«مهرجان لندن السينمائي».. بانوراما باهرة للفيلم العربي
حشدت الدورة الـ57 (9 ـ 20 تشرين الأول 2013) لـ«مهرجان لندن السينمائي» اثني عشر فيلماً عربياً دفعة واحدة، منها «فرش وغطا» للمصري أحمد عبد الله في مسابقتها الرسمية. هذه خطوة غير مسبوقة، إذ كنا نتحسّر، قبل عقد، على قلّة المَعرُوض العربي، ونبقى في جدل مع الراحلة شيلا ويتكر، مسؤولة برنامج «سينما العالم» في «مهرجان دبي السينمائي»، خلال فترة إدارتها اللندنية (1987 ـ 1996)، حول عناوين ومواهب عربية شابة تستحق أن تشعّ قصصها على شاشات العاصمة البريطانية. حضرت ويتكر خلال الإعلان عن برنامج الدورة التي انطلقت أمس، عبر تحية خصّتها بها المديرة الأسترالية الجديدة كلير ستيوارت، كاشفة عن أكبر تظاهرة للفيلم العربي، كانت ويتكر مع طاقم خاص يعدون لها ضمن برمجة «دار الفيلم البريطاني»، الواقع على الضفة الجنوبية لنهر الـ«تايمز»، عنوانها «اكتشاف السينما العربية»، هدفها تسليط الضوء على الجيل الجديد ونظراتهم وقناعاتهم ومواهبهم.
تنطلق فعاليات «مهرجان نور للفنون»، الذي يحتضنه «متحف ليتون هاوس» العريق لمدّة شهر كامل، ويعرض ضمن باقته المتنوّعة جديد الإيطالي ـ العراقي الأصل حيدر رشيد «مطر وشيك»، الذي يُجادل مفاهيم الهوية والأصول وشرعية وجود الغريب، بالإضافة إلى 11 فيلماً قصيراً، وتحية خاصة بالفيلم الكردي، وتنظيم الدورة الرابعة لـ«مهرجان الفيلم الإيراني». إلى ذلك، يساهم «المركز العربي البريطاني» بعروض سينمائية على مدار العام، مشكّلة بمجملها بانوراما باهرة متعدّدة الأقطاب للفيلم العربي، معضلتها الأساسية تكمن في الفشل الإعلامي والدعائي في لندن الذي يصيب نشاطاتها بالإقصاء وقلّة شعبيتها، ويضفي عليها نخبوية غير مجدية.
يرصد «فرش وغطا» تحوّلات الخراب وفوضى السياسة التي عمّت مصر إثر اجتياح السجون خلال أحداث «ثورة 25 يناير» (2011)، عبر حكاية سجين مصري شاب (آسر ياسين) يجد نفسه مُطارَداً بين الأحياء الشعبية. فيما اختارت التونسية هند مضب في وثائقيها «الكترو شعبي» ظاهرة موسيقية تكتسح ذائقة شباب القاهرة. مواطنها عبد اللطيف كشيش سيسير مع ممثلتيه على السجادة الحمراء وسط حي «سوهو» لتقديم عمله الآسر «حياة إديل» («السعفة الذهبية» في مهرجان «كانّ»، أيار 2013)، عن علاقة حسّية بين شابتين باريسيتين. جديد السوري محمد ملص «سلّم الى دمشق» عن طالبة تصل إلى دمشق وتعيش قصة حب مع مخرج سينمائي شاب، والجزائري مرزاق علواش «السطوح» المكوّن من خمس حكايات تستشرف خبايا العاصمة وبشرها من فوق سقوف منازلها. أما الفلسطينيّ هاني أبو أسعد، فيعرض «عمر»، عن صراع ذاتي لشاب يسعى الجيش الإسرائيلي إلى تجنيده والوشاية بصديق عمره المقاوم، فيما تساجل مواطنته شيرين دعيبس في «مي في الصيف» رهانات شابة مسيحية تعود إلى الأردن لإكمال زيجتها من حبيبها المسلم. عن فلسطين، صوّرت البريطانية كلوي روثفن، ابنة ناشطي سلام في الأراضي المحتلة، في وثائقيها «فاعلو الخير» عودتها وعلاقتها بالشابة لبنى، لتقودها رفقتهما إلى طرح أسئلة حاسمة حول الضمير واستحقاقاته والاحتلال وضيمه اليومي. يشارك اللبناني أمين درّة بـ«غدي» (بطولة وكتابة الممثل الكوميدي جورج خبّاز)، حول يوميات مدرّس موسيقى مع ابنه الذي يعاني «متلازمة الداون»، وسعيه إلى تغيير النظرة الإجتماعية الإقصائية لهؤلاء المرضى. إلى ذلك، تشارك العراقية نجوى علي بفيلمها القصير «طيور نسمة»، عن علاقة صبية بحمام زاجل رعاه والدها قبل مقتله، فيما تروي نور واسي في «على السطوح» حكاية شاب يتّخذ من أعالي مباني ملجأ قبل أن تنقلب أيامه مع اكتشاف صديقته مكانه «السري». في خانة «تجريب»، هناك شريط فيديو عنوانه «من خليج إلى خليج إلى خليج» للهنديين شاينا أناند وأشوك سوكوماران، الذي أُنجز بتكليف من «مؤسّسة الشارقة للفنون»، شاركا به ضمن فعاليات بيناليها الأخير: سيرة مبتكرة عن القوارب العابرة بين شبه القارة الهندية وشواطىء دولة الإمارات العربية المتّحدة.
زياد الخزاعي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد