قمة الثـماني: أقـل الزعمـاء شـعبية يقـررون مصيـر الملايين

ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، والاحتباس الحراري، مسألتان ستهيمنان على قمة مجموعة الثماني، التي تبدأ أعمالها اليوم الاثنين في بلدة توياكو اليابانية، لتبدو القمة اقتصاديةً بامتياز، لكن ما يميّزها هذا العام هو أنها لن تكون قمة لأقوى زعماء العالم، وإنما لأقلهم شعبيةً، أو ما يسمى »البطات العرجاوات«.
فمضيف القمة رئيس الوزراء الياباني ياسو فوكودا تراجعت شعبيته إلى مستويات كارثية لا تتجاوز العشرين في المئة، ويبدو عاجزا عن الحكم بسبب هيمنة المعارضة على البرلمان، فيما يغادر الرئيس الأميركي جورج بوش البيت الأبيض في الخريف المقبل، مخلفاً وراءه حروباً في العراق وأفغانستان، جعلت من شعبيته، لا بل شعبية بلاده، في أدنى مستوياتها.
بدورهما، يعاني رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من تدهور شعبيتيهما، بينما تجد المستشارة الالمانية انجيلا ميركل صعوبة في العثور على شريك لانتخابات العام ،٢٠٠٩ فيما يقود رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، حكومة أقلية.
وإذا كان الباحث في جامعة تورونتو جون كيرتون قد اكتفى بوصف القمة بأنها »قمة البطات العرجاوات«، فإن المحلل الاقتصادي في معهد »ان لي آي« الياباني كويشي هاجو، اعتبر انه »سيكون من الصعب على قادة القمة إعلان إجراءات مهمة.. بسبب افتقارهم إلى القدرة على التأثير«.
ومع ذلك، من المقرر أن يبحث المؤتمرون مسائل تمسّ مصائر ملايين البشر، أهمها ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، إلى جانب مسائل سياسية، كالأزمة في زيمبابوي وبرنامجي كوريا الشمالية وإيران النوويين.
ويشارك في القمة زعماء بريطانيا، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، واليابان، وإيطاليا، وروسيا والولايات المتحدة، إضافة إلى زعماء نحو ١٥ دولة أخرى، بينها الصين والهند والبرازيل واستراليا، وثماني دول افريقية. وستكون القمة الأخيرة لبوش، والأولى لفوكودا وبراون والرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ورئيس كوريا الجنوبية لي ميونغ ـ باك.
وعشية القمة التي تعقد في منتجع جبلي فاخر في جزيرة هوكايدو وتستمر على مدى ثلاثة أيام، دعا فوكودا، في مؤتمر صحافي مع بوش، إلى »القيام بجهود عاجلة لمعالجة الارتفاع القياسي في أسعار النفط والأغذية« التي »تؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي«، مضيفاً أنه بحث مع بوش ملفي كوريا الشمالية النووي والمساعدات المخصصة لأفريقيا.
من جهته، أقرّ بوش بأن اقتصاد بلاده »لا ينمو بالقوة التي نريد.. ونحن لسنا أقوياء بقدر ما كنا عليه، خلال جزء كبير من فترة حكمي«.
وقالت ميركل إن المجتمعين سيتفقون على إجراءات »لتخفيف وطأة الأزمة الغذائية على المدى القصير«، ودرس »استراتيجية طويلة المدى لزيادة الإنتاج الزراعي العالمي«، فيما أعرب ساركوزي، في حديث لصحيفة »يوميوري شيمبون«، عن أمله في أن تشجع مجموعة الثماني على »الشفافية« في سوق النفط »عبر مطالبتها الدول المنتجة بالكشف عن عرضها النفطي واحتياطاتها، وتلك المستهلكة بالكشف عن مخزوناتها«.
وفي الفاتيكان، دعا البابا بندكت السادس عشر المشاركين في القمة، إلى »التركيز على حاجات السكان الأكثر فقراً«.
أما مسألة التغيرات في المناخ، فستكون محور أبحاث »شاقة» في اليوم الأخير للقمة، أو الأربعاء المقبل، حيث يتوقع أن يتعهد الزعماء ببذل جهود لخفض الانبعاثات الضارة بالبيئة إلى النصف، بحلول العام ،٢٠٥٠ بعدما اتفقوا في العام الماضي على »التفكير جدياً» بهذا الهدف. وأعلن بوش أنه سيقوم بدور »بنّاء» في هذا المجال، لكنه أضاف أن »المشكلة لن تُحل» من دون انضمام الهند والصين، إلى اتفاق طويل المدى في هذا الصدد، وهو ما أعاد التشاؤم بشأن إمكان تحقيق انفراجة ما.
ولعل ابرز اللقاءات التي ستجري على هامش القمة، ذلك الذي سيجمع مدفيديف ببوش اليوم، حيث يتوقّع أن يطالب الرئيس الروسي نظيره الأميركي بترجمة وعوده إلى أفعال، بشأن مشروع الدرع الصاروخية »المزعج»، على حد تعبيره، ومعاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية التي تنتهي صلاحيتها في العام ،٢٠٠٩ والتي وصف الكرملين الاقتراحات الاميركية الأخيرة بشأنها بأنها »فارغة».
وكما في كل عام، تزامناً مع انعقاد القمة، خرج آلاف المناهضين للعولمة في تظاهرة »كانت هادئة عموماً» في مدينة سابورو المجاورة لتوياكو، وسط انتشار كثيف لرجال الشرطة (٢٠ ألف عنصر)، التي اعتقلت أمس الأول أربعة أشخاص، بينهم مصور صحافي، خلال مواجهات مع المتظاهرين، الذين كانوا يهتفون »فلتسقط الامبريالية».

المصدر: وكالات