المشجعون العرب.. الوطن أولاً والسياسة ثانياً
مع اقتراب مرحلة الحسم في مونديال جنوب أفريقيا بتحديد الدول التي تأهلت إلى دور الثمانية أو ربع النهائي، وبعد خروج ممثل العرب الوحيد في البطولة من الدور الأول، مازال للعرب عشاق الكرة المستديرة "منتخباتهم" التي يشجعونها.
العرب، كغيرهم من الشعوب التي مازالت تنتظر أن يفوز منتخب عربي ببطولة كأس العالم، وإلى أن يتحقق ذلك فهم سيواصلون تشجيع "منتخباتهم" غير الوطنية في المونديال الحالي.
ثمة ملاحظة جديرة بالاهتمام فيما يتعلق بالتشجيع العربي "لمنتخباتهم غير الوطنية"، ففي جلسة ضمت عدداً من الأخوة العرب من شمال أفريقيا وبلاد الشام، لوحظ انقسام كبير في طرق التشجيع بين عرب أفريقيا وعرب آسيا، رغم وجود تقارب من حيث المبدأ في هذا التشجيع.
الملاحظة بالتأكيد تتعلق بالشق السياسي من التشجيع الرياضي، ذلك أن الرياضة لا يمكن عزلها عن السياسة بالنسبة لكثير من الناس، رغم ما يقال إنها تذيب الفوارق بين الشعوب.
في تلك الجلسة، كان لعرب شمال أفريقيا موقف ومبدأ ثابت نسبياً، فالجزائري والتونسي والمصري اتفقوا على فكرة أساسية واحدة، وهي تشجيع المنتخب الوطني أولاً، ثم العربي، وبعده الأفريقي، وذلك عندما تلعب ضد منتخبات لاتينية أو أوروبية أو آسيوية أو أمريكية شمالية.
هذا الأمر يتناقض مع الأشقاء في بلاد الشام والعراق، طبعاً مع استثناء للبنان، الذين لهم أسبابهم بحكم وجود أقارب لهم في دول المهجر.
عرب بلاد الشام والعراق، يأخذون البعد السياسي في تشجيعهم للمنتخبات المشاركة في بطولات كأس العالم على محمل الجد، إذ يأتي تشجيعهم أولاً لمنتخباتهم الوطنية، وحيث أنه لم يتأهل سوى منتخب العراق لنهائيات كأس العالم في وقت مضى، فإنهم بالضرورة يتوجهون لتشجيع المنتخبات العربية الأفريقية أولاً، ثم العربية الآسيوية.
الأشقاء العرب الآسيويون ركزوا على أنهم يشجعون "المنتخبات غير الوطنية" بناء على موقفها من القضية الفلسطينية، فهم في السابق كانوا يشجعون أي منتخب من دول الكتلة الشرقية، أي الاتحاد السوفيتي والدول الحليفة، ثم الصين، وكان هذا التشجيع على حساب منتخبات عربية "في بعض الأحيان."
ومع اختفاء المعسكر الشرقي، أصبح تشجيعهم يصب باتجاه الدول الكروية العظمى، كالبرازيل وإيطاليا والأرجنتين، بالطبع ضد إنجلترا وألمانيا وهولندا.
حالياً، يقولون إنهم مستعدون لتشجيع أي دولة لاتينية "يسارية" في مواجهة أي دولة أخرى، وذلك بسبب مواقفها الحالية من القضية العربية المركزية، على حد قولهم، أي القضية الفلسطينية.
ومن هنا فإن العدو الأول الذي يجب أن يخسر هو الولايات المتحدة وإنجلترا وهولندا وألمانيا.
أما الآن فهم مشتتون في تشجيعهم، فهناك من يشجع البرازيل، وآخرون يشجعون الأرجنتين، والبعض يشجع ألمانيا، بينما يشجع البعض الآخر.
على عرب آسيا وأفريقيا يجمعون حالياً على تشجيع غانا للانتقال إلى الدور نصف النهائي، وأغلبهم يشجع البرازيل، البعض بسبب مواقفها السياسية، وتحديداً رئيسها، دا سيلفا من القضية الفلسطينية، والآخرون بسبب كونها قوة كروية عظمى.
ملاحظة أخيرة، إن تداخل السياسة مع الرياضة ليس حكراً على العرب أو على مواقف معينة، فإلى جانب استخدام مصطلحات رياضية في عالم السياسة من مثل "الكرة في ملعب الآخر"، برز تصريح وزير الخارجية الإيرانية، منوشهر متقي، الأربعاء، الذي قال فيه إن الدول التي شاركت في صياغة القرار 1929 والذي يطالب بفرض عقوبات بحق إيران، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، خرجت من الدور الأول والثاني من بطولة كأس العالم الجارية حالياً، إلى جانب دول أخرى صوتت مع القرار.
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد