لبنان يفوِّت وليمة الحلول الكبرى

16-03-2007

لبنان يفوِّت وليمة الحلول الكبرى

4 جولات و14 ساعة و32 دقيقة من المحادثات بين الرئيس بري وسعد الحريري لم تخرج الأزمة اللبنانية من قمقمها, ومعظم الدلائل تشير الى ان الحل غير متوافر بعد.

سجلت ساعة عين التينة التي تضبط, عادة, وقت لقاءات رئيس مجلس النواب, 14 ساعة و32 دقيقة من المحادثات بين الرئيس نبيه بري ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري خلال الجولات الاربع التي عقدت بينهما من اجل بلورة صيغة حلول مقبولة ومعقولة للأزمة السياسية الراهنة, اي بمعدل ثلاث ساعات ونصف الساعة وسبع دقائق لكل جولة, وقد اختصرها بيان للرئيس نبيه بري بكلمات محدودة: الاجواء ايجابية والتقدم مستمر. وهذا يعني ان الحلول تستلزم مزيدا من التشاور ومزيدا من الجهد لإخراج التسوية من قمقم المواقف المتشددة لهذا الفريق او ذاك. وتفسير ذلك بالمفهوم السياسي ان الازمة ما زالت تدور في حلقة مفرغة تعترضها بعض العقد المستعصية التي تحول دون التوصل الى مخارج للمواضيع الشائكة ومنها المحكمة والحكومة والانتخابات النيابية المبكرة, اضافة الى موضوع رئاسة الجمهورية, ومع هذا فإن ثنائي بري ­ الحريري الذي يمثل المعارضة والموالاة, ليس في وارد الاستسلام ورمي سلاح التفاوض تفادياً لأي تصعيد سياسي كبير يسبق قمة الرياض في 28 و29 من الشهر الحالي, لأن الاستسلام يعني الفشل, والفشل يؤدي الى مناخات سياسية مأزومة, وهذا كله ينعكس على الجهود السعودية ­ الايرانية التي بذلت من اجل تبريد الجبهة اللبنانية ولو مرحليا قبل القمة العربية.
وعلى الرغم من كل الاستعدادات التي يبديها هذا الفريق او ذاك لمد يد التعاون بغية انقاذ البلاد من المنزلقات الخطرة, فإن الموالاة والمعارضة تتبارزان يوميا في اطلاق الرصاص على اي مبادرة حلول لا تتناسب مع التوجهات الاقليمية والدولية, لأن حل الأزمة اللبنانية بمعزل عن ازمة الشرق الاوسط, يبدو مستحيلا, ما دامت كل ازمات المنطقة مترابطة ومتداخلة بعضها بالبعض الآخر. لذلك فإن انتظار الترياق من العراق رهان طويل وغير مضمون اقله في المدى المنظور, خصوصا اذا كانت المعادلة معكوسة, اي انتظار الترياق اللبناني في العراق.
والواضح ان الفريقين المتنازعين على الحلبة اللبنانية يراهنان كلٌ على طريقته, وكل فريق يلعب بعضا من اوراقه ويترك «الجوكر» الاقليمي او الدولي للجولة الاخيرة والحاسمة, لأن حرق كل الاوراق في منتصف اللعبة, يؤدي الى خسارة سياسية. لذلك فإن الموالاة ما زالت تحتفظ ببعض الاوراق المستورة وتراهن على تطورات ومستجدات اقليمية ودولية تفرض عليها استخدام تلك الاوراق على دفعات وفي الاوقات المناسبة.
من هنا, فإن كل الدلائل تشير الى ان الحلول غير متوافرة بعد, وكل ما يجري في عين التينة وخارجها من جولات تشاور ومحادثات, لا يعدو كونه «طبخة بحص» قبل ان يضطر الرئيس نبيه بري الى بق البحصة. وهذه الطبخة لا يمكن ان تنضج, إلا بعد استبدال البحص بالمواد الغذائية على انواعها والتي تحتوي على كميات متزايدة من الفيتامينات التي تسهم من جهة في تقوية العضلات والارادة, وفي تصفية الاذهان وإنارة العقول من جهة ثانية. ومع هذا يجدر بالطباخين الانتباه جيدا لقوة النار خوفا من «شوشطة» الطبخة واحتراق «الطنجرة» بكاملها. لذلك فإن الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري يعلنان في هذه المرحلة عن تحريك الخلطة وسكب المياه الباردة عليها خوفا من احتراقها, واحتراق كل الطموحات والحلول والمبادرات, لأن المطلوب اقليميا ودوليا في هذه المرحلة ليس انضاج الحلول بقدر ما هو تبريد الاجواء استعدادا لجولات جديدة بعد قمة الرياض كي تتمتع بزخم سياسي ودفع من كبار اللاعبين والطباخين.
ولكن الصورة البانورامية المرسومة حاليا تختصر المشهد السياسي بكامله, بحيث ان فريق 14 آذار يراهن حاليا على تفكيك التحالف الايراني ­ السوري, انطلاقا من مشكلة طهران مع واشنطن والخلافات المستحكمة القائمة بينهما حول الملف النووي. وهذه الخلافات تفرض على ايران طلب دعم الدول الاسلامية, وخصوصا المملكة العربية السعودية التي وجدت نفسها مضطرة لفتح ابواب واسعة للحوار مع طهران من اجل انقاذ المنطقة ولا سيما لبنان من اي انزلاق في هاوية الفتنة المذهبية, لذلك فقد راهنت ايران على السعودية التي تجاوبت مع مبادرة الثنائي بندر بن سلطان وعلي لاريجاني. عندئذ اكدت ايران التزامها المحكمة ذات الطابع الدولي بشأن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحاولت اقناع سوريا بها من اجل احتواء الازمة اللبنانية وتالياً محاصرة اي مضاعفات سياسية وأمنية نتيجة رهانات قوى السلطة على الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي ظل هذه الصورة الجامعة لكل تفاصيل المشهد السياسي, فإن هذه المواقف الايرانية ­ السعودية فرزت المعارضة الى فريقين: الاول يضم «حركة امل» و«حزب الله». وهذا الفريق يعمل على تحييد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عن اي هجمات سياسية, ويركز قصفه العنيف على رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع. اما الفريق المعارض الثاني الذي يضم الرئيس عمر كرامي وسليمان فرنجية وسائر اعضاء اللقاء الوطني فلن يستثني احدا من هذه الهجمات, وقد وضع كل قوى 14 آذار هدفا لعمليات القنص المستمرة على السلطة.
وسط هذه الاجواء والمناخات المعقدة, فإن قوى 14 آذار تنتظر وتراقب وتحتفظ برهاناتها, وتعتقد بأنه في حال تم الانفصال بين ايران وسوريا, فإن «حركة امل» و«حزب الله» قد يضطران الى مراجعة حساباتهما بالنسبة الى الحكومة والمحكمة والانتخابات النيابية المبكرة, عندئذ تلعب الموالاة ورقة الوقت داخل دائرة اللاحل الى حين تعقد قمة الرياض في ظـل مواقف مكهربة, لأنه بعد القمة في 28 و29 من الشهر الحالي, ربما في نيسان €ابريل€ المقبل, فإن الامم المتحدة قد تتحرك ابتداء من جولة الامين العام بان كي ­ مون على دول المنطقة ومنها لبنان, فإذا تبين له ان مجلس النواب اللبناني ليس في وارد اقرار نظام المحكمة ذات الطابع الدولي بسبب الانقسامات السياسية القائمة ورفض الرئيس نبيه بري دعوة المجلس للانعقاد في الدورة العادية الاولى التي تبدأ في 20 من هذا الشهر وتنتهي في آخر ايار €مايو€, فعندها يجد مجلس الامن نفسه مضطرا لاقرار المحكمة تحت الفصل السابع, على ما يترتب على ذلك من مضاعفات سياسية وربما امنية ايضا, فتصبح سوريا في ورطة يصعب الخروج منها, بحسب 14 آذار. وفي مقاطعة كل هذه المعلومات مع الواقع الاقليمي والدولي وحتى المحلي ايضا فإن طرفي الصراع في الداخل قد يغرقان في دوامة اللاحل. لأن لا سوريا ولا «حزب الله» قد يوافقان على المحكمة ذات الطابع الدولي كما هو نظامها الحالي, في المقابل فإن الفريق الآخر, اي فريق 14 آذار لا يمكن ان يقبل بأي تعديلات تفرغ مشروع المحكمة من مضمونها وجوهرها, وثالثا لا يمكن لهذا الفريق ان يعطي المعارضة الثلث المعطل او الضامن. لذلك فإن الطرفين ينتظران التوقيت الدولي والاقليمي, وعندما تدق الساعة يعتقد كل طرف بأنه يملك اوراقا رابحة في حين ان معادلة لا غالب ولا مغلوب تسقط تلقائيا بحيث تصبح ان هناك مغلوبا واحداً هو لبنان بلا غالب لأن الفريقين سوف يخسران.
ولكن المعارضة تدرك معاناة الولايات المتحدة في العراق, ولذلك فإنها ستضرب على الوتر الحساس ولا سيما على عصب اميركا, لأن هذه المعارضة تعرف تماما دور سوريا وإيران في ايجاد الحلول في العراق والتي تنقذ واشنطن من هذا المستنقع الخطر. لذلك تبدو اميركا في هذه المرحلة بحاجة اكثر من اي وقت مضى الى مساعدة طهران ودمشق, الامر الذي يعطي المعارضة في لبنان هامشا للتحرك على الساحة الداخلية, وتبعاً لكل ذلك تكتمل الصورة المشوشة على الرغم من كل اجواء الرئيس نبيه بري التفاؤلية والتي تقابلها اجواء غير مريحة من السرايا الحكومية والتي يعكسها الرئيس فؤاد السنيورة امام عدد من الوزراء ومن زواره.
وبما ان هذه الصورة المهزوزة تكاد ان تتصدع وتسهم في خلق ظروف قاسية, فإنها كانت حاضرة في كل التحركات الاقليمية والدولية, سواء في لقاءات منسق السياسة الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا في الرياض ودمشق وفي بروكسل, حيث وضع امام المسؤولين السعوديين والسوريين الواقع اللبناني بكل مفاصله وخطورته منبها من تداعيات سقوط لبنان في المنزلقات وتأثير ذلك في اوضاع المنطقة بكاملها, لأن الازمة اللبنانية تشكل بقعة زيت مسمومة قد تمتد الى اكثر من دولة في حال لم يتم معالجتها بالسرعة الممكنة. ولكن سولانا الذي حمل رسالة من دول الاتحاد الاوروبي الى السعودية وسوريا, اعرب عن اعتقاده بأن الاتحاد مصمم على الانفتاح والتعاون مع سوريا الى اقصى الحدود انطلاقا من تطبيق واحترام القرار 1701 وسائر القرارات الدولية ولا سيما القرار 1559 خصوصا لجهة دعم استقلال لبنان وسيادته, اضافة الى التعاون السوري ­ اللبناني من اجل تعزيز الاستقرار ومراقبة الحدود لمنع تهريب السلاح وتسلل مقاتلي القاعدة الى لبنان, وإلى ضرورة اقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين بعد ترسيم الحدود. لذلك فإن الاتحاد الاوروبي اعرب عن استعداده لفتح صفحة جديدة مع سوريا قوامها البحث عن الاطر القانونية لاقامة شراكة اوروبية مع سوريا, فضلاً عن تنقية العلاقات بين دمشق وسائر دول الاتحاد الاوروبي في حال وضعت سوريا امامها خطة تعاون مثمرة مع هذه الدول بهدف تسريع خطوات السلام في المنطقة, بحيث يقوم المسؤولون السوريون بمبادرات تجاه لبنان وفلسطين والعراق لتهدئة الاوضاع السياسية والامنية والدخول في مفاوضات جديدة للسلام الاقليمي, وفي ظل هذا الواقع اللبناني, فإن خافيير سولانا حذر في بيروت من خطورة الانقسامات الداخلية معتبرا ان هذا الوضع قد يجر الى اوضاع اكثر اسودادا اذا لم يبادر اللبنانيون بالسرعة الممكنة الى التمسك بثوابت التوافق للحؤول دون المزيد من هذه الانقسامات التي قد تضع البلاد امام النفق المجهول, ولم يكتف المسؤول الاوروبي بهذا القدر من التنبيهات بل ابلغ الى الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة ان الاتحاد الاوروبي يتابع تطورات الاحداث على الساحة اللبنانية وهو قلق جدا من ما يجري ومن التداخلات الاقليمية في الشأن اللبناني الداخلي, لأن هذا التشابك في كل جوانب الازمة يجعل فريقي الصراع في لبنان اسرى الرهانات و الارتهانات, بحيث ان هذه الازمة قد تدخل مجددا في الدائرة الحلزونية المفرغة الامر الذي يؤدي الى اهتراء الوضع السياسي وتدهور الاقتصاد, لذلك لا بد من تسريع خطوات الحل اللبناني ­ اللبناني وبالتالي التخلص من هذه الارتهانات وحصر المشكلة في نطاقها اللبناني الضيق, لأن ربط هذه الازمة بالعوامل الاقليمية والدولية يعني رهنها الى الحلول الكبرى في الشرق الاوسط, وهذا ما قد يؤدي الى استخراج هذه الحلول على حساب لبنان واللبنانيين.
وانطلاقا من الحرص الاوروبي والفرنسي على الاستقرار اللبناني وتمكين اللبنانيين من حل خلافاتهم بالارادة الذاتية, فإن رئيس وزراء فرنسا دومينيك دوفيلبان بحث الموضوع اللبناني مع الامين العام للامم المتحدة بان كي ­ مون في نيويورك وكان واضحا في مسألة التدخلات الاقليمية والدولية في الشؤون اللبنانية. وهذه التدخلات زادت الازمة تعقيدا وربطها بشكل او بآخر بحلول المنطقة والتي قد تكون بعيدة في حين ان لبنان لا يستطيع ان ينتظر طويلا لأنه بدأ يعاني مشاكل سياسية ومتاعب اقتصادية خطرة, لذلك لا بد للمجتمع الدولي من أن يسارع الى انقاذ لبنان قبل سقوطه في قعر الهوة العميقة, بحيث يستحيل على اي قوة دولية او اقليمية انتشاله بسهولة. ومن هنا فإن دوفيلبان شدد على ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية ولا سيما القرارات 1559 و1638 و1071. وهذا ما قد يضع لبنان على سكة الاستقرار الذي قد يساعد على استخراج الحلول في اجواء هادئة. اما اذا استمرت الضغوط السياسية والامنية على فريقي الصراع, فإن البلاد تكون سائرة بخطى ثابتة نحو الانهيار والهلاك, خصوصا ان امامها استحقاقات دستورية مهمة وخطرة ابرزها الانتخابات الرئاسية بعد بضعة اشهر, اضافة الى الدورة العادية, الاولى لمجلس النواب والتي قد تشكل الاختبار الاول للحلول السياسية التي من شأنها ان تعيد لبنان الى دائرة الديمقراطية والاستقرار والتوافق, وإذا ضرب الرئيس نبيه بري عرض الحائط كل مقومات النظام الديمقراطي ولم يدع الهيئة العامة لمجلس النواب للانعقاد من اجل اقرار المحكمة ذات الطابع الدولي ونتائج مؤتمر «باريس 3», فإن البلاد تكون قد دخلت في المحظور الذي قد يؤدي الى وقوع كل الافرقاء في فخاخ المؤامرات والمخططات التي تهدف الى ضرب الكيان اللبناني وخلق فوضى سياسية وأمنية تدفع البلاد الى المجهول.
على اي حال, فإن الايحاءات بالتفاؤل واستمرار التقدم في لقاءات بري ­ الحريري, ليست تماما في محلها ولا تعكس حقيقة المشهد السياسي في البلاد, بل ان اجواء عين التينة وقريطم «الضاحكة» قد تكون نوعا من اخف انواع المهدئات لأن الشعب اللبناني الذي بدأ يتململ اصبح على خطوات قليلة من حدود الانتفاض وقلب الطاولة وتحميل كل المسؤولين في هذا الفريق او ذاك مسؤولية ضياع الوطن الذي يهرب من امام اللبنانيين خلسة ومن دون استئذان احد, خصوصا ان فريقي 8 و14 آذار لا يشعران بمآسي اللبنانيين وبمسؤولية الفريقين عن ارتفاع موجة البطالة والهجرة وتفريغ الوطن من ابنائه وشبابه, في الوقت الذي تستمر لامبالاة الحكومة والمعارضة في آن معاً, خصوصا ان كل فريق يحمل المسؤولية الى الفريق الآخر, في حين ان الفريقين مسؤولان.
وباعتراف اكثر من مرجع سياسي ودبلوماسي لبناني وأوروبي ان البلاد لا يمكن ان تتحمل هذا الوضع اكثر من فترة زمنية محدودة, فإما ان تظهر الحلول ويعود الاستقرار السياسي والامني, وإما ان يدخل لبنان في دوامة خطرة لا يعرف متى وكيف تنتهي. ولكن هناك من «يتعلق» بحبال الهواء وينتظر ترجمة عملية للقاءات وتفاؤلات بري ­ الحريري, كما هناك من ينتظر القمة العربية التي وضعت الازمة اللبنانية بندا رئيسيا في جدول اعمالها. فإذا تقاطعت الايجابيات المرتقبة من عين التينة وقمة الرياض تبدأ الازمة بالانحسار ويبدأ معه مسيرة الحلول. ولكن كل هذا لا يخرج عن اطار التمنيات في حين ان الواقع الميداني على الارض لا يبشر بمثل هذا التفاؤل المنشود, على الرغم من كل هذه الحركة التي تكاد تكون بلا بركة اذا لم تقترن بالافعال والقرارات الحاسمة.
وفي مطلق الاحوال, فإن مصادر السرايا الحكومية تعتبر ان لا شيء جديدا يمكن ان يؤدي الى حلول سريعة, فالمواقف على حالها والطروحات من هذا الفريق او ذاك ما زالت هي هي, لا اختراقات ولا تنازلات. وهذا يعني ان لا شيء محسوم, وان المواقف من المحكمة والحكومة ليست افضل من المواقف السابقة والتي استبقت لقاءات عين التينة ووضعت امامها اكثر من حاجز والكثير من العقد والعراقيل. ومع هذا فإن الرئيس نبيه بري وسعد الحريري ما زالا يفرشان «الحرير» لهذا الشعب الذي ينتظر ولو «نارة» من جهنم او الترياق من تحت رماد العراق, حيث الجمر ما زال يشرقط وينذر بجولات جديدة من العنف.
وأياً تكن ملامح الايام القليلة المقبلة التي تفصل البلاد عن قمة الرياض فإن الحلول التي تنتقل بين العقد المستعصية والصعبة, لا تبدو قريبة وسهلة, بل تستلزم ساحرا قادرا على اخراج الارنب من قبعته, لذلك فإن الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري اللذين اخذا على عاتقهما ايجاد ولو مخرج مرحلي للازمة السياسية المستحكمة يسيران بين الالغام على رؤوس اصابعهما خوفا من اي دعسة ناقصة قد تؤدي الى تفجير كل هذه الالغام دفعة واحدة كونها مترابطة ومربوطة بشريط كهربائي واحد, يبعث ذبذبات في كل الاتجاهات خصوصا في اتجاهات المختارة وبزمار, اضافة الى حارة حريك وعين التينة.
من هنا فإن الافراط في التفاؤل قد يخلق للمتفائلين صدمة عند اكتشاف ان سلة الحلول فارغة, وان قطبي الحوار لا ينقلان سوى الماء في هذه السلة الى الافرقاء كافة. كما ان الاسترسال في التشاؤم قد يولد الاحباط واليأس في الوقت الذي لا يمكن ان يستسلم فريقا الصراع الى قدر لبنان بالعيش المستمر داخل دائرة المراوحة القاتلة, بل لا بد من فتح كوة في هذا الحائط السميك لعلها تضيء الغرف الضيقة المعتمة حيث تبادل بري والحريري افكارا وتصورات للحلول قبل بلوغ حدود الكارثة.
ومهما يكن من امر, فإن البلاد تنتظر وصول قطار الحل من اجل الصعود ولو في المقطورة الاخيرة من اجل حضور وليمة العجل المسمن قبل فوات الاوان والبقاء على كوع ومفترقات التسويات التي قد لا تؤدي الى تسوية للازمة اللبنانية.
 


غابي أبو عتمة
المصدر: الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...