بصمات ايجابية للحكومة في طرطوس!
الجمل- أُبيّ حسن: نعم ثمة ايجابيات لدى حكومتنا العتيدة, فالكهرباء لم تعد تنقطع من دون انتظام أربع أو خمس ساعات في اليوم الواحد, إذ مدة الانقطاع – من دون موعد, طبعاً- لم تعد تتجاوز الساعة يومياً, وذلك اعتباراً منذ مطلع الشهر الجاري(شكراً لتركيا طيب رجب أردوغان). والإحساس بشعور المواطنة لم يبق حكراً على مرتادي مكتبة الأسد فحسب, فما جرى مع المواطن السوري أحمد صالح علي في المصرف الصناعي في طرطوس, والمعاملة المثالية التي لقيها فيه, تجعل الكثيرين منّا يأملون أن مثل تلك المعاملة ستنتشر في مختلف دوائرنا الرسمية, وإن لم يكن ذلك الانتشار بالسرعة التي ينتشر فيها وباء أنفلونزا الخنازير. ذلك الأمل الذي يراودنا, لا لشيء, اللهم فقط كي نشعر, نحن شعب سوريا الصابر والصامد حتى "النصر", إننا مواطنون لا رعايا كما تُصنفنا ورقة العبور(الرسمية) إلى لبنان؛ تلك الورقة ندفع ثمنها خمسمئة ليرة سوريّة لنعرف أننا رعايا سوريون قبل أن ندخل الأراضي اللبنانية!.
تحاشياً للنسيان, يجدر القول إن ثمن تذكرة المغادرة إلى لبنان هو خمسمئة ليرة سوريّة في منافذ الخروج, عدا طرطوس, إذ تباع بستمائة ليرة سورية, المئة الزائدة, رسم طابع أضافه المحافظ السابق, لغاية حتى الآن نجهلها!.
المعاملة المثالية والمبالغ في لباقتها, ما تزال حديث أحمد علي لزواره, فهو حتى الآن لا يصدق أنه دخل دائرة رسمية في بلاده, وخرج منها راضياً أكثر مما كان يطمح إليه بكثير! فالموظفون كانوا يبتسمون له هناك, ويشعرونه أنهم وجدوا لخدمته باعتباره مواطناً لا شيئاً آخر, ومديرة المصرف اعتبرت أن ما قام به الموظفون من تيسير شؤون معاملته(وما قامت به هي كذلك) هو واجبهم الوظيفي ولا فضل لهم!..
وصحيح أن محافظ طرطوس الجديد, الدكتور عاطف نداف, أزال المطبات الطرقية باستثناء المناطق التي يبدو أن آهليها من المدعومين, وصحيح كذلك أن نسبة الحوادث الطرقية ارتقعت عقب اتخاذه لذلك القرار "الحكيم" بإزالتها(خربة المعزة, ضهر مطر, على سبيل المثال), لكن من الصحيح أيضاً القول إن ذلك المحافظ كسر القاعدة التقليدية بين المسؤول والمواطنين(الرعايا سابقاً), فبات يحدد موعداً كل فترة, قصيرة نسبياً, يلتقي فيه مع عدد من أهالي ووجهاء القرى في مكان عام, يكون الجمع على علم مسبق به, يستمع منهم مباشرة إلى شكاويهم ومطالبهم ويدونها على الوعد بالعمل على حلّها.. بعض "الغيارى" ممن حضر مثل تلك الاجتماعات, أفادنا أن نسبة التصفيق فيها(من قبل الحضور, طبعاً) كانت أعلى من نسبة الإصغاء والمناقشة الجدية في المشاكل المزمنة التي يرزح تحت وطأتها المواطنون الحاليون, والله أعلم!.. رجاء عدم نسيان: "ناقل الكفر ليس بكافر".
وقد يكون هو المحافظ الوحيد من الذين سيّروا أمور محافظة طرطوس, الذي قمع ظاهرة استغلال الأرصفة ضمن المدينة, من قبل بعض المتنفذين من التجّار وسواهم, وتأكدنا من ذلك بالعين المجردة, كتأكدنا أن أحد من نعني ويعمل بتجارة السيارات, لم تشفع له وساطته (فوق) كي يستمر باستغلال الرصيف المخصص للمارة.
على سيرة محافظ طرطوس, من الواجب ذكره إن الرجل مثقف (من الطراز الرفيع, كما نظن), بدليل أنه أثناء افتتاحه لمهرجان مسرحي جرى أوائل الربيع في المحافظة, أشاد في كلمته بمثقفيها, وذكر منهم المسرحي سعد الله ونوس والروائي حيدر حيدر(لا نجزم إن كان قد قرأ شيئاً مما أنتجه أحد المذكورين), ومن المعروف أن محافظة طرطوس لم تنجب سواهما من أعلام ثقافية بارزة, فالشاعر محمد عمران والباحث الفذ محمد كامل الخطيب, على سبيل المثال لا الحصر, أنجبتهما محافظات أخرى..
بالمناسبة, كان أول عرض مسرحي, يحضره الراحل سعد الله ونوس, إبان مرحلته الثانوية(إن لم تخني الذاكرة) في قرية الملاجة, تلك القرية التي أنجبت بمفردها قبيلة من المثقفين والأدباء والباحثين والمفكرين.
من جهتنا نقدّر جيداً كل مثقفي المحافظة, وما نقدره أكثر هو عدم اهتمام أحد صنّاع الثقافة في سوريا, لا في طرطوس فحسب, نعني محمد كامل الخطيب الذي يصفه حسن م يوسف مُحقاً بشغيل الثقافة, بالضوضاء الإعلامية وحب الظهور, أو العمل وفق قاعدة: اشتم فتشهر. انطلاقاً من معرفتنا هذه نعذر (صادقين لا مجاملين) السيد المحافظ, وسواه من مسؤولين, لجهله بمثل تلك الأسماء, كجهله بأن الشاعر الراحل نديم محمد كان يسكن على مقربة من مبنى المحافظة الجديد, ذلك الشاعر الذي نسيته سوريا, لا الدكتور عاطف نداف فحسب. حتى الآن لا نعرف إن كان يوجد شارع باسم نديم محمد في مدينة طرطوس أم لا! وإذا ما كان ثمة شارع باسمه, فلن نقرع الطبول فرحاً أو شكراً, بل سنطالب بشوارع أخرى تحمل أسماء رواد نهضة حقيقية لا مزيفة أو مفتعلة في طرطوس كالأديب الراحل محمد المجذوب, والمناضل النبيل دانيال نعمة, وحتى شارع أو مدرسة تحمل اسم الشاعر الجميل ميخائيل عيد, ومدرسة أو شارع يعرف الناس من خلاله اسم أول مدرّس تنويري عرفته المحافظة واسمه رشيد سنو أول من افتتح كلية علمانية فيها(هل كلمة علمانية تثير حفيظة دعاة قانون الأحوال الشخصية سيء الذكر؟), وآخر يحمل اسم عبد اللطيف اليونس أقدم نهضوي في المحافظة ممن لا يزالون على قيد الحياة.
مطالبنا, ليست كثيرة, وليست معقدة كقصة انقطاع التيار الكهربائي (نفكّر جديّاً برفع دعوى قضائية ضد وزارة الكهرباء تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بنا جرّاء الانقطاع الفجائي والمستمر في التيار, مثال, الحاسوب ضُرب عدة مرات نتيجة لذلك!)), والطرق الوعرة غير المخدّمة جيداً في مناطق عدة من المحافظة. وما يشجعنا على المطالبة بها, هو تلك الايجابيات الكثيرة التي تظهرها الحكومة, بالرغم من نوايانا غير الحسنة إزاءها, بدليل أننا نادراً ما نرى تلك الايجابيات, ونشيد بها ونتحدث عنها في الإعلام غير الرسمي, طبعاً.
الجمل
إضافة تعليق جديد