الضربات الجوية الأمريكية وحدها لن تسحق داعش
الجمل - بيتر لفوف - ترجمها عن الروسية: مظهر عاقلة: في حربها ضد تنظيم "داعش" أغارت الطائرات الأمريكية وحلفائها من الإئتلاف على 14 موقعا مستخدمة طائرات بدون طيار وصواريخ "توهاموك" والعملية شملت محيط مدينة الرقة في الجزء الأوسط والشمالي من سوريا و ديرالزور والبوكمال في شرق البلاد والحسكة في الشمال الشرقي وتركزت الغارات الجوية على مركز تجمع قيادات تنظيم "داعش" ومعسكرات تدريب ومستودعات الأسلحة. وتحدث بيان لوزارة الدفاع الأمريكي عن 4 غارات جوية في العراق وقصف غربي مدينة حلب -التي تعد ثاني أكبر المدن السورية- تحت ذريعة تواجد جماعة إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة تدعى"خراسان" كانت تنوي ترتيب هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة.
حصيلة الضربات الجوية مقتل عشرات المسلحين وتدمير عشرات المباني والسؤال هنا:؟
إذا كانت تكلفة صواريخ كروز والقنابل الموجهة بالليزر وغيرها من النفقات للعملية لايقل عن 1000000$ إن لم يكن أكثر وتم بها قتل عشرات المسلحين فإن تكلفة القضاء على آلف إرهابي هو مليار دولار وجيش تنظيم "داعش" قد يصل إلى 100 آلف فهل تستحق هذه التكلفة كل هذا العناء؟..
ببساطة واشنطن وحلفاءها من العرب لن يستطيعوا الإستمرار لأكثر من إسبوعين.
في ديسمبر 1998 أعلن بيل كلينتون نجاح عمليته أيام ضرب العراق والتي استمرت خمسة أيام واستخدمت فيها الصواريخ والقنابل، ولكن في واقع الأمر 177 صاروخ كروز قتل 300 شخص من بينهم 100 مدني ودمرت عشرات المباني ومجمعات الصناعة العسكرية.
وهنا يمكننا التساؤل كيف يخطط الإستراتيجيون في البنتاغون لتحرير 40% من الأراضي العراقية و30% من الأراضي السورية التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" إذا لم يكن هناك عملية برية؟.
يمكننا القول أن عملية مكافحة الإرهاب الحالية ماهي الإ للإستهلاك المحلي في الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي ,فالمعلوم أن أسهم أوباما إنخفضت بعد فشل عدوانه ضد روسيا في أوكرانيا. فمرة أخرى تحول الشرق الأوسط لمنطقة نزاع دولي وزّج بدول لديها مايكفيها من مشاكلها الداخلية كالمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات والبحرين وحتى الأردن.
أما مصر التي شاركت في إجتماع جون كيري في جدة يوم 11 سبتمبر أعربت عن عدم رغبتها بالمشاركة ضد تنظيم "داعش" في الأراضي السورية ,فهي تدرك جيداً أن إقدامها على المشاركة سيحرك آلاف المصريين المنتمين للإخوان المسلمين والحركات التكفيرية في شوارع المدن الرئيسية ,أما بالنسبة للمملكات العربية التي شاركت بالحملة حيث توجد رائحة باهتة للديمقراطية وأنظمة قمعية وأيدلوجية راديكالية لاتختلف كثيراً عن الفكر المتطرف لتنظيم القاعدة والنصرة و داعش هل ستنتفض شعوبها؟.
إطلاق الولايات المتحدة صراعا جديدا في المنطقة أمر يهدد إستقرار شركاءها في مجلس التعاون الخليجي الذين شاركوا في الضربات الجوية على مناطق في سوريا وبالأخص السعودية التي تعاني مشاكل داخلية وإضرابات في الدول المجاورة لها كاليمن والبحرين.
أما تركيا فهي لم تشارك في المغامرة الأمريكية على الرغم من أنها عضو في حلف شمال الأطلسي ومشاركتها في إجتماع جدة. أنقرة تدرك حجم اللاجئين الذين سيفرون جراء الضربات الجوية وعلاوة على ذلك المسألة الكردية في تركيا حساسة للغاية فالأكراد يشكلون ثلث سكان البلاد والكثير إنضم إلى المواقف الإنفصالية بمافيهم الجناح الراديكالي لحزب العمال الكردستاني...
أما الحلفاء المقربين من الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي وخاصةً بريطانيا وفرنسا فليسوا في عجلة من أمرهم للمشاركة في قصف الأراضي السورية, تخوفاً من هجمات إرهابية قد تطال أراضيها فـ10% من سكانها من المهاجرين العرب والمسلمين وأغلبهم معتنق للفكر المتطرف بالإضافة أن المشاركة بالعمليات العسكرية مكلف.وتعتبر فرنسا الحلقة الأضعف في المنطقة وخصوصاً في لبنان لتواجد عدد كبير من مواطنيها العاملين في منظمة الأمم المتحدة.
عانى العراق ومازال يعاني من جراء تصرفات واشنطن وبعض الدول العربية والآن تنظيم "داعش" يهدد بقصف بغداد بالأسلحة الكيماوية جراء الضربات الأمريكية , ويمكننا القول أن روسيا أيضاً متضررة من الإضرابات في العراق وخاصةً في المجال النفطي فإستمرار الحرب على الإرهابيين لسنوات عديدة مابين 3-5 سنوات يعني أن العراق خلال هذه الفترة لن يكون قادرا على إستعادة إنتاج النفط ,بالإضافة إلى سيطرة تنظيم "داعش" على الحقول الشمالية وتهريبه لدول الجوار بمبالغ تقدر 3 مليون دولار يومياً.
وسؤالنا الأكثر واقعية: الأمريكيون وحلفاءهم وبدون قرار من مجلس الأمن قصفوا المواقع الإرهابية في الأراضي السورية ,إذاً يحق للدفاعات الجوية السورية وسلاح الطيران قصف معسكرات التدريب للجماعات المسلحة في المملكة العربية السعودية و الأردن وفي أي منطقة تتواجد فيها الجماعات الإرهابية. واشنطن يوم 23 سبتمبر دفنت كل قواعد القانون الدولي المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة فيما يتعلق بإحترام سيادة الدول الأجنبية.
الولايات المتحدة أخرجت المارد من قوقعته ولن تتمكن من إعادته من دون موسكو وإيران فبدون موسكو لايمكن إنشاء تحالف دولي لمكافحة الإرهاب وبدون طهران لن تكون هناك قوة على الأرض تحارب تنظيم "داعش".
ولاعجب من أن رئيس الوزارء البريطاني السابق طوني بلير لايستعبد إمكانية شن عملية برية ضد تنظيم "داعش".
"إن لم تكن على إستعداد لقتال هؤلاء الناس على الأرض ,يمكنك تقييد حركتهم ولكن لن تكون قادرا على التغلب عليهم" والكلام لبلير في مقابلة مع الإذاعة البريطانية في 23 سبتمر . ويضف بلير أن الضربات الجوية على مواقع المتشددين ليست كافية , وليس للغرب شهية لعمليات برية، والسلطات العراقية غير قادرة على التعامل مع هذا الوضع وبمساعدة الضربات الجوية وفي مرحلة ما يجب أن يكون هناك إجراء تكتيكي ضروري "الأحذية على الأرض" ,أنا لا أقول أن على الغرب أن يفعل هذا ولكن من الأفضل أن يكون من قبل ناس هم أقرب إلى مكان الحدث ولهم مصلحة مباشرة في الإنتصار عليهم في إشارة واضحة إلى إيران وسوريا.
إن كانت واشنطن تريد حفظ ماء وجهها لابد من أن تستمع لموسكو أو على الأقل لطوني بلير الذي قاد بريطانيا خلال غزو العراق عام 2003 وأفغانستان,فهم ان يقدم نصائح سيئة للأمريكيين.
المصدر:
http://ru.journal-neo.org/2014/09/25/rus-csha-ne-smogut-pobedit-islamskoe-gosudarstvo-aviaudarami/
الجمل
إضافة تعليق جديد