآتي:
• أبدى رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون استعداده واهتمامه بعقد مؤتمر سلام دولي إضافي في لندن خلال شهر آذار 2008م القادم. بما يؤدي إلى تطوير عملية السلام الجارية حالياً.
• سوف يركز مؤتمر لندن -المقترح- على تقديم الدعم المالي والاقتصادي وغيرها من الوسائل الاقتصادية الأخرى.
• اتصل رئيس الوزراء البريطاني برئيس الوزراء الإسرائيلي تلفونياً قبل عشرة أيام وعبر أولمرت عن عدم معارضته لفكرة براون.
• التسريبات الإسرائيلية تقول بأن أجندة مؤتمر لندن ما تزال غير واضحة، ولكن لما كانت لندن قد عارضت بشدة عقد مؤتمر موسكو وخطط موسكو بالنسبة للشرق الأوسط، فإن الهدف غير المعلن هو إفشال مؤتمر موسكو عن طريق القيام بإجهاض استباقي لأجندة موسكو.
• كلفت الحكومة البريطانية رئيس الوزراء غوردون براون بإعداد "خارطة طريق" جديدة تختلف عن خارطة الطريق الحالية بحيث تركز خارطة الطريق البريطانية على اعتبارات أن تمثل خارطة الطريق "إعادة التعمير الاقتصادي" ليتم تطبيقها جنباً إلى جنب مع الخارطة الأمريكية.
عموماً، بالنسبة لزيارة بوش يمكن الإشارة إلى الملاحظة التالية:
نقطة البدء في زيارة بوش هي إسرائيل، وتقول تسريبات الصحافة البريطانية، وتحديداً صحيفة صندي تايمز، أن الإسرائيليين قد أعدوا العدة من أجل إجراء صفقة مع بوش تتعلق بالاتفاق على الخيارات المطروحة من أجل ضرب إيران. ويقول عوزي ماهنايمي، مراسل الصحيفة في إسرائيل، بأن كبار ضباط الاستخبارات الإسرائيلية والمسؤولين الأمنيين الإسرائيليين سوف يقدمون للرئيس بوش آخر وأحدث المعلومات الاستخبارية الرئيسية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني. إضافة إلى ذلك، سوف يقوم هؤلاء المسؤولون بتزويد الرئيس بوش بالخطط المناسبة لتدمير البرنامج النووي الإسرائيلي.
سوف يركز الإسرائيليون على تأكيد المزاعم الجديدة التي تحاول الالتفاف على تقرير المخابرات الأمريكية الأخير حول إيران، وذلك عن طريق اعتماد الإسرائيليين لصيغة ذرائعية جديدة تقول بأن إيران أوقفت بالفعل أنشطة تصنيع الأسلحة النووية في عام 2003م –كما ورد في التقرير الاستخباري- ولكنها عادت لاحقاً واستأنفت العمل، وبالتالي من الأفضل عدم الانتظار أو التأجيل إلى حين الحصول على معلومات استخبارية جديدة تؤكد حقيقة النوايا الإيرانية. وتأسيساً على ذلك، فإن تنفيذ الضربة العسكرية ضد إيران سوف يؤدي إلى:
• القضاء على البرنامج النووي الإيراني إن كان موجوداً.
• القضاء الوقائي على احتمالات تطوير إيران في المستقبل للأسلحة النووية.
وأشار مراسل الصندي تايمز البريطانية إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أعدت تقريراً جديداً يتضمن الكثير من المعلومات الجديدة حول البرنامج النووي الإيراني، وأضاف المراسل بأنه لا توجد أي تسريبات إسرائيلية حول هذه المعلومات الجديدة، وعلى ما يبدو أن الهدف من ذلك هو محاولة استغلال عنصر المفاجأة في دفع بوش من أجل الاقتناع والموافقة الكاملة على المواقف الإسرائيلية إزاء إيران. كذلك هناك تكهنات تقول بأن الإسرائيليين قد يحاولون المناورة في ملف إيران وعقد صفقة مع بوش تقوم على أساس اعتبارات تنفيذ الضربة العسكرية ضد إيران مقابل تقديم إسرائيل لبعض التنازلات في ملف عملية سلام الشرق الأوسط.
هذا بالنسبة لإيران أما بالنسبة للكويت فإن اكتفاء بوش باللقاء مع "وفد نساء الكويت" بدلاً من سمو أمراء وشيوخ الكويت الداعمين لأمريكا هو أمر ينطوي على دلالة كبيرة تتعلق بالضغط على السلطات الكويتية من أجل تعديل القوانين والدستور الكويتي بما يتطابق مع توجهات النساء الكويتيات. وعلى ما يبدو، فإن "المشهد المذل" للزعماء الكويتيين ما كان ليحدث لولا أن الكويت قد أصبحت بالكامل واقعة أرضاً وسيادة تحت سيطرة القوات الأمريكية وبالتالي فإن الرئيس بوش قد أصبح في موقف الذي بيده أن يفعل ما يريد طالما أنه سيطر على كل شيء، وبالطبع إن أراد شيئاً من السلطات الكويتية فالسفير الأمريكي موجود ويستطيع القيام بتنفيذ ما يقرره بوش.
يقولون "البلد برجالها" ولكن بوش يتصرف مع الكويت على غرار قاعدة "البلد بنسائها!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد