«عزرائيل» حصد أرواح58260 سورياً عام 2007
بلغت الوفيات في سورية 58260 وفاة عام 2007، وحسب آخر الإحصاءات التي اعتمدتها وزارة الصحة، فإنّ وفيات المحافظات كافة زادت بمقدار 1100وفاة عن وفيات العام 2006..
وتؤكّد الإحصاءات أنّ أمراض القلب والجهاز الدوراني مازالت تشغل السبب الأوّل للوفاة في سورية حيث أودت بـ29479شخصاً عام 2007 وبنسبة حوالي 51%من إجمالي الوفيات، وأبرز المتغيرات في مسببات الوفاة تمثّل بأمراض الجهاز التنفسي التي تفاقمت كثيراً فأصبحت ثاني مسبب للوفيات في سورية العام 2007 بعدما كانت السبب الرابع للوفيات عام2006، وبذلك تكون قفزت خلال عام واحد مرتبتين وتجاوزت 9% من إجمالي الوفيات، وتفاقمت مخاطرها بأكثر من مخاطر أمراض الأورام والحوادث التي كانت تسبق أمراض الجهاز التنفسي في مسببات الوفاة، وهذا التفاقم في الوفيات الناجمة عن أمراض الجهاز التنفسي تحمل دلالات على مخاطر تلوّث الهواء في سورية وتأثيراته الصحية، إضافة إلى مخاطر التدخين، إذ حسب منظمة الصحة العالمية فالارتباط وثيق بين أمراض الجهاز التنفسي وتلوّث الهواء والتدخين.
وتمثّلت أهم المتغيرات في أسباب الوفيات أيضاً بأمراض الأورام التي كانت عام 2006 السبب الثاني للوفيات وأصبحت السبب الرابع عام2007، أمّا الحوادث فبقيت المسبب الثالث، وكذلك بقيت بقية الأمراض في المراتب نفسها التي شغلتها العام 2006 ضمن أسباب الوفيات..
- تجسدت بقية أسباب الوفيات وفق التالي: المرتبة الخامسة للوفيات الناجمة عن الخدج ورضوض حول الولادة ونقص الأكسجة.
المرتبة السادسة للوفيات الناجمة عن التشوهات الولادية والشذوذات الصبغية، ثمّ على التوالي سابع سبب للوفيات نتيجة أمراض الجهاز البولي التناسلي، وثامن سبب لأمراض الجهاز العصبي، وتاسع سبب لأمراض جهاز الهضم، وعاشر سبب لأمراض الغدد الصمّ والاستقلاب، والسبب الحادي عشر لأمراض جرثومية وطفيلية، والسبب الثاني عشر لأمراض الدم، والسبب الثالث عشر للأمراض العقلية، والسبب الرابع عشر للوفيات الناجمة عن الحمل والولادة. وتسببت أمراض ( القلب والجهاز الدوراني- الجهاز التنفسي-الحوادث-الأورام ) بـ71% من الوفيات في سورية وتشغل الأمراض المذكورة المراتب الأربع الأولى في تسببها للوفاة، وكانت أمراض القلب والجهاز الدوراني تسببت بـ30ألف وفاة في سورية العام 2006وشكلت 52.9 % من إجمالي الوفيات في العام المذكور والتي تجاوزت57 ألف وفاة نتيجة شتّى الأمراض والحوادث، ويتركّز ربع الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والجهاز الدوراني المبلغ عنها على صعيد القطر في محافظة دمشق؟!
وعبر متابعة الإحصاءات الخاصة بأمراض القلب خلال أعوام 2003،2006،2007 تبين أنّ الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والجهاز الدوراني تضاعفت مؤخراً..
وفي نموذج العام 2007 يتوضّح الفارق الكبير في الوفيات الناجمة عن السبب الأوّل من جهة، والوفيات الناجمة عن السبب الثاني وبقية المراتب من جهة أخرى، إذ تسببت أمراض الجهاز التنفسي بـ 5301وفاة، وتسببت الحوادث بـ 3320وفاة، وتسببت الأورام بـ 3262وفاة..
-ويمكن الاستعانة بعينة من الوفيات أعدّها بعض المعنيين في مديرية صحة دمشق تلبية لطلب تشرين وذلك اعتماداً على بيانات من مكتب الدفن في دمشق لشهر تمّوز 2006 وبغية معرفة لمحة عن عينة الأمراض المنتشرة المميتة، حيث توفي في الشهر المذكور نتيجة أمراض القلب والجهاز الدوراني 302شخص (91 بتوقف قلب وتنفس، و55باحتشاء عضلة قلبية، و10بنقص تروية، 24 قصور قلب، و9 ارتفاع توتر شرياني، 4جلطة قلبية، 11صدمة قلبية الخ..)، وتوفي 50 شخصاً بأمراض الجهاز التنفسي 10منهم نتيجة وزمة رئة، و3نتيجة ذات الرئة، و2ربو قصبي، و2ربو صدري متقدّم، و5سرطانات رئة، 1فرط توتر رئوي، و5قصور تنفس..، وتوفي في الشهر ذاته 60شخصاً نتيجة الأورام منهم 7بسرطانات الكولون، و5بسرطان الثدي، و5بسرطان الدماغ، و6بسرطان الرئة، و4بسرطان الرحم، و4بسرطان الكبد، و7بسرطان المعدة.. الخ ، وتوفي في الشهر ذاته نتيجة الحوادث 25شخصاً، 8نتيجة حادث سير، و1بتعاطي مخدّر، و1بتعاطي جرعة دواء زائدة، و1بطعنة سكين، و1بالغرق.. الخ..
- جاء في وثيقة رسمية تخصّ القطاع الصحي:« إنّ معدلات انتشار الأمراض المزمنة ارتفعت وهي تتميّز بفترات مراضة أطول واحتياجات أكثر من الرعاية الصحية..»، وحسب وزارة الصحة فإنّه تمّ مسح انتشار الأمراض المزمنة وعوامل اختطارها في سورية، وذلك بالتعاون بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، وأشرف على المسح د.محمود كريم، وأعدّ المسح د.لمى حاميش، ود.حيدر دك الباب، ود.محمد ابراهيم البيطار، وهدف المسح قياس عوامل اختطار الأمراض غير السارية(البدانة، القوت، عدم ممارسة النشاط الفيزيائي، والتدخين، الكحول، وارتفاع سكر الدم، وارتفاع التوتر الشرياني، وفرط شحوم الدم)، وانتشار هذه الأمراض، إضافة إلى معرفة علاقتها بمكان السكن، وشملت الدراسة 8500 شخص من جميع المحافظات واعتمدت عام 2005.
تبين أنّ نسبة انتشار التدخين لدى الذكور 48% ولدى الإناث حوالى 9%، ولدى مقارنة نسبة التدخين في سورية تبيّن أنّها مرتفعة أكثر من نسبة التدخين في (السعودية، وباكستان، وإيران، والعراق، والإمارات)..، وبلغت نسبة تناول الكحول حوالى 11% لدى الذكور، و3.25% لدى الإناث، وهي قليلة مقارنة بالنسب العالمية، وإنّ نسبة انتشار البدانة في سورية 26.6%، وبلغ متوسط سكر الدم 96.5- 100.8ملغ، وهي قريبة من القيم التي تمّ الحصول عليها في بعض الدول العربية، ومتوسط قيمة الكوليسترول 181.4ـ 185.9ملغ/100ملليتر، وهي قيم أقل من دول عديدة، ونسبة ارتفاع التوتر الشرياني تعتبر عالية إلى حد ما مقارنة بالنسبة في دول عديدة، ونسبة إصابة الذكور بارتفاع الشحوم أعلى من إصابة الإناث.
وأوصى المسح بتنشيط برامج مكافحة التدخين والكحول والبدانة، والمحافظة على النمط التغذوي الكفيل بعدم رفع مستوى الكولسترول والشحوم الثلاثية (تناول الخضار والفواكه بما يتناسب مع معايير منظمة الصحة العالمية خمس قطع يومياً)، وتشجيع قياس الضغط بشكل روتيني عند البالغين ولاسيما في العمر 50 فما فوق..
- سبق لتشرين أن نشرت عن دراسات خارجية تناقلتها وسائل الإعلام تفيد بوجود علاقة بين تلوّث الهواء وأمراض القلب والجهاز الدوراني، وأنّه كلّما تفاقم التلوّث تفاقمت خطورة هذه الأمراض، ولكن لم يقدّم بحثنا العلمي تفسيرات عن أسباب تفاقمها الكبير في سورية؟!
ونظراً لتفاقم أمراض الجهاز التنفسي وانتقالها إلى ثاني أكبر مسبب للوفيات فإنّها تجسّد مؤشرات خطيرة خاصّة بالتلوّث البيئي وظاهرة التدخين، لذلك تبرز أهمية تسليط الضوء على تلوّث الهواء في سورية، في ضوء العلاقة المثبتة عالمياً بين تلوّث الهواء وزيادة أمراض الجهاز التنفسي والعديد من الأمراض، وإنّ أبرز ملوّثات الهواء في سورية العوالق (الغبار والجزيئات الناجمة عن احتراق وقود النقل والصناعة وشتّى الأنشطة السكانية..)، ولها مخاطر صحية عديدة (حسب منظمة الصحة العالمية)، إذ تفيد المعلومات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بأنّ العوالق من أكثر الملوثات الهوائية انتشاراً وتأثيراً..
وتثبت شتّى القياسات التي تمّت للعوالق وتعتمدها وزارة الإدارة المحلية والبيئة بأنّها تتجاوز المعايير المسموح بها عالمياً ما بين (الضعف - أربعة أضعاف)، في كلّ من دمشق وحلب وحمص وطرطوس والسويداء ودير الزوّر، علماً أنّ الاستراتيجية البيئية التي اعتمدتها وزارة الإدارة المحلية والبيئة عام 2003 قدّرت بأنّ «العوالق تسبب أربعة آلاف وفاة سنوياً في سورية..»؟
ومع هذه الخطورة للعوالق التي تحدثت عنها الاستراتيجية البيئية ومنذ بضع سنوات فإنّ معطيات بالجملة تخصّ الشأن البيئي تؤكّد استمراراً متفاقماً لمصادر العوالق (معامل إسمنت-أسمدة-مصافي نفط- الوقود الرديء-السيارات القديمة- عشوائية الحفريات وغبار الإنشاءات والبناء..)؟! علماً أنّ القياسات السّابقة للغبار والعوالق تفيد بأنّ غبار ست مدن سورية رئيسة بينها دمشق وحلب يبلغ أربعة أضعاف المسموح به عالمياً؟! فهل من المعقول إذاً تجاهل ذلك الغبار بأضراره المثبتة عالمياً؟! ألن يكون عاملاً رئيساً في زيادة الأمراض للسوريين؟! - وتمكن الإشارة إلى قياسات قامت بها مجموعة من المؤسسات العلمية(مركز الدراسات والبحوث العلمية ومركز الدراسات والبحوث البيئية وهيئة الطاقة الذرية، وزارة الدولة لشؤون البيئة والباحث البيئي الدكتور محمّد العودات، وآخرون..)، في فترات متقطعة مابين 1989و2001 واعتبرت أنّ التراكيز اليومية للجزيئات العالقة الكلية تراوحت بين 115و600 ميكروغرام/م3 في معظم المدن السورية، وهذا يتجاوز الحد المسموح به من منظمة الصحة العالمية(120)ميكروغراماً/م3، أمّا العوالق ذات الأقطار الأقل من 10ميكرونات(وهي أكثر خطورة)، فبلغت 118-287ميكرو غراماً/م3، (المسموح70ميكرو غراماً/م3)، وبلغ تركيز العوالق ذات الأقطار الأقل من 3ميكرونات (شديدة الخطورة) عدّة أضعاف المسموح به عالمياً (15ميكروغرامات/م3)، وشملت القياسات (دمشق-حلب-حمص-طرطوس-السويداء-دير الزّور).
ويعود ارتفاع تركيز العوالق الكلية في المدن السورية لأسباب مختلفة أهمها، (وفق بعض الأبحاث المحلية وبما يتقاطع مع معلومات الاستراتيجية البيئية)، أنّ المدن توجد في مناطق جافة أو شبه جافة، وتحيط بها مناطق زراعية أو مناطق خرب فيها الغطاء النباتي، وبالتالي يشكل حت وتعرية التربة مصدراً هاماً للغبار، كما يحيط بمعظم هذه المدن صناعات مختلفة لا تراعي الاعتبارات البيئية كصناعة الإسمنت وغيرها، إضافة إلى حركة وسائط النقل والنشاطات البلدية والبناء، ما يشكل مصدراً مهماً يزيد من تركيز العوالق الكلية، أمّا ارتفاع تركيز العوالق التنفسية (الصغيرة) فيعود إلى عوامل عدة أهمها وسائط النقل، والصناعات المختلفة الموجودة في المدن أو في المناطق المحيطة بها، والتي لا تراعي في معظمها الاعتبارات البيئية، ويضاف إلى ذلك عدم وجود أحزمة خضراء تحيط بالمدن، وكذلك انخفاض المساحات المشجرة داخل المدن والتي يجب أن لا تقل مساحتها عن 40% من مساحة المدينة..
وحول ملوثات الهواء الغازية الأساسية، تشير القياسات المحدودة التي أجريت في بعض المدن السورية إلى تدني نوعية الهواء، تنقلها تشرين عن بحث حول جودة الهواء للباحثين د.محمّد العودات ود.عدنان غاتا، وأصبح محملاً في بعض المناطق، بتراكيز مرتفعة من أكاسيد الكبريت والنتروجين وغيرها، ولا يقتصر التلوث في معظم المدن، على الملوثات الأولية (أكاسيد الكبريت والكربون والآزوت والهيدروكربونات وغيرها) التي تنتج من احتراق الوقود سواء في وسائط النقل أو في الصناعة ووسائط التدفئة وغيرها، وإنما تعاني من ظاهرة الضباب الدخاني، والتي تنجم عن تفاعل ملوثات عديدة، وتنتج مجموعة من الملوثات الثانوية التي لا تقل خطورتها على الصحة عن الملوثات الأولية، وخاصة الأوزون، وما يسمّى بالمؤكسدات الكيمائية الضوئية ولهذه المركبات تأثيرات صحية بالغة السوء، وتسبب احتقان الأغشية المخاطية والدماع وتهيج العيون، إضافة إلى استثارة الربو والتهاب القصبات والسعال وغيرها.
- وفق منظمة الصحة العالمية فإنّ التأثيرات الصحية للعوالق على الإنسان تتمثّل بزيادة التهاب الشعب الهوائية، والانتفاخ الرئوي، وزيادة تواتر نوبات الربو، وزيادة معدل الأزمات القلبية، وبمعدل قد يصل إلى 14 عاماً في المناطق المحيطة بمحطات الطاقة التي تعمل بالفيول والفحم الحجري، والعوالق تعتبر سامة بذاتها، وتعوق تهوية الجهاز التنفسي، وتندغم ببعض الملوثات السامة (SO2، والعناصر المعدنية كالرصاص)..
ولكن توجد تأثيرات أخرى لتلوّث الهواء تجاه أمراض عدّة وليس أمراض التنفّس فقط، إذ وفق دراسات أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2004 فإنّ التعرض المديد للعوالق التنفسية «قطرها أقل من 10ميكرونات» يزيد من أخطار موت الأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية وتنفسية وسرطانات رئوية ويخفض العمر المتوقع بمعدل «2 إلى 3 سنوات..»، وهنا تثير «تشرين» إشكالية إقامة المرضى في مدننا الرئيسة المزحومة بالنّاس وبالهواء المشبع بالعوالق التنفسية؟! فهل مرضى القلب والجهاز التنفسي وسرطانات الرئة..وغيرهم في مأمن من تلك العوالق وهم في بيوتهم أو حتّى وهم في مشافي دمشق وأثناء علاجهم تحديداًً؟!
وأشارت دراسات وبائية صادرة عن منظمة الصحة العالمية منذ العام 2000، إلى أن مئات الآلاف من حالات الموت المبكر في أوروبا تعزى إلى تلوث الهواء، وبينت إحدى الدراسات، التي تنقل «تشرين» مضامينها اعتماداً على باحثين محليين (د.محمد العودات، من هيئة الطاقة الذرية، ود.عدنان غاتا من جامعة البعث) بأنّ «كلّ زيادة في تركيز العوالق التنفسية PM10 قدرها 10 ميكروغرامات/م3، تزيد من خطورة الإصابة بسرطان الرئة بمعدل نحو 8%»..، كذلك أوضحت دراسات جرت في الصين عام2004 بأنّ «التعرض غير المديد إلى زيادة قدرها 10 ميكروغرامات/م3 من العوالق التنفسية يؤدي إلى زيادة موت مرضى الجهاز التنفسي بمعدل 6 أشخاص لكل 1000 مريض، وزيادة موت مرضى القلب بمعدل 4 أشخاص لكل 1000 مريض..»، وأما التعرض المديد فيزيد من الأمراض الصدرية بمعدل 3.1% عند البالغين و 4.4% عند الأطفال، وبنتيجة هذه التأثيرات المقلقة والتي توضح أن زيادة تركيز العوالق التنفسية PM10 في الهواء تنعكس في خفض متوسط العمر لعموم الناس بمعدل 2ـ 3 سنوات، وتزيد من الأمراض الصدرية والقلبية والسرطانات الرئوية، فإن منظمة الصحة العالمية لا تنصح بمعايير سنوية أو يومية للتعرض للعوالق.
وحول الملوثات الهوائية الأساسية فيمكن اختصار تأثيراتها على الصحة،حسب منظمة الصحة العالمية، وفق التالي:
ثاني أكسيد الكبريت SO2 يخرّش الأغشية المخاطية والسعال ويسبب الوزيز والتهاب القصبات وضيق التنفس وآلاماً صدرية، واحتقان والتهاب الأنف، وزيادة في تواتر نوبات الربو..
أول أكسيد الكربون coيسبب نقص أكسجة أنسجة الجسم، وله تأثيرات سمية..
أمّا الأوزون فيسبب تحسس الأغشية المخاطية لجهاز التنفس والعيون، والسعال، والوزيز، واشتداد نوبات الربو، وخفض وظيفة الرئتين.
أمّا البنزيرين فهو مسرطن، وبالنسبة لأكاسيد الآزوت فإنها تسبب التهابات الشعب التنفسية، وخفض وظيفة الرئتين وبخاصة عند الأطفال، وزيادة تواتر الأمراض الصدرية.
ولا بدّ من التنويه إلى أنّ قياسات الملوثات السّابقة في المدن السورية التي تمّ القياس فيها أثبتت تجاوزها للمعايير العالمية، لذلك تبرز هنا مفارقة النص التالي الذي ورد في نص الخطة الخمسية العاشرة ضمن القطاع الصحي: «تشير دلائل كثيرة إلى تراجع الوضع الصحي في المناطق التي تعاني من التلوث والكثافة السكانية العالية»؟! إذ ما هو مثبت عالمياً من مخاطر التلوّث على الصحة مازال غير مثبت في سورية ويتمّ الحديث عنه ضمن حدود «المؤشرات» والتخمينات وبالتعميم، دون معرفة خصائص محددة وأرقام دقيقة؟!
- تتمثّل بعض أهداف وزارة الصحة في الخطة الخمسية العاشرة بتعزيز الصحة العامة للسكان، وتحسين أداء وسوية الخدمات الصحية، ووضعت الوزارة مشروعات وبرامج بالجملة متباينة الأولوية، ويرتبط تنفيذها بسيناريوهات معدّل النمو الاقتصادي الذي يمكن تحقيقه خلال سنوات الخطة والذي سيحدّد حجم الاستثمارات الممكنة، ومنها أربعة مشروعات وبرامج تتجاوز تكلفتها ال15مليار ل.س وهي مشروع تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية، وسيكلّف 7508 ملايين ل.س، وأهدافه (الحد من معدلات حدوث أمراض القلب والأوعية، وزيادة معدل الاكتشاف المبكر لأمراض القلب والأوعية الدموية، ورفع وتحسين نوعية الخدمات العلاجية، وتطوير الرعاية المجتمعية والمنزلية لمرضى القلب، وتحقيق رضى المواطنين عن الخدمات وضمان حصول الفقراء عليها..).
المشروع الثاني هو المكافحة الشاملة للسرطان، وسيكلف 6783 مليون ل.س، وأهدافه (تحقيق الوعي بطرق الوقاية من السرطانات والتزام سلوكي بأنماط الحياة الصحية، واكتشاف مبكر للسرطانات في كل مناطق القطر ولكل الشرائح الاجتماعية، وخدمات صحية متميزة في معالجة السرطانات موزعة جغرافيا بشكل عادل، ومعايير موحدة لتشخيص وعلاج وتأهيل المصابين بالسرطانات، وتأمين قوى بشرية مؤهلة لتشخيص وعلاج وتأهيل المرضى المصابين بالسرطانات، وتحقيق عبء اجتماعي واقتصادي أقل للسرطانات)..
أمّا المشروع الثالث فهو الوقاية من الحوادث، وسيكلف 358مليون ل.س، ويهدف إلى تحقيق وعي أعلى بالمشكلة والتزام سلوكي بإجراءات الوقاية منها، وتأمين تحالفات قطاعية من أجل الوقاية والحد من الإصابات نتيجة الحوادث، وتأمين عمل برامجي ومؤسسي للحد من حوادث الطرق وتخفيف عبئها، وتنفيذ نظام وطني فاعل للحد من حوادث الطرق وتخفيف عبئها.. وبرامج سلامة مهنية أكثر فاعلية في المؤسسات الإنتاجية والخدمية على حد سواء، ونظم رقابية فاعلة على إجراءات السلامة المهنية في المؤسسات المختلفة، واستخدام أفضل لخدمات الإسعاف والطوارئ عند وقوع الحوادث..
أمّا المشروع الرابع فهو تنمية البحث العلمي الصحي، وسيكلف 487 مليون ل.س، ويهدف إلى وضع خطة وطنية للبحث العلمي في القطاع الصحي، وكوادر بشرية مؤهلة في مجالات البحث العلمي الصحي، وفهم أعمق للمشكلات الصحية ومحدداتها في المجتمع السوري، وتخطيط صحي وممارسة طبية مستندتان الى البرهان العلمي، وتدخلات صحية أكثر كفاءة وفاعلية في تعزيز صحة السكان، وتحقيق وفر في الهدر وزيادة في إنتاجية القطاع الصحي.
- كان أبو محمّد في أحد المشافي العامة يصارع ورماً منتشراً وتستوجب حالته استعمالاً متكرراً للحمّام في القسم الطبي الذي تتم مراقبة وضعه فيه، فتمّ إبلاغه بإغلاق الحمّام بسبب تعطّله، وأمكن تمييز بعض ما قاله أبو محمد بحشرجة صوته الذي بات يصعب معرفة كامل كلماته وقد أرهقه المرض، تساءل: مشفى دون حمّام؟! ولكن تمّ إخباره بأنّ هذا غير صحيح ولا يمكن لإدارة المشفى إهمال كلّ حمامات المشفى، لذلك: فيمكنه استعمال حمّام القسم المجاور، فتمّت المطالبة بكرسي نقّال للوصول إلى الحمّام المجاور فأُبلغ بعدم توفره، قال: مشفى دون كرسي نقّال؟! وتوفّرت لأبي محمّد وساطة من داخل المشفى مكّنته من الحصول على كرسي نقّال لبعض استعمالاته، وأيضاً كان مكان تعليق السيروم مصاباً بالصدأ، والسرير لا يرتفع حسب رغبة المريض لأنّه معطّل، والشراشف عتيقة وممزقة، وعندما يحتاج إلى استشارة اختصاصي من خارج القسم فلا يأتي قبل ثلاث ساعات، وحدثت أمور كثيرة كثيرة مع المرضى المزحومين في الغرف ومع مرافقيهم..، وجعلت أبو محمّد يقول لمرافقيه: خذوني إلى بيتي أريد الموت فيه بدلاً من هذا المشفى الذي يحبط أكثر ممّا يعالج..؟!
وبعيداً عن حالة أبي محمّد فإنّ العديد من مشافينا العامّة في حالة مزرية مع أنّها الملاذ الرئيس للنّاس، وكما يحتاج البلد إلى مشروعات جديدة فإنّ المشافي القائمة تحتاج إلى الكثير من الاستثمارات كي لا يضطّر أبو محمّد وغيره إلى تحقق أمنية الموت بدلاً من أمل العلاج في مشافٍ بخدمات
عيداً عن حالة أبي محمّد فإنّ العديد من مشافينا العامّة في حالة مزرية مع أنّها الملاذ الرئيس للنّاس، وكما يحتاج البلد إلى مشروعات جديدة فإنّ المشافي القائمة تحتاج إلى الكثير من الاستثمارات كي لا يضطّر أبو محمّد وغيره إلى تحقق أمنية الموت بدلاً من أمل العلاج في مشافٍ بخدمات متوسط ">متردية؟!
متوسط تراكيز العوالق (ميكروغرام/م3) في بعض المدن السورية
PM10 PM3 PM1
دمشق 231ـ 588 86+ ـ 222 27+ ـ 115 24+ ـ 82
حلب 303ـ 603 95+ ـ 287 28+ ـ 174 19+ ـ 114
حمص 218ـ 376 36+ ـ 157 14+ ـ 92 7+ ـ 55
طرطوس 115ـ486 74+ ـ 202 21+ ـ 84 16+ ـ 54
السويداء 169ـ 386 55+ ـ 118 48+ ـ 68 14+ ـ 37
دير الزور 263ـ486 31+ ـ 194 6+ ـ 107 4+ ـ 76
الحد السنوي المسموح به حسب المواصفة 15 50 150 ـ السورية
ظافر أحمد
المصدر: تشرين
التعليقات
التلوث
موظف الحكومة
سأحاول في تعليق
وجهة نظر
وما خَفيَ كان أعظم
إضافة تعليق جديد