سيناريوهات متعددة لفيلم «القمة»
لم يكن مشهد القمة العربية تلفزيونياً يخلو من أبعاد درامية، في غياب المسلسلات العربية الساخنة. وبدا واضحاً أن كلّ محطة تغزل بنول مموليها، وحسب مستوى تمثيل بلادها في القمة. وكان على مندوب هذه المحطة أو تلك أن يحفظ الدرس جيداً كي لا يخطئ في «الإعراب». المحطة التي ترغب بتصدير فكرة فشل القمة، وجد مراسلوها في عبارة «غياب الملوك العرب» “مانشيت” ساخناً يؤكد انخفاض مستوى التوقعات الإيجابية. كأن القمم السابقة كانت أفضل حالاً بحضور الملوك! كانت الضغينة واضحة وجليّة في بعض أصوات المراسلين، وذلك بتحويل عنوان القمة، من «قمة التضامن والعمل العربي المشترك» إلى قمة التشتت العربي والانقسام. لدى محطّة «الحرة» سعاة بريد كثر لتأكيد فكرة فشل القمة وعدم أهميتها ، فكانت تحصي عدد الغائبين من الزعماء العرب، ربما لتوزيع المكافآت لاحقاً. هكذا، راحت كل محطة تبحث عما يناسبها من ضيوف لتعزيز وجهة نظرها الجاهزة والمعلّبة لجهة الفشل أو النجاح. وعلى المنوال نفسه، أدارت «العربية» تغطيتها للحدث، في مواجهة مُعلنة مع «الجزيرة». القناة الفضائية السورية وجدت كرماً صريحاً من الضيوف في تأكيد أهمية هذه القمة ونجاحها لمجرد «انعقادها في زمانها ومكانها». أما المحطات «المعادية؟»، فكانت تراهن على خطاب ناري للرئيس بشار الأسد يطيح الخصوم فتنشأ معركة كلامية ساخنة تحقق القطيعة المرجوّة، وخصوصاً بعد الـ«فيديو كليب» العاجل الذي بثّه رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة عشية القمة لإنقاذ لبنان من «براثن الشقيقة سوريا»، وبدا أنه في نهاية المطاف «مجرّد مناظر». لكن رئيس القمة خيّب التوقعات وألقى خطاباً رصيناً وواقعياً، ما أثّر سلباً في توقيت مؤتمر وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، فحسب دراما التوقعات، كان الوزير السعودي جاهزاً لإعادة الكرة إلى ملعب رئيس القمة، فاضطر أمام النبرة الهادئة للرئيس الأسد إلى أن يؤكد ألا فكرة لعزل سوريا، لأنها لاعب أساسي في المنطقة. أما بطلة الفيلم ومخرجته كوندليزا رايس فلم تتمكن من لعب دورها جيداً، على رغم التوقيت الصعب لجولتها في المنطقة، وخصوصاً بعد حضور الرئيس الفلسطيني القمة «ليوم واحد على الأقل» ثم الالتحاق بها في عمّان. وكان لاعتراف الملك الأردني بحجم الضغوط التي مورست عليه كي يغيب عن مداولات القمة شحنة عاطفية مدروسة. الأرجح أنها لامتصاص غضب جمهور الترسو في الشارعين الأردني والفلسطيني.
لنقل إنّ المصداقية الإعلامية والضمير المهني كانا غائبين عن معظم الفضائيات العربية «المتضررة»، وإن الشعارات التي كانت تطلقها مجرد فقاعات، فهذه المحطات كتبت نصّ السيناريو قبل موعد القمّة. ما أدى إلى فشل الفيلم وانفضاض الجمهور!*
- خلال اليومين الماضيين، كانت جميع طاقات الفضائية السورية معبأة باتجاه القمة العربية. وعدا عن التغطية الشاملة والنقل المباشر، خصصت فترات البث بمجملها لاستضافة محللين عرب، وفقرات تعكس آراء الشارع العربي. وعمد نضال قبلان، مدير الفضائية الذي تولى التعليق على النقل الحي لاستقبال الرؤساء، إلى تقديم نبذة عن القادة المشاركين وعن بلدانهم.
تلفزيون «الدنيا» الخاص نقل بدوره أحداث القمة كلها، كما بث من دون توقف، أغنية «بحضن الشام» لحسام تحسين بك. وقد رافقتها صور لقادة سعوديين برفقة مسؤولين أميركيين، وللرئيس المصري مع رئيس الوزارء الإسرائيلي، ولمحمود عباس برفقة أولمرت ورايس، إضافة إلى مشاهد دامية من غزة. كما عرضت أغنية «كرامة الأمة»، كلمات رامي يوسف وألحان طوني وديع الصافي.
قناة «الجزيرة»، على قناتها العامة وعلى «الجزيرة» مباشر، جهزّت «استديو» تحليلياً من مكان انعقاد القمة في دمشق، أداره عبد الصمد ناصر، وقدم مادة حوارية تناوب عليها مفكرون سياسيون وصحافيون. «العربية» التي أوفدت حنا حوشان وزينة يازجي إلى القمة، بثّت رسائل ومقابلات، كما نقلت المؤتمرات الصحافية والكلمات، لكنها سارعت إلى إيقاف نقل كلمات الجلسة الافتتاحية لتنقل المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية السعودي. وفي نشرة «بانوراما»، أول من أمس، استضافت منتهى الرمحي محللين يعبّرون عن وجهة نظر واحدة. الفضائيات المصرية أطلّت على القمة إطلالات عابرة، فأجرى محمود سعد في «البيت بيتك» اتصالاً بمراسل «الحياة» في القاهرة محمد صلاح الموجود في دمشق. أما منى الشاذلي في «العاشرة مساءً» على «دريم» فقد استضافت في فقرة من برنامجها نائب وزير الخارجية المصري الأسبق عبد الله الأشعل للحديث عن القمة.
BBC العربية، بعد رسالة من دمشق، كان لها لقاءات مع وزيرة المغتربين السورية بثينة شعبان، ومع النائب اللبناني السابق ناصر قنديل. أما «فرانس 24» فقد أبرزت أخبار القمة وكلمة الرئيس الأسد في صدر نشرتها المسائية بالإنكليزية. وكذلك «روسيا اليوم». لكن BBC الإنكليزية وcnn لم تبديا اهتماماً خاصاً بالحدث العربي.
لبنانياً تمثّلت LBC من خلال مراسلي «الحياة» في دمشق، كما نقلت الكلمات الرئاسية أسوة بـ«أخبار المستقبل» التي لم يحضر منها مندوبون خلافاً لـ otv. وقناة «المنار» قدمت تغطية لافتة للقمة مع مراسليها وثلاثة من مقدمي برامجها السياسية، هم عمرو ناصف وعماد مرمل ونافذ أبو حسنة الذي أجرى مقابلة خاصة مع وزير الإعلام السوري محسن بلال.
كما كان لافتاً يوم أمس، غياب القنوات المصرية عن نقل وقائع المؤتمر الختامي مع وليد المعلّم وعمرو موسى. وعمدت محطات مثل LBC و«أخبار المستقبل» و«الحرّة» إلى نقل أجزاء منه. بينما عُرض كاملاً على OTV، و«الساعة»، و«الجديد»، وanb، وnbn. وبثّت «العربية» مقاطع من المؤتمر ثم انشغلت بتحفّظ عادل عبد المهدي، نائب الرئيس العراقي، عن عدم إدانة الإرهاب في العراق في البيان الختامي، قبل أن تنتقل إلى تغطية جولة رايس في المنطقة.**
* خليل صويلح- ** منار ديب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد