أبو مرزوق : الارادة الأمريكية ليست قدراً

20-05-2006

أبو مرزوق : الارادة الأمريكية ليست قدراً

الجمل : هل تتمكن «حماس» من إمساك العصا من الوسط, وهل تسمح أميركا والقوى الدولية بأن تفعل ذلك, وخصوصا أن الدوائر الأميركية بدأت بالتبشير أن حكومة «حماس» ستسقط بعد ثلاثة أشهر من الحصار.
سؤال ضمن مجموعة أسئلة طرحت على الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة في هذا الحوار:

ـ كيف تنظر حركة "حماس"  للحصار المفروض عليها؟
• "حماس" منذ انطلاقتها تواجه ظروفاً صعبة, والتفويض الشعبي لها, زاد مسؤولياتها في واقع عربي أقل ما يوصف أنه بحالة سيئة, وهذا القرار يتخذ بعيداً عن المنطقة حيال الكثير من القضايا الحيوية والإستراتيجية كدارفور والصحراء الغربية وغيرها, والعرب لا يجتمعون حول قرار يحفظ مصالحهم ويحمي حقوقهم, فما بالنا بالقضية الفلسطينية؛ التي يتداخل فيها الإقليمي والدولي بشكل كبير وعميق. اتفاقيات «أوسلو» أخذت جانباً من الشرعية الإقليمية والدولية, بحيث أعفت إسرائيل من مسؤوليات الاحتلال تجاه شعب تحت الاحتلال, وأصبحت احتلالاً نظيفاً, تمت تغطيته دولياً من خلال منح المساعدات. «حماس» لم توافق على هذه الاتفاقيات, ويحق للدول المانحة التخلي عن التزاماتها, لكن من حقنا المطالبة بعدم محاصرة «حماس» في سياستها ومعاقبة الشعب الفلسطيني على اختياره الحر.

ـ  لكن هناك أطرافاً عربية تشارك بشكل ما في هذا الحصار؟
• "حماس" ومنذ اليوم الأول لفوزها غيرت مرجعية القرار الفلسطيني,وبدل أن يكون في أميركا وأوروبا أصبح في المنطقة, ليصبح الدعم الأساسي من الأمة العربية والإسلامية, وقد لاقت منها تجاوباً وترحيباً شعبياً عارماً, كونها الحكومة الوحيدة المنتخبة في منطقتنا؛ بعض الحكومات لم يعجبها فوز «حماس», وللأسف شاركت في فرض الحصار عليها بصورة أو بأخرى, وأحياناً بشكل سري, إلا أن «حماس» تعرف تماماً أنه لولا المواقف الرسمية للبعض لكسر هذا الحصار, وأن الإرادة الأميركية ليست قدراً. وقد بذلت الحركة جهداً كافياً لإيفاء التزامات السلطة تجاه شعبها, لكن قرار أميركا وإسرائيل بفرض الحصار وتعاون البعض عقد وصول المساعدات, على أمل كسر إرادة الحكومة والشعب الفلسطيني؛ «حماس» لا يمكن أبداً تغيير مواقفها ولن ترضخ لهذه للضغوط لأن الشعب الذي صمد طوال مسيرته أمام كل ألوان الضغط والعسف لا يمكن أن يقايض حكومته الوطنية بلقمة الخبز, وسنبقى نقاوم.

ـ  حتى لو استمر هذا طويلاً؟
• نحن واثقون من أن هذا الوضع الشاذ سينتهي, وأميركا التي خاضت حروباً في أنحاء شتى من العالم, لم تحقق أي انتصار فيها, سواء فيتنام أو كوريا أو كمبوديا أو خليج الخنازير ولبنان والصومال... إلخ لذا على أميركا أن تفكر جيداً بالمعركة التي تقودها لتجويع الشعب الفلسطيني ولا يجب أن تتصور أنها قادرة على قهر إرادة شعبنا.
ـ كيف  قرأتم  الحملة الأخيرة التي شنتها السلطات الأردنية على «حماس»؟
*  لا تخفى على أحد أهداف هذه الحملة, وهي لم تأت بشكل عبثي, فقد تزامنت مع الضغوط وأيضاً مع حملة تأييد كبيرة لقيتها الحركة من قبل إيران وسوريا وغيرها. بدا محتوى الحملة الأردنية غريباً على أي محلل وسياسي, فقد اتهمت «حماس» بأنها تستهدف شخصيات وأمكنة إستراتيجية أردنية, رغم أن «حماس» حصرت معركتها في فلسطين, وهي لم تستهدف مواقع وجهات أردنية في مراحل سابقة كان يشوبها الخلاف, سواء حين طردت قيادات من «حماس» في العام 1995 وكنت بينهم مع عماد العلمي, ولا في العام 1999 حين طرد كل أعضاء المكتب السياسي. ثم كيف نهدئ تجاه العدو الصهيوني ونصعّد تجاه الأردن؟ وهل يعقل أن الحركة التي تنشد كسر الحصار وجذب التأييد أن تفتعل خلافاً مع الأردن, مع إدراكها أهمية الأردن بالنسبة الى الضفة الغربية في هذا الوقت؟ هل «حماس» على هذا المستوى من الغفلة لتفتح معركة مع المحيط العربي في حين تنشد دعمه؟ إن طرح الأمر بهذا الشكل وبالتالي بمنتهى الغرابة, لا يمكن أن يكون بريئاً.

ـ لكن تصريحات خالد مشعل في دمشق انعكست سلباً على الداخل الفلسطيني؟
• يكن لتصريحات الأخ خالد انعكاسات سلبية لا على «فتح» ولا على وحدة الشعب الفلسطيني, ولا على الحركة وشخصياتها وعلاقاتها, لسبب بسيط هو أن كل شيء كان مخططاً له ومفتعلاً, فالحراك الذي استقبلت به الكلمة كان موازياً ولم يكن رد فعل طبيعياً, وقد انتهى ذلك مع انتهاء ما كان مخططاً له, ولا أرى له ذيولاً الآن. ولا شك أن في الداخل أموراً لا ترضي شعبنا, فثمة من يضع العصي في دولاب الحركة, على مستوى غذاء المواطن وأمنه, وتحاول بعض الأطراف عرقلة أي توجه نحو انضباط الأمن, لقد طالبنا وما زلنا نقول بأن الجهد المبذول لكسر الحصار وإيصال الأموال للسلطة الفلسطينية ليس بالجهد الكافي, وعلى الجميع تحمل مسؤولياته تجاه هذا الوضع الشائك.
ـ كن الوضع الأمني في الداخل مثير للقلق؟

•  تم اتفاق بين رئيس الوزراء وابو مازن حول هذا الموضوع وللأسف بعد عدة تعديات ويستغرب موقف أبو مازن الأخير بالخروج عن التوافق الذي تم.
ـ كيف تقرأون نتائج زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى الأردن ؟
• لا خيار أمام دول المنطقة إلا أن تتحاور وتتوافق فيما بينها وأي نزاعات جانية لا يستفيد منها إلا أعداء هذه الأمة؛ إيران جغرافياً جارة للمنطقة لا يمكن التحدث عنها وكأنها موجودة في جزيرة نائية, ويجب أن يتم الحديث معها مباشرة, وأن تتوقف اتهامها التي تظهر بين الحين والآخر ليس لأنها غير حقيقية وحسب بل لأنها ظالمة, ليس لدينا شك التعاون بين ايران ودول المنطقة هو لمصلحة قضية فلسطين ودول المنطقة وإيران, ومواجهة أميركا لإيران في الملف النووي يصب في مصلحة إسرائيل, وهي لا تخدم حتى المصالح الأميركية, علينا فهم هذه المعادلة والتعامل على أساسها للوصول الى توافقات وترتيبات أمنية متعلقة بنا, ونبذ كل أنواع الخلاف, والتعاون في ما يخدم منطقتنا على مستوى الحكومات والشعوب.
ـ ألا تخشى حركة «حماس» أن تتحول الى ورقة ضمن اللعبة السياسية الإقليمية؟
• " حماس"تعمل في قضية مركزية للأمة العربية والإسلامية؛ قضية على مستوى العالمي ولا يمكن لأي طرف ذي أهمية في هذا العالم أن لا يلتفت اليها, وبالتالي «حماس» ليست كأي حركة والحكومة الفلسطينية ليست كأي حكومة, والجميع يعلم أن «حماس» لم تكن ورقة بيد أحد ولم تدخل في محاور أي صراع إقليمي أو دولي, وحكومة «حماس» أكدت قضية شعبها وعلى أهدافها في هذا الإطار, وسعت لبناء علاقات متوازية ومتوازنة بهدف جذب التأييد لشعبها وحققت نجاحات من دون أن تدفع ثمناً من موقف, ومن دون أن تقيد نفسها تجاه أي طرف, ومن الصعب أن تكون «حماس» ورقة عند أي نظام ولا في أي ظرف من الظروف, فقد أخذت مكانه باستقلاليتها وبدعم الشعوب العربية والإسلامية, ووقوف كثير من الأنظمة الى جانبها, لأن معظمها تتفق على القضية الفلسطينية. وبالتالي لا يمكن تفسير على أي محمل أنها ورقة قد تحترق في مرحلة من المراحل.
ـ هناك من يقول إن الحملة الأردنية على الحركة تضمنت من جملة ما تضمنته رسالة للإخوان المسلمين في الأردن الذين يدعمونكم هل هناك تنسيق معهم؟

• «حماس» حركة مقاومة إسلامية وتتواصل مع مختلف شرائح الأمة, ولا سيما الإسلامية منها, ونحن نفتخر ونعتز بصلاتنا وعلاقاتنا العميقة والمتينة بكل الحركات الإسلامية القومية والوطنية بمختلف توجهاتها في إطار: الأحزاب والمنظمات والنقابات والمجتمع المدني.
بعد فوز «حماس» في فلسطين ونيلها تفويضاً شعبياً كبيراً مع غياب تفويض مواز لأي حركة أو حكومة في الساحة العربية والإسلامية, ظهر تخوف لدى بعض الدول العربية من انعكاس هذا النجاح على الإسلاميين لديها, وهذا أحد أسباب ارتباك سياسات هذه البلاد في التعامل مع حكومة «حماس», في حين من المفترض قراءة فوز «حماس» بأنه فوز للدول العربية بمجملها. وبالنسبة الى الأردن موقف «حماس» هو الموقف الصامد الذي يحول دون المخططات الإسرائيلية في نقل القضية الفلسطينية بكل مكوناتها الى الساحة الأردنية عبر التهجير الذي يجري الحديث عنه, فالحصن هو موقف «حماس» ومقاومتها, وفيها مصلحة أردنية بكل تأكيد فلا يمكن لـ«حماس» التي تؤمن بتحرير كل فلسطين القبول بوطن بديل ولا شيء من هذا القبيل. وأيضاً فوز «حماس» هو فوز للسياسة الاستراتيجية المصرية, لأن أمن فلسطين من أمن مصر, ووجود حكومة مثل «حماس» في مواجهة المخططات الإسرائيلية هي أكبر ضمانة أمنية على الحدود المصرية. قضية الشعب الفلسطيني يجب أن توظف لمصلحة الكل العربي كما هي لمصلحة الشعب الفلسطيني.
ـ قلتم إن علاقتكم مع كل الحركات والأطراف الإسلامية متينة وعميقة. هل هي كذلك مع الأخوان المسلمين في سوريا؟¬
•  سياساتنا حيال جميع الدول العربية وليس فقط سوريا تقوم على عدم التدخل في شأنها الداخلي, ولا نتعاطى مع أي شيء له علاقة بذلك, وفي الوقت نفسه نحترم ونقدر سياسات أي نظام يتعامل معنا, ونحن ننشد التأييد من كل الأطراف سواء كانت متوافقة أو مختلفة فيما بينها على الساحة الواحدة, وسياستنا هذه يعرفها المسؤولون السوريون ونحن نقدر وقفتهم مع الشعب الفلسطيني بل أنها وقفة لا نظير لها في الساحة العربية والإسلامية.
فالقضية الفلسطينية في دمشق ليست قضية مرتبطة بمصالح موقتة ولا عاطفية ولا مساومات سياسية, هي قضية الشعب والحكومة السورية كما هي قضية الشعب الفلسطيني, وحركة «حماس» تقدر مواقف سوريا التي تحملت الكثير من الحصار والضغوط ثمناً لدعمها للشعب الفلسطيني ولـ«حماس» قبل وصولها الى السلطة.
ـ لكن الحسابات السياسية لا تعترف بتقدير المواقف وبعض أطراف المعارضة العراقية تنكرت لسوريا بعد وصولها الى السلطة؟¬
•  الوضع مختلف بلا شك وغير مقبول من حيث المبدأ, نحن وسوريا نواجه عدواً واحداً وهو العدو الصهيوني, وهذا وضع يختلف في الوضع العراق. حيث تتوافق بعض الأطراف مع المشروع الأميركي الذي هو بالأساس ضد مصالح شعبنا لأنه يخدم مصالح العدو الصهيوني, كما أن بعض أطراف المعارضة العراقية تركوا سوريا وذهبوا الى واشنطن وجاؤوا الى السلطة على ظهر الدبابة الأميركية.
ـ تؤكد الحركة دائماً على تحرير كل فلسطين, وامس سمعنا من رئيس حكومة «حماس» أن يتم دراسة إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 هل غيرت «حماس» موقفها؟
•  الحديث ليس عن دولتين وإنما عن دولة فلسطينية على حدود الـ 1967, خلال برنامجنا الانتخابي أعلنا ذلك صراحة, وقلنا سنسعى الى دولة فلسطينية على حدود الـ 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس, وهذا لا يعني الاعتراف بإسرائيل أو شرعية الاحتلال
 ـ ماذا بخصوص التبرعات وما هي الحلول المقترحة كي تصل الى الداخل؟
* تم فتح حسابات في الجامعة العربية, وهناك إشكاليات لا تزال قائمة والجهود مستمرة لحلها, وقد تم طرح مقترحات كأن تنقل عبر محمود عباس أو البنك الدولي أو فتح حسابات للموظفين داخل البنوك.
ـ ما هي الإشكاليات بالضبط؟¬
* هناك بنوك مثلاً في مصر والأردن له أفرع في فلسطين وكانت التحويلات تتم بشكل عادي من المركز الى الأفرع, لكن التهديدات الأميركية بوضع البنوك على لائحة الإرهاب, جعلت البنوك تخشى العقوبات وتوقفت عن التحويل, ولم تكن هناك جهود عربية كافية لمنع استخدام هذه البنوك في فرض الحصار. وهناك أطراف وطنية وإقليمية ودولية متوافقة حول إفشال حكومة «حماس», وأخيرا بدأت أوساط أميركية تتحدث عن سقوط «حماس» خلال ثلاثة أشهر, وأظن أن تخطيطهم سيخيب.
ـ على أي أساس تستند في ذلك؟
* نحن نراهن على شعبنا الفلسطيني وصموده.

حوار: سعاد جروس

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...