مبادرة سلام أوروبية وفتور أمريكي
عكست مبادرة السلام حول الشرق الأوسط التي تقدمت بها اسبانيا وفرنسا وإيطاليا أمس، رغبة أوروبية للإشراف على ملف السلام في المنطقة، ورسالة صريحة الى الادارة الاميركية لحثها على إفساح المجال أمام مقاربة جديدة للتعامل مع القضايا الإقليمية، خاصة بعد هزيمة الجمهوريين في الكونغرس والتخبط الاميركي في العراق والحديث عن إستراتيجية جديدة لواشنطن في المنطقة.
ولم تكد تولد المبادرة الأوروبية حتى سارعت اسرائيل الى رفضها متعاملة معها بما يمثل الاحتقار بوصفها غير موجودة، فيما رفضتها واشنطن بلباقة، خاصة ان التحرك الاوروبي المرتكز على خمسة عناصر والساعي الى إقناع لندن وبرلين بمباركته لاحقا، يعيد الحديث عن قوات دولية في غزة تكون قوات اليونيفيل العاملة في لبنان نقطة انطلاقها.
وعلى هامش القمة الفرنسية الاسبانية التاسعة عشرة في منطقة خيرونا الاسبانية، قال رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو إن المبادرة الاسبانية الفرنسية الايطالية ترتكز على عقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط وتبادل للأسرى يشمل الأسيرين لدى حزب الله، إضافة الى محادثات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس ومهمة دولية في غزة مماثلة للقوة المنتشرة في لبنان.
وأضاف ثاباتيرو في مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، إن مقدمي هذه المبادرة يطالبون أيضا بتشكيل حكومة وحدة وطنية في فلسطين. واعتبر انه ينبغي ان ننتهي من كل هذا العنف، مضيفا نريد تطبيق مبادرة مشتركة للوضع في الشرق الأوسط وتمريرها على مستوى الاتحاد الاوروبي مع ألمانيا وبريطانيا بشكل أساسي، خاصة انه سيتم عرض هذه المبادرة على برلين ولندن قبل رفعها الى مجلس أوروبا في كانون الأول المقبل.
من جهته، رأى شيراك ان الاتحاد
الاوروبي لا يمكن ان يبقى مكتوف الأيدي أمام الوضع المأساوي الذي يزداد مأساوية في الشرق الأوسط، وفلسطين خصوصا. وأَضاف سنتولى قيادة عمل مشترك مع الحكومة الاسبانية والحكومة الايطالية بمساعدة الاتحاد الاوروبي.. في محاولة لإجراء إصلاحات معنوية وسياسية لا بد منها في الشرق الأوسط.
وفي روما، قال رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي الذي تشاور هاتفيا مع ثاباتيرو وشيراك، ان تفاصيل المبادرة ستعلن في الأيام المقبلة. وأَضاف اعتقد ان الدول الأوروبية الموجودة في المنطقة عليها الالتزام بالبحث عن سبيل للخروج من الموقف الحالي والاستعداد لإعداد عملية سلام، مشيرا الى ان المبادرة ستستخدم وجود القوات الدولية في مهمة اليونيفيل في لبنان كنقطة انطلاق.
كما اعتبر أن التواجد الإيطالي في لبنان يسمح لنا بالقيام بدور للمصالحة في أرجاء المنطقة.
وفيما أعربت الحكومة الاسبانية عن الأمل في ان توافق اسرائيل على المبادرة، سارعت تل أبيب الى رفضها جملة وتفصيلا. وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الاسرائيلية ان المبادرة غير موجودة. وإعلان ثاباتيرو متسرع. وأضاف نلاحظ ان تصريحات ثاباتيرو مختلفة من تلك التي أدلى بها شيراك.. ففي حين يتحدث شيراك عن مبادرة أوروبية، يتحدث ثاباتيرو عن وقف أعمال العنف وتبادل الأسرى وعن مؤتمر دولي. وعلينا ان نسجل جيدا هذه الفروقات.
وتابع المسؤول الإسرائيلي سنرى ما إذا كان (ثاباتيرو) سينجح في إقناع الفلسطينيين بوقف إطلاق الصواريخ على اسرائيل. وأشار الى موضوع الأسرى قائلا ان المصريين يعملون على ذلك منذ حزيران. ولماذا لم يقدم ثاباتيرو مقترحات قبل الآن؟. كما اعتبر ان مسالة عقد مؤتمر دولي، فكرة رفضها اولمرت خلال زيارته للولايات المتحدة، مضيفا انها مبادرة لا معنى لها.
وقد أبدى الموفد الاوروبي الخاص الى الشرق الأوسط مارك اوتي تحفظه على المبادرة. وقال لا بد من الحذر بشأن هذه المبادرة حتى نرى ما مدى شرعيتها في الإطار الاوروبي. وأضاف انه لم تتم مناقشة مثل هذه المبادرة على المستوى الاوروبي وينبغي ان تستجيب أولا للتوقعات الاسرائيلية والعربية لكي تكون فاعلة وقابلة للتنفيذ.
في واشنطن، قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة لا تملك أي تفاصيل حول المبادرة وإنها لا تزال ملتزمة بخطة خريطة الطريق.
في مقابل ذلك، رحبت الرئاسة الفلسطينية بالمبادرة. وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة نرحب بفكرة عقد مؤتمر دولي للسلام... نرحب بأي جهود دولية لإحياء عملية السلام وتطبيق خطة خريطة الطريق.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد