تراجع عالمي في دعم مطالب مراقبة إسرائيل ونتنياهو يتباهى بفشل مشروع قرار حول «النووي»
خرجت إسرائيل عن طورها، وهي تبدي ارتياحها لنجاح الجهد الأميركي بمنع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تبني المقترح المصري بفرض الرقابة على قدرات إسرائيل النووية.
وقد صوتت ضد مشروع القرار المصري 61 دولة، في حين لم ينل تأييد سوى 41 دولة. وتعتبر إسرائيل هذا التصويت إنجازاً، مقارنة بما حدث في العام الماضي حين صوتت ضد مشروع القرار نفسه 58 دولة وأيدته 46 دولة.
وقد فشل مشروع القرار المصري، الذي يعرض بشكل دوري على الاجتماع السنوي للوكالة الدولية للطاقة النووية، إثر جهود بذلتها الإدارة الأميركية مع الكثير من دول العالم، وخصوصاً في الغرب لمنع مناقشة الأمر.
ومعروف أن أميركا توفر الغطاء الدولي للمشروع النووي الإسرائيلي، وترفض إجراء أي نقاش حوله في الهيئات العالمية. وتنطلق أميركا في ذلك من رؤية ترى أن امتلاك إسرائيل السلاح النووي، واستمرار سياسة الغموض توفر لإسرائيل فرصة للثقة بنفسها في مواجهة محيط عربي معاد. وكان ملحوظاً أنه إلى جانب 43 أيدت المشروع المصري هذا العام هناك 33 دولة امتنعت عن التصويت.
وقد وقفت إلى جانب إسرائيل، عدا أميركا وكندا وأستراليا، دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وكل دول الاتحاد الأوروبي وكذلك أوكرانيا ومولدافيا وحتى ألبانيا. كما وقفت إلى جانب إسرائيل دول من أميركا اللاتينية، مثل الأوروغواي وبنما وجزر المحيط الهادئ، بل ودول أفريقية مثل كينيا. ومن بين أبرز الدول التي امتنعت عن التصويت البرازيل والهند. وكان لافتاً أن روسيا والصين وتركيا وجنوب أفريقيا صوتت إلى جانب المجموعة العربية والإسلامية.
وطالب مشروع القرار المصري، الذي سقط في التصويت، بوجوب تقديم رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقارير دورية منتظمة إلى عموم أعضاء الوكالة حول تحقيقات يجريها في إسرائيل حول نشاطها النووي. ويطالب مشروع القرار من الوكالة إسرائيل بفتح مفاعل «ديمونا» للرقابة الدولية. وترفض إسرائيل عموماً إخضاع منشآتها النووية للرقابة الدولية، عدا ذلك التنسيق الجاري بشأن مفاعل «ناحل سوريك» العلمي الصغير. وتعتبر إسرائيل أن كل محاولة لمناقشة مشروعها النووي، أو حتى كل إجراء لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، عملاً عدائياً تجاهها.
وكانت إسرائيل قد أبدت امتعاضها من المحاولات المصرية المتكررة لإدراج هذا المشروع على جدول الأعمال في «الوكالة الذرية». وعدا عن الضغوط غير المباشرة عن طريق الولايات المتحدة، فإن إسرائيل أبدت اعتراضها على الموقف المصري في أحاديث مباشرة وزيارات، كان بينها زيارة مدير عام الخارجية الإسرائيلية للقاهرة مؤخراً. كما أن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يوسي كوهين ومبعوث رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المحامي اسحق مولخو زارا القاهرة قبل ثلاثة أسابيع، والتقيا بمسؤولين مصريين بهدف إقناعهم بتغيير وجهتهم على هذا الصعيد.
وبرغم النجاح الإسرائيلي فإن المسؤولين في الدولة العبرية أبدوا خيبة أملهم من الموقف المصري، الذي يصر على استمرار تقديم مقترحات كهذه. وقد ساندت أميركا في جهودها لإفشال الموقف المصري دول مثل كندا وأستراليا، والتي ضغطت بشكل واسع أيضاً على دول أميركا اللاتينية. وكانت إسرائيل قد عرضت على مصر اقتراحاً يتيح لها عرض مبادرتها بشأن القدرات النووية الإسرائيلية، ولكن من دون إجراء نقاش أو تصويت لكن القاهرة رفضت.
وتحاول إسرائيل على الدوام منع أي نقاش حول قدراتها النووية، مدَّعية باستعدادها فعل ذلك فقط بعد اعتراف الدول العربية بها وتوقيعهم اتفاقيات سلام معها، والاتفاق على ترتيبات أمنية. وتنقل إسرائيل عادة النقاش من اتهامها إلى اتهام الدول العربية بانتهاك القوانين الدولية، وتذكر في هذا السياق تجارب كل من العراق وليبيا وسوريا وإيران.
وأياً يكن الحال، فإن إسرائيل رأت في الفشل المصري والعربي في الوكالة الدولية انتصاراً كبيراً لها في الحلبة الدولية، خصوصاً في هذا الوقت الذي تتدهور فيه مكانة إسرائيل جراء ما يجري في القدس والحرم القدسي الشريف. ومعروف أن إسرائيل صارت تنظر بخطورة إلى اتساع جهود المقاطعة العالمية لها، خصوصاً على المستوى الاقتصادي، جراء ما يجري في الأراضي المحتلة، وبسبب انسداد أفق التسوية السياسية واتساع الاستيطان.
وحاولت إسرائيل أن تنسب الفضل في النجاح، ليس للجهد الأميركي الضاغط والمؤثر، وإنما للجهود التي بذلها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ولجنة الطاقة النووية الإسرائيلية.
وأشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن نتنياهو تفاخر قائلا: «تحدثت بشكل شخصي مع أكثر من 30 رئيساً، رئيس حكومة ووزير خارجية. وفي أحاديثي معهم أوضحت أن لا مجال لإجراء نقاش من هذا النوع، فيما المشكلة الأساسية في الشرق الأوسط هي محاولات التسلح النووي الإيراني وتصريحات إيران الواضحة حول نياتها بتدمير دولة إسرائيل». وأضاف «أنا أبارك واقع اتساع الفجوة جوهرياً لمصلحة إسرائيل مقارنة بالتصويت في السنوات الأخيرة. وأنا شاكر لكل الدول التي أيدت دولة إسرائيل، وعلى رأسها الولايات المتحدة، استراليا وكندا».4
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد