مـوسـكـو تنـتـقـد تأخـر تطـبـيـق الإصلاحـات والغرب يصعد هجومه بالتزامن مع حسم الجيش السوري
أعلنت دمشق أمس أنها ردت على مقترحات الموفد الدولي والعربي إلى سوريا كوفي أنان «بطريقة توضيحية تبين رؤيتها «لتطبيق المقترحات لحل الأزمة، مؤكدة أنه «إذا كانت النوايا مساعدة سوريا، فسوريا ملتزمة بالانخراط بإيجابية» مع مهمة انان الذي اوضح مع ذلك انه لا يزال ينتظر «إجابات» اخرى على مقترحاته التي قدمها الى الرئيس بشار الأسد، على ان يقدم غدا الجمعة الى مجلس الامن الدولي اولى نتائج مهمته في سوريا.
في هذا الوقت، اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما ان «الحديث عن تدخل عسكري في سوريا سابق لأوانه، وقد يؤدي الى حرب أهلية والمزيد من القتلى»، لكنه اعتبر ان خروج الأسد من السلطة مسألة وقت، فيما اعلن رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون ان «ما نريده هو السبيل الاسرع لوقف المجزرة. اي العملية الانتقالية بدلا من الثورة او الحرب الاهلية. لكن إن استمر الأسد فإن النتيجة ستكون الحرب الاهلية والثورة».
وفيما انتقدت موسكو الاسد بسبب «التأخر الكبير» في تطبيق الاصلاحات، وحذرت دمشق من خطر تفاقم الازمة في حال لم يصغ النظام لنصائح حليفه الروسي، نفذت القوات الحكومية عمليات لإحكام سيطرتها في مدينتي درعا وإدلب، وذلك عشية الذكرى السنوية الأولى لاندلاع الاحتجاجات.
وقامت السعودية بإغلاق سفارتها في دمشق. وقال مسؤول في وزارة الخارجية السعودية انه «نظرا لتطور الأحداث في سوريا، قامت السعودية بإغلاق سفارتها في دمشق وسحب كافة الدبلوماسيين والعاملين فيها».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية والمغتربين جهاد مقدسي، إن «مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا كوفي أنان قدم خلال زيارته الى سوريا مقترحات، بلا (من دون) ورقة لتبادل الرؤى حولها، وكانت أجواء الرد السوري بتقديم لا ورقة عليها، نعتقد بأنها موضوعية للغاية وتوضيحية الطابع لكيفية تنفيذ المقترحات الأولية».
وأضاف مقدسي، في لقائه مع عدد من مراسلي وكالات الأنباء في مقر وزارة الخارجية في دمشق، «نحن ملتزمون بإنجاح مهمة أنان على أن تتناسب مع الخصوصية السورية، وهذا أمر يتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية أيضا، وخاصة تلك الجهود المعرقلة للحل السياسي والتي تحرض وتدعو لتسليح الداخل السوري لصب الزيت على النار». وأكد أن «الحلول المطروحة للأزمة السورية لا يمكن أن تكون مستوردة، ونحن نشجع انان على استكمال مشاوراته ونتمنى له النجاح وحشد كل الجهود لإحلال التهدئة التي يجب على الجميع الإيمان بأن الوصول إليها يكمن في الانخراط بالاصلاح والحوار».
وتابع مقدسي إن «كل من يدعو للتسليح يعرقل مهمة أنان، وإن نجاح مهمته يتطلب تضافر جهود الجميع، وإن العبرة تكمن في التفويض الممنوح لأنان ومدى تعاون الآخرين معه، ونحن مستعدون للترحيب بأية مبادرة تساعد على الحل السياسي»، موضحا أن «ما يجري في بعض المناطق هو علاج أمني وليس حلا سياسيا، لأن الجيش هو في حالة الدفاع عن النفس»، مشيرا إلى أن «وجود المجموعات المسلحة على الأرض بات موثقا بتقارير دولية وحقيقة لا يمكن إنكارها».
وعن نوعية الحل السياسي المطروح، قال مقدسي إن «الحل السياسي يعني المشاركة بالوطن، وأن يكون الفيصل بين الجميع هو صندوق الانتخابات، ونرحب بكل من يؤمن بالحوار ويرفض التدخل الخارجي، ونأمل بأن يقتنع كل من يرفض الحوار بأن الطريق للخروج من الأزمة هو فقط الجلوس حول طاولة الحوار ونبذ التخريب»، مؤكدا أن «الرئيس بشار الأسد هو ضامن الحوار والمتحاورين تحت سقف هذا الوطن».
وحول المساعدات الإنسانية، اعلن مقدسي انه «يوجد التزام سوري سياسي وإنساني على اعلى مستوى في إيصال المساعدات الإنسانية، وإن سوريا اتفقت مع الأمم المتحدة خلال زيارة وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية فاليري آموس الى سوريا وبابا عمرو في حمص على آلية معينة لتقييم وتقديم المساعدات بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتنسيق مع الحكومة السورية بما يحفظ سيادتها».
وعن موقف دمشق من لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية، قال مقدسي إن «ما جرى بينهم هو نقاط التقاء يأملون في الذهاب بها إلى مجلس الأمن وليس اتفاقا، ونحن نرحب بأي مبادرة بناءة تساعد على الحل السياسي، لكن التفاصيل أمر مهم للغاية لضمان حسن التنفيذ والتأكد من النيات». وأضاف «إن سوريا استقبلت المبعوث الصيني ورحبت رسميا بالمبادرة، وسنرحب ونتعاون إيجابيا مع أي جهود أو مبادرات بناءة، وإن ما يهمنا في نهاية المطاف تحييد القوى السلبية والتركيز على ما هو إيجابي ويساعد على تحقيق الانفراج المرجو».
وأعلنت الامم المتحدة ان انان تلقى ردا من السلطات السورية على المقترحات التي قدمها للاسد الاحد الماضي، الا انه لا يزال ينتظر المزيد من الاجابات على اسئلته.
وقالت الامم المتحدة، في بيان، ان «الموفد الخاص الى سوريا كوفي انان تلقى الآن ردا من السلطات السورية»، مضيفا ان «انان لديه اسئلة وينتظر اجابات، ونظرا الى الوضع الخطير والمأساوي على الارض، على الكل ان يدرك ان الوقت يضيق».
وقال دبلوماسيون، في نيويورك، ان انان سيعرض غدا الجمعة امام مجلس الامن الدولي اولى نتائج مهمته في سوريا، وذلك عبر دائرة فيديو مغلقة من جنيف.
من جهته، حث الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، في نيويورك، مجلس الامن على «اعتماد قرار على الفور يدعو الى انهاء العنف وتقديم مساعدات انسانية الى المحتاجين لها في سوريا، وإلى بدء حوار وطني بين النظام والمعارضة». وقال «لا يمكن ان نستمر على هذا المنوال. كلما طال النقاش وكلما طال الانتظار يسقط المزيد من القتلى بالمئات او بالآلاف ولا مجال لاضاعة الوقت».
واعتبر ان صدور قرار عن مجلس الامن يطالب بوضع حد لاعمال العنف سيكون له تأثير على «النفسية السياسية» لبشار الأسد. وتابع ان القوات السورية النظامية «التي استخدمت العنف بشكل مفرط ضد المعارضين يجب ان تكون البادئة بوقف اطلاق النار قبل الجماعات المسلحة من المعارضة». وقال «اذا كان بشار الاسد يعتقد ان في إمكانه انتظار مرور العاصفة، فهو يرتكب خطأ جسيما. لقد تمادى كثيرا».
وقال اوباما، في مؤتمر صحافي مشترك مع كاميرون في واشنطن، «في الوقت الذي يستمر فيه النظام وقوات الامن بتسجيل عمليات انشقاق، تزداد قوة المعارضة اكثر فأكثر. بشار الاسد سيترك الحكم». وأضاف «المسألة ليست في معرفة ما اذا كان سيرحل بل متى. وتحضيرا لذلك اليوم سنواصل دعمنا للخطط التي تدعم التطلعات المشروعة للشعب السوري». وأعلن ان «الحديث عن تدخل عسكري في سوريا سابق لأوانه، وقد يؤدي الى حرب اهلية ومزيد من القتلى».
وقال كاميرون «ما نريده هو السبيل الاسرع لوقف المجزرة. اي العملية الانتقالية بدلا من الثورة او الحرب الاهلية. لكن ان استمر الاسد فإن النتيجة ستكون الحرب الاهلية والثورة».
وأضاف «علينا مواصلة أقصى درجات الضغط تحضيرا لهذه العملية الانتقالية والعمل لبلوغ الهدف نفسه خصوصا (صدور) قرار جديد في مجلس الامن الدولي». وتابع «ما هو الاكثر إلحاحا في سوريا هو نقل مساعدة انسانية الى الذين يحتاجون اليها، ونعمل على ذلك. ان بريطانيا التزمت بدفع مليوني جنيه استرليني اضافي للمواد الغذائية والمساعدة الطبية». وحذر كاميرون «زعماء سوريا من أن حملتهم القمعية يمكن ان تعرضهم لمحاكمات تتعلق بارتكاب جرائم حرب»، معتبرا ان «القانون الدولي ذراعه طويلة وذاكرته ممتدة في ما يتصل بانتهاكات حقوق الانسان».
وأدان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الرئيس السوري ، لكنه استبعد أي احتمال لتدخل فرنسا عسكريا في سوريا مثلما فعلت في ليبيا. وشدد «على ضرورة الوصول إلى وسيلة لفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية للشعب السوري»، مشيرا إلى «أهمية إيقاف الفيتو الروسي - الصيني في مجلس الأمن». وأضاف أن «الجيش الفرنسي لا يمكن بأي حال أن يتدخل في سوريا من دون دعم وتفويض من مجلس الأمن».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال جلسة اسئلة وأجوبة في مجلس الدوما (البرلمان)، ان «جميع نصائحنا للأسف لم تترجم بأفعال، ولم تطبق في الوقت المطلوب». وأضاف ان نظام الأسد «اعتمد اصلاحات جيدة من شأنها تجديد النظام والانفتاح على التعددية، ولكن ذلك تأخر كثيرا».
وأكد لافروف ان «اقتراح بدء حوار وطني في سوريا جاء أيضا متأخرا»، مشيرا الى ان هذا «الجمود يمكن ان يبتلع الجميع في النهاية». وأكد «هدفنا هو تحقيق السلام في سوريا وإنقاذ أرواح وتفادي انفجار طائفي في منطقة الشرق الاوسط، قد يطال العراق وإيران». وتابع «انها دولة هشة، وإذا تمت زعزعتها فقد ينهار كل الهرم».
وأكد لافروف ان روسيا تفعل كل ما بوسعها لمحاولة حل النزاع وأنها ما زالت تملك قدرة على التأثير على النظام السوري. وقال «ان طرف النزاع الذي نملك تأثيرا عليه هو حكومة بشار الأسد»، مضيفا ان موسكو لا تدافع عن «النظام السوري بل عن الحق، عن حق السوريين السيادي في تقرير خيارهم بأنفسهم بطريقة ديموقراطية».
وتابع ان «الشعب هو الذي يقرر من يجب ان يكون في السلطة في سوريا»، مكررا معارضة موسكو لأي تدخل من الامم المتحدة «كما حصل بالنسبة الى ليبيا». وتابع «اننا نؤيد وقف إطلاق نار فوريا وبالتنسيق مع جميع الاطراف تحت إشراف دولي حيادي». وأكد ان الاسلحة التي تواصل روسيا بيعها لسوريا لا تستخدم ضد المدنيين.
وقال رئيس الوزراء الصيني ون جياباو، في مؤتمر صحافي في ختام الاجتماع السنوي للبرلمان، «الصين ليس لديها مصالح خاصة في قضية سوريا، والصين لا تسعى لحماية اي طرف بما في ذلك حكومة سوريا». وأضاف «وسط التغيرات التي يمر بها العالم العربي أعتقد ان موقف الجانب الصيني سيلقى تفهم وثقة الدول العربية وفي نهاية المطاف ستتعزز العلاقات بين الصين والدول العربية». وحث «جميع الأطراف في سوريا على وقف الهجمات على المدنيين»، مشددا على ان «الصين تحترم المطالب المعقولة للشعب السوري من أجل التغيير».
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان الموفد الصيني الى سوريا زانغ مينغ، الوزير المساعد للشؤون الخارجية، سيلتقي في باريس اليوم مسؤولين في قصر الرئاسة وفي وزارة الخارجية بباريس. وأوضح مساعد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال ان «فرنسا تستقبل باهتمام هذا المندوب عن الحكومة الصينية الذي سيتم تذكيره بالحاجة الملحة للتوصل الى حل انساني» و«بالحاجة الملحة لوقف القمع» و«بالحاجة الملحة لإيجاد حل سياسي».
ومع حلول الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات اليوم، اجتاح الجيش بعض معاقل المعارضة وشن هجمات متكررة على مواقع أخرى هذا الأسبوع وطرد المسلحين من مدينة إدلب، ودفع بتعزيزات الى مدينة درعا. وقال نور الدين العبدو، من المكتب الاعلامي «لمجلس قيادة الثورة في إدلب» ان «المعارك توقفت، الجيش السوري الحر انسحب، والجيش النظامي اقتحم كل المدينة وفتش كل البيوت بيتا بيتا». وذكرت صحيفة «الوطن» ان «وحدات الجيش وحفظ النظام والأمن أنهت عمليات تمشيط الأحياء الوسطى والشمالية من مدينة إدلب حيث تتركز أغلب المجموعات المسلحة». ونقلت عن مصدر مسؤول قوله انه «ألقي القبض على عشرات المسلحين والمطلوبين خلال محاولتهم الهروب من المدينة متنكرين باللباس النسائي».
وذكرت «سانا» ان الخسائر التي ألحقتها «العناصر الارهابية المسلحة» بالبنى التحتية لحي بابا عمرو في حمص بلغت ملياري ليرة سورية (33،5 مليون دولار أميركي).
وأعلنت السلطات السورية انها ألقت القبض على مرتكبي «مجزرة كرم الزيتون» في حمص التي اودت بحياة حوالي 50 امرأة وطفلا، وقالت المعارضة انها من صنع قوات النظام بينما اتهمت دمشق «مجموعات ارهابية مسلحة» بها. وذكرت وكالة الانباء السورية (سانا) ان «مجموعات ارهابية مسلحة ارتكبت مجزرة في حي كرم اللوز في حمص أودت بحياة 15 شخصا بينهم امراة وأطفالها الاربعة». ووقع الحادث الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام الحكومية في حمص في حي تسكنه أغلبية علوية.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد