الشرق الاوسط, المحور الرئيسي في اللعبة الكبيرة
سوف تفقد اوروبا الدور المركزي الذي كانت قد لعبته في حقبة الحرب الباردة, كمنطقة لممارسة المواجهات المباشرة لكلا المعسكرين, التي كانت من المحتمل ان تؤدي الى نشوب نزاع نووي يصب في مصلحة منطقة الشرق الاوسط. فقد اخذت تبرز في حقيقة الامر معالم تشكيل معسكرين جديدين نقيضين بشأن صراع لا محدود من اجل الموارد التي لا يقتصر امرها على تلك الطاقية, التي يتم العمل على التلطيف منها باستمرار, بل يتعدى ذلك الى ما يقوم الشرق الاوسط على المحافظة عليه من احتياطيات رئيسية.
هذا علاوة على كونهما مدموغين بالتناقضات الداخلية. ولا يخفي العملاق الصيني تعطشه للنفط, الذي يكون من الصعوبة بمكان المحافظة على تدفقه من كافة المناطق في العالم. خاصة باتجاه الجمهوريات السوفيتية السابقة, وايران: فخط انابيب النفط الذي تم تدشينه في الخامس عشر من شهر كانون اول ,2005 وامتد من كازاخستان الى الصين, سيصار الى الحاق وصلة به تمتد الى ايران. هذا من ناحية. ومن الناحية الاخرى فقد اخذت المصالح العائدة لكل من روسيا والصين. بالتقارب من جديد. حيث كانت قد تأسست تحت مظلة كلا البلدين مؤسسة شانغهاي التعاونية SCO التي تضم كلا من كازاخستان, كرغيزستان, طاجاكستان, واوزباكستان. وهي دولة غنية باحتياطيات من النفط والغاز. وكان من بواكير اعمال تلك المنظمة هي اللجوء الى مطالبة الولايات المتحدة الامريكية بوجوب اخلاء القواعد العسكرية التي تشغلها في اسيا الوسطى. كما تم تسجيل علامات على التقارب بين الصين والعملاق الهندي الجديد.
واثناء الزيارة التي قام بها وزير النفط والغاز الطبيعي الهندي الى بكين, كان قد تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الهامة. وبالرغم من بقاء الكثير من نقاط الخلاف ماثلة للعيان, فان من شأن تعاون صيني- هندي مستقبلي العمل على فتح الطريق امام تشكيل محور نفطي آسيوي, يكون بالامكان مقارنته بذاك الذي تشكل تحت اسم »المجموعة الاوروبية للكربون والحديد الصلب".
وتحاول واشنطن جاهدة العمل على سد الشرخ الحاصل من خلال استقطاب الهند الى جانبها, وهي الدولة غير المنظمة للمعاهدة الدولية الخاصة بالاسلحة الذرية ((Tnp ويتم ذلك عبر التلويح "بجزرة" الاتفاقيات المتعلقة بالتزود بالتقنيات النووية, التي تحرم امريكا في الوقت نفسه على ايران حق امتلاكها. علما بانها دولة غير نووية, الموقعة على المعاهدة المذكورة: وليكن من الواضح ان الامر متعلق بالابحاث النووية للاغراض السلمية المدنية, التي عملت الهند من خلالها, مثلها مثل الباكستان على تحقيق مخزون لها من الاسلحة الذرية! ويجب ان لا يغيب عن البال, انه, وفي الوقت الذي اخذ فيه الاقتصاد الامريكي في الاهتزاز, من الملاحظ ان الدول الاسيوية قد باتت تمتلك في مجملها احتياطي يقدر بالفي مليار دولار, ثم انه, فيما لو تم افتتاح سوق نفطية يكون التعامل فيه بعملة اليورو, »كتهديد لايران«, فان من المفيد القول اذا العواقب ستكون محزنة بالنسبة للاقتصاد الامريكي المهتز. هذا وفي مقابل هذا المعسكر الذي هو في طريقه للتشكيل, هناك محور معارض له في الوقت الحاضر.
الولايات المتحدة, اسرائيل اوروبا, اليابان, الذي لا يخلو بدوره من التناقضات, التي من الممكن ان تتصاعد وقت ان يصبح "غطاء الموارد, قصيرا فعلا, بحيث يتكشف المستور فستبقى الدول الاوروبية خاضعة لاملاءات السياسة الامريكية في وقتنا الحاضر على اقل تقدير, منقسمة فيما بينها عاجزة عن انتهاج خط سياسي مغاير: فهو ما يمكن تلمسه في المنطقة الشرق اوسطية, بالنسبة للعراق, ومن الجهود المبذولة لمنع ايران من العمل على تطوير التقينات النووية, ومن الدعم اللامحدود لاسرائيل, والتخلي عن اية تطلعات تخص الشعب الفلسطيني, والالتقاء بشأن الضغوط التي تمارسها واشنطن على كل من لبنان وسورية. ويبدو الدور الاسرائيلي حاسما باستمرار. وتضغط واشنطن باتجاه الانموذج الاسرائيلي, فيما يخص الطرق المتبعة. مثل هدف تقسيم العراق, والمخططات الخاصة بالتدخل في ايران. في حين ان تجذر الوضع في العراق, يبدو وكأنه يسير بخطى موازية مع ذلك القائم في فلسطين. ويمكن القول ان الاطار العام هو اقرب ما يكون الى التدليل على وجود مصالح متعارضة, مثل الجدلية القائمة ما بين السنة والشيعة العراقيين, او دعم الاكراد في الشمال العراقي, الذين عادة ما يكونوا مستهدفين من قبل تركيا او بزوع خط اسلامي- مقاوم جديد, مختلف تماما, سواء عن المذهب التقليدي المتعصب, وتابع للولايات المتحدة في بعض الاحيان مثل جماعة الاخوان المسلمين القديمة, او ذلك الجهادي المتمثل في تنظيم القاعدة: خط مدعم كذلك من خلال الانتصار الانتخابي الذي حققته حماس في فلسطين. مما جعل دولا حليفة لواشنطن مثل تركيا, والعربية السعودية تشعر بانها مسحوقة في هذه اللعبة, فتحاول التملص من خلال لعب دور مستقل على استحياء. وسورية المهددة بصفة مباشرة كذلك جراء الذين يجتازون الحدود من العراق, والقوات الخاصة الامريكية, فهي لا تألوا جهدا في محاولتها التقرب من ايران, وتركيا, وروسيا, والحكومة العراقية. علما بان ايران قد عملت على تدعيم نفوذها في العراق, من خلال الطائفة الشيعية, وتمكنت حركة طالبان من بسط سيطرتها على اقليم وزيرستان, داخل الاراضي الباكستانية, في الوقت الذي نجدها تتطلع لاحداث مواجهة مع الاحتلال العسكري في افغانستان, ويحدث ذلك تمهيدا لتشكيل قطب آسيوي يحظى بحجم اقتصادي ملحوظ. ولاي تم في هذا المجال ما تم الحصول عليه من اموال طائلة جاءت كنتاج لسوق المخدرات العالمي, الذي تشكل منطقة الشرق الاوسط واحدة من محاوره الرئيسية. ومن المتوقع نشوب صراع من غير حدود. من الممكن ان يشتمل كذلك على هجوم ذري يشن على ايران, بعواقب لا يمكن التنبؤ بها بكل تأكيد.
عن المركز الدولي لدراسات أمريكا والغرب
إضافة تعليق جديد