مجلس التصفيق الأمريكي للحلم الصهيوني
بدا الكونغرس الاميركي بمجلسيه امس اشبه ببرلمان لدولة من العالم الثالث عندما وقف أعضاؤه النواب والشيوخ مصفقين 18 مرة لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الذي لا يمكن ان يحظى بمثل هذا التكريم حتى من قبل الكنيست، خصوصا ان خطابه لم يتضمن أي موقف سياسي جديد، حتى بالنسبة الى ما يسمى ب<خطة الانطواء> التي تقضي بالانسحاب من بعض مناطق الضفة الغربية، والتي لم يصفق لها المشرعون الاميركيون وقابلوها بالصمت التام.
الحفاوة الاستثنائية التي لقيها خطاب اولمرت، الاول من نوعه امام الكونغرس، ثم تسابق النواب والشيوخ الاميركيين الى مصافحته وتحيته، كان بمثابة اشارة الى ان انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقرر إجراؤها في الخريف المقبل، قد اتخذت شكل اللهاث خلف الصوت اليهودي المؤثر وخلف تمويل المؤسسات اليهودية النافذة.
خطاب اولمرت الذي غلب عليه الطابع المسرحي، شارك الاكاديمي اليهودي ايلي ويزل، الناجي من المحرقة والحاجز جائز نوبل للسلام، في كتابته ومراجعته كما اضاف إليه ملاحظات ومقاطع، مخصصا إياه لمهاجمة الفلسطينيين وخصوصا حركة حماس التي اتهمها باللاسامية، كما ركز على مخاطر الطموحات النووية الايرانية.
وقال اولمرت، في خطابه امام جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ الاميركيين، <امد يدي الى محمود عباس تعبيرا عن السلام، وباسم دولة إسرائيل نحن مستعدون للتفاوض مع السلطة الفلسطينية إذا اعترفت بإسرائيل واحترمت الاتفاقات السابقة ونزعت أسلحة التنظيمات الإرهابية>. وتابع أن <السلطة الفلسطينية تقودها حماس وهي منظمة ملتزمة بقوة بمعاداة السامية وتمجيد الارهاب والتدمير الكامل لإسرائيل. ما دامت هذه هي مبادئهم فإنهم لن يكونوا أبدا شريكا> في السلام.
وقال <مع وجود شريك فلسطيني حقيقي للسلام، اعتقد انه يمكننا ان نتوصل لاتفاق حول كل المسائل التي تفرق بيننا> مضيفا انه اذا تجاهل الفلسطينيون <يدنا الممدودة للسلام... فستبحث اسرائيل عن خيارات اخرى لتشجيع مستقبلنا وآفاق الامل في الشرق الاوسط>.
وكرر اولمرت ان اسرائيل لن تنتظر <الى ما لا نهاية> ولن تمنح الفلسطينيين <حق النقض> الذي يمنع التقدم نحو السلام. وقال ان <خطة الانطواء> <ستحل جزءا كبيرا من الصراع بين الشعبين> وستتيح <تقليص التوتر بين الاسرائيليين والفلسطينيين في شكل ملحوظ وستمنع جزءا كبيرا من النزاع الذي يعانيه الشعبان>. اضاف إن <إسرائيل ملزمة بضمان وجودها كدولة في حدود آمنة وذات غالبية يهودية مع القدس بأكملها>. وتابع <ومثل أميركا، تسعى إسرائيل أيضا إلى تحرير نفسها من مظاهر الإرهاب وتلتزم بالسلام والأمن. وسوف تنفذ إسرائيل خطوات ضرورية لتحقيق أحلام السلام التي كانت خطة فك الارتباط خطوة ضرورية لتحقيقها>.
وتابع <امنيتنا العميقة ان نبني مستقبلا افضل لمنطقتنا، يدا بيد مع شريك فلسطيني، وإلا فسنتقدم ولن نكون وحدنا>، وذلك في اشارة الى ما يطلبه من دعم اميركي. وقال ان <النجاح لن يكون ممكنا الا في ظل مشاركة فاعلة لأميركا، تقود الى دعم اصدقائنا في اوروبا وعبر العالم>.
ورحب أولمرت بالعديد من
التدابير التي اتخذها اخيرا مجلس النواب الاميركي، وخصوصا مشروع القانون الذي اقره الثلاثاء الماضي ويستهدف منع اي مساعدة اميركية مباشرة او غير مباشرة للسلطة الفلسطينية.
وحول ايران، قال اولمرت <اذا لم نأخذ على محمل الجد الخطاب الحربي لإيران الآن، فسنكون مرغمين على ان نأخذ على محمل الجد عدوانها النووي لاحقا> مضيفا وسط التصفيق <سيحكم التاريخ على جيلنا على اساس الاجراءات التي نتخذها الآن واستعدادنا للدفاع عن السلام والامن والحرية وعلى اساس شجاعتنا في القيام بما هو صالح... المجتمع الدولي لن يحكم عليه بنواياه بل بما يحققه من نتائج>. وتابع <إيران نووية تعني ان تحقق دولة ارهابية الهدف الاول الذي يعيش الارهابيون ويموتون من أجله وهو التدمير الشامل لحياة بشر أبرياء> معتبرا ان <هذا التحدي الذي اعتقد انه اختبار عصرنا هو تحدّ لا يملك الغرب ترف خسارته> ومشيرا الى أن إيران <توشك على امتلاك أسلحة نووية>.
وقال أولمرت <بالنسبة لنا هذا خطر يتهدد وجودنا. خطر لا يمكن ان نسكت عنه. لكنه ليس خطرا على اسرائيل وحدها بل هو خطر على كل من يلتزم بالاستقرار في الشرق الاوسط وعلى رفاهية العالم أجمع> محذرا من أن <عاصفة أخرى سوداء تتجمع> وتلقي بظلالها على العالم.
الى ذلك، كتب المراسل السياسي لصحيفة <هآرتس> آلوف بن من واشنطن أن أولمرت ومكتبه والبيت الابيض خفضوا سقف التوقعات عشية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن، ونجحوا في زرع انطباع لدى وسائل الإعلام بأن الدعم الأميركي ل<خطة الانطواء> سيكون فاتراً وأن البرنامج النووي الإيراني سيكون في مركز الزيارة. اضاف أن التوقعات المتدنية هذه شكلت خلفية مريحة لتصريح الرئيس جورج بوش حول ان <الافكار الجريئة> لأولمرت في <خطة الانطواء> قد تكون <خطوة مهمة نحو السلام>. وفي الوقت نفسه، ذكّر أولمرت بأن بوش كان أول من أيد خطة فك الارتباط في غزة وانضم العالم إليه لاحقاً بعد أن تردد في البداية.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد