إسـرائيل تعلن الحـرب على «أسـطول الحريـة»
قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، في جلسة استثنائية عقدها يوم أمس، منع قافلة «أسطول الحرية - 2» للتضامن مع الشعب الفلسطيني، «بشكل حازم»، من الوصول إلى شواطئ غزة. وجاء القرار في ظل استعدادات مكثفة من جانب نشطاء السلام الدوليين للانطلاق من موانئ اليونان لكسر الحصار البحري المفروض على غزة.
وبموجب قرار المجلس الوزاري المصغر فقد تم تفويض الجيش الإسرائيلي منع الأسطول، «بشكل حازم»، من الوصول إلى غزة مع الامتناع إلى الحد الأقصى عن استخدام العنف والمساس بالأرواح.
وتم إبلاغ المجلس الوزاري أن الخشية من صدام مع المتضامنين تراجعت بعد إعلان منظمة IHH التركية عدم مشاركة سفينة مرمرة في القافلة. ومع ذلك تتحسب القوات الإسرائيلية من احتمالات ضعيفة لصدام مع متضامنين عرب أو أجانب آخرين. وثمة تأكيدات إسرائيلية بأن القسم الأساسي من المتضامنين هم فعلاً من أنصار حقوق الإنسان من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا.
وأشارت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أن أساس الجهد الدبلوماسي حالياً يتركز مع اليونان بعدما قررت الحكومة القبرصية عدم السماح لسفن القافلة بالرسو في موانئها.
وبذلك أتم الوزراء يومين من المداولات حول القافلة. وتم في هذه المداولات استعراض تقارير أمنية من كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية ووزارة الخارجية. وأكدت إسرائيل أنها لا تملك حتى الآن معلومات حول وجود جهات إرهابية بين النشطاء الذين سيصلون على متن السفن.
وفي اجتماع لـ«حزب الاستقلال» الذي يرأسه، اعتبر وزير الدفاع إيهود باراك أن القافلة «استفزاز لا حاجة له» وأنه «ليس في غزة أزمة إنسانية من أي نوع، وأن المشكلة الأساسية في غزة هي استمرار احتجاز جلعاد شاليت وتخزين المزيد من الصواريخ التي تهدد دولة إسرائيل». وطالب باراك المتضامنين ومن يقف خلفهم بالكف عن «استفزاز» إسرائيل، وهدد بأن المسؤولية عما سيحدث تقع «على المشاركين في القافلة ومنظميها».
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن حكومة نتنياهو تحاول إظهار الجهد الذي تبذله لإحباط «أسطول الحرية - 2» تجنبا لانتقادات كتلك التي تلقتها في أعقاب مجزرة الأسطول الأول. تجدر الإشارة إلى أن مراقب الدولة الإسرائيلي، القاضي ميخا ليندنشتراوس، انتقد بشدة أداء كل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك في الأسطول السابق. ولهذا السبب يواصل المجلس الوزاري المصغر عقد اجتماعات متتالية لمتابعة أمر الأسطول الجديد.
وقال عضو المجلس المصغر، وزير المالية يوفال شتاينتس، إن «هذا الاستفزاز سيتوقف في الوقت والأسلوب المناسبين». وبحسب كلامه، فإن «الجيش الإسرائيلي أوقف الأسطول السابق قبل عام، وسلاح البحرية والجيش هما من دون ريب، أفضل استعدادا هذه المرة».
وفي المقابل فإن نشطاء السلام من منظمي القافلة، وبرغم العقبات الكبيرة التي توضع أمامهم، لا يزالون يصرون على انطلاقتها. ويؤكد المتحدثون باسم «أسطول الحرية» أنهم «ضد سياسة الحكومة الإسرائيلية» وأنهم يأملون «أن لا تكون إسرائيل خلف المصاعب الفنية التي تعرقل انطلاق القافلة».
وقال درور فايلر، وهو متضامن إسرائيلي يعمل في السويد في إطار «حركة تحرير غزة»، إنه «بعد المحرقة النازية نشأ نوعان من اليهود: نوع قال إننا سنفعل كل ما في وسعنا من أجل عدم تكرار هذه التجربة الفظيعة، ونوع آخر قال بـأننا سوف نمنع وقوعها علينا».
وتتحدث التقديرات الإسرائيلية عن أن قافلة الحرية الجديدة لن تشمل أكثر من سبع سفن هذه المرة وأنها ستحمل بضع مئات من المتضامنين. وهذا التقدير يتخالف مع الانطباع الذي أعطاه المتضامنون حول عديد السفن والمتضامنين وحجم المساعدات التي يحملون. وسرت أنباء أن اليونان تعرقل انطلاق ست سفن من موانئها وأن سفينة «جرأة الأمل» التي ربع ركابها من اليهود تعجز عن الانطلاق «لأسباب فنية».
وتوقع منظمو «أسطول الحرية -2» أن تكون السفن مستعدة يوم الخميس أو الجمعة للانطلاق من قبالة سواحل جزيرة كريت اليونانية إلى غزة. وقال فاغيليس بيسياس، وهو احد المسؤولين اليونانيين عن هذه المبادرة، «الخميس أو الجمعة، ستلتقي تسعة أو عشرة مراكب قبالة الأرخبيل الليبي (القريب من كريت)، ونأمل في ألا تقوم السلطات اليونانية، برغم ضغوط إسرائيل ودول أخرى بمنعنا من الانطلاق».
ولا تخفي إسرائيل ارتياحها من تزايد العقبات التي تعترض سبيل قافلة الحرية. وتوحي من طرف خفي بأن هذه العقبات من صنع أجهزة الدولة العبرية وأدواتها المختلفة التي عملت هذه المرة تحت إشراف وزارة الخارجية.
وقد لحظ الجميع أن إحدى أدوات إسرائيل في هذه الحملة ضد القافلة تمثلت في التهديد المباشر. وإضافة إلى التلويح غير المباشر بنتائج مجزرة «أسطول الحرية» الأول، تم تهديد الصحافيين بشكل مباشر بأنه لن يسمح لهم بدخول إسرائيل لعشر سنوات فضلا عن عقوبات أخرى إذا وصلوا مع القافلة. ووصفت إسرائيل المشاركة في القافلة بأنها «استفزاز خطير» و«انتهاك دولي للقانون الإسرائيلي».
ودفع هذا التهديد العديد من القوى والنقابات الصحافية الدولية إلى استنكار الموقف الإسرائيلي مما قاد في النهاية إلى التراجع عن هذا التهديد وإعلان تمييز الصحافيين عن سواهم من ركاب القافلة. وأكدت صحافية أميركية تغطي القافلة أن التهديد الإسرائيلي «يرسل رسالة مقززة للإعلام الدولي ويثير أسئلة جدية حول مدى التزام إسرائيل بحرية الإعلام». كما أن اتحاد الصحافيين الأجانب في إسرائيل طالب الخارجية الإسرائيلية بالتراجع عن هذا التهديد. وقد سبق التراجع إعلان رسمي بأن نتنياهو سيعيد النظر في قرار معاقبة الصحافيين.
وأشارت مصادر رسمية إسرائيلية إلى أنه تم إرسال رسائل لمنظمي القافلة أن بوسعهم الرسو إما في ميناء العريش أو ميناء اسدود وإرسال شحنتهم من هناك إلى غزة بعد تفتيشها. وأضافت أنه تم التشاور مع مصر والحصول على موافقتها على رسو هذه السفن في العريش.
لكن منظمي «أسطول الحرية – 2» رفضوا هذا الاقتراح، وشددوا على أن «وجهة السفن معروفة وهي شواطئ قطاع غزة»، معتبرين أن «إسرائيل التي أعلنت عن إنهاء احتلالها لقطاع غزة، لا يخولها القانون الدولي اعتراض سفن الأسطول لكونها لا تمر في مياهها الإقليمية».
المصدر: السفير
التعليقات
تنديد,شجب,انتقادات لتصرفات
أعجبتني كلمة رتل. المفضّلة
إضافة تعليق جديد