بندر بن بوش: الأمير الحائز على رضا الجمهوريين والديمقراطيين
الجمل: بعد أن قضى 22 عاماً، في منصبه سفيراً للملكة العربية السعودية لدى واشنطن، غادر صاحب السمو الملكي، وعميد السلك الدبلوماسي العربي في أمريكا الأمير السفير بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود.
ولد الأمير بندر في 2 آذار 1949م بمدينة الطائف السعودية، والتحق بكلية القوات الجوية الملكية البريطانية، وبعد تخرجه تم تعيينه برتبة ملازم في القوات الجوية السعودية الملكية، حيث خدم لفترة 17 عاماً، وتدرب كطيار محترف في قاعدة مكاسويل للقوات الجوية، وأيضاً في الكلية الهندسية للقوات المسلحة، ثم حصل بعد ذلك على درجة الماجستير في السياسة العامة الدولية من مدرسة بول نيتشه للدراسات العليا الدولي، والتابعة لجامعة جون هوبكنز الأمريكية.
بدأت الخبرة الدبلوماسية الفعلية للأمير بندر في عام 1978م، تحديداً عندما نجح في الإشراف على عملية (لوبي) داخل الولايات المتحدة، وذلك عندما استطاع ممارسة الضغوط والالتفافات والإغراءات على أعضاء الكونغرس الأمريكي في ذلك العام، على النحو الذي دفع الكونغرس الأمريكي للموافقة على بيع صفقة طائرات اف-15 الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية، وفي عام 1978م أصدرت الرياض قراراً بتعيينه سفيراً للسعودية لدى واشنطن.
خلال فترة عمله دبلوماسياً في الولايات المتحدة، استطاع الأمير بندر أن يرتبط بعلاقات وثيقة مع عدد كبير من الرؤساء الأمريكيين، وقد استطاع أن ينال (رضا) الجمهوريين والديمقراطيين على السواء، وعلى وجه الخصوص الرئيسان جورج بوش (الأب)، وجورج بوش (الابن)، ويُقال: إن الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن)، كان يطلق على الأمير بندر لقب بندر بوش (Bandar Bush).
كذلك يرتبط الأمير بندر، بصداقة وثيقة مع ديك تشيني (نائب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن) وزوجته لاين تشيني، وهي صداقة تمتد جذورها إلى السنوات السابقة لتولي ديك تشيني منصب نائب الرئيس الأمريكي.
أما أهم وأبرز علاقاته مع العائلات الأمريكية، فهي علاقته مع أسرة بوش، والتي قام المؤلف الأمريكي كريف انغار بتأليف كتاب كامل عنها، حمل عنوان (بيت بوش، بيت سعود).
كذلك تحدث الصحفي بوب وودورد بإسهاب شديد في كتابه (حالة إنكار) عن علاقة الأمير بندر مع جورج دبليو بوش، وقد اعتمد وودورد على استقصاء المعلومات من خلال لقاءات بعدد كبير من المسؤولين في الحكومة الأمريكية والبيت الأبيض وغيرها من الأجهزة الأمريكية السياسية الرسمية.
قال وودورد: إن الأمير بندر كان يحظى بنفوذ وتأثير كبير في أوساط دائرة صنع القرار، إضافة إلى أن جورج بوش الابن كان يعطي الأمير بندر مكانة خاصة في علاقاته الاجتماعية والعملية، ومن ثم فقد كان الرئيس جورج دبليو بوش، يقوم دائماً باستشارة الأمير بندر بن سلطان في المسائل والقضايا العربية، ويُقال بأن بوش كان كثيراً ما يأخذ برأي بندر.
بدأت علاقة الأمير بندر بجورج بوش الابن في خريف عام 1997، عندما اتصل جورج بوش بالأمير بندر طالباً منه أن يتعرف على ابنه جورج دبليو بوش، الذي كان يعمل آنذاك حاكماً لولاية تكساس الأمريكية. وطلب بوش الأب أن يكون اللقاء في تكساس بعيداً عن الاحتواء.. وبالفعل وافق بندر على الفور، واستطاع أن يقوم ببرمجة الزيارة، بشكل خفي، بحيث جعل مواعيد الزيارة تتزامن مع مباراة لفريق كرة القدم الذي يشجعه بندر، وهو فريق (دالاس كاوبويز)، وذلك حتى (يفهم الجميع) أن بندر قد ذهب لولاية تكساس من أجل مشاهدة مباراة كرة قدم للفريق الذي يشجعه: دالاس كاوبويز. وعندما تقابل الأمير بندر مع حاكم ولاية تكساس جورج بوش الابن أخبره جورج بوش بأن والده قد اقترح عليه أن يتعرف على سمو الأمير بندر، وأن يستفيد من نصائحه وأفكاره، خاصة وأنه مقبل على الترشيح إلى الرئاسة الأمريكية، ويقول جورج بوش الابن بأن والده جورج بوش، قد أخبره بضرورة الوثوق بالأمير بندر، وذلك لأنه:
- صديق الولايات المتحدة.
- يعرف جميع الشخصيات العالمية ذات الوزن.
- مطلع على كل التطورات التي تجري في العالم.
- يستطيع تقديم المساعدة من أجل الاجتماع مع أهم الشخصيات العالمية.
بعد فوز جورج دبليو بوش بفترة رئاسته الأولى في عام 2000م، تقول المعلومات بأن بندر بن سلطان كان يعمل بمثابة مستشار غير رسمي للرئيس بوش، ويقول وودورد بأنه من غير المعتاد أن يكون بإمكان سفير دولة ما الدخول إلى البيت الأبيض والاجتماع مع الرئيس الأمريكي في أي وقت يشاء، ولكن بالنسبة للسفير السعودي الأمير بندر بن سلطان، فقد كان يستطيع دخول البيت الأبيض الأمريكي متى أراد ذلك. ويشير وودورد إلى زيارة قام فيها بندر إلى البيت الأبيض حيث قام بمقابلة الرئيس بوش وأخبره بعدم رضا السعوديين عن تصريحات كولن بول التي قال فيها: إن الولايات المتحدة تعتزم نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.. ويُقال حينها بأن الرئيس بوش أخطر بندر بأنه يعرف حساسية الموضوع لدى العرب، وبأن وزير الخارجية كولن باول لم يكن موفقاً في اختيار عبارات حديثه.
كذلك يُقال بأن الرئيس جورج دبليو بوش ظل يعقد اجتماعاً كل شهر مع الأمير بندر للتفكير حول قضايا الشرق الأوسط: فلسطين، العراق، لبنان، النفط، إيران... وغير ذلك.
عند قيام الصين بإسقاط طائرة تجسس أمريكية، في بداية فترة ولاية بوش الأولى، قام الأمير بندر باستخدام النفوذ السعودي في الضغط على الحكومة الصينية، والتي استجابت للطلب السعودي وقامت بإطلاق سراح الطيارين الأمريكيين الأربعة، وبذلك استطاع جورج دبليو بوش أن يتخطى ويتجاوز الأزمات الدولية التي واجهتها إدارته.
غادر بندر بن سلطان السفارة السعودية في واشنطن، لا ليكون سفيراً هذه المرة، وإنما ليتولى بدءاً من يوم 16تشرين الأول 2006م منصبه الجديد الذي عينه فيه الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو: السكرتير العام (أم الأمين العام) لمجلس الأمن القومي السعودي.
يقول محرر ال_(يو.بي.اي): إن بندر بن سلطان، بعد تخليه عن منصب السفير، ظل يقوم بزيارات متكررة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويلتقي مع كبار المسؤولين الأمريكيين.
وقد كتب المحرر قائلاً:
بما أن تركي –الأمير تركي الفيصل- أصبح سفيراً، فإن بندر –بن سلطان- قام بزيارات سرية عديدة إلى الولايات المتحدة، ظاهرياً بزعم زيارة قصره الفخم في أسبن.. ولما كان لبندر إذناً بأن يهبط بطائرته في قاعدة أندروز –العسكرية- الجوية الموجودة خارج واشنطن –فقد كان- متظاهراً بإعادة التزود بالوقود، ليقوم بالذهاب إلى كامب ديفيد من أجل عقد المقابلات والاجتماعات مع مستشار الأمن القومي الأمريكي ستيفن هادلي. كذلك كان بندر يلتقي أيضاً مع مدير مجلس الأمن القومي الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط اليهودي إيليوت ابراهام، وغيرهم من زعماء جماعة المحافظين الجدد.
كتب جاكسون ديهل يوم 14 شباط 2007م بصحيفة الواشنطن بوست الأمريكية مقالاً حمل عنوان (هل يستطيع صانع صفقات سعودي إنقاذ بوش؟).
يقول جاكسون: إن بندر بن سلطان استطاع خلال فترة الـ20 عاماً الماضية عقد الكثير من الصفقات بين الإدارات الأمريكية والحكومات العربية، منها:
- صفقة ترتيب الحوار والتفاهم الليبي- الأمريكي.
- صفقة بيع الأسلحة الأمريكية إلى السعودية.
- صفقات نفطية عديدة.
وغير ذلك...
كذلك كان بندر بن سلطان محط الثقة بين مختلف الإدارات الأمريكية، وقد أطلعته إدارة الرئيس جورج بوش الحالي، وجماعة المحافظين الجدد على خطط غزو العراق قبل شهرين من وقوع عملية الغزو.
وعموماً يقول الكاتب: إن بندر بعد عودته وتسلم مهام منصبه الجديد أصبح بعيداً عن الاحتواء.. ولكن على ما يبدو فإن حلفاءه الأمريكيين (من جماعة المحافظين الجدد) خاصة هادلي (مستشار الأمن القومي)، وإليوت ابراهام (مسؤول سياسة الشرق الأوسط بالبيت الأبيض) ينتظرون منه القيام بدور كبير في ترتيب المنطقة العربية والإسلامية، وبتركيز خاص على منطقة الشرق الأوسط، وحتى الآن استطاع الأمير بندر أن يعمل بفعالية، محققاً النجاحات في الملفات الآتية:
- اجتماع العقبة، الذي ضم المسؤولين عن المخابرات في إسرائيل، مع المسؤولين عن المخابرات في الأردن، مصر، السعودية...
- تعزيز الدول السعودي في تحالف المعتدلين العرب.
- تعزيز التعاون الأمريكي السعودي في التصدي لـ(الخطر الإيراني).
- الدعم السعودي لحكومة السنيورة.
ويقول الكاتب: إن هناك المزيد من المساعدات التي يمكن أن يقدمها سمو الأمير بندر لإدارة بوش، ومن أبرزها: إبعاد سوريا عن إيران، أو إبعاد إيران عن سوريا، وتهدئة حزب الله في خلافه ومعارضته لحكومة السنيورة، ولجم حركة حماس، فهل يا ترى ينجح صانع الصفقات السعودي في دعم توجهات إليوت ابراهام وهادلي في المنطقة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد