استدعاء عاجل لوزراء عرب واجتماع «الرباعية» اليوم
تشارك وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس، اليوم، في اجتماع لأطراف اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، على أن يليه اجتماع مماثل مع عدد محدود من وزراء الخارجية العرب، في محاولة لإقناعهم بدعم مشروع قرار أميركي تم توزيعه في خطوة تستهدف على ما يبدو التغطية على فشل الرئيس جورج بوش في تحقيق وعده بإقامة دولة فلسطينية بحلول نهاية العام .٢٠٠٩
وكان الأميركيون قد فاجأوا الدبلوماسيين في مقر الأمم المتحدة بسلسلة من التحركات المتعلقة بمحادثات السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية، من خلال الدعوة إلى عقد اجتماع لأطراف الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي في نيويورك، بدلا من فرنسا كما كان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير قد اقترح.
واتضح لاحقا أن الاجتماع يهدف إلى الحصول على دعم أطراف الرباعية لمشروع قرار شديد العمومية في مجلس الأمن عمل الأميركيون على صياغته سرا بالتعاون مع الروس، وقد تم توزيعه على بقية أعضاء المجلس في جلسة استغرقت أقل من ساعة أمس الأول. ويسعى الأميركيون لاعتماد القرار بالإجماع في جلسة خاصة يعقدها المجلس غدا بحضور رايس.
وقال دبلوماسيون عرب لـ»السفير« أن وزراءهم فوجئوا بدعوات من وزارة الخارجية الأميركية قبل أيام فقط، تدعوهم لحضور اجتماع مع أطراف الرباعية في نيويورك، وهو ما أدى إلى استجابة عدد محدود من الوزراء الذين أكدوا حضورهم، وعلى رأسهم وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ووزراء خارجية الإمارات والبحرين والأردن، بالاضافة الى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
أما بقية الدول العربية التي تمت دعوتها، ومنها مصر وسوريا ولبنان واليمن والجزائر والمغرب وسلطنة عمان وقطر، فأعلنت أنها ستكتفي بالتمثيل على مستوى المندوبين الدائمين لدى الأمم المتحدة.
وما أثار دهشة أعضاء مجلس الأمن من مشروع القرار الأميركي، هو أن الولايات المتحدة كانت دائما، وبضغط من إسرائيل، ترفض صدور أي بيانات، ولو مجرد بيان صحافي، بشأن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي من مجلس الأمن، بزعم أن ذلك سيزيد الموقف تعقيدا، وأن المكان المناسب لحل أي خلافات بين الطرفين هو المفاوضات الثنائية.
ولكن يبدو أن رايس، التي كانت ترغب في تنفيذ ما اتفقت عليه الأطراف المعنية في مؤتمر أنابوليس، رأت في مشروع القرار البديل المناسبة الوحيد لضمان استمرار ما بدأته منذ توليها منصبها في ما يتعلق بعملية السلام.
ويكتفي مشروع القرار الأميركي بالإعلان عن »دعم مجلس الأمن للمفاوضات التي بدأت في أنابوليس في ٢٧ تشرين الثاني العام ،٢٠٠٧ والتزامه بعدم التراجع عن المفاوضات الثنائية، ودعم الأهداف التي اتفق عليها الطرفان في إطار مسار المفاوضات الثنائية وجهودهما الحثيثة للتوصل إلى هدفهم الداعي للتوصل لاتفاق سلام يحل كل القضايا العالقة بما في ذلك كل القضايا الجوهرية، من دون استثناء، وهو ما يؤكد جدية مسار أنابوليس«.
كما يدعو المشروع الأميركي الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى »تنفيذ التزاماتهما وفقا لخريطة الطريق... وأن يمتنعا عن اتخاذ أي خطوات من شأنها هز الثقة أو التأثير على نتيجة المفاوضات«. كما يدعو مشروع القرار »كل الدول والمؤسسات الدولية إلى المساهمة في تهيئة جو مناسب للمفاوضات، ودعم الحكومة الفلسطينية الملتزمة بمبادئ الرباعية ومبادرة السلام العربية، والتي تحترم التزامات منظمة التحرير الفلسطينية، والمساعدة في تنمية الاقتصاد الفلسطيني وزيادة الموارد المتوافرة للسلطة الفلسطينية والمساهمة في برنامج بناء المؤسسات الفلسطينية استعداد لقيام الدولة«.
وفي محاولة واضحة لاسترضاء الروس ودفعهم لدعم مشروع القرار، فقد تم الترحيب بعقد اجتماع دولي في موسكو في العام .٢٠٠٩ واعتبر الدبلوماسيون أنّ إشارة مشروع القرار إلى دعم مبادرة السلام العربية يأتي بمثابة محاولة مماثلة لاسترضاء السعوديين ودعوتهم لاستخدام نفوذهم لدى الدول العربية لمساندة مشروع القرار.
وبينما رحب الأوروبيون، وتحديدا الفرنسيون والبريطانيون، بمشروع القرار، فإن دولا في مجلس الامن، وتحديدا ليبيا واندونيسيا وجنوب أفريقيا، أبدت تحفظات عليه بدعوى أنه يخلو من أية إشارة إلى القضايا الجوهرية التي عطلت مسار أنابوليس، وأدت إلى الفشل في إقامة دولة فلسطينية. وطالب الليبيون بإضافة فقرة تطالب بوقف النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي المحتلة وعدم الاكتفاء بالإشارة إلى مطالبة الطرفين بالامتناع عن أي خطوات »من شأنها هز الثقة أو التأثير على نتيجة المفاوضات«.
لكن المندوب الأميركي زلماي خليل زاد قال للصحافيين إن أهم ما في القرار هو أنه يؤكد على ضرورة استمرار عملية السلام خلال الفترة انتقالية في الولايات المتحدة، وكذلك مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية في شباط المقبل، واحتمال إجراء انتخابات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أما المندوب الروسي فيتالي شوركين فأشار إلى أن أهم ما في القرار هو صدوره عن مجلس الأمن بعد فترة طويلة من فشل المجلس من تبني أية مواقف بشأن عملية السلام بسبب تعارض مواقف الدول الأعضاء.
وإلى جانب سعي رايس لتمرير مشروع القرار في مجلس الأمن غدا، أعلن خليل زاد أن الولايات المتحدة دعت كذلك لاجتماع يضم ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ووزراء مجلس التعاون الخليجي، وممثلي مصر والأردن والعراق وذلك للتشاور بشأن »أمن منطقة الخليج« وهو ما يعني عمليا إيران.
وكان اجتماع مماثل قد عقد على هامش أعمال الجمعية العامة في الأمم المتحدة في أيلول الماضي وصدر عنه بيان مشترك. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان سيصدر بيان مماثل في ختام الاجتماع الذي يعقد أيضا الثلاثاء بمشاركة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد